الحكامة وعقلنة النفقات العمومية المفترى عليهما

موظف بأجرة شهرية تعادل 8 آلاف درهم لتدبير ميزانية سنوية لمؤسسة عمومية لا تتعدى 6 آلاف درهم من بين المصطلحات التي أصبحت لازمة في حديث المسؤولين بالمغرب، الحكامة الجيدة وعقلنة النفقات العمومية وضمان فاعليتها، بل إن الحكومة الحالية جعلت من هذه المبادئ أوراشا كبرى للإصلاح، في الخطاب بطبيعة الحال، إذ لا يخلو خطاب أو تصريح أو دورية لرئيس الحكومة وأعضائها من التذكير بضرورة اعتماد التدبير الفعال وتقليص النفقات العمومية والعمل على رفع فعالية الإنفاق العام. وفي هذا الإطار، جاءت المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة، التي تحدد التوجهات التي يتعين أن تتحكم في إعداد قانون المالية، إذ طالب عبد الإله بنكيران بضرورة ضبط نفقات السير العادي للإدارة وحصرها في الحد الأدنى الضروري، ما يفرض، حسب المذكرة، الالتزام بعدم اقتناء واكتراء السيارات إلا في الحالات الضرورية والمعللة وإخضاعها للترخيص المسبق لرئيس الحكومة، والعدول عن برمجة أي بنايات أو مساكن إدارية جديدة وتقليص نفقات الكراء، وعقلنة المهام بالخارج وحصر مصاريفها في الحد الأدنى الضروري لما يضمن التمثيل الرسمي للمغرب، وتقليص كلفة المشتريات عبر تفعيل مقتضيات المرسوم الجديد للصفقات العمومية، في ما يتعلق بتكتل المقتنيات. كما نصت المذكرة على ضرورة ترشيد نفقات الاستثمار وربطها بقدرة الإنجاز وبتحقيق النتائج. وفي السياق ذاته، ألغت الحكومة الدعم المخصص للبنزين والفيول الصناعي وقلصت قيمة تدعيم الغازوال تدريجيا، خلال السنة الجارية، وذلك بتبريرات من رئيسها لا تخلو هي الأخرى من لازمتي الحكامة وعقلنة النفقات العمومية.بكل تأكيد، لا يمكن أن يختلف اثنان حول ضرورة محاربة كل أوجه التبذير واعتماد الأساليب المطلوبة لضمان النتائج المرجوة من الإنفاق العام، والعمل على رفع فاعلية النفقات العمومية من خلال عقلنة تدبيرها، كما أن الكل متفق على اعتماد الأساليب الفعالة والجيدة في حكامة الشأن العام.لكن هناك العديد من المظاهر التي تعيشها مؤسسات عمومية تعكس البون الشاسع بين الخطابات والشعارات والواقع المعاش، على غرار قطاع التربية الوطنية، الذي تمثل ميزانيته 18.73 في المائة من إجمالي موارد الميزانية العامة، وتمثل أجور موظفيه 38.24 في المائة من إجمالي الكتلة الأجرية بالوظيفة العمومية، لكن نتائجه، بشهادة الجميع، تعتبر كارثية. وكان يفترض أن تشمله بالدرجة الأولى سياسة عقلنة المصاريف، لكن الواقع يقول إن دار لقمان ما تزال على حالها. فمن بين المظاهر التي تبعث على الاستغراب في هذا القطاع أننا نجد موظفا بصفة مقتصد في إحدى المؤسسات التعليمية يتقاضى أجرة شهرية تعادل 8 آلاف درهم وتقتصر مهمته في تدبير ميزانية سنوية للمؤسسة لا تتعدى 6 آلاف درهم! وهكذا، فإن راتب الموظف يتجاوز بـ 16 مرة ميزانية المؤسسة التي عهد إليه بتدبيرها. ما يمثل أقصى مظاهر العبث والتبذير والتدبير السيئ للإنفاق، ولا يمثل هذا المثال استثناء، بل هناك العديد من المظاهر المماثلة.عبد الواحد كنفاوي

الحكامة وعقلنة النفقات العمومية المفترى عليهما

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

30 ألف متفرج وأجواء احتفالية في مباراة الحسنية والوداد

حسبان يواجه ملتمسا بسحب الثقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات