وضع إستراتيجية لتنمية المدينة وحملات لتحرير الملك العام ورهان على السياحة أضحت الناظور قطبا سياحيا وتجاريا يسير نحو تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية. وإلى حين الانتهاء من تشييد مينائها الضخم الذي تراهن عليه المملكة، ومن تهيئة بحيرتها " مارتشيكا " الساحرة، وكذا الانتهاء من الحظيرة الصناعية لسلوان، فإن الناظور لم تنس توفير بدائل تساهم هي أيضا في هذه الدينامية، ويتعلق الأمر ببدائل اقتصادية واجتماعية لفائدة ممتهني التهريب المعيشي الذي قضى عليه المغرب، وذلك حرصا على توسيع نطاق الاستثمار بالمنطقة، وتوفير مناصب شغل قارة للفئة المذكورة في إطار تعويضها عن فقدان مورد رزقها وإدماجها في سوق الشغل. إنجاز : جمال الفكيكي (الناظور) وضعت الجماعة الترابية للناظور، إستراتيجية لتنمية المدينة، وتأهيلها أكثر لتجويد الخدمات المرتبطة بالمرتفقين، وتحفيز الأنشطة الرياضية والثقافية، وتسوية الملفات العالقة المرتبطة بالنشاط التجاري والاقتصادي وتقوية الفضاءات الخضراء. واتخذت الجماعة مجموعة من الإجراءات العملية في تحضير خطة عمل تشاورية وتشاركية مع جمعيات المجتمع المدني والمصالح الخارجية والسلطات، لتجاوز الإكراهات. إستراتيجية لتنمية المدينة أصبحت الناظور تشهد دينامية تنموية مكثفة تمثلت خاصة في إنجاز مشاريع عدة للتهيئة والتأهيل، وشملت الشوارع الرئيسية، فضلا عن المدارات ومداخل المدينة والمساحات الخضراء والتشوير، والأزقة والمواقع السياحية، خاصة بحيرة "مارتشيكا" ومنتجع "أطاليون"، ماجعل الأخير يستقبل زواره في حلة جميلة أهلته ليكون قبلة بامتياز للاستجمام والراحة للعديد من المواطنين. وستتعزز المدينة بنفق تحت أرضي للسكة الحديدية من أجل الحد من حوادث السير القاتلة التي تتسبب فيها القطارات وتخلف قتلى، مع بناء جدار وقائي معزز بممر للراجلين. وورث المجلس الجماعي الحالي مديونية إلى جانب الباقي استخلاصه، مادفعه إلى تكثيف جهوده لاستخلاص هذه المبالغ وتصفية نسبة من الديون بتحسين مداخيل الجماعة. وأطلقت الأخيرة برنامج عمل في الفترة الممتدة ما بين 2023 و2027 يقضي بتنزيل العديد من المشاريع التنموية على أرض الواقع. حملات لتحرير الملك العام قطعت الجماعة الترابية للناظور مع مظاهر احتلال الملك العام بالشوارع والساحات الرئيسية بالمدينة، بعدما شنت حربها على محتلي الملك العمومي بحملات قادتها عناصر الشرطة الإدارية، استهدفت المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية التي كانت تحتل الأرصفة بطرق غير قانونية وسط المدينة. وتعتبر تجربة الجماعة في محاربة ظاهرة احتلال الملك العام والتجارة غير المهيكلة وغير المنظمة، فريدة من نوعها على المستوى الوطني حسب رئيسها سليمان أزواغ، حيث تم تفعيل دور الشرطة الإدارية، بتوفير الموارد البشرية الكافية والجانب اللوجيستيكي، وتعبئتها بعد إخضاعها لتكوين خاص، لمواجهة الباعة الجائلين. ولم تعد الشرطة الإدارية تتساهل مع الفوضى وظاهرة البيع على الأرصفة واحتلالها، وتأتي تدخلاتها لتفعيل القانون وحماية حقوق الناس الذين يحق لهم التجول في مدينتهم بدون عراقيل أوعوائق، ناهيك عن الحفاظ على جمالية المدينة. وقامت الجماعة بحملات تحسيسية في صفوف الباعة الجائلين قبل بدء حملاتها، كما اقترحت بدائل تتمثل في طرح السلع والمواد المعروضة للبيع في الهوامش بعيدا عن وسط المدينة، كما أنها عملت على تفعيل مقرر يقضي بتغريم كل مواطن عمد إلى احتلال الملك العام بشكل غير قانوني. وتداوم عناصر الشرطة الإدارية على المراقبة باستمرار إلى حدود منتصف الليل، طيلة أيام الأسبوع، للحيلولة دون عودة البائعين إلى احتلال الأرصفة. ولم تكن هذه الفئة من المواطنين لتقبل بهذا الوضع لولا الظروف القاسية التي تمر منها، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من أرباب الأسر يلجؤون لهذه المهنة بعدما فقدوا شغلهم بسبب جائحة كورونا ووضع حد للتهريب المعيشي، مؤكدين أنهم يدركون تمام الإدراك مخالفتهم للقانون باحتلال الأرصفة، لكن حقهم "الطبيعي" في العيش الكريم يدفعهم للبحث عن بديل يقيهم من شر البطالة التي يعيشونها. تجاوز معضلة النظافة عملت الجماعة الترابية للناظور، برئاسة سليمان أزواغ، على تعبئة جهود مشتركة لتجاوز معضلة النظافة التي كانت تؤرق سكان المدينة. وكانت الناظور تعاني مشكلا منذ سبعينات القرن الماضي لم يتم تدبيره بشكل جيد، ما خلف تداعيات، بسبب الأزبال التي كانت تعج بها الشوارع وبعض الأحياء بشكل مثير. واستطاع المجلس الترابي للناظور، إنهاء مسلسل طويل من معاناة السكان مع الأزبال والروائح الكريهة التي تنبعث منها بسبب بعض النقط السوداء. وقال مصدر مطلع، إن جماعة الناظور تقدم مجموعة من الخدمات خارج نفوذها الترابي، وتتبع جماعات أخرى مجاورة، ما قد يشكل في بعض الأحيان عبئا إضافيا. وأوضح المصدر أن هناك مناطق تابعة لجماعة "بوعرك" يتكلف المجلس الجماعي للناظور بتقديم خدمات أساسية لها، خاصة النفايات، حيث تقوم مجموعة من الأحياء الواقعة في حي "تاويما" برمي نفاياتها في حاويات الأزبال التابعة لجماعة الناظور. تراجع تجاري قبل سنوات مضت كانت المحطة الطرقية بالناظور تعج بالمواطنين، الذين يتوجهون إلى مدن كبرى، محملين بأنواع مختلفة من البضائع التي يقتنيها زبائن كانوا يخوضون على مدار أيام السنة رحلات صوب مليلية السليبة لاقتناء سلع يعيدون بيعها. وكانت العملية مناسبة تنشط فيها المطاعم والمقاهي وكذا الفنادق غير المصنفة، التي كانت تشكل مأوى لزوار المدينة. وتبدلت الأحوال وتغيرت بعد أن قررت السلطات المسؤولة وضع حد لتدفق سلع مليلية. ويشكو العديد من أصحاب المحلات التجارية بالمركب التجاري الواقع وسط الناظور وسوق أول ميمون وجوطية المدينة، من تراجع التجارة بهذه الفضاءات التي كانت تعرف إقبالا منقطع النظير، من قبل المواطنين الذين يأتون من مختلف المدن، كمراكش وبني ملال وقلعة السراغنة ومكناس وغيرها. وأشار أحد التجار إلى أن المداخيل التي كان يدرها محله التجاري بالمركب التجاري لم تعد كما كانت في السابق، بل إنها صارت بالكاد تغطي بعض المصاريف، مصرحا أن مقاومته للعطالة هي ما يجعله يتردد في إغلاق أبواب محله، على غرار ماقام به بعض زملائه في هذا القطاع. وعاينت "الصباح" خلال جولة بالمركب التجاري وسوق أولاد ميمون، أصحاب محلات تجارية متخصصة في بيع الملابس الجاهزة والمواد الغذائية، جالسين حيث لا أحد من المواطنين يلج السوقين أو يستفسر عن أثمان السلع. وقال أحد المهتمين بالشأن المحلي، إنه بات على الحكومة مضاعفة الجهود لتشجيع الاستثمار الخاص في مجالات الصيد البحري والتجارة والسياحة والاقتصاد التضامني، وتوفير بدائل اقتصادية بالمدينة، وإعداد منظومة اقتصادية بديلة لنشاط التهريب المعيشي تستوعب الطلب الكبير على الشغل. مشاريع اقتصادية وضعت السلطات المسؤولة بالناظور بدائل ومشاريع اقتصادية لمواكبة ممتهني "التهريب المعيشي". وأحدثت السلطات صندوقا خاصا لمواكبة وإدماج النساء المتضررات، بشراكة مع مجموعة من الشركاء، بقيمة 8 ملايين درهم في شطره الأول. ومكن هذا الصندوق من مواكبة 300 مستفيدة، ضمنهن من كن يمتهن حمل السلع والبضائع المهربة من داخل مليلية نحو الناظور لفائدة المهربين، وإنجاز ما يقارب 200 مشروع للمساهمة في توفير بديل اقتصادي لهذه الفئة. وأحدث في هذا الإطار معمل لتقشير "القمرون" وآخر لتدوير القماش يشغلان 2200 عاملة وعامل، لإدماج النساء في سوق الشغل، إضافة إلى إحداث ما يقارب 200 مصنع بسلوان. ومكنت هذه المشاريع من التخفيف من آثار كورونا ووضع حد للتهريب المعيشي، وتوفير آفاق واعدة للتنمية الاقتصادية بالناظور. وأكد أحد المسؤولين الممثلين لمدينة الناظور في جهة الشرق، أن الواقع أثبت أن الناظور قادرة على العيش بدون تهريب معيشي، مشيرا إلى المبادرات التي قامت بها الجهة لانتشال المدينة من الأزمة بعد إغلاق مليلية قبل ثلاث سنوات، مؤكدا أن الجهة فاوضت مستثمرين وأصحاب رؤوس أموال بمليلية وإدارة الجمارك ومسؤولي ميناء بني أنصار والوزارات الوصية، من أجل إعداد خطة استثمارية تكللت بالنجاح بعد تأسيس عدد من شركات التصدير والاستيراد، التي أصبحت تتولى تزويد السوق المحلية بالسلع والمنتجات الإسبانية والإيطالية والتركية والصينية بأثمنة في متناول الأغلبية. وشدد المتحدث ذاته على أن مجلس الجهة يساهم بدوره في الحفاظ على عدد من حاويات السلع بميناء الناظور، ناهيك عن تدخلات أخرى همت تشجيع الاستثمار بالحظيرة الصناعية لسلوان، عبر التخفيض من ثمن القطع الأرضية، مايشجع على إحداث وحدات صناعية وإنتاجية لتشغيل اليد العاملة. أزواغ : نراهن على الرواج الاقتصادي والسياحة قال سليمان أزواغ، رئيس جماعة الناظور، من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن الجماعة أعدت منذ صعوده إلى رئاستها، برنامجا يشخص حاجيات المدينة لتحقيق إقلاع اقتصادي وتنموي في مستوى التطلعات. وأكد أزواغ لـ "الصباح" اشتغال الجماعة على تهيئة الناظور، بما يكفل تحقيق رواج اقتصادي مهم واستقطاب كبير للسياح وضمان إقامتهم لمدة أطول، وتحسين وتنويع المساحات الخضراء وفضاءات الاستجمام ليجد كل الناظوريين متنفسات للراحة والاستراحة والمرح والترفيه، مؤكدا على مشروع إحداث منتزه بمنطقة " إكوناف " لتحقيق الأهداف. وتحدث عن صيانة ممتازة للطرقات في أول سنة تولى فيها مسؤولية رئاسة الجماعة، رفقة مجموعة من شباب المدينة، وبرمجة مرافق عمومية، كمركز للتكوين في المهن السينمائية وقاعة للعرض السينمائي بشراكة مع المركز السينمائي المغربي ومركز الذاكرة المشتركة، وإنجاز أخرى نظير مركز للأنكولوجيا وآخر لتصفية الكلي، ودار للشباب، وبنيات رياضية مهمة، بينها مجموعة من ملاعب القرب في جميع أحياء المدينة، وقاعة مغطاة بحي المطار ومسبح، وتهييء الملعب البلدي بالمدينة، والعمل على إنشاء شركة التنمية المحلية لتدبير ملاعب القرب وصيانتها. وأوضح أن الجماعة تطمح لإقامة مشاريع أخرى بحجم قيمة المدينة وتطلعات سكانها، مشيرا إلى أنها عملت على تحسين الإنارة في جميع الشوارع باستبدال المصابيح الكهربائية القديمة بأخرى جديدة، إضافة إلى إعادة هيكلة العديد من الأحياء بالمدينة. وأضاف أزواغ أن مجلسه صادق في دورته العادية الأخيرة على إعادة برمجة الاعتمادات المالية بالفصل المتعلق بأشغال كبرى لتهيئة المساحات الخضراء في ميزانية التجهيز، وعلى تعديل القرار الجبائي في شقه المتعلق بشغل الأملاك الجماعية مؤقتا لأغراض تجارية وصناعية أومهنية، كما وافقت أغلبية أعضائه على النظام الأساسي المحدد للشروط والمواصفات، التي بموجبها تصرف المنح المالية للأندية الرياضية المزاولة في إطار العصب الرياضية، وعلى تدبير سوق أولاد ميمون ضمن الأملاك العامة الجماعية. وأكد أن المجلس الحالي تمكن من تصفية الأوعية العقارية والعديد من الديون، وعمل على ترشيد النفقات وتدبير مالية الجماعة بشكل عقلاني وتحسين مداخيل الأخيرة، التي قفزت من 124 مليون درهم إلى 149 مليونا.