صفقات بالملايين و وضعيات كارثية

منشور وزير الداخلية يكشف صورة سوداء عن أغلب المقابر ويحمل الجماعات المسؤولية لا أحد تساءل عن المقابر وما تعرفه من تجارة وصفقات وتفويتات، وعن المال الذي يجنى من تلك الأراضي المحتضنة للموتى، خاصة في المدن الكبرى، بل إن العديدين لا يعلمون شيئا عن كيفية تسيير تلك المقابر، والجهة المستفيدة من العائدات . الجهات المستفيدة عديدة، منها مقاولون وعاملون جنوا لسنوات طويلة مبالغ مالية مهمة، بالملايير أحيانا، لكن بالمقابل فإن وضعية أغلب المقابر كارثية ويرثى لها.الكلام هنا يمكن أن يتأكد منه بمجرد زيارة بسيطة لأي مقبرة، مع تسجيل بعض الاستثناءات طبعا، لكنه يظهر بشكل جلي من خلال الاطلاع على منشور وزير داخلية سابق موجه إلى الولاة وعمال عمالات والأقاليم، يتعلق بتدبير المقابر الإسلامية والمحا فظة عليها وصيانتها.المنشور يكشف الحالة المزرية التي عليها المقابر، وينطلق بعبارة «يؤسفني أن أذكركم مرة أخرى بأن المقابر الإسلامية ما زالت في معظمها على حالتها المزرية، وبأن الجماعات المعنية لم تبذل أي مجهود ملموس للخروج بها من تلك الأوضاع المزرية».تحدث الوزير عن مشاكل ازدواجية الإطار القانوني الذي تخضع وكذا عن عدم ممارسة رؤساء المجالس الجماعية لسلطاتهم كاملة في مجال شرطة المقابر، إذ سجل أن الجانب التنظيمي لهذه الشرطة مغيب تماما في الممارسة العملية، إذ أن الوزارة لم يسبق لها، منذ مدة طويلة، أن توصلت بقرارات تنظيمية للمقابر قصد التأشير عليها.وفضلا عن ذلك فإن رؤساء المجالس الجماعية، سيما منهم رؤساء الجماعات القروية، لا يمارسون التدابير الفردية لشرطة المقابر وفق الأحكام والضوابط القانونية المعمول بها، بل إن بعضا منهم لا يزاولون مطلقا اختصاصاتهم في هذا الباب وتزاولها عوضا عنهم السلطات المحلية المختصة.كما ثبت أن تعامل المجالس الجماعية ورؤسائها مع مختلف هذه النصوص ينطوي على سلبيات عدة أهمه، غياب ممارسة الجانب التنظيمي في هذه الشرطة، بمعنى أن رؤساء المجالس الجماعية لا يعتنون بتنظيم المقابر الموجودة داخل دائرة اختصاصهم الترابي ولا يتخذون في هذا الإطار أي قرارات تنظيمية، والجهل المطلق بظهير 29 أبريل 1938 المتعلق بإحداث مناطق وقائية حول المقابر في المدن الجديدة. ولعل الواقع المادي للمقابر الموجودة بالمدن خير معبر على ذلك، حيث توجد في غالب الأحيان بمحاذاة المساكن والإدارات والطرق العمومية.كما تم تسجيل الإهمال التام للمقابر الإسلامية بالبوادي على مستوى الإحداث والتنظيم والصيانة، بل وحتى على مستوى التدابير الفردية ذاتها.وذكر الوزير المسؤولين السابقين بأن غالبية المقابر توجد في حالة مزرية، فهي في المدن كما في البوادي تعاني الإهمال التام، سواء على مستوى المحافظة عليها أو صيانتها. فأغلبها يوجد على أرض خلاء من دون تسييج ولا رقابة ولا صيانة مما يعرضها، وباستمرار، إلى الانتهاك والامتهان من لدن الإنسان والحيوان على السواء. مضيفا أنه في مجال صيانة المقابر، فإن الفصل 22 من الظهير الشريف المؤرخ في 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيأتها يجعل من نفقات صيانة المقابر وتسييجها، كما هو معلوم، نفقات إلزامية بالنسبة إلى الجماعات، غير أنه بالرغم من هذا الأساس القانوني الذي يلزم المجالس الجماعية ورؤسائها بصيانة المقابر الإسلامية وتنظيمها، لاشيء يتحقق على أرض الواقع، باستثناء حالات نادرة، إذ تبقى المقابر الإسلامية في وضعية غير لائقة.وخلص الوزير إلى التأكيد على أنه إذا كان النظام القانوني للمقابر الإسلامية، بما ينطوي عليه من اختلال، يعد مسؤولا عن هذه الوضعية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإن مسؤولية الجماعات تبقى كذلك ثابتة في هذا الاتجاه، بالنظر للنصوص القانونية والتنظيمية التي تمنحها الاختصاص في تنظيم المقابر وتلزمها بمصاريف تسييجها وصيانتها.ص. ب

صفقات بالملايين و وضعيات كارثية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مداخيل الرحمة تصل إلى 800 مليون سنتيم

الانتخابات وسيارات الموتى...الوجه الآخر للاستثمار

مقالات ذات صلة