قتلن مواليدهن ورمينهم بالقمامة خوفا من العار

شاب وعشيقته رميا كيس مولودهما بالشارع العام أمام عيني كانسة الأزبال وأمهات أخفينهم في إسطبلات وقمامة لا تجد الكثير من الأمهات خاصة العازبات المتورطات في حالات حمل غير شرعي، غير قتل مواليدهن والتخلص منهم بمواقع وقمامات، كحل غير مستساغ لورطتهن، وكأنهن بذلك يحاولن عبثا إقبار فضيحتهن التي يتحملن وزرها لوحدهن دون من تسبب في الحمل من شباب جاحد لحب ولحظات حميمية عابرة تلذذ بحلاوتها دون تفكير في العواقب ، وتملص من مسؤوليته في خطأ مشترك، دون أي وازع أخلاقي، تاركا الفتاة تواجه بنفسها مصيرها الذي ينتهي بين أسوار السجن الشامخة. حالات كثيرة لأمهات قتلن مواليدهن بداعي الخوف من العار والفضيحة، عرضت على أنظار العدالة باستئنافية فاس، التي كانت رحيمة بهن وراعت ظروفهن في بعضها، دون أن تتساهل مع أفعال أكثر بشاعة. لكن اللافت للانتباه أن الظاهرة ما فتئت تستفحل، وبحاجة إلى تكاثف جهود الجميع، وإيجاد حلول لها تراعي ظروف تلك الأمهات "الحاملات" خارج بيت الزوجية، تلافيا لقتل الوليد الذي ينفذ في حقه حكم الإعدام، رغم براءته من فعل جرمي ارتكبه والداه من دون عقد نكاح. مواليد في القمامةقد لا يستساغ تخلص الأم من فلذة كبدها، في القمامة بعد أن "تحكم عليها الظروف" ذلك خوفا من العار والفضيحة وما جاورهما من مظاهر ينبذها المجتمع الغارق في تقاليد وأعراف تتحكم في سلوكيات أفراده قبل القانون الذي قد يعلى عليه أو يلغى أمام التيار الجارف للعادات. لكن ذلك حدث في حالات كثيرة، اختارت فيها، أمهات عازبات رمي مواليدهن وإخفائهم بين أكوام الأزبال والنفايات، وكأنهن يرسلن بذلك إشارات قوية لمجتمع لا يرحم كل حامل سفاحا، مهما اختلفت وتباينت التبريرات. بقلب شارع الحسن الثاني بمدينة فاس، يتذكر مواطنون حادثا غريبا تزامن مع كنس مياومة الأزبال المتراكمة، إذ بينما هي منهمكة في ذلك، فوجئت بكيس بلاستيكي يسقط أمام قدميها بعدما تخلص شاب ورفيقته كانا على متن سيارة فارهة، منه. أرغدت وسبت مثل هذا السلوك، لكن صدمتها كانت كبيرة، لما اكتشفت جثة رضيع، في الكيس. حينئذ انخرطت في الصراخ، إلى أن تجمع عشرات المواطنين لتتبع مشهد غاية في الإهانة لطفولة لا ذنب لها، إلا ميلادها من علاقة غير شرعية.مشهد مماثل تكرر في موقع غارق في أزباله بحي المصلى بالمدينة ذاتها، لما عثر كانس النفايات المنزلية، على جثة رضيع ملفوف بقطعة ثوب، إلى حد أضحت الأزبال، ملاذا آمنا للأمهات العازبات، للتخلص من مواليدهم في حوادث تتناسل بعدة مدن بالجهة، ومن آخرها حادث العثور على رضيع ميت ملفوف في كيس بلاستيكي في أكوام من الأزبال قرب مسجد تاشنكورت أوباراو بمنطقة تمحضيت بإقليم إفران، قبل أن يضع الدرك يده على أمه ووالدتها وعشيق تسبب في حملها سفاحا.إنها قمة النذالة أن يصل الأمر إلى التخلص من مواليد بهذا الشكل المقزز والمشير لمشاعر الحسرة، أو أن يتحول أطفال، إلى مجرد "شيء" يتخلص منه بالقمامة دون أي اعتبار لإنسانيتهم، فقط لأن المجتمع لا يقبل أمثالهم رغم أن الواقع حابل بممارسات وسلوكيات تزكي سيادة الدعارة والفساد، أو إقامة علاقات غير شرعية تكون الفتاة ضحيتها الأولى والأخيرة قبل وليدها مهما كان جنسه، خاصة لما يتملص المتسبب في حملها، من مسؤوليته في "إنقاذ ما يمكن إنقاذه". المحكمة رحيمة بأمهات عازباتملفات كثيرة تخص قتل أمهات لمواليدهن في ظروف وملابسات مختلفة ومتباينة، بثت فيها غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية فاس وطويت بإصدار أحكام نهائية. أمهات من مناطق مختلفة بأقاليم فاس وتاونات وصفرو، وجدن أنفسهن خلف أسوار سجن عين قادوس الشامخة، بعد تورطهن في تصفية فلذات أكبادهن، محاولة منهن إخفاء معالم "جريمة" شاركهن فيها شباب تملصوا من المسؤولية، دون تقدير عواقب الأمور، قبل أن يجدن أنفسهن متابعات بجناية "قتل الأم لوليدها". المحكمة عادة ما تكون رحيمة بهذه الفئة التي "قد تؤدي ثمن أخطاء الآخرين التي قد تتقاسمها معهم"، وتراعي ظروفها الشخصية والاجتماعية خاصة لما يبدين براءتهن وحسن النية أو ينكرن القتل العمد لموالديهن أو يدعين ولادتهم جثثا هامدة. والدليل إصدارها أحكاما بالبراءة في ملفات معينة، خاصة حالة أرملة حملت سفاحا بعد تعرضها للاغتصاب من قبل مجهول في طريق عودتها من سوق أسبوعي حيث دأبت على بيع ملابس مستعملة، إلى منزلها بحي هامشي بالمدينة.وينطبق الأمر كذلك على "ف. ق" أم عازبة في عقدها الرابع تتحدر من دوار بني كزين بجماعة فناسة باب الحيط بتاونات، توبعت بجناية "قتل أم وليدها" وجنحة الفساد دون حالة عود، قبل إدانتها بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ بعد مدة طويلة قضتها رهن الاعتقال بعدما أوقفت من قبل درك ظهر السوق إثر وشاية من عون سلطة أخبر بدفنها وليدها في مقبرة بالدوار ليلا رفقة شخص آخر، فيما زال الملف رائجا أمام غرفة الجنايات الاستئنافية في خامس جلسة تلتئم في فاتح يوليوز المقبل. تلك الفتاة أدت ثمن ثقتها العمياء في عاشق تنصل من مسؤوليته، شأنها شأن زميلتها القاصر بدوار شرارطة بجماعة بني وليد المجاورة، التي حبلت سفاحا من شاب عشقته، قبل أن تلد وتتخلص من مولودها بحظيرة البهائم، دون أن تدري أن الروح "عزيزة عند الله"، وينكشف أمرها لتجد نفسها معتقلة بسجن عين قادوس لقضاء سنوات من عمرها، شأنها شأن قاصرات أدين ثمن عشق ممنوع ولذة عابرة انتهت بسجنهن بعد تخلصهن من مواليدهن خوفا من العار و"كلام الناس" الذي لا يرحم. القتل انتقاما وخوفا من العارقصة مماثلة شهدها دوار بجماعة مولاي بوشتى الخمار بقرية با محمد بتاونات، لما تورطت أرملة أم ل4 أطفال، في علاقة غير شرعية من ربيبها الذي قاسمها السكن بمنزل قروي ورثه وإخوانه من أبيه المتوفى تاركا أرملته في مواجهة مباشرة مع العوز وابن استلذ جسد زوجته، واقتسما لحظات حميمية على فراشه دون اعتبار للتقاليد والعادات، قبل أن تتوج العلاقة بحمل غير شرعي وإنجاب بنت دفنتها في إسطبل، محاولة منها لإخفاء معالم جريمتها التي سرعان ما انفضحت.لا أحد منهما ظن أن تلبية رغبة جنسية دفينة اندسا في لذتها مباشرة بعد وفاة الزوج/ الأب، ستحول حياتهما إلى جحيم وكوابيس وستقودهما إلى السجن وتغير نظرات أهل الدوار إليهما خاصة بعد العثور على جثة الصبية/ الضحية مدفونة بالمنزل، ليؤديا ضريبة طيشهما المتأخر وعدم أخذهما عواقب الأمور بالعقلانية اللازمة قبل الإقدام على أي فعل مشين من هذا القبيل، إلى أن وقع ما وقع في لحظة لم ينفع معها ندمهما وهما يقضيان أشهر من عمرهما بين جدران باردة لسجن يسيء السمعة. الواقع ذاتها عاشته "ب. ف" ابنة أسرة فقيرة نواحي تيسة بالإقليم نفسه، البالغة من العمر 22 سنة، والتي اضطرتها ظروفها الاجتماعية إلى الهجرة إلى مدينة فاس للاستقرار في حي هامشي، هربا من جفاف قطع رزقها بالبادية، قبل أن تتورط في جريمة قتل وليدها انتقاما من هجران والده لها في فعل أدت ثمنه لوحدها غاليا من سنوات عمرها التي قضتها بين أسوار سجن عين قادوس بعدما توبعت بجناية "القتل العمد في حق رضيع"، التي أدينت بموجبها بعقوبة حبسية سالبة لحريتها. في ذاك اليوم الصيفي وضعت المتهمة وليدتها بقسم الولادة بمستشفى الغساني، لكن بعد 6 ساعات من الوضع، انتبهت الممرضة المكلفة بعلاجها، إلى الحالة التي أصبحت عليها الرضيعة التي لم تقدم لها والدتها أي مساعدة ولا حضنتها بين ذراعيها كما تفعل الأمهات. حينها توجهت نحوها لتجدها جثة هامدة، قبل أن تفاجأ بخنقها ووجود جروح في عنقها، لتخبر إدارة المستشفى والشرطة التي حضرت وأوقفت الأم المنتقمة من زواجها الفاشل، ب"إبادة" طفلة لا ذنب لها في علاقة غير متساوية.حميد الأبيض (فاس)

قتلن مواليدهن ورمينهم بالقمامة خوفا من العار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التخلي عن الأطفال يتطلب تعديل قوانين التبني

3 أسئلة : عبد الغني الخرشي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات