“الهروب الكبير” لمعتقلي السلفية من سجن القنيطرة

المعتقلون حفروا نفقا إلى أن وصلوا إلى حديقة مسكن مدير السجن سيبقى الاثنين 7 أبريل 2008، تاريخا مشهودا بالسجن المركزي بالقنيطرة، ولدى معتقلي السلفية الجهادية، إذ شهد فرار تسعة سجناء محسوبين على معتقلي السلفية الجهادية، بحي "أ" بالسجن بطريقة مثيرة شبيه بالأفلام الأمريكية الشهيرة. ولم تثن الحراسة المشددة، وأسوار السجن العالية و"المزينة" بالأسلاك الشائكة، المعتقلين التسعة المدانين بعقوبات تنوعت بين 30 سنة سجنا والمؤبد والإعدام بسبب تورطهم في أحداث 16 ماي الإرهابية بالبيضاء سنة 2003، على تحقيق "حلمهم" والفرار من السجن، رغم أن الأمر في البداية بدا صعبا، إلا أن "عبقريتهم" مكنتهم من التوصل إلى طريقة تحتاج فقط إلى العزيمة والإصرار والجلد. الفكرة ببساطة هي حفر نفق طويل من داخل الزنزانة إلى خارج أسوار السجن. صحيح أن المهمة ليست سهلة لأن السجن بني على هضبة صخرية كبيرة يصعب حفرها، إلا أنه مع البحث والمعاينة وتدقيق في طبيعة تربة أرضية السجن، سيما عندما عاينوا باهتمام أشغال شركة لتطهير السائل، وهي تغيير مراحيض الزنازن، فوقفوا على الأماكن التي بها تربة مبللة، ونجحوا في رسم مسار النفق الطويل والمجهد، يبدأ من مرحاض زنزانتهم وينتهي بحديقة منزل مدير السجن ذاته.بعد رسم مسار النفق، بدأ التخطيط لخطوات ضمان نجاح العملية، وأولاها الشروع في الحفر دون إثارة انتباه الحراس، وتفادي زيارتهم المفاجئة. هنا استغلوا الامتيازات التي حظوا بها داخل السجن، بعد دخولهم في إضراب طويل عن الطعام، إذ سمحت لهم إدارة السجن بأوامر من جهات عليا التجول داخل المؤسسة السجنية بكل حرية، والتغاضي عن استعمالهم هواتف وحواسيب محمولة. تقدموا بطلب جديد، وهو عدم اقتراب أي حارس للسجن من زنازينهم. ولتأكيد هذا المطلب أصدروا فتوى بالاعتداء على أي حارس يتقرب " مملكتهم الصغيرة".نجحت هذه الخطوة في إزالة أكبر عراقيل عملية الفرار، رغم شكايات حراس السجون إلى مدير السجن، بسبب تعرضهم لاعتداء من قبل معتقلي السلفية الجهادية، الذي رفعها بدوره إلى مسؤوليه في مندوبية السجون، فأمرت الأخيرة بالإذعان على مضض لمطلب المعتقلين، فالسجن في تلك المرحلة خرج لتوه من أكبر إضراب عن الطعام، وبالتالي لا يجب تكرار هذا الاحتقان من جديد.كان ذكاء المعتقلين الفارين كبيرا، إذ استغلوا كل الظروف التي يشهدها السجن لتحقيق هدفهم،إذ خلال حفرهم النفق من مرحاض الزنزانة، مزجوا تربة حفر النفق مع تلك الناتجة عن أشغال الشركة مكلفة بإنجاز . من أجل معرفة مسار الحفر، تناوب المعتقلون على تنفيذ مهمات خاصة، وهي تجاوز الباب الرئيسي لمعاينة سكن الموظفين والمدير، وأيضا التوقف إن كانوا يحفرون في الطريق الصحيح. ولتسهيلها كانوا يدعون أنهم مرضى ويزورون مستشفى السجن من أجل تدوين كل الملاحظات بهذا الشأن.واصل المعتقلون حفر النفق إلى أن وصلوا إلى حديقة مسكن مدير السجن، وهناك فروا في جنح الظلام. وفيي الصباح، وبعد أن كان سائقه يتجول في الحديقة عثر على حفرة، تبين في ما بعد أنها نفق، ليخبر مسؤولي السجن، ويكتشفوا أن الأمر يتعلق بـ"الفرار الكبير" لتسعة معتقلين من السلفية الجهادية. عاش السجن حالة استنفار قصوى، سيما بعد زيارة خاصة لوزير العدل وقتها رفقة الجنرال حسني بنسليمان، اللذين عاينا النفق.لم يدم فرار المتعقلين طويلا، إذ بأسابيع على هذه العملية نجحت عناصر الأمن بكل مختلف أنواعها من اعتقالهم من جديد، بعد أن فروا إلى مدن عديدة، يبقى أهمها مراكش التي شهدت اعتقال أحد الفارين بعد وشاية من زوجته، لتتم محاكمتهم من جديد.عير أن هذا الدرس لم يفد مسؤولي السجن مرة أخرى، إذ بعد عامين من العملية، أي في سنة 2010، حاول عشرة سجناء من معتقلي السلفية الجهادية الفرار من السجن بالطريقة نفسها، أي حفر نفق من مرحاض الزنزانة، إلا أن يقظة الحراس، أجهضت عمليتهم، عندما ضبطوا يغادرون الحفرة ويحاولون تسلق سور السجن.مصطفى لطفي

“الهروب الكبير” لمعتقلي السلفية من سجن القنيطرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفرار من المستشفيات... الطريق لاستعادة الحرية

"كسر القضبان"... إهمال أم تعمد؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات