دراسة في القانون : قراءة في الفصل 305 من مدونة الحقوق العينية (1/2)

إلزامية قبول التعرض من أجل الشفعة في جميع الحالات الخلط الملاحظ في التعرض، يتجلى على مستوى الفهم والتمييز بين تعرض مصدره الفصلان 24 و 29 من القانون العقاري والفصول الأخرى المتعلقة بشروط وواجبات التعرض وكيفية البت فيها رضائيا أو قضائيا، وتعرض مفروض، أمر به المشرع وألزم الشفيع قبل أن يقدم العرض والإيداع والدعوى أن تكون له صفة متعرض وإلا رفضت دعواه. التعرض الذي أتى به مشرع قانون مدونة الحقوق العينية مصدره القانون والقيام به يبقى من إرادة الشخص والغرض من هذه القاعدة القانونية هو حماية الشفيع في أي مرحلة من مراحل التطهير العقاري إدارية كانت أو قضائية كلما تم بيع حقوق مشاعة وتم إيداعها طبقا للفصل 84 أو نشرها بالجريدة الرسمية طبقا للفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري.وقد يتم هذا الإيداع في أي مرحلة من مراحل إجراءات التحفيظ الإدارية وحتى القضائية، إذ أنه لا يتزامن مع أجل المتعرضات في غالب الأحيان. هذا التعرض يُدوَّن بسجل المتعرضات بمجرد طلب يقدمه طالب الشفعة و لو خارج أجل التعرض من جهة، ولو في غياب ملف مطلب التحفيظ من جهة أخرى، وعلى المحافظ العقاري؛ قبل قبول تعرض الشفيع؛ التأكد من وجود حقه وحق المشفوع منه بمطلب التحفيظ إما كطالبي التحفيظ أو كمستفيدين من الفصل 84 ولا مجال للفصول 24؛ 25 ؛ 27؛ 29؛ 31؛ 32؛ 34؛ 35 ؛ 37؛ 40؛ 41 ؛ 42؛ 43؛ 44 ؛ 45 من ظهير التحفيظ العقاري في تنظيم ممارسة حق الشفعة. الخلط بين التعرضين المنازعة تقتضي تجاذبا ونزاعا جديا بين طالب التحفيظ والمتعرض حول ملكية العقار نفسه أو حول حدوده أو حول حقوق عينية تنصب على العقار المتوخى تحفيظه. معناه أنه في آخر المطاف يمكن أن يتغير وعاء المطلب وحق الملكية، أما في حالة التعرض من أجل الشفعة فلا تأثير على مصير مطلب التحفيظ بحيث لا ينقص من وعائه ولو مترا واحدا ولا ينشأ أي حق عيني ولا تغير حدود عقار المطلب. أما في حالة الشفعة، ليست هناك منازعة، هنا نجد أن الشفيع لحقوق مشاعة تم بيعها في مطلب تحفيظ، حتما صفتان: صفة متعرض من حيث الشكل فقط قبل تقديم دعوى الشفعة وصفة شفيع من حيث الجوهر كونه محقا في استرجاع ما تم بيعه للغير.الصفة الأولى ضرورية بحيث تحميه من عواقب تأسيس الرسم العقاري لمطلب التحفيظ والذي يطهر العقار والمحافظ لا يمكنه إتخاد قرار التحفيظ إلا بعد حل مشكل التعرض لأنه على علم بوجوده. وصفة شفيع من حيث الجوهر كونه محقا في استرجاع ما تم بيعه للغير، فتطبق في هذه الحالة مقتضيات الفصول الخاصة من 292 إلى 312 من القانون رقم 39-08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.وبما أن الشفعة نظمها قانون خاص وأحاط بكل جوانبها فقانون مدونة الحقوق العينية هو الواجب التطبيق وما التعرض من أجل الشفعة إلا شرط من شروط صحة تقديم الدعوى لا إخراجا للشفعة من قانونها الخاص والملائم وإدخالها في قانون عام كقانون التحفيظ العقاري وإخضاعها لمسطرة التطهير العقاري، أي البحث عن الحقيقة.إن التعرض العادي احتمال، قد يصبح حقيقة كما يمكنه أن يبقى مجرد ادعاء خلافا للتعرض من أجل الشفعة الذي هو ممر إجباري للوصول إلى القضاء وكأنه مفتاح لدخول غمار التقاضي بعد فتح باب مؤسسة الشفعة التي تحمي نفسها بنفسها ولا حاجة لجرها إلى ميدان آخر لا علاقة لها به، باستثناء التعرض الخاص بالشفعة لأن قانون التحفيظ العقاري ضعيف جدا في حماية الشفيع بحيث صحة التعرض من عدمها لا تضمن إيداع حقوق الشفيع أو تقييدها و حتى في حالة إصدار أحكام نهائية لصالح الشفيع، فالإجراءات المنتظرة من طرف المحافظ العقاري هي تطبيق الفصل 83 الذي لا يفيد بشيء في حالة الشفعة. ويمكن أن يدمج تعرض الشفعة مع المتعرضات الأخرى العادية ويتم إرسال ملف المطلب برمته إلى المحكمة الابتدائية كما كان معمولا به قبل تطبيق مدونة الحقوق العينية وتحكم المحكمة بصحة أو بعدم صحة التعرض من أجل الشفعة في حدود مقتضيات الفصل 37 من ق ت ع. في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته و مشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الأحكام قوة الشيء المقضي به،على المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا، مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر. القانون الواجب التطبيق اليوم، وهذه هي الحقيقة، لا يمكن إطلاقا أن نلجأ لهذا القانون ومؤسسة الشفعة لها من فصول قانونية ما فيه الكفاية في كيفية ممارستها من آجال و تبليغ وعرض فعلي و محاضر الرفض والإذن بالإيداع والعرض وغير ذلك.ومن جهة أخرى، لا يمكن تصور تعطيل مفعول نص قانوني ينظم الشفعة وإبطالها تماماً نتيجة غياب ملف مطلب التحفيظ المعروض على أنظار القضاء. وما الفائدة من عرضه على القضاء وطالب التحفيظ غير مدعى عليه ؟ وحتى وإن كان طرفا في الدعوى، فإنه لا يطلب من القضاء سوى إرجاع الحقوق العقارية التي تم بيعها شياعا للغير لا أقل ولا أكثر.لا حق لرئيس المحمكة الابتدائية ولا للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ولا حتى للرئيس الأول لمحكمة النقض في إرجاع ملف المطلب للمحافظ العقاري من أجل إدراج تعرض جديد، ولو بطلب من المحافظ العقاري والقانون الحالي لا يسمح بذلك على الإطلاق بحكم عدم اختصاص الرؤساء من جهة والمحافظ العقاري من جهة أخرى. حاليا لا بد من تدوين تعرض على مطلب التحفيظ عملا بمقتضيات الفصل 305 من مدونة الحقوق العينية المذكور أعلاه خلافا لما كان جاريا به العمل، بحيث كان الشفيع مخيرا لتقديم تعرضه من عدمه، كما جاء عن محكمة النقض في القرار عدد 4710 الصادر عن غرفتين بتاريخ 1 نونبر 2011 في الملف المدني عدد 544/1/4/2010 والمتعلق بالشفعة في عقار في طور التحفيظ وشكل طلب الاستشفاع حيث جاء فيه : «إن طالب الشفعة في عقار في طور التحفيظ غير ملزم بحسب ما يستفاد من الفصلين 24 و 84 من ظهير التحفيظ العقاري بتقديم طلبه في شكل تعرض، إذ يبقى له تقديم طلب استحقاقها في شكل دعوى مستقلة. لكن، حيث إنه لا يتجلى من الفصلين 24 و84 من ظهير 12/08/1913 المتمسك بهما من قبل الطالب في الوسيلة ما يلزم طالب الشفعة في عقار في طور التحفيظ بتقديم طلبه هذا في شكل تعرض طالما أن الفصلين معا ينصان على كلمة «الإمكان» و ليس على «الإلزام»...ونتيجة لهذا الإشكال، هل من الصواب حرمان الشفيع من حقه في الأخذ بالشفعة كلما قدمت دعوى الشفعة للقضاء بدون ملف المطلب ؟في كل الحالات هذا من باب العبث وضياع لحقوق الناس، لأن ملف المطلب وما يحتوي عليه من وثائق ومحاضر وتصاميم ليس هو الذي سيناقش ويحضر بل يكتفي القضاء في حالة الشفعة التأكد من خلال الشهادة العقارية المسلمة من طرف المحافظ العقاري على وجود تدوين تعرض الشفيع ويباشر تدبير ملفه وتهييئه ملتزما في ذلك بتطبيق مقتضيات فصول قانون مدونة الحقوق العينية المنظمة للشفعة الذي دخل حيز التنفيذ في 22-05-2012؛ لا بتطبيق الفصل 37 من (ق. ت.ع).فإن تبين له من خلال هذه الشهادة العقارية أنه تم تدوين تعرض الشفعة وأن مطلب التحفيظ معروض على أنظار القضاء، فعلى القاضي البت في القضية. وان رفض معناه أن قرار المحافظ العقاري بقبول التعرض من أجل الشفعة قرار باطل من الأساس، لأنه غير مختص في قبول التعرض نتيجة وجود ملف المطلب خارج أسوار المحافظة و إن بث في دعوى الشفعة، معناه أن قرار المحافظ صائب وجد منطقي لأن حق الشفيع في تدوين تعرضه حق يعلو ولا يعلى عليه، ولو في غياب ملف المطلب الذي لا حاجة لإرجاعه إليه ولا جدوى منه ولو كان موجودا لديه ولو بعد انتهاء أجل التعرض. وحتى وإن كان تعرض فريد ومنفرد يتعلق بالشفعة فلا داعي لإرسال ملف المطلب إلى القضاء. الشهادة العقارية كافية من جانب المحافظة العقارية (التعرض) والباقي تكمله الفصول القانونية المنظمة للشفعة التي تلزم القاضي في تطبيقها. عدم إلزامية التقييد الاحتياطي لماذا لن يلزم المشرع الشفيع في تدوين تقييد احتياطي بالرسم العقاري؟ هل أغفل المشرع هذا الإجراء؟لا؛ بل اعتبر وعلى صواب أن تقييد بيع لحقوق مشاعة بالرسم العقاري المعني ما هو إلا تقييد مؤقت يبقى تحت رحمة الشفيع إلى أن تنتهي الآجال القانونية.هذا التقييد أعتبره أنا شخصيا تقييدا احتياطيا لفائدة الشفيع المحتمل. ولهذا السبب لن يكلف المشرع نفسه عناء وسكت. والدليل على أولوية الشفيع في استحقاق شفعته هو أنه ولو تم بيع ثانية أو رهن أو القيام بأي تصرف آخر داخل الآجال المحددة إلا وتم التشطيب من طرف المحافظ على كل التقييدات التي تتعارض مع حقوق الشفيع وكتأكيد لحماية هذا الحق هو ما أقره المجلس الأعلى سابقا في مادة الشفعة (القرار عدد 3958 الصادر بتاريخ 28 شتنبر 2010 في الملف المدني عدد 3103/1/4/2008 المتعلق بالشفعة) في عقار محفظ ، حيث اعتبر أن رفض المحافظ على الأملاك العقارية تسجيل الحكم بالشفعة بالرسم العقاري بعلة أن الحظوظ المشفوعة مثقلة برهن مقيد لفائدة الغير بتاريخ سابق لتسجيل الشفيع تقييدا احتياطيا على الرسم العقاري يكون غير مستند على أساس لأن التقييد الاحتياطي غير لازم لحفظ حقوق طالب الشفعة، إذ أن حقه فيها ينشأ عند إجراء البيع و ليس عند التسجيل بالرسم العقاري، علاوة على أن المحافظ على الأملاك العقارية ملزم بتسجيل الحكم القضائي بالشفعة في الرسم العقاري إذا اكتسب الحكم الصبغة النهائية و أصبح واجب التنفيذ. بقلم: الأستاذ مبارك أسباغي ,محافظ ممتاز سابقا على الملكية العقارية

دراسة في القانون : قراءة في الفصل 305 من مدونة الحقوق العينية (1/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اختلالات مالية بجماعة أغبالو أمام جنايات فاس

العسري يعرض فيلمه عن الربيع العربي وانتفاضة كوميرا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات