سياقة جنونية وحروب كلامية تحول شوارع المدينة إلى حلبة سباقات مفتوحة لم تعد كلمة الازدحام كافية لوصف وضعية شوارع وأزقة البيضاء في رمضان، لأن الأمر خرج على السيطرة، وأصبح الحديث ممكنا عن اختناق حقيقي، يتطلب معه الانتقال من وسط المدينة، إلى مناطق مثل الحي المحمدي أو ابن امسيك أو سيدي البرنوصي أو غيرها من الوجهات، ساعة أو أكثر من الزمن، والكثير من الطاقة والجهد، من أجل مواكبة إيقاع حركة الطريق، الذي يملؤه سائقون محترفون في التعامل مع هذه الظاهرة، إذ تتحول القيادة إلى سباق لا بداية له ولا نقطة وصول، إذ أن الجميع يحاول المرور، والبعض يصعد فوق الرصيف لربح بعض الأمتار. مع اقتراب موعد الإفطار، ترتفع وتيرة اختناق المرور، ومن الضروري أن تكون هناك حوادث، فرغم أنها تكون مجرد تلاحم بين سيارتين أو بين سيارة ودراجة نارية أو غيرهما، إلا أن هناك حوادث منتشرة في جل الشوارع، وغالبا ما تكون بدورها سببا في عرقلة حركة السير، وتزيد من توتر السائقين والراجلين على حد سواء. إنجاز : عصام الناصيري نقط سوداء يعتبر الازدحام والصخب والتسابق من طبيعة البيضاء، غير أن هذا الأمر خرج عن نطاق السيطرة في رمضان، إذ تحولت بعض المناطق إلى كوابيس بالنسبة إلى السائقين، ويحاولون تجنبها ولو على حساب خرق القانون، إذ هناك من يدخل بين الأزقة والطرق غير المسموح بها، طمعا في كسب بضع دقائق. ومن النقاط السوداء، التي لم تعد تحتمل في رمضان، شارع الزرقطوني، الذي يعتبر من الشرايين الرئيسية للبيضاء، لأنه يربط بين عمالات البيضاء، وجل الوجهات الرئيسية التي يقصدها البيضاويون تمر على الزرقطوني، الأمر الذي جعله من أكثر الشوارع التي يصعب الخروج منها، خاصة إذ غاب شرطي المرور، أو وقع حادث معين، إذ يصير الأمر بمثابة تحد. وينطبق الأمر نفسه على وسط المدينة وشارع الجيش الملكي، إذ أن التقاطع الطرقي الموجود أمام قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية، يعرف اكتظاظا غير مسبوق، ويمتد هذا الازدحام إلى وسط المدينة، الذي تضطر السيارات أحيانا إلى الوقوف فيه أزيد من 10 دقائق، في الطريق التي تمر بجانب الكرة الأرضية وساحة ماريشال. وأما بالنسبة إلى شارع الجيش الملكي، فيعرف منذ زمن طويل أنه مركز الازدحام، ما اضطر سلطات البيضاء إلى تدشين أكبر نفق في المملكة، لامتصاص الضغط الكبير على هذا الشارع، غير أن الأمر لم يفلح كثيرا، إذ يعرف بدوره ازدحاما كبيرا. أشغال لا تنتهي لعل أكثر المواضيع غير المفهومة في تدبير العاصمة الاقتصادية للمملكة، هي الأشغال العمومية التي لا تنتهي، إذ أن بعض الأوراش عاشت مع البيضاويين سنوات، كما هو الأمر بالنسبة إلى شارع محمد السادس، الذي بدأت فيه الأشغال منذ زمن طويل، ولم يعد يستعمله جل السائقين، حتى أن بعض سيارات الأجرة ترفض الذهاب إليه، وهناك من يستعين بالأزقة هربا من جحيم الأشغال، التي لا تنتهي في هذا الشارع. وينطبق الأمر نفسه على شارع يعقوب المنصور، الذي "ابتلي" بالأشغال، إذ بمجرد أن انتهت أشغال توسيع الشارع وزرع النخيل، بدأت أشغال سكة "الباص واي"، التي طال انتظار اكتمالها، إلى درجة ترسخ في ذهن السائقين أن هذا الشارع لا يمكن ارتياده، خاصة في أوقات الذروة. وتحول الازدحام في البيضاء إلى نمط حياة، إذ أن السكان بدورهم يعتبرون الأمر عاديا، وكأن الجميع استسلم لهذا الواقع، وليس هناك من يطالب السلطات بإيجاد حل، كما هو الأمر في الرباط، حينما كانت أشغال نفق حسان قائمة، إذ أن أسبوعين فقط كانا كافيين لإنهاء الأشغال، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.