الجزائر تتصيد عثرات المغرب

حرب الكواليس تستعر بين البلدين عشية كل كشف عن تقارير المنظمات الدولية غيرت الجارة الشرقية من خطط معركتها ضد مغربية الصحراء، ولصد الانتقادات الموجهة إليها بالتدخل المباشر في النزاع تمكنت آلتها الدبلوماسية من إيجاد جبهة جديدة تحارب من خلالها المغرب، إذ استعملت كل إمكانياتها من أجل تعقب عثراته على صفحات التقارير الدولية، والإساءة إلى سمعته داخل المحافل الدولية، خاصة في مجال حقوق الإنسان. ولسوء حظ المغرب وجدت الجزائر بين الموظفين الأميين من ينخرط في أجندتها العدائية، ومساعدتها في معاكسة التوجه الدولي العام نحو تأييد اقتراح الحكم الذاتي، لكن "التعاون" الذي أبدته بعض المنظمات الدولية مع موفدي قصر المرادية جعل الرباط تنتفض وتطالب بالحياد، مشددة على أنها، وبقدر ما تحرص على التفاعل الإيجابي مع المنظمات الحقوقية الدولية، التي تتحلى بالموضوعية في التعامل مع قضاياه، "ترفض أن تتخذ بعض المنظمات، في تقارير جاهزة، بعض التصرفات المعزولة، ذريعة لمحاولة الإساءة إلى صورته وتبخيس مكاسبه الحقوقية والتنموية" على حد تعبير جلالة الملك في خطابه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء.وتصر الجزائر على رفع لواء حقوق الإنسان لتغطية انحيازها للطرح الانفصالي بدعوى أنها مع مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وذلك رغم مسؤولية النظام الجزائري في خرق الحقوق الإنسانية للصحراويين ثابتة لا تحتاج دليلا، سواء على المستوى المدني أو بخصوص النزاع المسلح، على اعتبار أن الجارة الشرقية أنشأت جيشا من المرتزقة ومقاتلين غير شرعيين، وعذبت الأسرى المغاربة واستعملتهم للقيام بأعمال السخرة والبناء وتمادت في اعتقالهم بعد وقف إطلاق النار. كما لم تكشف مصير المفقودين والمختفين المغاربة والموريتانيين، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن الانتهاكات الجسيمة بشأن الحق في الانصاف وجبر ضرر الضحايا. وما يزيد من فرصة حصول الدبلوماسية الجزائرية على الصيد الثمين بين ثنايا التقارير الأممية، تقصير الحكومة في التعامل مع وفود وبعثات المنظمات الدولية، خاصة أن الأخيرة تعلن التزامها بالحياد، كما هو الشأن بالنسبة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إذ سبق للمفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، ماري روبنسون، أن وزعت على موظفيها المكلفين برصد حقوق الإنسان عبر العالم دليل تدريب يشمل 18 مبدأ في مقدمتها الموضوعية وعدم التحيز والمصداقية في توخي الصحة والدقة ، بالإضافة إلى ضرورة فهم البلد المضيف واحترام سلطاته ومساعدتها في حفظ الأمن والتماس مشورتها مع الاتساق والمثابرة والصبر. وتعتبر الوثيقة الأممية أن عملية الرصد ليست إلا وسيلة لهدف أسمى هو تحسين حماية حقوق الإنسان، وأن الهدف الرئيسي لعمل الموظفين الأمميين في هذا المجال هو تعزيز مسؤولية الدولة عن حماية حقوق الإنسان، إذ يمكن لهم أداء دور وقائي من خلال جعل المسؤوليين أكثر حرصا في سلوكهم. وقد انتبهت مؤخرا إلى أهمية إيجاد قنوات التواصل مع المنظمات المصدرة للتقارير الموضوعاتية، إذ قررت تكوين لجنة لتتبع صورة المملكة في التقارير الدولية التي تصدر في مختلف المجالات٬ والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين ترتيب البلاد في هذه التقارير. كما شرعت الحكومة٬ ولأول مرة٬ في وضع خطة عمل في مجال تتبع التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان٬ وهيآت المعاهدات عقب فحصها للتقارير الوطنية المقدمة إليها٬ والتوصيات الصادرة عن الإجراءات الخاصة عقب زيارتها للمملكة. وتدافع الحكومة عن موقفها في مواجهة تلك التقارير٬ معتبرة الرهان اليوم لم يعد يتعلق باحترام الحقوق السياسية وحرية التعبير والتجمع فحسب٬ بل بتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية٬ في المجالات الأساسية كالولوج إلى الخدمات ذات الجودة العالية في مجالات التعليم والصحة والحصول على شغل منتج وغيرها. ياسين قُطيب

الجزائر تتصيد عثرات المغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوكلاء يرفضون تعديلات مدونة التأمين

جغرافيا الرشوة بالمغرب

مقالات ذات صلة