الخضراوي: لا أحد ينكر أعطاب أسرة العدالة

منسق لجنة الشباب بالودادية أكد أن الجهة الممولة للمشروع تعرف حق المعرفة معايير تقييم الأحكام المعتمدة في أوربا أكد محمد الخضراوي منسق لجنة الشباب بالودادية الحسنية للقضاة، حول ما تضمنه مشروع نشر الأحكام أن لا أحد يمكنه أن يزايد على نزاهة القضاة المغاربة أو تكوينهم أو تضحياتهم الكبرى في علاقتهم اليومية مع ملفات المتقاضين في كل جهات المغرب وهم يعملون على أداء الأمانة بالتطبيق العادل للقانون وحفظ الحقوق وصون الحريات في ملايين القضايا سنويا، وأضاف في حوار مع "الصباح" أن الثقة داخل أي مشروع مجتمعي هي أعمق من أن تبنى بأسلوب التشكيك أو التشهير أو التخويف، بل هي نتاج مجموعة من العوامل ذات ارتباط بمواضيع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتقنية لا يمكن حصر أسبابها في الجهاز القضائي كما يحلو للبعض القيام به دائما. أثار الحديث عن مشروع نشر الأحكام المعيبة ضجة وسط القضاة، واعتبره البعض تدخلا في عملهم، في نظركم لماذا كل هذا الرفض؟ لاشك أن الاطلاع على بعض تفاصيل هذا "المشروع" من خلال تصريحات صحافية منسوبة لأصحابه تحتم علينا إبداء بعض الملاحظات الأولية المبدئية، أولا، لابد من التأكيد على أنه لا أحد يمكنه أن يزايد على نزاهة القضاة المغاربة أو تكوينهم أو تضحياتهم الكبرى في علاقتهم اليومية مع ملفات المتقاضين في كل جهات المغرب وهم يعملون على أداء الأمانة بالتطبيق العادل للقانون وحفظ الحقوق وصون الحريات في ملايين القضايا سنويا، بأبسط الوسائل وأقلها إن لم نقل انعدامها في بعض الحالات، إذ لا يمكن أبدا - وبعيدا عن أي منطق مؤسس على تحيز فئوي (corporatisme) – أن نقبل من أي جهة كانت أن تمارس نضالا من فئة خمسة نجوم في مكاتبها المكيفة وبدعم مادي أجنبي لتتقمص دور مالك الحقيقة ومشكاة نور الفضيلة فتوزع صكوك الاتهام والإدانة أو تمنح حسن السيرة والسلوك للقضاة وشهادات الجودة للمحاكم.لا أحد منا ينكر وجود أعطاب في أسرة العدالة بكافة مكوناتها ومنها الفئات التي ينتمي إليها أصحاب هذا المشروع الإصلاحي – ولا أحتاج هنا إلى إعطاء الأرقام المضبوطة والأكيدة التي يعرفها الجميع للتدليل على مدى مساهمة مجموعة من هذه المكونات في الاختلالات الأخلاقية والبنيوية التي يعاني آثارها المتقاضون – لكن منطق دولة الحق والمؤسسات وروح فلسفة المجتمعات الديمقراطية يقتضي منا معالجتها وفق مقاربات تشاركية ومخططات مضبوطة وأهداف عملية قابلة للقياس ومعايير واضحة متفق بشأنها من ذوي الخبرة والمراس، وهنا نتساءل عن مدى عمق أو سطحية الفكرة التي يرتكز عليها أصحاب هذا المشروع "الإصلاحي" وهي "القضاة سيحتاطون في المستقبل لعلمهم بأن هناك من يراقب أحكامهم المعيبة وينشرها للعموم حيث سيحاولون إصدار أحكام معللة لا تحرف الوقائع" انتهى نطق أحدهم.حقا لقد كان على المغرب ومؤسساته وإعلامه أن ينتظروا إلى غاية فبراير 2014 ليأتي من يراقب ضمائر القضاة ويمنح أحكامهم الجودة ويخيفهم على مصيرهم الدنيوي والأخروي !!إننا أمام مشروع ينطلق من مسلمات مبنية -خلافا للدستور والقانون على قرينة الإدانة هي الأصل، مشروع اهتدى إلى الحل الناجع لأعطاب العدالة ببلادنا ألا وهو فضح الأحكام التي تحمل "شبهة" الفساد، أحكام يحررها القضاة "بأرجلهم" وليس "بأيديهم" يضيف أحد المؤطرين في هذا المشروع ممن يتولون مسؤولية إرجاع الأمور إلى نصابها !!.منهج فكري وأسلوب لغوي تمنعنا قيمنا القضائية بأن ننزل إلى مستوى الرد عليه بما يناسبه، لكنه يفرض علينا فعلا فتح نقاش عمومي حول قواعد وآليات وتمويل اشتغال المجتمع المدني في مجال العدالة. لماذا كل هذا التخوف خاصة أن المشروع تحدث عن نشر الاحكام الجيدة أيضا؟ أريد أن أذكر بعجالة بمجموعة من المعطيات قد تغيب عن ذهن البعض، أولها: إننا دولة قانون ومؤسسات ومن ثمة فلا بأس بالتذكير بأننا نتوفر على مجلس أعلى للسلطة القضائية بتركيبة موسعة مختلطة هي التي ستتولى مراقبة أداء المحاكم ولها سلطة التقييم والمحاسبة وفق ضمانات متعددة لفائدة الجميع، ويبت في العديد من الشكايات والمتابعات التي قد تصل إلى عقوبة العزل. ولن أكون مبالغا هنا إذا قلت إن الأسرة القضائية هي من أكثر مكونات أسرة العدالة تشددا في حق من يحيد عن قيمها وضوابطها. وثانيا هناك مسطرة التشكي مفتوحة في وجه العموم دون وساطة من أي جهة من خلال عدة قنوات قانونية وإدارية، إضافة إلى سلطة الإعلام التي أصبحت تمارس دور الرقابة المجتمعية بشكل فعال ومهم إضافة إلى مؤسسات دستورية تهم مجالات الحكامة ومكافحة الفساد وفق رؤية موضوعية مؤسساتية.وثالثا هناك الرقابة على جودة الأحكام وقانونيتها من خلال تعدد مراحل التقاضي وفتح مساطر الطعن المختلفة دون أي قيود والتي تنظر فيها هيآت قضائية متوفرة على مستوى رفيع من الخبرة والكفاءة والتجرد والحياد. إذن هناك بنية رقابية مهمة قابلة لتطوير ميكانيزماتها ويتوفر فيها الجميع على ضمانات للموضوعية والحيادية ومؤهلة معرفيا ومهنيا للقيام بهذه المهمة وهي التي يجب أن توفر لها الإمكانات للقيام بذلك.رابعا: أعتقد أن الجهة الممولة للمشروع تعرف حق المعرفة معايير تقييم الأحكام المعتمدة في أوربا والتي صدرت فيها عدة توجيهات وآراء من طرف المجلس الاستشاري للقضاة الأوربيين ولكن لا بأس أن أدعوهم إلى مراجعة الرأي عدد 11 لسنة 2008 الذي أكد بصفة قاطعة على عدم جواز المس باستقلالية السلطة القضائية بذريعة تقييم الأحكام. من خلال ما سبق تريدون التأكيد على أن المشروع يحمل اختلالات منهجية يجب تصحيحها؟ إن المسؤولية المجتمعية والضمير المسؤول اللذين يؤطران جميع مواقفنا وآليات اشتغالنا هي التي تجعلنا اليوم نضع العديد من علامات الاستفهام ونضع الأصبع على مجموعة من الاختلالات المنهجية في هذه المقاربة التي جاء بها هذا المشروع والتي يجب تداركها وتصحيحها. لقد كنا دائما سباقين إلى إشراك المجتمع المدني في كافة المواضيع والأوراش التي نعمل على تفعيلها وما الندوات والدورات التكوينية التي نظمتها الودادية الحسنية هذه السنة بشراكة مع جهات مختلفة وطنيا ودوليا حول مواضيع الشفافية ومكافحة الفساد والأخلاقيات وإشكاليات التكوين والولوج للعدالة والنجاعة القضائية إلا دليل بسيط على انفتاحنا كقضاة وقبولنا للنقد واستماعنا للرأي الآخر ورغبتنا في تجاوز العثرات ما دام الجميع يستهدف مصلحة الوطن ورغبته الأكيدة في تأسيس عدالة مستقلة قوية ونزيهة، لكن وبهذه الروح نفسها الإصلاحية لن نقبل التطبيع مع أي تجاوز سيمس باستقلال القضاء أو هيبته أو يتضمن شبهة التأثير على حيادية القضاة ومكانتهم الاعتبارية تؤطرنا في ذلك مقتضيات الدستور التي توافق بشأنها المغاربة والضوابط القانونية والأخلاقيات القضائية.إن الثقة داخل أي مشروع مجتمعي هي أعمق من أن تبنى بأسلوب التشكيك أو التشهير أو التخويف بل هي نتاج مجموعة من العوامل ذات ارتباط بمواضيع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتقنية لا يمكن حصر أسبابها في الجهاز القضائي كما يحلو للبعض القيام به دائما ولعل هذا ما دفع المجتمع الفرنسي بأطيافه ومشاربه المختلفة إلى أن يضع موقعا خاصا يحمل اسم collectif pour le confiance يتضمن العديد من الحلول والمقاربات الجديرة بالدراسة والتأمل. لا شك أننا أمام سؤال الثقة الذي يتطلب جرأة مسؤولة ويدعونا أيضا إلى أن نتذكر قولة الأديب غارسيا ماركيز: "إن هناك دوما الغد والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل". والأفضل في مجال العدالة في اعتقادي سيكون باعتماد أدوات الحوار والموضوعية والالتزام بالضوابط المعرفية والقانونية وبالضمير المسؤول ومواجهة الفساد بكافة إشكالاته وصوره ومصادره بعيدا عن المزايدات ولعبة التصنيف والمواقع. التقييم وفق معايير أوربية التقرير المرجعي في أوربا وضع مجموعة من الخلاصات في مجال التقييم، منها، لا يجب أن يكون التقييم أداة للرقابة الخارجية على السلطة القضائية، ومناهج التقييم يجب أن يصيغها القضاة "أو يشاركوا في ذلك على الأقل"، بالإضافة إلى أن معايير التقييم يجب أن تأخذ بعين الاعتبار نوعية الجهة المصدرة للحكم ودرجة التقاضي وطبيعة النزاع والإمكانات المتاحة لحل النزاع، وأن التقييم يجب أن يتم وفق معايير المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، كما أشار إلى الإطار العام المحدد لجودة الأحكام وقيمتها يتوزع بين محيط خارجي متمثل في التشريع والمحيط الاقتصادي والاجتماعي والإمكانات المادية المتاحة ومحيط داخلي مرتبط بالآجال والشفافية. في سطور- قاضي مكلف بالتواصل- منسق لجنة الشباب بالودادية الحسنية للقضاة- مستشار بمحكمة النقض- رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي

الخضراوي: لا أحد ينكر أعطاب أسرة العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الهيني: نشر الأحكام من الحقوق العامة

تعزيز رقابة المجتمع المدني على القضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات