أو مجانا بعد

عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قال إن الرهان اليوم هو الخروج تدريجيا من النظام التقليدي أكد عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن الخيط الناظم لرؤية تحول الجامعة المغربية، يتلخص في وصول الطالب إلى مرحلة التمكين، موضحا، في حوار مع "الصباح" أن الرؤية الجديدة لا تقطع مع السابقة، بل تستفيد من التراكم الإيجابي وتثمنه. وقال ميراوي إن الطريق لتحقيق هذا الهدف يمر بالضرورة من تغيير طريقة العمل في الجامعات، باستثمار المؤهلات الشخصية وتحفيز الأساتذة الباحثين وتشجيع الطلبة على الإبداع والتجديد، وربط الجامعة بمحيطها الاجتماعي والاقتصادي. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: يوسف الساكت-برحو بوزياني، ياسين قطيب، عصام الناصري –تصوير (فدوى الناصر) يمكن أن ألخص جوهر الرؤية الجديدة في ما اعتبره خيطها الناظم، وهو الوصول بالطالب إلى مرحلة التمكين، لذلك وجب علينا الخروج أولا من النظام الجامعي التقليدي الذي يأتي فيه الطلبة إلى المدرج للاستماع إلى الأستاذ ثم العودة إلى بيوتهم. الخيط الناظم للتحول نريد أن تكون مهمة الطالب في الجامعة إيجابية وليست سلبية. هذه النظرة ربما تلخص أهدافها على المستوى المتوسط والطويل. نستقبل أفواجا من حملة الباكلوريا ونعرف ما حصلوا عليه من معارف لنحدد نوعية الخريجين الحصول على الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه. وللقيام بذلك يجب أولا أن نتوفر على أساتذة باحثين قادرين على إنجاز هذه المأمورية، وطبعا أساس هذا العمل يبدأ قبل الجامعة، لكن لن ننتظر 15 سنة لنستقبل طلبة تمت تهيئتهم لذلك، ونشتغل الآن بما لدينا من طلبة ومن أساتذة ومن إمكانيات كذلك، شريطة أن نعرف ما ينقص الوافدين الجدد، خاصة في ما يتعلق باللغات، ومنهجية العمل التي يجب أن تصبح تفاعلية، عوض الحفظ عن ظهر قلب، وهو الهدف الذي نعمل على تحقيقه بشكل مرحلي بدءا بوضع مسالك تحث الطالب على العمل بمفرده، وكل ذلك يقودنا إلى مفهوم جديد للحياة داخل الجامعة لتشمل الأنشطة الموازية. هدفنا الآن هو إعداد طلبة قابلين للتطور، كما هو الحال في جميع جامعات العالم، إذ أصبح الهدف الأول هو التمكين ليس فقط الشحن بالمعلومات التي أصبحت تتطور بسرعة، بالتالي سيكون علينا نهج الاستمرارية في التكوين والتعلم، ولنا مثال في شهادات المعلوميات التي تجدد كل عام. لن نهدم القديم لم يكن أي هدم لما سبق وليس مقررا أن يكون كذلك، كل ما في الأمر أننا نعيد النظر في تجربة لم تكن جيدة، بالنظر إلى كلفة تمويلها وعدم تلاؤمها مع الإطار العام للنظام الجامعي، لذلك أعتبر أن النقاش حول "الباشلور" انتهى، ونحن بصدد التقدم في طريق تحددت معالمها في النموذج التنموي الجديد وتقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، واللذين كنت مساهما فيهما بصفتي رئيس جامعة، وبالتالي ليست هناك أي قطيعة، بل يمكن أن أصحح حتى كلمة "إصلاح" وتعويضها بتحول على مسار الاستمرارية. ولكي لا نضيع الوقت وجب علينا البناء فوق أساسات قديمة، وهذا لا يعني أننا لن نغير بعضها، خاصة في ما يتعلق بضبط الأخلاقيات الجامعية وكذلك في مسألة اعتماد الرقمنة التي يجب أن تخضع لمبدأ كل شيء أو لا شيء، إذ لا يمكن أن نستمر في نهج سياسة الترقيع. ويمكن أن أقول بأنني لم آت بجديد لأن كل ما أقوله الآن ورد بصريح العبارة في النموذج التنموي الجديد، ويجب أن يطبق بحذافيره. ولكي أكون واضحا معكم في مسألة التمويل سأتكلم بلغة الأرقام، في السنة الماضية كانت الميزانية المخصصة للقطاع تساوي 14 مليار درهم لتغطية حاجيات مليون و200 ألف طالب، وستجد بعملية حسابية بسيطة أننا في مستوى جيد بالمقارنة مع تركيا مثلا أو البرتغال وحتى إسبانيا، ولكن الذي ينقصنا هو إستراتيجية للاستعمال الجيد لهذه الإمكانيات التي أعتبرها جيدة، شريطة تطوير النظام الجامعي باعتماد أكثر على التكنولوجيات الحديثة، لتحقيق نتائج حسنة. خطر العودة إلى ما قبل "كوفيد" مشروع الجامعة الذي نريده لبلدنا يتطلب أولا الإرادة وثانيا تغيير طريقة العمل باستثمار المؤهلات الشخصية وتحفيز الأساتذة الباحثين على القيام بذلك، وبذلك نشرع في وضع شبكات برمجية لكل شعبة وكل تخصص، بمشاركة أبرز أساتذتهما، ويمكن أن يكون ذلك بشكل مشترك وموحد على الصعيد الوطني، سواء في ما يتعلق بالمسالك أو الأعمال الموجهة أو الدروس التطبيقية، لكي تكون متاحة للطالب على حاسوبه يشتغل عليها، وكذلك عن طريق المنصات المباشرة التفاعلية بين الأستاذ والطلبة، حتى نتمكن من تغطية الخصاص في مستوى التأطير. ويمكن أن نرجع إلى ما تحقق في فترة "كوفيد 19"، لنرى العمل الجيد الذي تم القيام به في مسألة الدراسة عن بعد، خاصة تلك التي وضعت بشراكة مع مؤسسات عمومية أخرى وتكلف بإنجازها مهندسون في مجال "البيداغوجيا"، بتعاون مع الأساتذة الباحثين للوصول في النهاية إلى كبسولات عملية، لا تكتفي بنقل المحاضرات من الورق إلى شاشات الحواسيب. لكن اليوم هناك تخوف، في المغرب وفي كل دول العالم، من العودة إلى طرق الاشتغال التي كانت معتمدة قبل الجائحة، عوض المرور إلى مرحلة أكثر تقدما في مسار الرقمنة، رغم أن هناك جامعات كانت متقدمة نسبيا في هذا المجال حتى قبل كوفيد ولا أتحدث هنا فقط عن الجامعة التي كنت أترأسها، التي وضعت أكثر من 450 كبسولة تعلم عن بعد قبل 2020، ليس لأننا توقعنا الجائحة ولكن ذلك بسبب اختيار الاستثمار في الرقمنة عوض هدر الإمكانيات في بناء الجدران. ولا يجب أن ننساق وراء تلك المقارنات غير المجدية بين التعليم العالي العام والتعليم العالي التابع للقطاع الخاص، لأننا سنعطي الانطباع بأن نسبة الجامعات والمعاهد كبيرة، تشكل مثلا 50 أو 60 في المائة، في حين أنها لا تتجاوز 5 في المائة. الدراسة ليست حكرا على المدرج هناك جدال آخر أرفضه تماما، وهو ذلك المتعلق بالموارد المالية، إذ لا يمكن أن أقبل بأن نقول مثلا، لن نبدأ في مشروع التمكين للطلبة إلا عندما يوضع التمويل اللازم لذلك، ما الذي يمنعنا من تعميم الأنشطة الموازية على كل الجامعات، (رياضة ومسرح وموسيقى)، إذ لن تكلف شيئا بالنظر إلى وجود دور الشباب وأطر قطاع الشباب والرياضة، لكن لنفرض هذا النوع من التمكين بواسطة شهادات خاصة تضاف إلى الدبلومات، وبذلك سنعمل على تحسين محتويات السير الذاتية (سيفيات) الخريجين. التمكين لا يكون في المدرج فقط باكتساب المؤهلات العلمية، بل هناك أشياء أخرى تكتسب خارج حجرات الدرس، كما هو الحال بالنسبة إلى النوادي والجمعيات الجامعية التي تعطي للطلبة فرصة التعبير في كل المجالات، وهذا جزء مهم في الإضافات الجديدة، بالإضافة إلى تغييرات في بعض المسالك المقررة، خاصة في اتجاه إحداث تخصصات في المجالات المطلوبة في النسيج الاقتصادي المغربي، لذلك ستبرم عقود مع القطاعات السائرة في طريق التطور، من قبل صناعة السيارات وصناعة الطيران والنسيج، وكذلك الحال بالنسبة إلى القطاعات الحكومية من خلال التعاقد مع قطاعات التضامن والتربية والعدل، دون أن نسقط في فخ الاقتصار على إنتاج اليد العاملة، ما يعني أن الجامعة يجب أن تستمر في لعب دورها في صناعة النخب، مفكرين وعلماء اجتماع ومؤرخين وعلماء سياسة واقتصاد. لكن هذا النوع من التكوين ستتم مراجعته كذلك، من خلال توسيع دائرة المعارف والمؤهلات خاصة في ما يتعلق باللغات التي ستصبح لها شهادات مضمنة في الدبلومات وكذلك المعلوميات بفرض حد أدنى من المؤهلات، التي يجب الحصول على شهادات فيها بالنسبة إلى كل مستويات الدبلومات وأنواعها، إضافة إلى ركن المعارف العامة، خاصة تلك المتعلقة بالتراث الوطني والهوية المغربية للطلبة، بما فيها الطبخ والموسيقى وباقي مكونات الموروث الثقافي المشترك. وتجب الإشارة بهذا الخصوص إلى محورية الربط بين الجامعة والجهة التي تنتمي إليها، فحلمي أن نجد نواب رؤساء مجالس مكلفين بالبحث العلمي. تحسين الحكامة أولا الحكامة هي نقطة الضعف في المغرب ككل، وليس في التعليم العالي فقط، ويمكن العودة هنا إلى تقرير النموذج التنموي، للتأكد من احتلال الحكامة حيزا أكبر في جميع المحاور. واليوم نحن مطالبون بتهيئ الجيل الجديد، وهناك اليوم الكثير من الكفاءات في الجامعة المغربية، لكن ما ينقص هو التنظيم أكثر. وأتمنى اليوم أن يتحول دور الوزارة إلى التقنين والمراقبة، وألا تتدخل في شؤون الجامعة، وأن تحرص على تحميل المسؤولية للجامعات. وأسعى إلى تكوين الأجيال الجديدة، لكي تكون قادرة على تحمل المسؤولية في المستقبل. إن المغرب يتوفر على نظام تعليمي جيد، الذي تأسس على جيل أكثر من المنتقى، لأن المؤسسات الجامعية ورغم أنها ذات الاستقطاب المفتوح، إلا أنها تبقى أكثر انتقائية، حيث من أصل ولوج 10 طلاب مثلا يصل طالب واحد. وبعد كل هذا المسار، والذي يتسم بالاحتفاء بالحصول على الشهادة الابتدائية، والاحتفال بـ"الهدية" عند الحصول على شهادة السنة الرابعة إعدادي، والبكالوريا أيضا، لا يجب تبخيسه، وننسى القول بأن القليل من كان ينجح في الانتقال من الابتدائي إلى الثانوي، ومن يحصل على البكالوريا، هم قلة. لكن وجب التأكيد أن الخريجين كانوا بمستوى جيد، علما أنه لم تكن هناك مدارس متخصصة، كما هو الحال اليوم، مثل مدارس المهندسين أو مدارس التدبير، إذ كانت الأغلبية الساحقة تلج الجامعات، ومن ينجح من الطلاب كان في مستوى جيد، وبفضل الجامعة العمومية وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. وكانت هناك فئة تدرس في الخارج، من خلال منح جامعية، وكانوا في الغالب يعودون إلى الوطن، لارتباطات عائلية وأيضا لثقافة التضامن، التي كانت تميز الأسر، وكنا في مرحلة مكنت المغربة من إدماج كل الخريجين، وكان الاتصال بهم من أجل ولوج مناصب الشغل المتوفرة. نخبة خريجي الجامعات المفتوحة بنينا منظومة التعليم العالي بنخبة من خريجي الجامعات المفتوحة، واليوم لم نعد في هذا المستوى، وعلينا استثمار هذا الكم الهائل من الطلبة، من أجل تكوين جيل جديد، وأظن أن عقل الطالب المغربي اليوم لا يختلف من حيث المؤهلات عن السابق، شريطة التعامل معه بطريقة مغايرة، وتكوينه بشكل آخر يمكنه من الاعتماد على نفسه، ولدينا اليوم التطبيقات التكنولوجية والرقمية لتحقيق التحول بسرعة فائقة. إن الحكامة تفرض علينا التكوين لعشر سنوات المقبلة، ما يعني أن لا شيء يأتي اعتباطا، بل يجب التنظيم من أجل تكوين عدد من الأساتذة الباحثين، وتمكينهم من السفر إلى الخارج لفترات معينة، والاستثمار في تكوينهم، ليكونوا جاهزين عند الضرورة، لتحمل مسؤولية وولوج المباريات الخاصة بمناصب العمدة ورئيس الجامعة وفي جميع المسؤوليات، وهذه المسألة لا يجب تركها للصدفة. وهنا أؤكد من جديد على ضرورة تحديد الأهداف التي نسعى إليها من خلال الجامعة، وتكوين خريجي الماستر والدكتوراه، اليوم يمكن أن تنجز أطروحة دون أن تتكلم أي لغة، لكن انتهى هذا الزمن، اليوم مطلوب من الأستاذ الجامعي أن يكون قائدا "كووتش" يحسن التعبير عن أفكاره، وقادرا على مواجهة طلاب تائهين وفي أوضاع فوضى في بعض اللحظات، لكن محتاجين لأستاذ "كوتش" قادر على امتصاص غضبهم. وهذا هو المأمول، من خلال تحديد الأهداف من نيل الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه، والحصول على شهادات إتقان اللغات والكفاءات في مجال وسائل الرقمنة. كما أن نظام الدكتوراه الذي اشتغلت عليه، والذي سيرى النور قريبا، سيفرض أيضا إتقان اللغات، من خلال فرض إجبارية "الدالف" إلى جانب عدد من المحتويات التي تهم الرقمنة وكيفية إلقاء محاضرة، ورقمنتها، وأيضا تكوينات تهم "القيادة" وكيفية التعامل داخل قاعة المحاضرة، وسبل التواصل مع الطلاب، وكل هذا سيكون متضمنا في نظام الدكتوراه. جيل جديد من الأساتذة وضعنا خطة جديدة لتعويض النقص الحاصل في هيأة التدريس، إذ سيحصل قرابة 3 آلاف أستاذ جامعي على تقاعدهم في أفق 2026، و5 آلاف في 2030 ، لذلك لن ننتظر حتى يحصل الخصاص ونفتح مباريات بطريقة تقليدية وعشوائية لتعويض الذين يدرسون الآن. ولتفادي وقوع خلل في هيأة التدريس، بغياب الخلف من هيأة التدريس في اللحظة المناسبة وحرمان الطلبة من التعلم، قررنا فتح باب التدريس على مصراعيه لكافة الطلبة الحاصلين على شهادة الدكتوراه من خلال تكوين 1500 طالب بطريقة حديثة ملائمة للعصر والتحولات الجارية في العالم، إذ سيحضر الطلبة الدكتوراه عبر الاستفادة من تعويض شهري قدره 7 آلاف درهم، لأجل ضمان تفرغهم، ويتلقون الدعم التعليمي عبر مواكبة الأساتذة المؤطرين، بالاشتغال معهم قصد اكتساب خبرة ومهارة في تخصصاتهم، إذ سيعتكفون يوميا في مختبراتهم العلمية من الصباح إلى المساء لأجل التعلم التطبيقي وتنزيل ما تعلموه نظريا، بالإضافة إلى تمكينهم من التنقل إلى الدول الأجنبية من أجل الاستفادة من تجارب مختبراتها الكثيرة،إذ أبان الطلبة المغاربة على مر العصور على قدرة هائلة في الاشتغال والاستيعاب إذا توفرت الظروف الملائمة. وسيتم تكوين "الجيل الجديد" من الدكاترة لتدارك الخصاص الحاصل في عدد الأساتذة الجامعيين، عبر تعلم اللغات الأجنبية التي ستصبح إجبارية لتدريس الطلبة، وكذا المهارات الذاتية في مجال تقنية الحاسوب والتمكن من كل الآليات التقنية لتقديم الدروس وعرضها أمام الطلبة بطريقة تفاعلية، بعيدا عن التدريس التقليدي الذي كان يتميز بإلقاء الأستاذ الدرس وكتابة الطلبة ما يسمعونه على الدفاتر لحفظ الدروس والاختبار فيها بدون التمكن من فهمها واستيعابها، ما أدى إلى حدوث هدر جامعي دون حصول الطلبة على شهادات بنسب كبيرة، لذلك سيتم تدارك الأمر بإصلاح جامعي شامل. كما ينتظر من هذا الإصلاح تحضير جيل جديد من الباحثين في العلوم الإنسانية، من سوسيولوجيين، وباحثين في الاقتصاد، ومفكرين وفلاسفة، لأن المغرب في حاجة لعطاء مثل هؤلاء للإسهام في فهم وتفكيك الظواهر الاجتماعية وحل المشاكل القائمة. تدارك الخصاص في المنح خصصنا هذه السنة 2.23 مليار درهم للمنحة الجامعية للموسم الجامعي المقبل، وتسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جاهدة لإضافة 100 مليون درهم حتى يستفيد أكبر عدد ممكن من الطلبة. وفي الموسم 2018-2019 استفاد 393 ألف طالب من المنحة الجامعية، وارتفع الرقم في 2019-2020 إلى 393 ألفا بزيادة 10 آلاف منحة، في حين بلغت في الموسم 2021-2022، 395 ألفا، وفي 2022-2023 انتقل عددها إلى 401 ألف منحة جامعية. فيما بلغ عدد الطلبات المودعة عبر المنصة المعلوماتية "منحتي" 224998 طلبا. وعدد طلبات الاستفادة من المنحة يسير نحو الارتفاع سنة بعد أخرى، لأن المنصة التي أحدثتها الوزارة لهذا الغرض فتحت الشهية أمام الطلبة وسهلت عملية الطلبات، وأصبح العدد يتضاعف، أكثر من الذين كانوا يتقيدون قبل إحداث هذه المنصة. ولا أتدخل في كيفية توزيع المنح، وفي النقاش السائد حول استفادة بعض أبناء الميسورين على حساب باقي الفئات الاجتماعية، لأن ذلك موكول إلى اللجان الإقليمية التي تحدد كيفية توزيع المنح ولمن تمنحها. وننتظر إخراج السجل الاجتماعي لحل هذه الإشكالية، ودعوت لمشاركة ممولين آخرين من المجالس الترابية، الإقليمية والجهوية. ووصل العدد الإجمالي للطلبة بالتعليم العالي العمومي، 1.238.239 من الطلبة، بزيادة 5.8 في المائة مقارنة مع الموسم الماضي، علما أن العدد الإجمالي للطلبة الجدد بلغ 325.050 طالبة وطالبا. وسننوع من مصادر التمويل وتحسين التدبير في هذا الشأن بتوقيع اتفاقيات وإشراك الجهات، عبر تحديد إطار عام للتعاون والشراكة من أجل إحداث وتخصيص منح للطلبة وربط التكوين بحاجيات الجهات والعمل على الرفع من نسبة الاستجابة للطلبات المودعة عبر منصة منحتي بإضافة 20 ألف منحة إضافية، ليصل عدد الممنوحين إلى 421 ألف مستفيد. وسأعزز أيضا العرض السكني الجامعي بالرفع من الطاقة الإيوائية من 53 ألفا و653 سريرا في الموسم الجامعي 2022-2023، منها 33 ألفا و539 ألف سرير للإناث، أي ما يناهز 63 في المائة، مقابل 51 ألفا و630 سريرا في الموسم الجامعي 2021-2022. لا تسامح مع الفساد لن أتساهل مع أي فضيحة مست الجامعات والكليات والمعاهد المغربية، من قبيل الجنس والمال مقابل النقط، والغش في الامتحانات، وسرقة " الأطروحات" الجامعية. وبديهي أن أكون صارما مع مثل هذا النوع من التصرفات والسلوكات المدانة، حفاظا على هيبة الجامعة التي تعد فضاء للتعلم والتدريس وصقل المواهب، والمساهمة في بناء شخصية قوية قادرة على الإنتاج والعمل، والتنافس بالجدية اللازمة. وقررت عدم التسامح مع المتورطين في مثل هذا النوع من الفساد، لأنه يمس بأخلاقيات مهنة التدريس، يقوض في العمق قيم النزاهة والاحترام والاجتهاد، والتنافس الشريف، واستعمال الذكاء للنجاح، لهذا أرسلت لجان تفتيش لأي جامعة تم فيها اكتشاف هذا النوع من الفضائح، أو تناهى إلى علمنا أمر ذلك أو برز ملف واتهامات ولو بالشبهة، إذ أفتح على الفور تحقيقا في النازلة، ولا أتردد مهما كانت الأسباب والظروف. كما لن أتسامح مع الغش، وأدعو الأساتذة ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات إلى تعزيز المراقبة في هذا المجال، وعدم التساهل مع أي غش. ويكفي أن أقول لكم إنني أتعامل بجدية صارمة حتى مع الشكايات مجهولة المصدر في الجانب المتعلق بأي فضيحة، فأرسل على الفور لجان التفتيش للقيام بعملها، أحيانا قد لا نجد آثار الفضيحة والمشاركين فيها وبعض الأحيان نقف على بعض الاختلالات، دون أن تصل إلى مستوى الفضيحة، وكما تابعتم كنا صارمين في مواجهة فضيحتي الجنس والمال مقابل النقط وتم تطبيق العقوبات المناسبة في حق المتورطين. ومن جهة أخرى، أنا لا أعير اهتماما لمن يهاجمني بدون حق، لأنه اختلف معي في تنزيل إصلاح للتعليم العالي والبحث العلمي، برؤية مغايرة واقعية تهدف إلى وضع مسالك جديدة لبناء شخصية الطلبة كي يسهل عليهم ولوج سوق العمل، ودمج تكوينات تستهدف تمتيع الطلبة بمهارات لغوية أجنبية من انجليزية وفرنسية واسبانية، وتقنية وسلوكية تساعدهم على التكيف مع متغيرات سوق الشغل. كما سيكون على الطالب الحصول على إشهاد في المهارات الرقمية، وإتقان برامج التطبيقات المكتبية والمهارات الحياتية والمهنية. والسماح بحركية الطلبة الباحثين بسلك الدكتوراه بين الجامعات وخارج المغرب وتعزيز البحث العلمي وفق طلبات عروض. ماذا عن طلبة أوكرانيا؟ عندما فتحت الوزارة منصة إلكترونية من أجل إحصاء عدد العائدين إلى المغرب، تسجل فيها 7 آلاف شخص، في حين أن عدد الذين وضعوا وثائقهم في المنصة كان 3 آلاف فقط. وفي النهاية كان لدينا 545 طالبا تقدموا للمباريات، 179 نجحوا في الاختبارات، بنسبة تجاوزت 30 في المائة، وهناك من لم يأت لاجتياز المباراة، لأسباب مختلفة. بعضهم قال إن الاختبار كان باللغة الفرنسية، وهذا ما دفعه لعدم اجتيازها، لكن هذا الأمر غير واقعي. لا يمكننا أن ننظم مباراة باللغة الأوكرانية، لأن الدراسة ستكون بالفرنسية في حال نجاح الطالب. لا ننسى أن عددا من الطلبة نجحوا في الالتحاق بجامعات في رومانيا، وفي الأيام الماضية أرسلنا لجنة إلى بلغاريا، مهمتها البحث عن فرص لإدماج الباقي من الطلبة. ويمكنني القول إن نتائج الاختبارات الكتابية لم تكن جيدة على الإطلاق، وهذا الأمر دفعني إلى الحضور شخصيا في اللجان، وقلت لهم (الله يرضي عليكم) من الضروري أن تبذلوا جهدا أكبر، في مرافقة هؤلاء الطلبة، وفي المقابل نحاول أن نرسل لجانا إلى الدول المعنية، من أجل الاطلاع على كليات الطب والصيدلة والطوبوغرافيا والهندسة وغيرها، وسنقيم مستواها وننشر لوائح بأسماء الجامعات، التي يمكن أن نمنح للطلبة معادلة الدبلومات، وكل من سار مسارا آخر وتسجل في جامعة أخرى، فليتحمل مسؤوليته لأنه لن يحصل على المعادلة. في سطور: من مواليد الفقيه بن صالح في 13 يناير 1962. حاصل على دكتوراه في العلوم الهندسية بجامعة فرانش كومتي بيزنسون الفرنسية سنة 1992. تقلد منصب رئيس جامعة القاضي عياض في مراكش في الفترة ما بين 2011 و2019. عين مديرا للمعهد الوطني للعلوم التطبيقية في رين الفرنسية في دجنبر 2020. مدير قطب التعليم والبحث (الطاقة وتكنولوجيا المعلومات) بجامعة بلفور ومونبليار للتكنولوجيا. في 12 دجنبر 2019، عَينه جلالة الملك محمد السادس عضوا في اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي. عين عضوا بمكتب المجلس الأعلى للتربية والتكوين ورئيسا للجنة الدائمة للبحث العلمي والتقني والابتكار بالمجلس نفسه. شغل منصب رئيس للوكالة الجامعية للفرنكوفونية خلال الفترة الممتدة من 2013 إلى 2017. خبير دولي في قضايا التعليم العالي والبحث العلمي. شارك في تأليف 4 كتب، وأطر عشرات الرسائل، وله عدة مقالات علمية في مجلات دولية مصنفة.

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هامشية الجزائر والانفصاليين

سقطة المهاجري!

مقالات ذات صلة