ملحمة الثمامة… التفاصيل الكاملة

الدوحة تتزين بالأحمر و"الدارجة" تصدح في أرجاء قطر في ليلة مونديالية تاريخية وقف ضيوف وعشاق المونديال مشدوهين بالإنجاز التاريخي، الذي صنعه المنتخب الوطني في قلب ملعب الثمامة، في الدوحة، لحساب الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة السادسة لكأس العالم قطر 2022. عمت هيستيرية مدرجات الثمامة بمجرد إعلان الحكم البرازيلي رفائيل كلوس نهاية المباراة، لتنطلق الاحتفالات بالمدرجات، كما في منصة الضيوف الرسمية، قبل أن تنطلق في محيط الملعب، ومنه إلى مختلف فضاءات الدوحة، وتحديدا إلى «سوق واقف»، معقل المشجعين المغاربة. غادرت الجماهير ملعب الثمامة منتشية بفوز مستحق على كندا، وتأهل تاريخي، الثاني من نوعه في مسيرة الأسود المونديالية، ولسان حالها يقول «قطر فأل خير على الأسود» ولابد من استغلال صحوة المنتخب للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي. الدوحة تتزين بالأحمر «واش حنا فكازا ولا فمراكش والرباط»، عبارة رددها المشجعون المغاربة في طريقهم إلى ملعب الثمامة، الذي احتضن مباراة الأسود وكندا، أول أمس (الخميس)، لحساب الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة السادسة لكأس العالم 2022. كل الطرق تؤدي إلى جنوب الدوحة، حيث يحتضن سادس ملاعب المونديال، الأكثر جمالية، للاستمتاع بمباراة مصيرية وحاسمة في تأهل الأسود إلى الدور الثاني. لا يهم مستوى المنتخب في هذه المباراة، بل انتزاع بطاقة المرور إلى الدور ال16، وربط الماضي بالحاضر، عندما نجح الأسود في ذلك في نسخة 1986 بمكسيكو. أبت الجماهير المغربية والعربية، إلا أن تتزين بقمصان المنتخب والأعلام الوطنية ولافتات كتب عليها «ديما مغرب»، قبل أن تتوجه إلى الملعب مبكرا، جماعة وفرادى وعبر سيارات خاصة وحافلات ومختلف وسائل النقل، كما لو أنها سرب نحل يغزو المكان. "دعوات الخير" «اللاعبون في حاجة إلى دعمكم ومساندتكم» هكذا علق وليد الركراكي على حضور عائلاتهم أثناء الحصة التدريبية، ليتابع «هوما اهنا باش يدعمونا، وكانشوفوهم من بعد الماتش». لا يمكن المرور من شارع أو مركز تجاري، دون أن تتردد على مسامعك عبارة «الله يعطيكم الصحة، والله يوفقكم في الماتش اللي جاي». وما إن تنصرف حتى يباغتك مشجعون آخرون من جنسيات مختلفة «إنكم البلد العربي الوحيد، الذي نأمل فيه خيرا، بعد إقصاء قطر والسعودية وتونس». بدت عائلات اللاعبين، وأسرهم منشرحة ومزهوة، بعد الفوز على بلجيكا، وأكثر ارتباكا وتوترا قبل مباراة كندا، هكذا علقت والدة المدرب وليد الركراكي «أنا راضية على ولدي، ونطلب من جميع المغاربة يدعيو مع هاد الوليدات». أما والدا عبد الحميد الصابري وزكرياء أبو خلال، فأكدا في دردشة مع «الصباح»، «حنا هنا باش نساندو منتخبنا. ودعوات الخير من المغاربة مهمة بزاف فهاد الماتش». "واش نتوما واجدين" ظهر منشط المباراة على شاشة الملعب قبل ساعتين من انطلاق المباراة، وهو يردد «واش نتوما واجدين» «يالاه تحركوا معانا... صوت الحسن ينادي». انطلقت الاحتفالات، بعد دخول الجمهور إلى الملعب، وارتفعت حرارة التشجيع، مباشرة بعد دخول اللاعبين أرضية الميدان، للقيام بتمارين إحمائية، تأهبا للمباراة، ثم يعود منشط المباراة، ليصيح بأعلى صوت «اللي ما تبوجاش ما شي مغربي» و»اللي ما تحركش يبقى في دارو» و»ديما مغرب». بدا اللون الأحمر مسيطرا على مدرجات الثمامة، في إشارة إلى اكتساحها من قبل أنصار الأسود، الذين أتوا من مختلف أنحاء العالم، كما لو أن المباراة تجرى في أحد ملاعب المملكة. تفاعلت الجماهير مع دخول اللاعبين بترديد أسمائهم واحدا تلو الآخر، كما هتفت باسم المغرب والنشيد الوطني، هي إذن أجواء حماسية أبدع فيها مناصرو الأسود، قبل أن تصدح حناجرهم بهتافات وأهازيج ملأت الفضاء كله، لحظة عزف النشيد الوطني وانطلاق المباراة. زياش يشعل المدرجات ارتفعت حرارة الجمهور لحظة عزف النشيد الوطني في ملعب الثمامة، وبدا كما لو أن الأسود يستقبلون على أرضية ملعبهم وأمام جماهيرهم، قبل أن تصدح أغنية «هيا هيا» في أرجاء الملعب، قبل أن تشتعل الأجواء الحماسية بهدف رائع لحكيم زياش، وتواصل الإبداع داخل رقعة الميدان بتمريرات محكمة، وهتافات «سير... سير»، و»جيبوها يا لولاد». انتظر منتخب كندا ربع ساعة، كي يقوم بهجوم خطير على مرمى الحارس ياسين بونو، قبل أن يستعيد المنتخب الوطني سيطرته بفضل دعم الجمهور وتشجيعاته «وسير... سير... وسير تماركي». الجمهور نجم الثمامة لم يفاجأ اللاعبون والطاقم التقني والوفود الرسمية بالحضور الجماهيري الغفير، لأنه متوقع ومنتظر، بعدما خطف الأضواء في مباراتي كرواتيا وبلجيكا، فبديهي أن يكون نجم ملعب الثمامة دون منازع، لحضوره المكثف من جهة، وطريقته في التشجيع وجلب الانتباه من ناحية ثانية. إنهم مغاربة المونديال، الذين «احتلوا» الدوحة، وأصبحوا حديثي مختلف وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمين، كما انتشرت عباراتهم المستعملة في التشجيع على نطاق واسع. لم يكن لهذا الجمهور أن يتألق ويبدع، لو لم يكن مؤطرا ومنضبطا من قبل «كابوات»، معروفين، حضروا خصيصا لتشجيع الأسود، بدعوة من اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر. لم يترك الجمهور دقائق المباراة تمر دون أن يشعل المدرجات هتافا وصخبا « هي... هي... اللي ما تبوجا ما شي مغربي»، فالمواجهة مصيرية وحاسمة في دخول التاريخ، في الوقت الذي خاضها منتخب كندا لأجل استعادة الكبرياء وإنقاذ ماء الوجه، بعد إقصائه بهزيمتين متتاليتين أمام كرواتيا وبلجيكا». انبهار وإمتاع أبهر المنتخب الوطني الجمهور، ومعهم الضيوف الرسميين، في مقدمتهم الشيح تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، الذي تابع المباراة رفقة أبنائه، لأدائه المتزن وانتشاره الجيد. ظل المشجعون يتفاعلون مع تمريرات زياش، ويقظة نايف أكرد ورومان سايس وقتالية يوسف النصيري، الذي ركض أكثر من غيره. والممتع، حقا أن الجمهور لم يتوقف عن التشجيع، وترديد عبارته الشهيرة «سير...سير»، و»موجة...موجة» و»فيفا مغرب»، وعلها الشعارات، التي رفعت منسوب الثقة لدى اللاعبين وضاعفت حماسهم ونديتهم، ورغبتهم في إسعاد 40 مليون نسمة. إنها مباراة تاريخية للأسود في تاريخ مشاركتهم في المونديال، بعد الفوز الذي حققه جيل محمد التيمومي في المكسيك 1986. ورغم إحراز منتخب كندا الهدف الأول ضد مجرى اللعب، فإن الجماهير المغربية رفعت من حدة صياحها، مرددة «الله ...الله إلى نهاية المباراة». فرحة مجنونة هتف الجمهور بأسماء اللاعبين وصفق لهم بحرارة، ليبادلوه بأحسن منها، وهم يتوجهون إليه بعد نهاية المباراة، تقديرا لتضحيته وحضوره الوازن، وما قدمه طيلة 10 أيام، فمنهم من أهدى قميصه إلى مشجع عاشق، فيما حمل وليد الركراكي على الأكتاف، اعترافا بما قدمه، وما أنجزه من عمل مضن في ظرف قصير. لم تقتصر الهتافات والاحتفالات على مدرجات ملعب الثمامة ومحيطه، أو في مختلف الطرقات، بل ارتفعت شرارة الفرحة بسوق واقف، حتى تحول إلى مهرجان شعبي، امتزج فيه الرقص والتغني بالمغرب، فأطلق المشجعون العنان للدارجة المغربية كي تصدح وتطغى، وتستحوذ على تجمهر المحبين ونقاشاتهم المستفيضة، حول أداء المنتخب وحظوظه في انتزاع بطاقة التأهل إلى ربع النهائي. احتل المشجعون المغاربة ساحة «سوق واقف»، ليهتفوا باسم الملك ومغربية الصحراء، كما حظيت «الدقة المراكشية» و»عيساوة» و»الركادة»، بإقبال منقطع النظير، فامتزجت الأغاني الشعبية بالرقص والشعارات، التي تتغنى بالأسود. الجميع فخور بما حققه المنتخب الوطني، وسعيد بمقامه، حتى وهو يعاني لأجل المبيت، هكذا يقول «الظلمي» أشهر مشجعي الأسود «حنا هنا جينا نشجعو منتخبنا، وما كايهمش فين غادي نباتو». إنجاز: عيسى الكامحي (موفد "الصباح" إلى قطر)

ملحمة الثمامة… التفاصيل الكاملة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحقيق‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬غسل‭ ‬الأموال

إتلاف أطنان من الممنوعات بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات