إفلاس الأندية… من المسؤول؟

سوء التسيير وغياب المراقبة ودفاتر التحملات وركود سوق الإشهار أبرز الأسباب باتت أغلب الأندية الوطنية على حافة الإفلاس، بعدما أصبحت عاجزة عن تحقيق التوازن المالي. وينطبق هذا الوضع على مختلف الأندية بجميع الأقسام، رغم أنها تستفيد من منح من المال العمومي، ومن مجانية استغلال المنشآت الرياضية، كما تتوصل بحقوق النقل التلفزيوني والاحتضان من الجامعة، لكن دون جدوى. وتقف عدد من العوامل وراء هذا الوضع، أبرزها تهور رؤساء الأندية، وتجاهل التوازن بين المصاريف والموارد، وغياب الاستثمار في التكوين وتساهل لجنة المراقبة وركود سوق الإشهار. اللعب المالي غير النظيف يعتبر تجاهل التوازن المالي بين الموارد والإنفاق، أو ما يسمى اللعب المالي النظيف، أبرز أسباب إفلاس الأندية الوطنية، وارتفاع الديون والنزاعات. وتنفق الأندية جزءا كبيرا من ميزانيتها في تمويل الانتدابات والعقود، دون التوفر على موارد التسديد، ما أدى إلى عجز كبير وحالة من التضخم، حتى صارت عاجزة عن الالتزام بوعودها، طبقا للعقود. ومن الطبيعي أن ينتج عن هذا الوضع تراكم كبير للديون والنزاعات، ما فرض اتخاذ بعض القرارات الزجرية في السنتين الأخيرتين، لكن دون جدوى. وسجلت السنوات الماضية إبرام عقود بأرقام تفوق موارد الأندية، وهي العملية التي قادها رؤساء مثل عبد الإله أكرم ومحمد بودريقة وإسماعيل الجامعي ورشيد برامي ومحمد هوار، الذين رغم صرف مبالغ كبيرة من مالهم الخاص، فإنهم ورطوا أنديتهم في صفقات وعقود تسببت لها في مشاكل مالية كبيرة في ما بعد. التهور بدل الحكامة في الوقت الذي صارت كرة القدم منظمة وعصرية قائمة على جودة التسيير والحكامة، فإن الفرق الوطنية لم تساير الركب، وبالغ رؤساؤها في الإنفاق، دون مراعاة الموارد. وباستثناء أندية معدودة، مثل الفتح الرياضي والجيش الملكي واتحاد تواركة، فإن أغلب الأندية الأخرى تعاني مشكل حكامة وسوء التسيير وسوء الاختيارات والقرارات وغياب الاستثمار، خصوصا في التكوين والبحث عن الموارد. ويعاب على الأندية الوطنية أنها لا تخصص نسبا من ميزانياتها السنوية للاستثمار في تنمية مواردها وفي تكوين اللاعبين، وتكتفي بإنفاقها في عقود اللاعبين والانتدابات، ما أدى إلى الوضع الحالي. وتساهم القرارات الخاطئة والمتهورة للرؤساء في وقوع متاعب مالية للأندية، خصوصا في ما يتعلق بالإستراتيجية التقنية والتسويقية للنادي، ونوعية المدربين واللاعبين الذين تتعاقد معهم، والتي تساير في الغالب أهواء الجماهير ونزواتها وضغوطها أحيانا. ورغم أن بعض الأندية تحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة، مثل الرجاء والوداد واتحاد طنجة والمغرب الفاسي والمولودية الوجدية والنادي القنيطري والكوكب المراكشي، إلا أنها لم تعرف كيف تستفيد من تلك القاعدة، سواء عن طريق عملية بيع التذاكر أو تسويق منتجات النادي أو إغراء المستشهرين والمحتضنين. ولا تحدد القوانين المنظمة للأندية الرياضية أي قيد أو ضوابط تسعف في انتخاب الرؤساء والمكاتب المسيرة، ما يؤدي إلى وصول أشخاص إلى مناصب التسيير دون التوفر على حد أدنى من الكفاءة في أغلب الفرق. دفاتر التحملات... بداية ونهاية حاولت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في عهد الرئيس الأسبق علي الفاسي الفهري سن مجموعة من دفاتر التحملات للأندية الوطنية، لكن العملية لم تكتمل في ما بعد. وانطلق العمل في البداية بتشكيل لجنة خاصة بدفاتر التحملات على مستوى العصبة الاحترافية، والتي وضعت مجموعة من الشروط حينها، لتسليم رخصة النادي المحترف، على غرار التوفر على ملعب وعقود مع مدربين مؤهلين وحد أدنى من الميزانية، إضافة إلى شروط أخرى في ما يتعلق بتنظيم المباريات. وتبنت العصبة الاحترافية بالتنسيق مع الجامعة في ذلك الوقت ضوابط صارمة، وعاقبت عدة أندية لم تستجب للشروط المذكورة، رغم المعارضة التي لقيتها من بعض رؤساء الفرق. واختفت تلك الدفاتر بعد حل المكتب السابق للعصبة الاحترافية، ومغادرة مسيرين مثل عبد الله غلام وأحمد غايبي وامحمد الزغاري، والتحاق مسؤولين آخرين بالجهاز، أغلبهم من رؤساء الأندية، الذين دشنوا مرحلة جديدة من التسيير. لجنة المراقبة... الحاضر الغائب رغم إنشاء الجامعة الحالية في عهد الرئيس فوزي لقجع لجنة مراقبة التدبير بالأندية برئاسة عبد العزيز الطالبي، فإن الوضع الذي وصلت إليه الفرق الوطنية يؤكد وجود خلل كبير في أداء اللجنة. وحسب معطيات حصلت عليها "الصباح"، فإن الأندية تقوم بزيارات تفتيشية للأندية، وتتوصل بتقارير عن ماليتها، كما توجه لها عدة ملاحظات على امتداد الموسم الكروي بغرض تصحيحها. وتوجه اللجنة أيضا تقارير وملاحظات إلى الجامعة بغرض اتخاذ قرارات في حق الأندية، الأمر الذي نوقش في عدة اجتماعات للمكتب المديري. وبينما ينص النظام الأساسي على أنه يحق للجنة اقتراح فرض عقوبات على الأندية المعنية على المكتب المديري للجامعة، فإن الأخير اكتفى بإصدار عدة توصيات في هذا المجال، أبرزها رفض المصادقة على عقود الأندية التي تمت تسوية نزاعاتها وديونها، والمنع من الانتداب. ورغم ترحيب المتتبعين بقرار المنع من الانتداب ورفض المصادقة على العقود، وتخفيفه من الملفات، فإنه تسبب في المقابل في نتائج عكسية أبرزها عطالة عدد كبير من اللاعبين، وتفاقم وضعية الفرق المعاقبة، على غرار اتحاد طنجة ومولودية وجدة هذا الموسم. التلفزيون والإشهار... الجفاف بينما يفترض أن يشكل الإشهار والنقل التفلزيوني نسبة كبيرة من تمويل الأندية والبطولة، فإن الأمر مختلف في المغرب، ولا يساهم إلا بحصة بسيطة. ويوفر الاحتضان والنقل التلفزيوني حوالي 600 مليون لكل ناد بالقسم الأول، و300 للقسم الثاني، فيما تخصص مبالغ أخرى للكرة النسوية والهواة والعصب الجهوية وبطولة القاعة في إطار التضامن. وكشفت معطيات حصلت عليها «الصباح» أن التلفزيون يواجه مشاكل كبيرة في تسويق البطولة، بالنظر إلى المستوى العام للتباري، وضعف شعبية عدد من الفرق، إضافة إلى ركود سوق الإشهار. وحسب المعطيات نفسها، فإن التلفزيون لا يجتهد في البحث عن مستشهرين، رغم حصوله على حقوق نقل وتسويق عدد كبير من المباريات، كما لا ينتج أي برامج ترويجية من شأنها تثمين المنتوج الكروي، وإغراء المستشهرين. إنجاز: عبد الإله المتقي

إفلاس الأندية… من المسؤول؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رسالة رياضية: هدايا مسمومة

مشاهير

مقالات ذات صلة