fbpx
مقالات الرأي

سعد عبد اللطيف: الإيمان بنظرية المؤامرة

في ذكرى الربيعِ العربيِ ” والإيمان بنظريةِ المؤامرة؟!

بقلم : – محمد سعد عبد اللطيف*

أصبحت سمة العقلِ العربيِ الإيمانِ بنظريةِ ” المؤامرةِ ” التي تريحُ العقلَ منْ عناءِ البحثِ عنْ الأسبابِ ، وتغني المراقبَ عنْ نقدِ الذاتِ ، وتغذي الشعورَ بأننا ضحايا لأعداءِ متآمرينَ ، لولاهمْ لكانَ وضعنا أفضلَ بكثيرٍ ، . لا يحتاجُ منْ يطرحُ تفسيراتهِ للآخرينَ بناءً على تلكَ النظريةِ عادةً إلى عناءِ كبيرٍ لإثباتها ، فالتدخلاتُ الخارجيةُ حتى وإنْ كانتْ ردودُ أفعالٍ لأحداثٍ محليةٍ تغذي تلكَ النظرةِ وتريحُ العقلَ العربيَ منْ عناءِ النظرِ في المرآةِ وتشخيصِ المسائلِ ، . لا يزالُ طبقةً كبيرةً منْ الشعوبِ العربيةِ والكثيرونَ منا مثلاً يتحدثونَ بحماس عنْ نظريةِ المؤامرةِ ، ، في إثباتِ تزويرِ هذهِ الوثائقِ ، بلْ وتأكيدِ أنها تؤدي إلى نتيجةِ معاكسةٍ منْ ناحيةِ بثِ اليأسِ في نفوسِ العربِ وإلصاقِ صورةِ العنصريةِ بهمْ ؛ رغمَ ذلكَ ، يرفضَ البعضُ أنَ منْ شرنقةِ المؤامرةِ التي تعيقُ التفكيرَ الحرَ المبنيَ على الحقائقِ ، لأنَ هذا لنْ يمنحهمْ راحةَ الإحساسِ بأنهمْ ضحايا وبأنهمْ يستحقونَ الشفقةُ ، مثالٌ آخرُ منْ الماضي القريبِ هوَ أحداثٌ / 11 / منْ سبتمبرَ 2001 م التي هزتْ العالمَ وأطلقتْ حقبةٌ جديدةٌ منْ علاقةِ الغربِ بالعالمينِ العربيِ والإسلاميِ ، أقلَ ما يقالُ عنها أنها مشوبةٌ بالحذرِ وعدمِ الثقةِ . لوْ تنقلتْ في العالمِ العربيِ سائلاً عنْ هذهِ الهجماتِ لدهشتْ منْ كمِ المؤمنينَ بنظريةِ أنَ الولاياتِ المتحدةَ نفسها أوْ حليفتها إسرائيلَ هما منْ قاما بتلكَ الهجماتِ لتبريرِ حربٍ ضدَ الإسلامِ والعالمِ العربيِ . ، كذلكَ ” برتوكولاتْ بنيَ صهيونُ منْ كتبها وكيفَ نشرتْ وأنها سببُ كلِ المصائبِ ؟ ! . . ولقاءُ السفيرةِ الأمريكيةِ معَ الرئيسِ ” صدامْ ” قبلَ غزوِ العراقِ وكأنها كانتْ مؤامرةٌ لدخولِ الكويتِ ، وتصريحَ ” كوندليزا رايسْ ” عنْ الفوضى الخلاقةِ ، ، لقدْ صرحتْ أنَ الوضعَ الحاليَ ليسَ مستقرا ، وأنَ الفوضى التي تنتجها عمليةُ التحولِ الديمقراطيِ في البدايةِ هيَ فوضى خلاقةٌ ، ربما تنتجُ في النهايةِ وضعا أفضلَ منْ الذي تعيشهُ حاليا ” ، هوَ توصيفٌ ينطبقُ حتى على الثورةِ الفرنسيةِ التي قامتْ قبلَ بضعةِ قرونٍ واحتاجتْ لسنواتٍ عديدةٍ قبلَ أنْ ترسيَ معالمُ الديمقراطيةِ . يوجد لدى مروجي نظريةِ المؤامرةِ للربيعِ العربيِ أيةَ إجابةٍ عنْ آلياتِ التنفيذِ التي يعتمدها الغربُ في خلقِ تلكَ الثوراتِ ، أوْ في الفائدةِ التي جنتها الدولُ الغربيةُ حتى الآنَ منْ هذهِ الفوضى . كما أنَ هناكَ تجاهلاً مخلا بالحقائقِ لرغباتِ الشعوبِ ، وإحباطاتها ومعاناتها معَ كمِ الفسادِ والديكتاتوريةِ الهائلينِ اللذينِ ولدا ضغطا متزايدا لمْ يحتجْ لأكثرَ منْ الراحلِ ” محمدْ بوعزيزي ” ، أنْ يشعلَ النارَ مرةً أخرى ليثبتَ أنها كانتْ عفويةً ، إنَ أخطاءنا السياسيةَ ، وتمزقنا الفكريُ والدينيُ والطائفيُ ، وانتشارَ ثقافةِ رفضِ الآخرِ ، وتكفيرهُ ، وغيرها منْ الأمراضِ الفكريةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ ، تلعبَ دورا أكبرَ بكثيرٍ منْ قدرةِ أيةِ قوةِ خارجيةٍ على إحداثِ ضررٍ مماثلٍ في بلداننا . إنَ التحديَ الأكبرَ في مقاربةِ أيِ مرضِ أوْ حلِ أيِ مشكلةٍ هوَ دقةُ التشخيصِ ، فإنَ تمكنا منْ فعلِ هذا بناءٌ على تفكيرٍ صحيٍ يستندُ إلى رؤيةِ الواقعِ ومعطياتهِ دونَ اللجوءِ إلى نظرياتهِ المظلمةِ ، حينها ستصبحُ إمكانيةَ الحلِ أقربُ إلى أيدينا منْ السابقِ . ، ، نحنُ منْ نصنعُ المؤامرةُ وننسجُ خيوطها ، وكانتْ نتيجةُ غليانِ الشعوبِ المقهورةِ منْ الظلمِ والقهرِ والفسادِ والفشلِ والدائمِ في التنميةِ والعدالةِ الاجتماعية والحرياتُ ، ولكنَ تلكَ ، ومعَ خروجِ الانتفاضاتِ العفويةِ الصادقةِ ، المؤمنةَ بالتغييرِ عندَ البسطاءِ تحولتْ إلى مؤامرةٍ كبرى عندَ منْ يستطيعونَ توجيهُ دفةِ الأمورِ ، والتحكمُ في حركةِ الجماهيرِ منْ خلالِ ظهورِ الإعلامِ الموجهِ والنشطاءِ المأجورينَ ، والحركاتُ الدينيةُ الانتهازيةُ ، والنخبُ الثقافيةُ والسياسيةُ التي أدمنتْ التبعيةُ للخارجِ ، والارتزاقُ منْ تجارةِ الأوطانِ ، إنَ الحقيقةَ الغائبةَ أنَ الشعوبَ كانتْ ناقمةً على أوضاعها ، مستعدةً للتضحيةِ بالحياةِ منْ أجلِ التغييرِ ، بينما النخبُ كانتْ مسترخيةً هانئةً لمْ تكنْ مستعدةً لقيادةِ التغييرِ ، لذلكَ خرجتْ الشعوبَ سواءُ بإرادتها ، أوْ منْ خلالِ تحريكِ منْ يملكُ خيوطَ المؤامرةِ ، المهمَ هنا أنَ التاريخَ يقولُ إنها خرجتْ بالملايينِ ، أما السرُ وراءَ خروجها فمتروك لحينِ ظهورِ حقائقِ الأمورِ في المستقبلِ القريبِ أوْ البعيدِ ، ولكنَ النخبَ بكلِ تنويعاتها منْ ” الإخوانِ إلى اليساريينَ لمْ يكونوا جاهزينَ للتغييرِ ، ولمْ يكونوا مستعدينَ للقيادةِ ، لذلكَ انشغلتْ النخبُ بالغنائمِ ، والحصولُ على النصيبِ الأكبرِ منْ الوطنِ الغنيمةِ ، والثروةُ الغنيمةُ ، والمناصبُ الغنيمةُ ، لذلكَ نلاحظُ أنَ الصراعاتِ بينَ منْ تصدروا ” الانتفاضاتُ ” في جميعِ الدولِ العربيةِ التي شهدتْ هذهِ ” الانتفاضاتِ ” كانتْ حولَ المناصبِ السياسيةِ والغنائمِ . ، ، ! !


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى