عشرات السكان فقدوا منازلهم ومئات المواشي نفقت ومساحات شاسعة من الغطاء النباتي دمرت تعيش منطقة الشمال، خلال هذه الأيام، وضعا استثنائيا بسبب موجة من الحرائق المهولة، التي اجتاحت عددا من الغابات بأقاليم طنجة والعرائش وتطوان ووزان، ونتجت عنها، لحد الساعة، خسائر مادية جسيمة، تمثلت في فقدان عشرات السكان لمنازلهم وممتلكاتهم، من ملابس وأثاث ولوازم شخصية، وكذا نفوق مئات من الحيوانات والطيور والمواشي، بالإضافة إلى إتلاف مساحات شاسعة تناهز ألفي هكتار من الغطاء الغابوي، المكون من أشجار البلوط الفليني والعرعار وأشجار مثمرة متنوعة، وهي حصيلة مرشحة للارتفاع في الأيام المقبلة. إنجاز: المختار الرمشي (طنجة) ما زالت فرق الوقاية المدنية، المدعومة بعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة والسلطات المحلية والإقليمية، تسابق الزمن من أجل السيطرة على الحرائق المهولة، التي اندلعت، في وقت متزامن، في عدد من الغابات الواقعة بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة، وتحاول جاهدة احتواءها ومنعها من التنقل والزحف نحو المداشر المجاورة والمناطق الآهلة بالسكان، مستعينة بأحدث الوسائل التقنية وطائرات متخصصة في إخماد الحرائق تابعة للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي. وذكر مصدر رسمي في اتصال مع "الصباح"، أن الحرائق المهولة التي تشهدها مناطق الشمال، أتت حتى الآن على حوالي ألفي هكتار من الغطاء النباتي، وهي حصيلة مؤقتة تمثل خمسة أضعاف ما التهمته النيران في الفترة نفسها من العام الماضي، بسبب الجفاف وموجة الحر الاستثنائي التي قاربت، في بعض المناطق، 50 درجة مئوية، وكذا هبوب رياح "الشرقي" القوية، التي ساعدت ضراوتها في انتشار اللهيب الحارق بسرعة فائقة، بالإضافة إلى وعورة المسالك الطرقية التي عقدت مهمة فرق التدخل. وأوضح مصدر "الصباح" أن فرق التدخل المعنية، تواصل جهودها لاحتواء الحرائق الغابوية التي اندلعت بشكل متزامن في أقاليم العرائش ووزان وتطوان وطنجة، مؤكدا أنه تم توفير المئات من الموارد البشرية وشاحنات صهريجية وآليات برية للسيطرة على الحرائق، مدعومة بأربع طائرات "كانادير" تابعة للقوات المسلحة الملكية، و4 طائرات "توربوتراش" تابعة للدرك الملكي. ولم يخف المسؤول خطورة الوضع الذي يعيشه سكان المناطق المجاورة لهذه الحرائق، مبرزا أن عددا من السكان فقدوا منازلهم، فضلا عن نفوق عدد غير يسير من ماشيتهم ودوابهم بعد وصول الحرائق لمداشرهم، مؤكدا أن السلطات عملت على إخلاء مئات العائلات من منازلها ضمن إجراءات استباقية لمنع وقوع أي خسائر بشرية. القصر الكبير...خسائر فادحة يعتبر الحريق الغابوي الهائل، الذي نشب، الثلاثاء الماضي، بقبيلة بني يسف آل سريف، التابعة للنفوذ الترابي لقيادة القلة بضواحي القصر الكبير (إقليم العرائش)، أخطر حريق تعرفه المنطقة منذ أزيد من عشرين سنة، نظرا للخسائر الفادحة التي تكبدها سكان المنطقة، المتمثلة في التهام العديد من منازل المواطنين بجماعة بوجديان، وإتلاف آلاف أشجار الزيتون ومئات الفدادين من مزروعات متنوعة، وكذا نفوق مئات الدواب واحتراق الآلاف من خلايا النحل، فضلا عن تدمير مساحة شاسعة من الغابات الجبلية، التي قدرتها السلطات المحلية بحوالي 800 هكتار. وقالت السلطات المحلية، إن مجهودات المصالح المعنية ما زالت متواصلة بمساعدة متطوعين من سكان المناطق المجاورة، من أجل تطويق وإخماد هذه الحرائق بشكل تام ونهائي لتفادي انتقالها إلى الجماعات المجاورة بفعل سرعة الرياح التي تشهدها المنطقة، حيث تمت الاستعانة بأربع طائرات من نوع "كانادير"، فيما تم إجلاء، بشكل استباقي، 246 أسرة من مساكنها، درءا لكافة المخاطر المحتملة. وزان... الرياح تعاند جهود الإطفاء أفادت مصادر حقوقية من وزان، أن إجمالي المساحة المتضررة من جراء الحرائق التي اندلعت، الأربعاء الماضي، بجماعتي زومي ومقريصات التابعتين لإقليم وزان، بلغ لحد الساعة ما يقارب 200 هكتار من المساحة الغابوية، مؤكدا أن المجهودات الميدانية التي بذلتها فرق التدخل، وكذا الطائرات المتخصصة في إخماد الحرائق، مكنت، لحد الساعة، من تجنب أي إصابات أو خسائر بشرية، رغم صعوبات التضاريس وكثافة الغطاء الغابوي، ناهيك عن غياب المنابع المائية التي جفت بسبب سنوات الجفاف الذي تضرب المنطقة، وهي كلها عوامل عطلت عملية احتواء الحريق وإخماده بشكل نهائي. وأوضح المصدر ذاته، أن السيطرة على الحريق مازالت صعبة رغم تضافر جهود كل المتدخلين، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الملكية وفرق الوقاية المدنية وعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة ومصالح المياه والغابات والسلطات المحلية وأعوان الإنعاش الوطني، إلى جانب متطوعين من سكان المنطقة وجمعيات المجتمع المدني، الذين عملوا جميعا على مواجهة كل الاكراهات المتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة، التي تجاوزت 47 درجة، وكذا الرياح الشرقية الجافة، التي ساهمت في تأجيج ألسنة النيران وانتشارها بسرعة فائقة إلى مناطق أخرى. طنجة... انقلاب شاحنة صهريج شهدت طنجة هي الأخرى، منذ السبت الماضي، حرائق متعددة نشبت، بشكل متزامن، في مناطق داخل تراب كل من جماعة طنجة وجماعة اجزناية، نتيجة موجة الحر الشديدة وبعض السلوكات البشرية، ما خلف أضرارا بالغة بالغطاء النباتي الغابوي، الذي تقلص بنحو 20 في المائة مقارنة ب10 السنوات الأخيرة، بفعل توالي الحرائق وغياب أي مواكبة من قبل الجهات المسؤولة، التي تتخذ عادة موقف المتفرج وترفض القيام بما يلزم من الإجراءات الضرورية بهذا الخصوص. ومن بين الحرائق الخطيرة، التي شهدتها الفضاءات الطبيعية لعاصمة البوغاز وضواحيها، حريق أتى على مساحة غابوية كبيرة بجماعة بنسعيد بوعمار بالقرب من اكزناية، وتسبب في ذعر وفزع بين سكان المنطقة، الذين غادروا منازلهم بعدما طوقتها ألسنة اللهب، إذ عمل متطوعون على إجلاء النساء والأطفال والشيوخ بواسطة سياراتهم الخصوصية قبل أن تمتد إليهم الحرائق، التي تزحف بسرعة مخيفة بفعل الحرارة المرتفعة والرياح القوية. وفي سباق مع الزمن، وبعد إشعارها ، أول أمس (الخميس)، بنشوب حريق بغابة الرميلات بطنجة، التي يوجد بها عدد من الإقامات والقصور الفاخرة، سارعت القيادة الجهوية للوقاية المدنية بإيفاد شاحنات صهريج لإطفاء الحريق وتفادي انتشاره بالغابات المجاورة، إلا أن السرعة المفرطة التي كانت تسير بها الشاحنة عند دخولها الفضاء الغابوي، أدت إلى انقلابها وإصابة ثلاثة عناصر بإصابات متفاوتة الخطورة، تطلب نقلهم لمستشفى الجهوي محمد الخامس لتلقي العلاجات الضرورية. بيئيون يدقون ناقوس الخطر خلفت الحرائق المتتالية التي تشهدها كل سنة المناطق الغابوية بالجهة الشمالية، استياء بالغا من قبل جمعيات بيئية ومنظمات حقوقيبن بالمدينة، الذين دقوا ناقوس الخطر وطرحوا علامات استفهام كبرى حول استمرار وتوالي هذه الحرائق، التي خلفت أضرارا بالغة لها انعكاسات خطيرة على جميع المستويات، معتبرين ذلك تعديا صريحا على حقوق المواطنات والمواطنين في بيئة سليمة، مشددين على ضرورة فتح تحقيق قضائي حول أسباب اندلاع هاته الحرائق، التي أدت حتى الآن إلى التهام آلاف الهكتارات بالجهة الشمالية. العثور على جثة تحمل حروقا متعددة أفادت مصادر محلية بإقليم العرائش، أنه وفي مستجدات الحرائق الغابوية التي يعرفها الإقليم، فقد تمت، إلى غاية أمس (الجمعة)، السيطرة على الحريق المسجل بغابة "المبيكا" بالعرائش، وتطويق الحريق الذي تعرفه غابة "الساحل المنزلة" بجماعة الساحل، وتأمين نقل 1100 أسرة من مساكنها انطلاقا من 15 دوارا موجودا قرب أماكن الحرائق، حفاظا على سلامة السكان ودرء لكافة المخاطر. أما في ما يخص الخسائر البشرية والمادية التي جرى إحصاؤها، حسب لاغ لوزارة الداخلية، فقد تم العثور على جثة شخص تحمل آثار حروق متعددة، و تسجيل ارتفاع المساحة التي طالتها النيران إلى ما يناهز 900 هكتار، مع انتقال الحرائق إلى بعض المساكن.