الألعـاب الإلكترونيـة… مغـارة “علـي بابـا”

الإقبال عليها دفع أشخاصا مقيمين بالخارج لإحداث شبكات لإدخالها على شكل "هدايا" لجني أرباح قياسية دفع الطلب المرتفع والمتزايد في السنوات الأخيرة، على الألعاب الإلكترونية، الكثير من التجار إلى البحث عن سبل من أجل التوصل بعدد كبير منها، وإعادة بيعها في السوق المغربية، دون الحاجة إلى دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل ذلك، عبر اقتنائها من الشركة المنتجة، أو على مواقع متخصصة أجنبية على الأنترنت. ومع انتشار محلات الألعاب الإلكترونية، أجرت "الصباح" بحثا عن مصدر هذه الألعاب، وكيف يتم الحصول عليها، إذ وجدت طرقا مختلفة، منها ما هو طبيعي وقانوني، ومنها ما هو "ملتو"، بالاستفادة من شبكات باتت منظمة، وتعتمد على عشرات الأشخاص من أجل إدخال السلعة لأرض الوطن على شكل "هدايا". ومن أجل ذلك، تنقلت "الصباح" في عدد من الأسواق بالبيضاء، من بينها درب غلف والحي المحمدي، ثم طنجة، خاصة سوق "كاساباراطا" وسوق "برا"، ناهيك عن زيارة محلات الألعاب الإلكترونية، التي تلقى إقبالا كبيرا من قبل القاصرين والشباب. إنجاز: العقيد درغام عرفت محلات الألعاب الإلكترونية انتشارا كبيرا في الفترة الأخيرة، في عدد من المدن المغربية، خاصة البيضاء. ورغم أن فتح محل للألعاب الإلكترونية، يستدعي استثمارا كبيرا، بحكم ارتفاع سعر الألعاب ومكوناتها، فإن بعض أصحاب المحلات لا يجدون مشاكل في ذلك، وطوروا بأنفسهم طرقا من أجل الحصول عليها في وقت وجيز. ومن أجل التعرف على خبايا هذه "السوق"، قامت "الصباح" بزيارة لعدد من المحلات بالبيضاء، إذ اعترف أصحابها أن الإقبال تزايد بشكل قياسي في ظرف وجيز، مبرزين أن الأمر تطلب استثمارا ماليا كبيرا، من أجل اقتناء المعدات، من تلفزيونات كثيرة وبجودة عالية، ثم ألعاب إلكترونية، بالإضافة إلى تحميلاتها وحقوق استعمالها، التي تقتنى من الشركة المنتجة عبر الأنترنت. وتعرف أحياء المعاريف ودرب السلطان وعين الشق والإنارة والحي المحمدي، انتشارا كبيرا لهذه المحلات، والتي تستقطب عشرات الآلاف من الزبناء بشكل أسبوعي، إذ تعمل جلها 7 أيام على 7 في الأسبوع، أغلبها يفتح أبوابه من التاسعة صباحا إلى منتصف الليل. مداخيل قياسية عرف السوق ارتفاعا متزايدا للمداخيل، خاصة مع ارتفاع الطلب، إذ يلجأ أصحاب هذه المحلات إلى أسواق معروفة في المغرب، من أجل اقتناء المعدات المطلوبة. ومن بين هذه الأسواق، درب غلف بالبيضاء، الشهير ب"الجوطية"، والذي شهد هو الآخر في الفترة الأخيرة، ارتفاعا واضحا في عدد المحلات التي تتاجر في هذه المعدات. ويمتلئ السوق بكثرة يومي السبت والأحد، بالإضافة إلى مساء الأربعاء، وهو الوقت الذي يجده الآباء مناسبا للمجيء رفقة أبنائهم من أجل اقتناء ألعاب و"سيديات" ومعدات اللعب، كما أكده لنا عدد من الباعة بالسوق. ورغم أن درب غلف من أشهر الأسواق في هذا النوع من التجارة، فإن أغلب التجار أكدوا أن هناك أسواقا في الشمال، باتت تعتبر "الموزعة الرئيسية" لهذه الألعاب، خاصة أنها تستفيد من وسطاء "كيدخلو الألعاب من أوربا"، ومن بينها سوق "كاساباراطا" بطنجة. وفي زيارتنا السابقة لأصحاب محلات الألعاب الإلكترونية، تحدث لنا بعضهم عن أن مصادر ولوج هذه الألعاب للوطن، متنوعة، منهم من يعتمد على القرابة العائلية، ومنهم من يفضل اقتناءها عبر الأنترنت بشكل طبيعي، رغم أن السعر بكون باهظا جدا، بحكم عدد من العوامل، من بينها الضريبة و"الديوانة" وما إلى ذلك. وبناء على ما استقته "الصباح" في زيارتها لمحلات تجارية، فإن مداخيل أصحاب المحلات من هذه "التجارة" (دون احتساب التكاليف المختلفة)، يمكن أن يصل أسبوعيا إلى 30 ألف درهم. تنوع المداخل واختلاف الأسعار في السابق، وبناء على ما استقته "الصباح" من أصحاب محلات الألعاب الإلكترونية، فإن أغلب مداخل هذه الألعاب تأتي من القرابة العائلية، إذ يستفيد البعض منهم من أفراد عائلاتهم القاطنين بالخارج، الذين يبعثون لهم بهذه الألعاب، أو يدخلونها في الصيف، غير أن الأمر اليوم تغير، بما أن السوق بات يطلب عددا أكبر، وانتشر عدد التجار المهتمين بهذه الألعاب، بغرض إعادة بيعها وتحقيق أرباح. من هذا المنطلق، تنوعت طرق إدخال هذه الألعاب للبلاد، إذ منها ما هو خفي، ومنها ما هو واضح للعيان، إذ يطلب عدد من أصحاب هذه المحلات السلع بطرق شفافة عبر الأنترنت، ويؤدون ثمنها ببطاقة إلكترونية دولية، لتصلهم بعد فترة. لكن الغريب في الأمر، وما اشتكى منه بعض التجار، هو الاختلاف البين في الأسعار، من مكان لآخر، إذ يمكن أن يصل ثمن "بلاي ستيشن" إلى 10 آلاف درهم في سوق تجاري كبير بالبيضاء أو طنجة، في وقت يمكنك أن تجد اللعبة نفسها ب 6000 درهم في سوق في المدينتين نفسيهما. واعتبر أصحاب هذه المحلات الأمر غريبا ومريبا، لكنهم فهموا أن الأمر يتعلق بأشخاص يدخلون هذه الألعاب بشكل غريب، إذ يتصلون بأفراد عائلاتهم ويطلبون منهم أعدادا مهمة، يتم إدخالها في الحدود، بشكل طبيعي، على أنها "هدايا"، عوض اللجوء إلى الشركات المصنعة، والتي تحتسب مبلغا ماليا كبيرا على الزبون. وأحدثت هذه العملية "تجارا" من نوع خاص، وجدوا في السوق ربحا وافرا، وبدؤوا في التعامل مع زبائن غير أفراد عائلاتهم، الذين كانوا يكتفون بلعبة أو اثنتين لسنوات. شبكات بأوجه متعددة للوقوف على حقيقة الأمر، زارت "الصباح" سوق "كاساباراطا" بطنجة، والذي وصفه العديد من أصحاب محلات الألعاب الإلكترونية في البيضاء، بأنه "عاصمة" جديدة لهذه السلع، إذ تباع هناك بأثمنة في المتناول، ومعه محلات أخرى بأحياء مختلفة من المدينة نفسها. ومن خلال هذه الجولة، اتضح فعلا أن محلات الألعاب الإلكترونية عرفت انتشارا واسعا بطنجة، في أحياء مختلفة، خاصة الشعبية منها، إذ ساهم في ذلك انخفاض أسعار هذه الألعاب في الأسواق بالجملة، على غرار "كاساباراطا". ورغم صعوبة استقصاء الوضع في السوق، ومعرفة مصدر هذه الألعاب، فإن أغلب التجار لمحوا إلى أن أسعار هذه الألعاب في الأنترنت باهظة جدا، ولا يمكن لتاجر يرغب في ولوج هذه السوق أن يضع كل هذه الأموال دفعة واحدة، إذن فما الحل ؟ سؤال طرحناه على عدد من التجار، الذين رفضوا الإجابة بشكل واضح، لكنهم ألمحوا إلى دخول هذه السلع بشكل خفي، عبر أشخاص يقيمون في دول أوربية، أصبحوا معروفين ويتاجرون في هذه الألعاب، مستغلين تطور هذا المجال وطنيا، بل باتوا معروفين باسم "شبكات الهدايا". ومن أجل معرفة كيف تتم العملية، فإن هؤلاء الأشخاص باتوا يعتمدون بدورهم على عشرات الأشخاص، لإدخال كمية كبيرة من هذه الألعاب، بغرض الاتجار فيها على أرض الوطن، على شكل "هدايا". أكثر من ذلك، فإن هؤلاء الأشخاص، لم يعودوا يكتفون ببيع سلعهم بطنجة وتطوان والمدن المجاورة، بل وصلت سلعهم إلى البيضاء، وهو ما تم تأكيده أكثر من مرة في أسواق بالعاصمة الاقتصادية. بالأرقام، وحسب بعض المولوعين بهذا المجال، فإن تجار الألعاب الإلكترونية بطنجة، يحققون أرباحا قياسية من إعادة بيعها، يمكن أن تصل إلى 200 ألف درهم في الرحلة أو العملية، إذا علمنا أن معدل ثمن بيع لعبة واحدة ل"بلاي ستيشن" يقدر ب 5000 درهم، فلك أن تتخيل عدد الأشخاص الذين يتكلفون بإدخال هذه الألعاب للوطن على شكل "هدايا". تضارب في المبيعات يفضح الشبكات من بين الأمور التي يسهل ملاحظتها في طنجة، هي أن هذه الألعاب تعتبر الأقل مبيعا في الأسواق الكبرى، والتي تقتنيها من مصدرها الأصلي، وبأسعار مرتفعة، وتعرضها للبيع بأثمان كبيرة، يمكن أن تتجاوز 10 آلاف درهم، في وقت تباع بسهولة في أسواق أخرى، ينخفض ثمنها إلى 6000 درهم. رغم الفرق الشاسع في الأسعار، بين الأسواق الكبرى والعادية، فإن ذلك لا يضرب الجودة في شيء، لأن السلعة واحدة، وقيمتها واحدة، بل إن مصدرها واحد، لكن طريقة دخولها مختلفة، وبإمكانها قلب السعر رأسا على عقب. وتمكنت "الصباح" من معرفة أسعار هذه الألعاب في أوربا، إذ أن أغلب المستجوبين أكدوا أنها "رخيصة" مقارنة بأسواق المغرب، إذ باتت في متناول الشباب في أغلب الدول، ومن بينها فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، عكس ما يحدث في المغرب، إذ يبقى ثمنها باهظا وصعب المنال للجميع. وتعتبر هذه الدول المصدر الأكبر لهذه الألعاب، التي تلج لأرض الوطن، خاصة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، فيما تتنوع المداخل بحرا وجوا وبرا. ولعل التضارب الحاصل في الأسعار وعدد المبيعات، كفيل بفضح هذه الشبكات، التي لا يجد بعض التجار حرجا في التعامل معها، بل يعتبرون أن ما يقومون به "عاد"، بما أنهم يدخلون "هدايا" لأصدقائهم وأفراد عائلاتهم !

الألعـاب الإلكترونيـة… مغـارة “علـي بابـا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البيضاء... في كل زقاق متشرد

اختطاف تلميذة لاغتصابها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات