منيب: لاوجود لأحزاب حقيقية

زعيمة الاشتراكي الموحد أكدت أن فشل تحالف اليسار سببه نسيان المشروع والتركيز على التجميع أكدت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، أن فشل تجربة التحالف في إطار فدرالية اليسار الديمقراطي، سببه نسيان المشروع الفكري لليسار في عمليات التجميع، والاهتمام بالتجميع العددي فقط. وأوضحت منيب أن قناعة مناضلي حزبها هي أن الوحدة يجب أن تكون وحدة نضال شعبية من أجل التغيير الديمقراطي، وليس وحدة انصهار. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني قررتم في المجلس الوطني الأخير عقد المؤتمر الوطني الخامس. ما هي رهانات المؤتمر في ظل تجربة ما بعد فك التحالف؟ > المؤتمر الخامس للحزب سينظم هذه السنة، وكنا ننوي عقده في يناير، لكن لم نتمكن من ذلك لعدة أسباب، وكان أملنا عقده في يوليوز المقبل، إلا أن صعوبة الحصول على مكان دفعتنا في المجلس الوطني الأخير إلى تحديد أفق شتنبر المقبل. وقد أسسنا السنة الماضية لجنة تحضيرية بسكرتاريتها، وشرعت في العمل وإعداد الأوراق التوجيهية والسياسية، والتنظيمية، التي تهم مشروع اليسار، والمداخل الأساسية لجعله منطلقا للتغيير الديمقراطي. ولهذا نسعى إلى تقديم أجوبة عن أسئلة تجديد فكر اليسار، الذي عرف على المستوى العالمي تراجعات وهزات كبرى. وسنحاول بكل تواضع تقديم رؤية متجددة لفكر اليسار وللمشروع اليساري في المغرب، القادر على بناء سلطة مضادة من أجل فرض التغييرات الشاملة، وما يفرضه من قراءة عميقة لأوضاع بلادنا. أما المشروع التنظيمي، فيهدف إلى بناء تنظيم لاممركز، يعتمد بالأساس على عمل الفروع، في البناء الحزبي. كما ستقدم أوراق فرعية تهم المشروع الاقتصادي . وقريبا ستطرح مشاريع الأوراق إلى النقاش الداخلي، مع الانفتاح في مناقشتها على العديد من الكفاءات. كيف تقيمون مهام بناء الحزب، بعد فك الارتباط بفدرالية اليسار الديمقراطي، وتواصل بلقنة قوى اليسار؟ > أولا، أوضاع الأحزاب عموما صعبة، إذ لا توجد أحزاب حقيقية، كما لا توجد احزاب بمشاريع مستقلة عن السلطة، كذلك أحزاب المعارضة ازدادت ضعفا، بعد تراجع اليسار في العالم، إثر انهيار جدار برلين، إضافة إلى تجربة سنوات الجمر والرصاص، التي أضعفت اليسار المغربي، ولكن أيضا لاختيارات سياسية وترددات أدت إلى تشرذم قوى اليسار. التجربة التي خضناها، منذ بداية الألفية، والتي دامت عشرين سنة، كانت بهدف توحيد قوى اليسار، وإعادة جمع الشتات لإحداث قوة يسارية، يمكن أن تؤثر في المشهد السياسي البئيس، لكن لم ننجح لأننا اهتممنا بالتجميع العددي، وحتى هذا التجميع، فشلنا فيه، وفي كل محطة تجميع كانت مجموعات وكفاءات تغادر مركب اليسار. فكانت أول محطة للوحدة في 2002، بأربعة مكونات، وقبيل الانتخابات، كان هناك صراع حول الترشيحات، ولكن المشكل الأكبر، حين عقدنا مؤتمر التوحيد، لم نتفق على أمين عام واحد، وفشلنا في الوحدة في أول محطة. ما هو تصوركم اليوم لعمل قوى اليسار بعد فشل مشاريع التوحيد؟ > نحن اليوم في إطار التحضير للمؤتمر، بصدد قراءة نقدية عميقة للتجربة، لأنها جزء من تجربتنا جميعا، رغم فشلها، لكن وجب الاحتفاظ بما هو إيجابي فيها من أجل المستقبل. إن قناعتنا اليوم في الحزب الاشتراكي الموحد، هي أن الوحدة يجب أن تكون وحدة نضال شعبية من أجل التغيير الديمقراطي، وكل ذلك يتطلب تنسيقا على أعلى مستوى على قضايا ومشاريع، وليس الانصهار، الذي يشكل عملية فاشلة في ظل الأوضاع، التي تعرفها الأحزاب ولا يمكن ان نتكلم عن تجربة مستقبلية للاندماج أو الانصهار، بل وحدة نضال في الميدان. تحالف لم ينجح لكن تجربة فدرالية اليسار الديمقراطي تختلف عن اندماج المكونات الأربعة؟ > استمررنا في جر الخيبات، وانتقلنا إلى 2005، وانضم إلينا مكون آخر يمثل جمعية الوفاء للديمقراطية، وهي تجربة مدرسة أخرى من الاتحاد الاشتراكي، بكل سلبياتها وإيجابياتها. وهذا لم يساعد على بناء المشروع اليساري، بقدر ما دخل التيار الوافد في تقاسم المواقع، مع باقي المكونات الأخرى، فنسينا في عمليات التجميع، المشروع الفكري لليسار. فلم نستطع لا التوسع التنظيمي في الفروع، ولا التقدم في تقوية القطاعات، التي كانت موجودة. ورفض الرفاق المنضمون إلى التجربة الجديدة القيام بقراءة نقدية لمسارات التوحيد، بل كان هناك تهافت على الانفتاح على مكونين أخرين، هما المؤتمر والطليعة في 2007، وهي تجربة تحالف لم تنجح، وعشنا مرحلة "بلوكاج" قاتل، ووضع حواجز امام كل فكر تجديدي. وحتى في تجربة فدرالية اليسار في 2014، بقينا في وضع "حيص بيص"، "أكثر من تحالف وأقل من حزب"، وكان الحزب الاشتراكي الموحد يواجه بعدم الاجتهاد، بمبرر أن الاندماج سيكون غدا، وهي الوضعية التي كانت قاتلة، وكان الانصهار يعني الموت عند دعاة الاندماج السريع. استثمار بدون قيمة مضافة نحن لا نريد من الاستثمار جلب شركات تلوث الهواء، وتنهب الخيرات وتذهب، دون أن نرى ارتفاعا في الناتج الداخلي، ولا خزينة الدولة تستفيد من ضرائب جديدة. فالشركات الكبرى تعتبر أن مجرد وجودها بالمغرب هو منحة منها. لذلك، إذا تم الاتفاق على مداخل للإصلاح، مثل إصلاح المدرسة العمومية والصحة العمومية الجيدة، والنضال من أجل السيادة الوطنية والديمقراطية، يمكن توفير بعض الشروط لنضالنا المشترك. أما أن نخرج إلى الشارع حول قضايا جزئية، رغم أهميتها، وفي حالة ضعف، فإنها تبقى غير كافية من أجل تقدم المغرب، الذي نطمح إلى تحقيقه. سعيتم إلى فتح مبادرات التنسيق والتشاور مع أحزاب اليسار. ما هو أفق هذه اللقاءات وحدودها؟ > أولا نحن في الحزب، وفي إطار العلاقة مع مركز محمد بنسعيد أيت يدر للدراسات، نسعى إلى الانفتاح على عدد من المؤسسات البحثية الجادة، من أجل توفير شروط اللقاء بين قوى اليسار المختلفة لمناقشة أوضاع البلاد واقتراح حلول واستشراف المستقبل. ونرى أن القوى الديمقراطية والتقدمية مطالبة باللقاء لمناقشة الأوضاع وتقترح حلولا، وتستشرف آفاق العمل، لوقف الردة والتراجعات السياسية والحقوقية، التي نعيشها اليوم. وفي هذا الإطار، تم التأكيد على أننا بحاجة إلى مواطنة متجددة، والحد من الانقسامات والتباعد، وإيجاد قضايا توحدنا من أجل مصلحة البلاد، وتجديد اللحمة الوطنية، ليس فقط حول الوحدة الترابية، بل أيضا حول قضايا التنمية والسيادة الوطنية. وحرصنا على تفعيل خلاصات مراكز البحث، من خلال تأكيد الانفتاح على الأحزاب، ليس بهدف تقييم عمل هذا الحزب أو ذاك، بل لبحث إمكانية القيام بنهضة داخلية عوض التقوقع على الذات، والبحث عن نقط التقاء، وتجاوز تعطل المؤسسات التي كانت تشكل قوة لليسار، مثل الحركة النسائية، التي كانت رائدة في الساحة في الترافع من أجل القضية، وكذا الجمعيات الثقافية الجادة في الساحة التي تراجعت أمام صعود جمعيات التمييع والتفاهة، وضرب الحرمة النقابية واستقطاب نخب الأحزاب السياسية، وتزوير الانتخابات. ثقافات دخيلة هل أنتم مستعدون لإعادة مد جسور مع رفاق الأمس في الفدرالية وإنهاء القطيعة التي استغرقت أكثر من سنة؟ > المشكل أعوص من ذلك، لأننا لا نريد وحدة بناء على منطق توزيع الكراسي والمحاصصات في عملية تجميع بدون مشروع سياسي واضح، فنحن ضد التراجع الذي لمسناه من قبل رفاقنا عبر تصريحات إعلامية، تدافع عن نوع من الليبرالية الاجتماعية، التي تحللت اليوم. وأرى أن عددا من نقط الاختلاف فكرية، تهم المشروع، إذ سجلنا التخلي عن الأفكار التي تجعل اليسار يسارا، فماذا نريد بالضبط ولماذا نناضل؟. نحن نريد دولة ديمقراطية ودولة حق وقانون، نريد حكومة تحكم، وفصلا حقيقيا للسلط، وإصلاحات عميقة، ونقول إن الجديد اليوم في الساحة السياسية هو الحراكات الاجتماعية. وأرى أن الأمر يتعلق باختلافات تهم المشروع المجتمعي بيننا وبين رفاقنا، الذين تخلوا عن بعض ثوابت اليسار. لقد تم تغييب المشروع المجتمعي، الذي كنا نطمح إليه، وتم الاكتفاء بتجميع كمي، بعيدا عن الأهداف الكبرى، التي يفرضها مشروع اليسار، والتي تمس حتى نوعية الحزب المنشود. ومع الأسف صيرورة التوحيد، التي دامت أزيد من 20 سنة، جلبت ثقافات دخيلة، فأصبح هناك مريدون يتبعون شيوخا، عوض حزب يدار بشكل ديمقراطي، تتخذ فيه القرارات بشكل جماعي، بعيدا عن السب والقذف، حزب يمارس السياسة باجتهاد وأخلاق، وهذا ما افتقدناه للأسف، في التجربة السابقة. نحن نحترم مناضلين ومناضلات ضمن المكونات الأخرى، يمكن أن نلتقي معهم غدا في ساحة النضال، بناء على قضايا تجمعنا، ولكن القناعة اليوم داخل الحزب الاشتراكي الموحد هي أن الوحدة التي تعني الانصهار المتسرع، انتهت. انتظارات شعبية في رأيكم ماهي الملفات التي يمكن أن تجمعكم والطريقة التي ترون بها إمكانية العمل التنسيقي رغم الاختلافات؟ > هناك انتظارات شعبية كبرى تهم الغلاء، واستهداف كرامة المغاربة، وحقوقهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهي ملفات ذات أولوية، لكن المشكل هنا أننا نواجه استهداف السيادة الوطنية والقرار السيادي للمغرب، فإذا أردنا فعلا بناء مستقبل للمغرب، فيجب إعادة بناء المدرسة العمومية، وهناك أوراش نضالية متعددة، تفرض القدرة على النزول إلى الشارع، للمطالبة بفصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبناء الدولة الديمقراطية. وما يعقد الوضع أكثر، هو أننا دولة تابعة مجبرة على تطبيق توصيات المؤسسات المالية المانحة، خاصة مع إجبار بلادنا على الانفتاح، فهل نتوفر على الشروط التي تجعل الانفتاح في صالح الدولة المغربية والشعب المغربي. استعادة المبادرة أولا أجل استعادة المبادرة السياسية؟ > وجب الاشتغال اليوم من قبل الأحزاب التقدمية، على غرار ما قامت به الكتلة الديمقراطية في التسعينات، وهذا ما دفعنا إلى المبادرة بلقاء الرفاق في التقدم والاشتراكية، وكان لقاء صريحا، وشكلنا لجينة للاشتغال، من قبل أطر الحزبين. كما التقينا رفاق النهج الديمقراطي، ونحن تبحث عن نقط اللقاء مع اكبر عدد من الهيات التقدمية، وبحث إمكانية العمل المشترك في بعض الواجهات والملفات. نعود إلى ملف الصحراء. هل مازالت هناك إمكانية مبادرة شعبية لوقف التصعيد بين المغرب والجزائر ؟ > في الحقيقة، مشكل الصحراء اليوم هو في رأيي، مشكل فساد نخب في الجزائر، تشبتث بهذا الملف، خاصة الفساد المالي ونهب خيرات الشعوب، ويكفي العودة الى كتاب ألان دونو، الذي يتحدث عن أموال "سوناطراك" الموضوعة في الجنات الضريبية البريطانية. فنحن لسنا أمام دولة بحكومة ديمقراطية تسير أمور البلاد، وتؤمن بـ"تقرير مصير الشعوب، وتساند شعبا مقهورا"، بل أمام نظام يستغل هذه القضية، ومنذ عقود من أجل البقاء، وإلهاء الشعب الجزائري، كي لا ينتبه إلى نهب خيراته، خاصة أمام تراجع مخزون البترول في الجزائر. ورقة في يد نظام الجزائر اليوم، نحن أمام أوضاع عالمية، تجعل من ملف الصحراء المفتعل، ورقة لإبقاء الجزائر والمغرب راكعين، كي يستمر نهب خيرات البلدين، وما الإبقاء على الحدود الموروثة عن الاستعمار، إلا عنصر من العناصر التي تساهم في إحداث التوتر بين الجارين. إن المشكل في رأيي هو أننا لم نرع، لا في المغرب ولا الجزائر، هذا الحلم المغاربي منذ الوهلة الأولى. واليوم مع المشاكل القائمة في أوربا، نشعر وكأن هناك من يسعى الى جر البلدين الى الحرب، من خلال صرف الملايير في التسلح، ودفع الجزائر إلى توجيه صنيعتها، تحت إمرتها إلى التهديد بإطلاق الشرارة الأولى للحرب، بعد أزمة الكركرات. هذا المخطط فشل، مع دخول عوامل أخرى إستراتيجية، وبدا للجزائر أنها لا يمكن تنفيذ هذا المشروع التخريبي، وأن تشعل فتيل الحرب ضد المغرب. ولا يجب أن ينجر الشعبان المغربي والجزائري وراء مثل هذه المخططات، التي تسعى إليها قوى في الغرب، ونحن نعتبر أن لا مستقبل للجزائر إلا مع المغرب وتونس وليبيا، في إطار كتلة قوية في شمال إفريقيا، وبناء قوة اقتصادية وسياسية في جنوب المتوسط.

منيب: لاوجود لأحزاب حقيقية

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مواجهات جديدة مع مافيا الرمال بالصويرة

12 مشروعا سينمائيا في "ورشات تطوان"

مقالات ذات صلة