fbpx
حوادث

محكمة عين السبع … جلسات لأخذ الدروس والعبر

زوار يحضرون بكثرة لمحكمة عين السبع لمتابعة مسلسلات القضايا الجنحية المتنوعة

تحولت جلسات المحاكم إلى ما يشبه مدرسة للتعلم، يفد إليها عشرات الأفراد، ليس لأنهم أطراف ملفات قضائية، بل فقط للاطلاع على أحوال ومشاكل الناس. ومعرفة طريقة إدارة الجلسات، وكذا مشاهدة المتهمين سواء منهم الحاضرون أمام هيأة الحكم، أو الذين تظهر وجوههم في شاشات المحكمة في إطار المحاكمة عن بعد.
وتزداد سخونة بهو المحكمة الزجرية بتردد العديدين عليها، في انتظار انطلاق جلسات الجنحي التلبسي، الموزعة على القاعات الموجودة في الطابق السفلي، إذ تمتد التجمعات الثنائية والثلاثية إلى الممر المفضي إلى البوابة الرئيسية، بينما تشاهد محامين يتبادلون التحايا وآخرين ولجوا إلى القاعات التي تعنيهم في انتظار انطلاق جلسات بعد الظهر.
هذا المشهد الداخلي، هو صورة مصغرة لمشهد آخر خارجي، فليس كل من حضر إلى المحكمة يلجها، بل يسهر رجال أمن وقوات مساعدة، على تنظيم الولوج، والسؤال عن سبب الزيارة، لكن رغم ذلك فإن أفرادا يدخلون رغم أنهم ليسوا مرتفقين، وأغلبهم يتابع قضية قريب أو جار. أما خارج المحكمة فينتشر نوع آخر من المترددين على المحكمة، سواء في الحديقة المقابلة أو بجنباتها بالقرب من البوابة الكبيرة الموصدة المطلة على سكة «الطرامواي» وتحت ظلال أشجار تحجب أشعة الشمس الحارقة.
أغلب من ينتظرون هم جيران أو أصدقاء أو أقارب، لأشخاص من مختلف الأعمار، انتهت فترة الحراسة النظرية بالنسبة إليهم، وسيحالون على النيابة العامة، التي ستتخذ قرارها في حقهم بناء على ما نسب إليهم من جنح. روايات تستبق قرارات النيابة العامة، وحكايات تسرد تفاصيل حياة المتهم أو طريقة سقوطه في يد “البوليس” وغيرها من الحكايات التي يتبادلها الأفراد خارج المحكمة، في انتظار خبر يقين حول مصير من حلوا من أجله إلى قصر العدالة.
انطلقت الجلسات ليوم الخميس الماضي، وزادت حرارة الأجواء من حرارة الملفات، حتى النوافذ الموجودة في القاعات بعيدة ومعلقة عند السقف، ما يصعب معه فتحها، إذ تحتاج إلى سلم عال للوصول إلى مقبضها.
غصت القاعة رقم 8 بالحاضرين، في مقدمة الصفوف محامون ببذلتهم المميزة لهم، مقسمين على طوابير المقاعد، وبعدهم نساء تجمعن في زاوية من الكراسي، ورجال في الأخرى، إلى درجة أن القاعة امتلأت إلى حد بوابتها.
تزامن اليوم مع وجود ملفات كثيرة، بعضها رائج وأخرى تنتظر الإحالة من النيابة العامة، وهي التي يطلق عليها الملفات الفورية.
في البداية انطلقت الهياة في المناداة بأرقام الملفات والمتهمين، لينهض من المقاعد الخلفية من يعنيهم الأمر، ويقف بالقرب من المنصة، للإدلاء بهويته والإجابة عن أسئلة القاضي.
وقفت فتاة عند سماع رقم ملفها، وخرجت بصعوبة من طابور الكراسي التي كانت تجلس بها، لتتوجه نحو الهيأة، لينطلق فصل من محاكمة جرى تأجيلها سابقا، ويظهر في شاشة معلقة على الحائط، شخص تبين أنه المتهم، وأنه يوجد في السجن.
بعد استكمال الإجراءات الأولية، من التأكد من هوية أطراف القضية، تبين أن الأمر يتعلق بخيانة زوجية تحولت إلى جريمة فساد، فالفتاة التي وقفت هي الطرف الرئيسي في الملف، ورغم تنازل الزوج عن شكايته بعد أن قضت فترة الحراسة النظرية، أسقطت عنها المتابعة وأطلق سراحها، لكنها ظلت تحضر للجلسات بسبب متابعة من كان معها شريكا في التهمة نفسها.
دار حديث بين المحامين والهيأة ليعلن عن تأجيل القضية إلى جلسة أخرى، إذ ربما يحدث صلح ويستفيد العشيق بدوره من التنازل، رغم أنه حين الاستماع إليه كان يتمسك بأن علاقته بالمتزوجة بعيدة عن العلاقة غير الشرعية، وأنها كانت صديقة له.
ملابسات القضية لم تظهر بجلاء في هذه الجلسة السريعة، لتنتقل المحكمة إلى ملفات أخرى، أغلبها يتعلق بالسرقة والتخدير وإلحاق خسائر بممتلكات الغير، والمتابعون فيها في حالة اعتقال شباب في مقتبل العمر.

شيك بدون رصيد
قضية أخرى لشيك بدون رصيد، يتابع فيها شخص لم يوفر مؤونة بقيمة 45 ألف درهم، أثناء التقديم، فزج به في السجن، لمحاكمته من أجل إصدار شيك بدون رصيد والنصب. ما أن تمت المناداة على رقم الملف وطرفيه حتى وقف محام ببذلته السوداء المزينة ببياض في الصدر، ليتحدث إلى الهيأة ويمدها بوثيقة، اتضح أنها تنازل من المشتكي.
تنتهي الملفات الرائجة وتنطلق الملفات المحالة فورا على الهيأة من قبل النيابة العامة، بعد انتهاء التقديم، ليتقرر في أغلبها التأجيل.
خارج المحكمة مازال جموع المنتشرين بفضاءاتها الخارجية، ينتظرون قرارات النيابة العامة، في حق ذويهم أو أقاربهم أو أبناء الجيران.
المصطفى صفر


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى