المسؤولية المدنية والجنائية لاتحاد الملاك المشتركين (الحلقة الخامسة)

قواعد المسؤولية المدنية تقرر مسؤولية اتحاد الملاك عن الأخطاء المرتكبة من المعلوم أن اتحاد الملاك شخص معنوي لا يرتكب أخطاء شخصية بصفة مباشرة، ولكن لشخصيته الاعتبارية، فإنه يعمل وينشط بواسطة أعضائه في الجمع العام أو بواسطة جهازه التنفيذي المعروف بوكيل الاتحاد أو بواسطة مجلس الاتحاد، وبالتالي فإن مسؤوليته تثار إذا كان هو مصدر الخطأ أو مرتكبه، حسبما ما يستفاد من المادة 13 من قانون الملكية المشتركة، وله الرجوع بعد ذلك على الغير المسؤول عن الضرر. يرتبط الدفع الثاني بالحالات المحددة في الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود والتي لها علاقة بأسباب أجنبية عن اتحاد الملاك كتهدم البناء بسبب القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو خطأ المتضرر .حالتا القوة القاهرة والحادث الفجائي :يمكن تعريف القوة القاهرة حسب مقتضيات الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود على أنها: «كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يدفعه كمختلف الظواهر الطبيعية من عواصف وزلازل وفيضانات واشتعال نيران وفعل السلطة، وغارات العدو». أما الحادث الفجائي فهو كل أمر طارئ لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كوقوع تعطيل مفاجئ في المصعد أو انكسار القنوات الأساسية للمياه الحارة أو الصالحة للشرب.وإذا كانت القاعدة العامة هي أن القوة القاهرة والحادث الفجائي يعدمان المسؤولية المدنية لاتحاد الملاك أو لمجلس الاتحاد، فإنه يشترط لتحقيق ذلك من الناحية القانونية ألا يتدخل في فعل الخطأ، كإصداره قرارات تتعلق بإحداث أجزاء مفرزة أو أشغال كبرى تسببت في حدوث الضرر، بناء على كون الفقرة الثالثة من الفصل 269 من القانون المذكور تنص على أنه: «كذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين.خطأ المتضرر: قد يقوم الشخص المضرور بفعل ما أو بخطأ ما يكون في الواقع هو المصدر الأساسي والمباشر في وقوع الضرر أو الأضرار التي لحقت به، كأن يكون هو الذي ارتطم بالشيء محل الحراسة وهو في وضع جد طبيعـي وليس العكس، أو أن يكون وضع سيارته في مكان غير مخصص لوقوف السيارات في البناية مثلا.وبطبيعة الحال، فإنه يقع على كاهل اتحاد الملاك المدعى عليه في دعوى المسؤولية إقامة الحجة على أن فعل أو خطأ المتضرر هو السبب الأساسي في إحداث الضرر وليست الأجزاء المشتركة وما يدخل في حكمها والتي توجد تحت حراسته. وما دام أن الأمر يتعلق بإثبات واقعة مادية، فإن لوكيل الاتحاد، الممثل القانوني للاتحاد أمام المحاكم، أن يثبته بكافة وسائل الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن .ولما كانت الحراسة القانونية هي مناط مسؤولية اتحاد الملاك، فإنه ينبغي توضيح عناصر الحراسة وهي: الاستعمال والإدارة والمراقبة. ـ الاستعمال وهو استخدام الأجزاء المشتركة بالكيفية أو على الصورة التي توفر للاتحاد غايته من الشيء، أو حاجته منه ضمن الحدود التي يحصل فيها استعمال الجزء المشترك ووفق الغرض المعد له كالمصعد والمرآب مثلا، والاستعمال الواسع بهذا المفهوم لا يفرض الاستمرار فيه دوما، إذ يتوقف هذا الاستعمال في بعض الأحيان لأسباب ما، ويظل مع ذلك اتحاد الملاك حارسا للشيء المشترك.ـ الإدارة معلوم أن اتحاد الملاك يستأثر قانونا بتسيير الأجزاء المشتركة في العقار وصيانتها، ويظهر ذلك عمليا بالتوجيه الذي يمليه لوضع الأجزاء المشتركة وطريقة استعمالها، وهذا التوجيه يتكيف بسلطة الأمر تقريرا لأوجه الاستعمال الخاصة بالشيء مع تعيين غرضه وتحديد من يستفيد منه عمليا.وللإدارة في الحقيقة مفهومان: أولهما مادي ويتجلى في وضع اليد على الشيء من أجل إدارته فعليا، وثانيهما معنوي ويتمثل في سلطة إعطاء الأوامر الخاصة بتوجيه ذلك الشيء، ومن تم فاتحاد الملاك يتمتع بهذه السلطة ما دام باستطاعته أن يأمر التابع له باستخدام الجزء المشترك في الأوجه المعدة له.ـ المراقبة: تتمثل الرقابة على الأجزاء المشتركة في سلطة ملاحظته، وتتبعه أثناء أوجه استعماله، وتفحصه، وتأمين الصيانة اللازمة له، وإصلاح العيوب التي من الممكن أن تلم به ومنعه بالتالي من الإضرار بالغير. فالرقابة لا تعني بالضرورة التتبع المادي للشيء، وإنما قد تكون بدورها ذات مدلول معنوي إذ قد يعهد اتحاد الملاك إلى حارس العمارة بحراسة المصعد، مثلا وبالتالي فإن هذا الأخير يمارس الرقابة بالنيابة عن الاتحاد. وللإشارة، فإنه كلما اجتمعت العناصر الثلاثة المشار إليها أعلاه ( الاستعمال، والتوجيه والمراقبة ) بين أحد الأشخاص (سواء كان اتحـــاد الملاك أو وكيله أو أي شخص يحل محله) اعتبر حارسا للأجزاء المشتركة يسأل عن جميع الأضرار التي يحدثها للغير وسواء كانت الحراسة قانونية تعتمد على سند قانوني أم مجرد حراسة فعلية تعتمد على وضع الـيد فقط.المطلب الثالث: مسؤولية اتحاد الملاك ومجلس الاتحاد استنادا إلى الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود: إن قواعد المسؤولية المدنية تقرر مسؤولية اتحاد الملاك عن الأخطاء المرتكبة من طرفه والتي رأينا بعضها، ومن تم فإن الاتحاد المذكور مسؤول عن الأخطاء المرتكبة من قبل مستخدميه وعلى الخصوص الحارس أو البواب ، مع الإشارة إلى أن الاتحاد ليس مأمورا وإنما ممثلا لجميع الملاك المشتركين ويسأل على أساس القواعد العامة للوكالة.فاتحاد الملاك شخص معنوي مسؤول عن الأخطاء المرتكبة من طرف مستخدميه، وهو بذلك يشكل استثناء من القاعدة العامة القائلة بأن الشخص يكون مسؤولا عن خطئه الشخصي فقط، غير أن هذا الاستثناء ينبني على قرينة الخطأ المفترض وليس على الخطأ الواجب الإثبات.فالمسؤولية التقصيرية لاتحاد الملاك تترتب عن افتراض خطأ شخص آخر، وهذا نظمه المشرع المغربي في الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود، حيث نص على أنه:«لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، ولكن مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته».فالأشخاص الذين يكون اتحاد الملاك أو مجلس الاتحاد مسؤولا عنهم بل عن الأضرار المحدثة من طرفهم، لا يَعْدُون أن يكونوا مستخدمين تربطهم مع الاتحاد عقود عمل، لأن أعضاء الاتحاد لا يعتبرون غيرا ولا مستخدمين، ومن تم فإن الفقرة الثالثة من الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود تؤكد على ما يلي: « المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأموروهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها».وهكذا، فإن المنظفة أو البستاني أو الحارس إذا ارتكب أحدهم خطأ نتج عنه ضرر للغير أو حتى لأحد الملاك المشتركين، فإن مسؤولية الاتحاد تقوم بناء على كون التبعية التي تمليها علاقة الشغل بين الاتحاد وأحد تابعيه، تفرض الائتمار بأوامره والخضوع لرقابته ما لم يثبت العكس. ففي هذه الحالة يسأل عن طريق دعوى الرجوع، المستخدم أو الأجير عن النتائج المترتبة عن عدم مراعاة التعليمات التي تلقاها من مؤاجره إن كانت صريحة ولم يكن له مبرر لمخالفتها .على أن اتحاد الملاك لا يتحمل المسؤولية إذا أثبت طبقا للفصل 739 من قانون الالتزامات والعقود أنه بذل في اختيار هؤلاء الأشخاص والرقابة عليهم كل ما يلزم من العناية، وأنه فعل من جانبه كل ما يلزم لمنع الضرر أو لدرء عواقبه .وإذا حدث أن بلل أحد الأشخاص التابعين للاتحاد الملاك أرض مدخل البناية مثلا باعتبارها جزءا مشتركا وذلك بواسطة مادة بطبيعتها مزلقة (glissante) دون إشعار السكان أو وضع علامة تنبيه لهم في المكان المخصص لذلك، وتضرر أي شخص بفعل وقوعه أو إنزلاقه، فإن مسؤولية اتحــاد الملاك تبقى قائمة مع حفظ حقه في الرجوع على الغير طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 13 من قانون الملكية المشتركة التي تنص على أنه» يحق لاتحاد الملاك الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر». بقلم: مصطفى أشيبان: دكتور في الحقوق

المسؤولية المدنية والجنائية لاتحاد الملاك المشتركين (الحلقة الخامسة)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ستار أكاديمي 8 ينفتح على الفنانين المغاربة

الرئيس الأول لاستئنافية بني ملال يقدم حصيلة محاكم الجهة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات