بصمة في حياة نقيب-الحلقة الأولى

مكار: أول مرافعة شكلت مقلبا مهنيا بامتياز البداية المهنية للنقيب محمد مكار، النقيب السابق لهيأة المحامين بالجديدة، لم تكن عادية مباشرة بعد أداء اليمين القانونية صباح 28 يوليوز 1980 بالبيضاء، بالنظر إلى أن الجديدة ساعتها لم تكن تتوفر على هيأة مستقلة، وكان المحامون الذين يمارسون بها تابعين إلى هيأة المحامين بالبيضاء، وكان ساعتها النقيب الممارس هو الحاج محمد الطيب الناصري رحمة الله عليه، ومدير ندوة التمرين النقيب بنزاكور سيجد نفسه أمام مرافعة شفاهية لأول مرة في حياته. يحكي مكار أنه مباشرة بعد عودته من البيضاء إلى الجديدة أخبره النقيب العربي بن يحيى الذي كان يتدرب بمكتبه أن عليه الترافع في ملف شرعي أمام ابتدائية الجديدة، كانت المرافعات وقتها شفاهية، استعد مكار لأول امتحان حقيقي له أمام هيأة المحكمة، لا يخفي النقيب أن تلك الجلسة شكلت أول مقلب مهني في حياته، فمحامي الخصم أثار دفع عدم الاختصاص المكاني للمحكمة على اعتبار أن المحكمة المختصة هي ابتدائية سيدي بنور التي شرعت ساعتها في العمل، ونظرا لحداثته بالمهنة لم يستطع أن يجد ما يرد به على ذلك الدفع الذي أخذت به المحكمة، رغم أن القضية كانت قد دخلت مرحلة المناقشة، ولم تبق هناك إمكانية لإثارته، فلم ينتبه النقيب ساعتها إلى ذلك لتمثل تلك أول ضربة مهنية كانت دافعا لكي يتجند للبحث والقراءة حتى لا يقع في الخطأ نفسه. النقيب محمد مكار، الذي انتخب نقيبا مرتين الأولى من 2003 إلى 2005، والثانية من 2009 إلى 2011، كان شغوفا منذ الصغر بمهنة المحاماة، التي يحبها حتى أنه في امتحان الباكلوريا سنة 1973، اختار الإجابة في مادة الفلسفة على سؤال "القاضي محايد والمتكلم محام مخلص"، رغم أنه لم يدرس مادة الفكر الإسلامي. المسار المهني للنقيب مكار الذي حصل على الإجازة في الحقوق 1978 واجتاز في السنة نفسها امتحان الأهلية لمزاولة المهنة، عرف منعطفا مهما، إذ كان ضابطا احتياطيا في الجندية وقائد المجموعة في إطار الخدمة العسكرية لأصحاب الإجازة، وكان مكلفا بالشرطة العسكرية على صعيد أكادير والصحراء المغربية، وأشرف على عملية تنقيل الوحدات العسكرية المغربية بغية إنشاء الحائط من رمرم بمراكش إلى بوزكارن، تلك المرحلة بصمت حياة النقيب، إذ يقول "استفدت من الجندية لأن التعامل مع القيادة يعلمك كيف تقود الزملاء ومسايرة الأمور، وتعرف التمييز بين الشجاعة والتهور، والتمييز بين الجبن والخوف، كما تعلمت أقوالا وحكما رائعة جدا منها أن المهمة قد تمحو الرتبة". وقد ساعده ذلك على تقلد مهمة رئيس جمعية المحامين الشباب لعشر سنوات بالجديدة، وخلال فترة التمرين كانت أول منحة يتقاضاها هي 800 درهم، وبعد شهرين أصبحت 1200 درهم، وفي الشهر الرابع 1700 لينهي التدريب بمنحة 2000 درهم، وهو ما حاول بلورته في 2003 عندما كان نقيبا ممارسا إذ أنجز عقدا مع المحامين على أن تكون المنحة المقدمة للمحامي المتمرن 1000 درهم حدا أدنى ، صونا لكرامته.لم تقف الطرائف في البداية المهنية لمكار عند الاختصاص المهني، إذ أنه في سنة 1981 لم تكن مدينة الجديدة تتوفر على محكمة استئناف، وكانت كل القضايا تستأنف في البيضاء، وتمهيدا لإنشاء محكمة استئناف أحدثت غرفة استئنافية بالجديدة تحال عليها جميع الملفات التي لم يتم البت فيها بعد، وكان المحامون حسب قول مكار يفاجؤون بإدراج ملفات تخصهم، ما كان يحدث ارتباكا، وفي إحدى الجلسات كان مكار يجلس بالقرب من نقيب ونودي عليه وعلى النقيب الذي يتدرب عنده مكار في ملف معين فسأل النقيب مكار عن من ينوب، فأخبره أنه ينوب عن الحارس القضائي رغم أنه لا ينوب عنه، فوقف النقيب للترافع عن الحارس القضائي ليكتشف أنه لا يؤازره وقال "أنا لا أنوب عن الحارس القضائي أين هو مكار"، هذا الأخير كان قد انزوى في آخر القاعة متواريا عنه، لأنه لم يكن يعلم عن من ينوب هو أيضا إذ استنجد غريق بغريق.

بصمة في حياة نقيب-الحلقة الأولى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غـــرائـــب البـــرلمـــان

كـــــل وقــــــيـــــس-العياشي: البـدء بالمـاء والتمر يجنـب انتفاخ البـطـن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات