دعا جلالة الملك في خطاب العرش، لمناسبة الاحتفاء بالذكرى الثالثة والعشرين لتربع جلالته على العرش، إلى تعزيز آليات التضامن الوطني، والتصدي بكل حزم ومسؤولية، للمضاربات والتلاعب بالأسعار. وبرأي العديد من المحللين والمهتمين، فإن دعوة جلالته إلى محاربة المضاربات والتلاعب بالأسعار، هي بمثابة رسالة جوابية، عن الانتقادات الواسعة، التي طالت ارتفاع الأسعار في مجالات شتى، بداية بالمواد الغذائية، مرورا بالخدمات ووصولا إلى المحروقات. وشكلت دعوة جلالة الملك نفسها، ضربة موجعة لنافذين ظلوا يحتكرون السلع، ويرفعون من أثمنتها، دون رحمة ولا شفقة في حق شعب قهرته الظروف الاجتماعية ومخلفات"كوفيد 19". وجاءت التحذيرات الملكية الموجهة بلغة صريحة إلى المضاربين ومحترفي الزيادة في الأسعار، بعدما بات جيب المستهلك عاجزا عن مواجهة لهيب الأسعار، بسبب الارتفاع الصاروخي في أسعار مختلف المواد، بعضها بفعل المضاربة ونشاط السماسرة. وقبل أن يدعو جلالته إلى محاربة المضاربات، قال إن الوضعية خلال السنوات الأخيرة، كانت مطبوعة بتأثير أزمة "كوفيد 19"، على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. كما أن الفئات الهشة والفقيرة تأثرت كثيرا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وأكد جلالته قائلا "تمكنا، والحمد لله، من تدبير هذه المرحلة الصعبة، بطريقة فريدة، بفضل تظافر جهود المواطنين والسلطات". وحمل خطاب العرش شروحات مستفيضة لتجاوز الأزمة، ليتوقف عند المجهودات الجبارة التي بذلتها الدولة، وتحملت تكاليف باهظة، لمواجهة آثار الوباء، من خلال تقديم مساعدات مباشرة للأسر المحتاجة، ودعم القطاعات المتضررة. كما سهرت على توفير المواد الأساسية، دون انقطاع، وبكميات كافية، في كل مناطق البلاد. وبفضل تضافر جهود الدولة والقطاعين العام والخاص، تمكن الاقتصاد الوطني من الصمود، في وجه الأزمات والتقلبات، وحقق نتائج إيجابية. لكن مرحلة الانتعاش، لم تدم طويلا، بسبب الظروف العالمية الحالية، يقول جلالته، إذ تسببت العوامل الخارجية، إضافة إلى نتائج موسم فلاحي متواضع، في ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية، وهو مشكل تعانيه كل الدول. وحمل الخطاب الملكي مجموعة من الرسائل ذات الدلالات العميقة، أبرزها الرسالة التي وجهها إلى الحكومة والأوساط السياسية والاقتصادية، للعمل على تسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية، التي تختار بلادنا في هذه الظروف العالمية، وإزالة العراقيل أمامه، لأن أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها إلى تحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة. عبد الله الكوزي