غضب على تسيير المجلس البلدي وتعثر المشاريع والسلطات تدخل على الخط تحركت أزمور خلال شتنبر الماضي مرتين، وبرزت في واجهة الأحداث الوطنية، بل والدولية بفيديو بفبركة جزائرية، أعطى لاحتجاج الأزموريين بعدا آخر، في محاولة لنقل وقفتهم الاحتجاجية على أداء المجلس البلدي وتعثر مجموعة من المشاريع، إلى ما يشبه حراكا شعبيا تتعدى غضبته مجلسا محليا لتطول أجهزة كبيرة في الدولة. لم يكن هذا أول تحرك في أزمور بل كان له أكثر من مثيل في سنوات سابقة، كمسيرة الشموع ضدا على غلاء الكهرباء، حد رفع مطالب بضرورة الانفصال عن عمالة الجديدة، وإحداث عمالة خاصة بأزمور ومجالها الترابي. إنجاز: عبدالله غيتومي (أزمور) لم تكن الوقفة الاحتجاجية الأخيرة قبل أيام، والتي تحولت إلى مسيرة جابت شارع محمد الخامس، ورددت فيها حناجر مجموعة من الشعارات ضمنها "السملالي سير فحالك أزمور ماشي ديالك" و"أولادكم خدمتوهم وأولاد الشعب حركتوهم" و"أزمور النوارة خرجو عليك الشفارة"، لتمر دون أن تترك وراءها من التداعيات الخطيرة، حد تلويح أتباع زكرياء السملالي بتنظيم مسيرة مضادة لإظهار من المسؤول عن تهميش أزمور، في إشارة إلى الحكومة الحالية التي لا يشارك فيها أصلا الاتحاد الاشتراكي، الذي يدبر الشأن المحلي لمدينة مولاي بوشعيب الرداد بتحالف مع الاستقلال وعناصر منشقة عن التجمع الوطني للأحرار. وهو أمر استدعى تحرك السلطات لتطويق تلك التداعيات، التي لا يملك أي أحد بالمدينة كبح جماحها، خصوصا في ظل الحديث عن تغلغل فصيل من "العدليين" في المسيرة، الذي لا يمكن احتواؤه بالسهولة الممكنة، وهو ما أثمر اجتماعا بين باشا المدينة وبعض ممن تزعموا الاحتجاج ومنهم المهدي يسيف، مستشار بالمجلس ومدير مقر التجمع الوطني للأحرار. مطالب على مكتب الباشا تكون الملف المطلبي الذي وضعه المحتجون على مكتب الباشا الجديد للمدينة، من عدة نقط منها استئناف الأشغال بالساحة التي كانت الفتيل الذي أشعل شرارة الاحتجاجات، ومشكل الكورنيش والاستعمال غير القانوني لسيارات الجماعة وأرض المقبرة وضرورة وجود رئيس الجماعة بأزمور والجواب عن تساؤل حول تشغيل ابن أحد نواب الرئيس وتمكين المعارضة من الوثائق ودفاتر التحملات الممنوعة عليها، وتفعيل منصة "رخصتي" ومنصة "التعمير" المعطلتين منذ مدة طويلة. هذا الملف المطلبي يحيل حتما على تساؤل واضح حسب متتبعين، هو هل تم أمام انسداد أبواب الحوار بين الأغلبية المسيرة والمعارضة داخل فضاء البلدية؟ هل فعلا تم نقل الصراع من ردهات البلدية إلى شوارع أزمور لمنحه نفسا شعبيا إضافيا، يعجل برضوخ السملالي وأغلبيته لمطالب المهدي يسيف وأتباعه؟ الاحتجاج لجس النبض اعتبر المهدي يسيف، عضو المجلس وأحد نشطاء التجمع بالمدينة، في أكثر من مناسبة أن هموم أزمور هي التي تحركه للعب الدور الحقيقي للمعارضة، وكثيرا ما صرح بأنه لن يقبل بتأثيث المشهد الانتخابي والتمثيلي بالمدينة، لدرجة أن مطالبه كانت راديكالية عندما تعلق الأمر بنجية الوشيني نائبة الرئيس، والذي ردد بخصوصها في المسيرة الاحتجاجية، شعارات ضمنها "الوشيني تطلع برا أزمور أرض حرة". جهات متتبعة تنظر إلى أن الصراع في أزمور هو ثنائي بين "نجية والمهدي" وأن ذلك اتضح جليا في السجالات الساخنة بينهما على حائط "الفيسبوك"، دون أن تفلح نيات حسنة في تقريب وجهات النظر وتذويب جليد الخلافات بينهما، وهو ما سرع فعلا نقل هذا الصراع في شكل أبعاد أخرى أكثر إثارة. ويبدو أن نجية الوشيني، التي سيرت بلدية أزمور من موقع نائبة الرئيس لما يقارب 30 سنة خاصة في قسم التعمير، غير مستعدة لوضع سلاحها وترسل إشارات قوية، إلى أن صراعها مع المهدي متواصل. العداوة متأصلة والصواب مفقود عندما نتحدث عن الصراع بين المهدي ونجية، والذي لا نريد من خلاله فعلا "شخصنة" الاختلاف بين الأغلبية والمعارضة، فإنه فعلا ذلك الصراع المتأصل بين التجمعيين من جهة والاستقلاليين والاتحاديين من جهة أخرى، منذ محطة الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة في 8 شتنبر 2021. وهي المحطة الذي أحرز فيها التجمع 15 مقعدا منحته أغلبية تقوده لتدبير شأن أزمور، قبل أن يفشل التحالف مع نجية الوشيني التي وجهت لها أصابع الاتهام من التجمعيين بأنها من تغلغلت بين صفوفهم وجرت منهم بعض الأعضاء، أكملت بهم تحالفا مريحا قاد السملالي إلى الرئاسة وقادها مجددا إلى نائبة للرئيس، ما يفهم منه أن شراسة المعارضة مستمدة من ردة فعل مابعد محطة الثامن من شتنبر 2021، وأن شوكة المهدي يسيف الذي يقود لغطا كبيرا على السملالي وأتباعه، على الأقل على المدى القصير، لا يمكن تطويعها بالشكل الذي تتمناه الأغلبية. السملالي: المحتجون مارسوا التضليل أكد زكرياء السملالي، في لقاء مع "الصباح" بعد المسيرة الاحتجاجية، أن مسيرة أزمور لم يتعد فيها عدد المشاركين 200، بينما في تقرير السلطة 400 مشارك ولدى المحتجين أزيد من 3000 آلاف، وأن المسيرة حسب رئيس المجلس استغلت شارع محمد الخامس الذي يكون دائما مليئا بالمارة لكسب شرعيتها العددية، وزاد بأن بعض من تزعموا الاحتجاج كانوا يطالبون برحيل السملالي لأنه لم يكمل أشغال الساحة، وهم حسبه كانوا يمارسون التضليل لأن مشكل الساحة كان مطروحا بين المقاول والبلدية حتى قبل مجيئه للرئاسة بسنتين، وأنه ورث المشكل عن المجلس السابق وهو الآن يدبر أمر إخراجه إلى حيز الوجود، دون حاجة لسلك مسطرة فسخ الصفقة مع المقاولة الحالية. وزاد السملالي أن ميزانية أزمور متواضعة وأن المدينة التاريخية، يتعين إسعافها بمبادرات حكومية جريئة لتحريك واقعها الاقتصادي والاجتماعي، بدل الإبقاء عليها مرقدا للجماعات الثلاث المجاورة. ولم يخف السملالي أنه بعد الاحتجاج عقد اجتماعا موسعا مع عدد كبير من الجمعيات وأطلعها على كل الأمور التي تتعلق بتدبير الشأن بأزمور، ورحب بالمعارضة قوة اقتراحية يعول عليها في التفكير المشترك لإيجاد حلول فعلية مستجيبة لانتظارات السكان. يسيف يرد على الجزائريين راج بعد المسيرة الاحتجاجية بأزمور فيديو، وصفه المهدي يسيف، بـ "المفبرك من قبل قناة جزائرية، حاولت أن تدرج المسيرة في خانة حراك شعبي له مطالب تتجاوز المطالبة بإنهاء الأشغال بساحة بالمدينة، إلى ما هو أبعد من ذلك أنه ضد مؤسسات الدولة". وخرج المهدي يسيف بتوضيح أن المسيرة رفعت صورا للملك والأعلام الوطنية، وطلبت من جلالة الملك أن يتدخل لأن بعض المسؤولين في أزمور لم يقوموا بواجبهم تجاه تنمية المدينة، وزاد يسيف "أننا ملكيون وأن الفيديو من فعل فاعل وأوجه أصابع الاتهام إلى بعض من داخل أزمور، هم من سربوا لقطات إلى تلك القناة التي حورت الحقائق"، وطلب من النيابة العامة فتح تحقيق في دائرة من وصفهم بـ "الطبالة والغياطة"، الذين روجوا الفيديو المفبرك بغرض الإساءة إلى الأهداف الحقيقية للمسيرة الاحتجاجية، التي لخصها يسيف في أنها مسيرة كشفت أمام الملأ، أنها مطالبة لمحاسبة المجلس السابق عن تدبيره لشأن البلدية، وأيضا محاسبة أي واحد من الأعضاء الحاليين الذين يعرقلون سير الأشغال في الساحة والكورنيش، وطالب بضرورة مجيء المفتشية العامة لوزارة الداخلية لمباشرة البحث في الملفات التي حركت فعلا الاحتجاج بأزمور. للمجتمع المدني مطالب أخرى في حمأة الصراع بين الأغلبية والمعارضة يجهر بعض من فعاليات المجتمع المدني بمطالب تتعدى ما تم طرحه فوق مكتب الباشا الجديد، إلى ضرورة التعاطي مع أزمور مدينة همشتها التقاسيم الإدارية السابقة، والتي لم تجعل لها منفذا على البحر، ولم تضمن لها مداخيل قارة من محيطها السياحي، ولم تمكنها من حي صناعي يوفر فرص شغل للأغلبية الساحقة من الشباب الأزموري العاطل، بدل الإبقاء عليها مدينة محاصرة بمحيطها المتاخم لجماعات الحوزية وأولاد رحمون وسيدي علي بن حمدوش، ولا تتردد تلك الفعاليات في نيتها في تقسيم إداري جديد منصف لهذه المدينة التاريخية، التي يعيش سكانها دوما وأبدا على ذكرى المقولة الشهيرة "من مدينة أزمور إلى قرية فاس"، في إحالة على عراقة أزمور مع التحضر والتمدن الذي سبقت فيه الكثير من المدن المغربية، دون أن تتوفر لها سبل مواصلة ذلك التمدن بانعكاساته الإيجابية، على الناحية السوسيو اجتماعية لمدينة مولاي بوشعيب الرداد، دفين حارة أزمور والذي اشتهر بمكرمة أنه "عطاي العزارة" مع أمل دفين في صدور أهل المدينة أن تتجاوز قدرة صاحب الضريح أبعد من ذلك ليكون "عطاي السعد" لمدينة تلوح للزائر لها من بعيد أنها مدينة "بيريمي" يخاصمها الفعل التنموي لمدة زمنية غير قصيرة.