الحزب ليس وعاء موسميا للانتخابات

عبيابة حمل مسؤولية برودة الدخول السياسي للمعارضة وتوقع نهاية السنوات العجاف في الاتحاد الدستوري أرجع حسن عبيابة، عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري، سبب برودة الدخول السياسي إلى المعارضة التي تترصد بعض أحزابها من حين لآخر فشل الحكومة للدخول إليها، ما أسس لفكر سياسي مفاده أن المعارضة البرلمانية تمارس عملها بشكل اضطراري، متوقعا نهاية السنوات العجاف في حزبه، بعد مؤتمر مستهل أكتوبر المقبل، الذي سيكون فيه ضمن المرشحين للأمانة العامة، في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : ياسين قُطيب < يعتبر الدخول السياسي في الدول الديمقراطية في حد ذاته برنامجا خاصا، لأن فيه تعلن أجندة الحكومة للسنة الحالية، وتهيئ الرأي العام الوطني للانخراط في البرنامج الحكومي، والتفاعل مع المستجدات، واعتماد التساؤلات التي يطرحها المواطن المغربي، المتكلم أو الصامت. كما أنه من المفروض أن تعلن المعارضة الدستورية، كذلك عن برامجها لمواكبة التطورات، ومراقبة الحكومة من خلال الآليات القانونية والدستورية، لكن مع الأسف هذا لم يتم بهذا الشكل، فأحيانا يبقى المجال متروكا للصدفة، وأحيانا لبعض المبادرات الخاصة أو الفردية، وبالتالي نحن نتحدث عن وضع قائم توقف في العطلة تم استمر بدون جديد مقنع. < لقد حد إضعاف المعارضة البرلمانية عدديا من هامش تحركاتها سياسيا، ما أدى إلى قتل المشهد السياسي بصفة عامة، وعدم تقديم أي مبادرة دستورية ضد الحكومة، وهذا سيتعب العمل الحكومي أكثر، مما يساعده، لأن ضمان استمرار الحكومة ليس هو القوة العددية في البرلمان، وإنما يكمن استمرار الحكومة في إقناع المواطنين بما تقوم به. وللإشارة فإننا جميعا نعيش هذه الهندسة العددية، للأغلبية والحكومة وننتظر نتائجها في المستقبل القريب. < لا يتعلق الدخول السياسي بالحكومة فحسب، وإنما يتعلق ببعض أحزاب المعارضة التي لازالت تمارس المعارضة الشكلية في طرح الأسئلة، وتوجيه النقد للحكومة، ولا تقدم بديلا للبرنامج الحكومي، بل إن بعض أحزاب المعارضة تنتظر من حين لآخر فشل الحكومة للدخول إليها، وهذا خلق فكرا سياسيا سائدا مفاده أن المعارضة البرلمانية تمارس عملها بشكل اضطراري، لأنها لم تتمكن لسبب أو لأخر من المشاركة في الحكومة، مما يضعف سياسيا نتائج استحقاقات 8 شتنبر 2021. هذا الوضع السياسي أفقد الثقة في الأغلبية والمعارضة معا، وبالتالي يصعب الحديث عن دخول سياسي بما تعنيه الكلمة من معنى. < الدخول السياسي في الدول الديمقراطية فرصة للنقاش السياسي، حول التعامل مع القضايا والملفات ذات الأولوية، بالنسبة للمواطن من جهة، والقضايا الوطنية الكبرى من جهة ثانية، لكن المتتبع للمشهد السياسي الحالي يدرك أنه ليس هناك تحضير جيد للدخول السياسي، بما هو مطلوب للرفع من درجة الاهتمام واليقظة في الوقت نفسه، فالرأي العام مشغول بالتسريبات حول التعديل الحكومي، والإشاعات التي أصبحت عبارة عن برنامج مواز للنقاش العام، فالمطلوب أن يتفاعل الناس عامة مع قرارات الحكومة وبرامجها التي وعدت بها. مع الأسف، معظم الرأي العام لا يهتم بالحكومة مؤسسة، وإنما يهتم بأعضاء الحكومة كأشخاص، حيث تحول النقاش العمومي من نقاش حول القضايا الحيوية للبلاد إلى نقاش عن أشخاص وعيوبهم، وما يقال عنهم من إشاعات غير مؤكدة في كثير من الأحيان، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مؤطرة للرأى العام في غياب برامج عمومية حوارية تؤطر المواطن، وتنقل له الأخبار والمواقف الصحيحة. هذه المؤشرات تجعل الدخول السياسي باردا ودون حمولة جديدة مؤثرة تثير المواطن أو تجعله يتفاعل معها. الحكومة تخلت عن الحوار السياسي < نحن في الاتحاد الدستوري اخترنا المساندة النقدية للحكومة حتى نمنح لها الفرصة الكافية، لأنه لا يمكن أن تحكم على حكومة من خلال سنة واحدة، وسيتضح مآل البرنامج الحكومي عند تقديم أول ميزانية مالية تشرف عليها الحكومة الحالية، ويبدو أن الحكومة الحالية تحولت من حكومة سياسية إلى حكومة تقنية تتحدث بالأرقام، التي لا يراها ولا يفهمها أحد حتى ولو كانت صحيحة، وتخلت عن الحوار السياسي في الإعلام العمومي وغيره، وتركت الباب مفتوحا لوسائل التواصل الاجتماعي، تخاطب الرأي العام بما يريد. أما على مستوى وعود الحكومة من خلال برنامجها الحكومي، فإن الأمر يتطلب منح وقت مناسب لتقييم موضوعي، لأن الميزانية المقبلة هي أول ميزانية تشرف عليها الحكومة الحالية من الناحية العملية، وبالتالي ننتظر منها البداية الفعلية لبرنامج ومشاريع البرنامج الحكومي. الدبلوماسية المغربية يقظة < تبقى البرامج المستعجلة المواكبة لانشغالات المواطنين من عمل الحكومة اليومي، فعل سبيل المثال هناك مجموعة من المطالب النقابية والشعبية تحتاج في البداية نوعا من الموافقات فقط، مثل الزيادة في الأجور وإصلاح التقاعد والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، مثل هذه القضايا يمكن للحكومة أن تتبناها مبدئيا، مع تعجيل التنفيذ المؤكد وفق جدول زمني يلزم الجميع، مع تفهم الجميع للظروف المحلية والدولية غير المستقرة من الناحية الاقتصادية، ومن المهم جدا كذلك أن نتحدث عن الدخول الدبلوماسي القوي، الذي لم يتوقف بقيادة جلالة الملك، لأن الدبلوماسية المغربية ظلت يقظة ومتحركة لمواجهة خصوم المغرب، وتجب الإشادة بهذا الموضوع المهم، لأن القضايا الداخلية ممكن نتفق أو نختلف على بعضها أو جزء منها، لكن مواجهة بعض المحاور الإقليمية التي تتربص بالمغرب تبقى معركة جميع المغاربة ضد الخصوم، خصوصا في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. الحكومة على محك قانون المالية < يتمثل الدخول البرلماني وفق أولويات محددة، فهناك قانون الاستثمار الجديد، الذي يجب أن يخرج إلى الوجود بسرعة لأهميته الاقتصادية، ولأن الدراسات الاقتصادية تؤكد أن العديد من الدول المتقدمة عرفت نموا اقتصاديا كبيرا، بفضل الاستثمارات الأجنبية، مثل الشركات الأجنبية المستثمرة بالمغرب في قطاع السيارات، مع العلم أن الاستثمارات الأجنبية تساهم في توظيف اليد العاملة المغربية، وهذا يقلص من البطالة، ويساهم في تطور الحياة الاجتماعية، فمثلا نجد أن شركة واحدة في قطاع السيارات في طنجة تشغل بالعمل المباشر وغير المباشر حوالي 50 ألف مستخدم، أي ما يعادل ثلاثة أو أربعة قطاعات حكومية، وهناك أمل في أن يكون المغرب قبلة للاستثمار الأجنبي في المستقبل. كما نترقب في هذه الولاية التشريعية مناقشة مشروع قانون المالية 2023. الذي يعتبر المحك الحقيقي لإبداع الحكومة، وطرح ملامح السياسة المالية للدولة، وأتمنى أن تكون مناقشة مشروع قانون المالية مناقشة اقتصادية وليست مناقشة تقنية، بأرقام افتراضية لا تنفذ. يجب طرح نموذج جديد واقعي لفرضيات الميزانية، وتوقيتها، وسحب الجزء الافتراضي منها المرتبط بالتغيرات المناخية، وطرح فرضيات عملية مثل حركة السياح، وتوفير عدالة ضريبة، وإدماج القطاع غير المهيكل، وتوقع الاستثمارات الأجنبية، ويجب ربط الوعود بتوفير الأموال الحقيقية، التي قد يوفرها قانون المالية لتنفيذ البرنامج الحكومي، مع تحديد الأولويات، كما أنه على البرلمان أن ينشط الدبلوماسية الموازية للدفاع عن القضية الوطنية. مرحلة الحسم في الصحراء < تقوم الدبلوماسية المغربية بدور مهم قطاعا حكوميا على مستوى المؤسسات الدولية، وعلى مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وعلى مستوى الدول كذلك ، وتحاول إحباط كل مناورة يقوم بها خصوم وحدتنا الترابية، لكن هذا لا يكفي لأن الخصوم وعلى رأسهم الجزائر ذهبوا إلى السرعة القصوى بسبب ارتفاع مداخيلهم البترولية، نتيجة أزمة أوكرانيا وروسيا، إذ بدأت الجزائر تتحرك مجاليا مع جيرانها بحكم التحكم الجغرافي والجيوسياسي، وهذا ما حصل مع تونس أخيرا، وهي الآن تتحرش بموريتانيا وليبيا، مع العلم أن المجال الحيوي للمغرب هو المغرب العربي بالدرجة الأولى، لأن القرب الجغرافي له مميزاته وخطورته في الوقت نفسه، كما أن العمل الدبلوماسي يبقى جزءا منه سريا لإنجاحه، ويبقى شق الدبلوماسية الملكية، هو القوة الأساسية للمغرب في كل تحركاته، وفي كل ما حققه المغرب من مكتسبات ومن دعم دولي لافت لصالح القضية الوطنية المتمثلة في مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، ومنذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي استطاع تحقيق العديد من الانتصارات الدبلوماسية، على المستوى الإفريقي والدولي. والمتابع لتطورات القضية الوطنية يجد أن هناك اعترافا دوليا وازنا بمغربية الصحراء ودعم الحكم الذاتي، ويشمل هذا الاعتراف الدولي بعض أعضاء مجلس الأمن الدائمين مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، بالإضافة إلى العديد من الدول الأوربية على رأسها إسبانيا التي كانت معنية بنزاع الصحراء المغربية، ويمكن أن نتحدث عن مرحلة الحسم في القضية الوطنية دبلوماسيا وعمليا، قبل حسم مجلس الأمن في الموضوع.كما أن خطاب جلالة الملك كان واضحا لمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، عندما قال بأن المغرب يعتبر الموقف الواضح والصريح من قضية الوطنية الأولى هو المعيار في صدق التعاون والشراكات المختلفة، ويجب على الجميع استيعاب مضمون الخطاب الملكي الذي قصد به المغرب جميع الدول ، سواء كانت دولا كبرى أو صغرى في موازين القوى الدولية،وأعتقد أن العديد من الدول ستتجه نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، لأن هذا أصبح توجها دوليا وفق قناعات الدول الكبرى، ومعظم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. تقاطبات لا تخدم مصلحة الحزب تغليبا للمصلحة العامة، والتخلص كذلك من جميع التقاطبات التي لا تخدم مصلحة الاتحاد الدستوري، قمنا بعقد المجلس الوطني وصادقنا على اللجنة التحضيرية، وبدأنا الاستعدادات بكل جدية لتهييء المؤتمر الوطني السادس، وفي هذا الإطار قامت اللجنة التحضيرية التي كلفها المجلس الوطني بالإعداد للمؤتمر، في جو من الانسجام والانضباط، مع استحضار التوافق، وتجاوز بعض العراقيل، وتجتمع اللجنة التحضيرية بانتظام وفق أجندة متفق عليها، ويعمل الجميع في توافق تام لإنجاح المؤتمر الوطني السادس، وإحداث تغيير كبير على مستوى كل المستويات الحزبية، من أجل تعويض سبع سنوات عجاف عرفها الحزب، وهناك تفاؤل كبير بإنجاح هذه المحطة وعودة الحزب إلى المشهد السياسي بقوة، حتى يقوم بدوره الدستوري والسياسي الذي عرف به وفق منهجية الاعتدال وخدمة المصلحة العامة، والدفاع عن ثوابت الأمة المغربية، بعيدا عن المساومات التي تعيش بها بعض الأحزاب السياسية ببلادنا. الطموح السياسي مشروع < الطموح في السياسة حق مشروع، والترشيح هو شكل من أشكال النضال، وبدعم من المناضلين والمناضلات وقيادات وازنة في الحزب سأقدم ترشحي رسميا لمنصب الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، ويبقى القرار للمؤتمر الوطني السادس المقبل. لا يكفي اليوم أن يكون لك تصور فقط، بل يجب وضع برنامج حزبي سنوي يتضمن تفعيل جميع المؤسسات الحزبية لتعمل بشكل طبيعي، وتفعيل جميع المؤسسات الحزبية الموازية، وإحداث آلية للدراسات والأبحاث بشراكة مع مؤسسات مختصة لطرح البرامج البديلة التي يتقدم بها الحزب، سواء كقوة اقتراحية، أو من أجل تطوير برنامج الحزب وفق المستجدات، كما أنه يجب على الأمين العام الجديد الحضور المستمر في كل الجهات مع المنتخبين والمتعاطفين، وتشجيع واستقطاب الفعاليات الشبابية والنسائية من كل جهات المملكة، فالحزب ليس وعاء موسميا للانتخابات فقط، وإنما هو مؤسسة لتأطير المواطنين حسب ما ينص عليه الدستور، وتأطير الرأي العام والتفاعل معه. في سطور: - من مواليد رأس العين إقليم سطات - وزير سابق للثقافة والشباب والرياضة - ناطق رسمي سابق باسم الحكومة - عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري - حاصل على الإجازة في الجغرافية - الماجستير في الجغرافية الاقتصادية سنة 1987 - دكتوراه الدولة في الدراسات الجيوسياسية - دكتوراه وطنية في تدبير الموارد البشرية من جامعة محمد الخامس بالرباط 2010. - يعمل أستاذا للتعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء. - انتخب في 2018 رئيسا للاتحاد الليبرالي العربي بالأردن - له العديد من المنشورات والمقالات، الجغرافية الجهوية والجغرافية السياسية للمغرب، الأمن الغذائي في المغرب، والأمن الاجتماعي في العالم العربي، وجغرافية الإرهاب بين الفكر المتطرف والفكر الديني المتشدد - رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث - عضو اللجنة الدولية للدراسات التابعة للعديد من مراكز البحث والدراسات، أستاذ زائر في العديد من الدول العربية والأجنبية.

الحزب ليس وعاء موسميا للانتخابات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت الدف

ارميلي تنافس في إنتاج الوقود

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات