تمديد الدراسة إلى يوليوز سابقة في تاريخ المغرب أثارت قلق الأسر كما كان متوقعا منذ مطلع السنة الدراسية، نجح أرباب مدارس التعليم الخصوصي، عبر ممارسة الضغط على وزارة التربية الوطنية، في إرجاء نهاية الموسم الدراسي 2021/2022 إلى منتصف يوليوز، بدل أواخر يونيو، بهدف الاستفادة من واجب الشهر السابع الذي يدخل وفق المعتاد ضمن العطلة الصيفية. وجدير بالذكر أن قرار تمديد الدراسة حتى منتصف يوليوز، الذي اتخذته الوزارة الوصية في عهد الوزير المنتهية ولايته سعيد أمزازي عند مطلع السنة الدراسية، يعد سابقة فريدة في تاريخ المغرب. إذ أنه أثار مباشرة بعد الإعلان عنه، حالة من التوجس والترقب في أوساط الأسر المغربية التي تدرس أبناءها بمؤسسات التعليم الخاص، لما يتطلبه الأمر من مصاريف إضافية هي في غنى عنها، وقد تزيد من إرهاق كاهلها في ظل الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تمر منها بلادنا. وسارع رئيس اتحاد آباء وأمهات وأولياء تلميذات وتلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب، آنذاك إلى إصدار بلاغ يرفض من خلاله قرار تمديد نهاية السنة الدراسية إلى غاية منتصف يوليوز، مستنكرا عدم تفاعل الوزير الجديد شكيب بنموسى مع كم المراسلات المطالبة بضرورة التعجيل بمراجعته، متهما إياه بالتواطؤ مع أرباب مدارس التعليم الخصوصي وإرضائهم باستخلاص واجبات شهر إضافي، ضدا على إرادة الأسر المعنية. فضلا عما لتمديد الدراسة من انعكاسات سلبية أخرى على نفسية التلاميذ وحرمانهم من زمن العطلة، والحق في الترفيه الذي يعتبر من بين أبرز حقوق الطفل. وفي خضم الجدل الواسع وردود الفعل المتباينة التي خلفها القرار الوزاري سالف الذكر، وفي الوقت الذي باغتت فيه بعض مؤسسات التعليم الخاص أمهات وآباء وأولياء التلاميذ المسجلين في سجلاتها، بإطلاقها مبادرة يتم بموجبها إعفاؤهم من مصاريف التمدرس الخاص بيوليوز، مراعاة للقدرة الشرائية التي تضررت بفعل الجائحة وارتفاع الأسعار، أبت غالبية مدارس التعليم الخصوصي إلا أن تواصل تشبثها الأعمى بقرار الأداء عن يوليوز، بل ذهب بعضها أبعد من ذلك، إذ هناك من هدد بعدم تسليم تلامذتها في السنة الثالثة إعدادي والسنة الأولى من سلك الباكالوريا استدعاء اجتياز الامتحانات الإشهادية في حالة رفض آبائهم أداء واجب يوليوز، وهناك التي لجأت إلى رفع أسعار التمدرس في الموسم الدراسي المقبل، مما اضطر معه عديد من الآباء والأولياء إلى التهديد باللجوء إلى المحاكم لمواجهة مثل هذه القرارات الرعناء، التي بالإضافة إلى أنها تخالف القانون، تسيء إلى منظومة التعليم وتفرغها من رسالتها التربوية. فأين نحن من مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص التي يتغنى بها القائمون على الشأن التربوي ببلادنا؟ إن أرباب المدارس الخاصة يدركون جيدا أن إقبال الأسر المغربية، بما فيها ذات الدخل المحدود، على التعليم الخصوصي، أصبح ضرورة ملحة، في ظل تراجع مستوى المدرسة العمومية، واختلالاتها التدبيرية والبنيوية. وهو ما جعلهم يتهافتون مع كل موسم دراسي جديد، وحتى في أحلك الظروف، على مزيد من ابتزاز المواطنات والمواطنين واستنزاف جيوبهم بدون وازع أخلاقي، ناهيكم عن عدد التجاوزات القانونية والبيداغوجية، مما يقتضي النهوض بأوضاع المدرسة العمومية، ووضع نظام تعاقدي نموذجي يحدد التزامات الأسر والمدارس الخاصة للحد من هذا التسيب والعبث. اسماعيل الحلوتي