الطبقات الفقيرة والمتوسطة دفعت فواتير الأزمة

علي لطفي يقول إن الإنجازات التي أعلنها بوسعيد تتناقض مع وضع حزبه المغرب في الخط الأحمر قبل الدخول للحكومة قال علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديقراطية للشغل إن الطبقات الفقيرة والمتوسطة قدمت الكثير من التضحيات، وساهمت في دفع فاتورة ثقيلة من أجل تخفيف من الأزمة والعجز الذي تعانيه ميزانية الدولة، وفي مقابل ذلك ترفض الطبقات الغنية المساهمة عبر رفض أداء الضريبة على الثروة، وأن لوبيات الريع والفساد تعرقل أي إصلاح يستهدفها. تفاصيل أخرى في الحوار التالي: أعلنت الحكومة قبل أيام عن إنجازاتها على لسان وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، وتم ذلك بما يشبه الاحتفال، فهل يمكن أن نعتبر ذلك إنجازا محسوبا لهذه الحكومة أم هي مجرد تراكمات عن إصلاحات بدأتها الحكومات السابقة؟ في الحقيقة من الصعوبة بما كان الحديث عن إصلاحات أو إنجازات يمكن أن تحتسب حصيلة للحكومة الحالية، خاصة إذا اعتمدنا على تصريح رئيس الحكومة أمام المؤسسة التشريعية كمقياس لنضع المقارنات وتقييما عاما لما تم إنجازه. ففي اعتقادي المتواضع لا شيء يمكن تسجيله اجتهادا وابتكارا لمقاربة فعالة وجدية جاءت به الحكومة في هذه الفترة الممتدة على سنتين، ويمكن اعتباره إصلاحا حقيقيا لمنظومتنا السياسية والاقتصادية والمالية والجبائية والاجتماعية.فإذا كانت الإصلاحات المتعلقة بتنزيل وبتفعيل الدستور الجديد معطلة، ومنها على الخصوص مسألة الجهوية والتدبير الجهوي للشأن العام والخروج من المركزية السياسية والإدارية المفرطة، فماذا عسانا أن نقول بالنسبة إلى المجالات الأخرى. أغلب الملفات الكبرى التي تكتسي طبيعة مستعجلة وأولوية لدى أوسع شرائح المجتمع بقيت حبرا على ورق، دون تنفيذ إلا في حالات استثنائية بما فيها المخطط الأخضر الفلاحي، إذ أن المستفيد منه هم طبقات الفلاحين الكبار والفلاحة التصديرية، كما أنه لا يؤمن الأمن الغذائي. كما لم تفلح الحكومة في محاربة الفساد الذي التزمت به، وجاءت تقارير دولية في نهاية السنة لتنطق بالعكس وبارتفاع ظاهرة الفساد والرشوة. كما التزمت الحكومة بمحاربة الفقر والهشاشة، لكن الملاحظ هو تعميق وتوسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء. وبالتالي لم تفلح الحكومة في مسألة العدالة الاجتماعية، ومن جانب آخر لم تتمكن الحكومة من القطع أو حتى الحد من ثقافة الريع واقتصاد الامتيازات والاحتكار والتملص الضريبي. منذ توليها مسؤولية تدبير الشأن العام وضعت من بين أولويتها إصلاح المنظومة الضريبية ومنظومة التقاعد ونظام المقاصة. وهنا نتساءل هل أفلحت الحكومة في إصلاح نظام التقاعد؟ وهل أفلحت في إصلاح نظام المقاصة؟ وهل أفلحت في إخراج بلادنا من أزمتها الخانقة اقتصاديا وماليا دون إثقال كاهل الأجيال المقبلة بقروض الديون الخارجية؟ هل استطاعت تقليص البطالة، خاصة بطالة خريجي الجامعات؟ أعتقد أن على بوسعيد أن يعود إلى الوراء ويطلع على وثائق حزبه قبل دخول حكومة بنكيران الثانية، إذا سوف يحبس أنفاسه بشأن تقارير الحزب حول وضعية المغرب. ما عدا إذا أراد الوزير أن يقول للمغاربة إن البلد كان على حافة الانهيار التام، وجاء حزب الحمامة لينقذه وفي ظرف وجيز ويغير المؤشرات التي كانت في مجملها تجاوزت الخط الأحمر. جميع الفرقاء السياسيين والنقابيين والمجتمع المدني يطالبون الحكومة بإصلاحات، إلا أنه عندما تتخذ خيارات قد تكلف المغاربة زيادات، تشتعل الاحتجاجات، ألا يجب برأيكم أن يساهم المواطن في دفع فاتورة هذه الإصلاحات مهما كانت غالية، لتحقيق نتيجة مستقبلية أفضل؟ المواطنون المغاربة، خاصة منهم الطبقات الفقيرة والمتوسطة قدمت الكثير من التضحيات، وساهمت في دفع فاتورة ثقيلة من أجل تخفيف الأزمة والعجز الذي تعانيه ميزانية الدولة. وأدى المواطن الضعيف الثمن غاليا بسبب سياسات التقويم الهيكلي منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي وسياسة التقشف حاليا وتملص الدولة من مسؤوليتاها في القطاعات الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن، وبالمقابل يظل المستفيد الحقيقي من الوضع ومن الإصلاحات المرتجلة هم فئة الأغنياء والمضاربين والسماسرة. فعندما تمس مصالحهم تبدأ المناورات والضغوطات وتشتعل الآلة السياسية والمالية لتوقيف الإصلاحات التي تهم عامة الشعب فهم لا يسمحون بتهديد مصالحهم، فكلما كان الإصلاح يهم الريع أو الاحتكار أو العدالة الضريبية، إلا وتحركت هذه الآلة الجهنمية لمواجهة الحكومة وإجبارها على التراجع وإلغاء تلك القرارات وما أكثرها في عهد حكومة بنكيران، بحكم غياب الشجاعة والإرادة السياسية في رفع التحدي ومواجهة عفاريت وجيوب المقاومة. أما إذا تعلق الأمر بالطبقة العاملة أو الفئات الشعبية الفقيرة الواسعة فالأمر يصبح غير مستعص وسهل المنال. لذلك نقول كفى من إثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة وعلى الأغنياء أن يساهموا بقسط من ثروتهم عبر قبول الضريبة على الثروة. هناك من يقول إن الحرب مفتوحة على الحكومة رغم أنها حققت إنجازات، وإن النقابات تحاول تغليط الرأي العام، بل يؤكدون أنه لا توجد أي علامات على استياء شعبي من طريقة تدبير الحكومة لأزماتها ولإصلاحاتها؟ من الطبيعي اليوم أن تنتفض النقابات ضد الحكومة ونعتقد في المنظمة الديمقراطية للشغل أن هناك ألف سبب للاحتجاج ضد هذه الحكومة، لأننا بصراحة أمام وضعية شاذة وغير مسبوقة على الأقل خلال العقد الأخير. أولا على مستوى بناء علاقات الثقة والتشارك بين الحكومة والأطراف الاجتماعية الأخرى من نقابات وممثلي أرباب العمل والتجار والمهنيين فأعتقد أنها غير صحية. ثانيا لم يسبق لنا كعمال وموظفين أن شاهدنا مثل هذا الهجوم على مكاسب الطبقة العاملة، وما نعيشه اليوم من اتخاذ لقرارات منفردة ومحاولة تمرير مشاريع إصلاحات ظالمة في حق الموظفين والعمال، يتعلق الأمر بالحماية الاجتماعية كفضيحة الصندوق المغربي للتقاعد فضلا عن تعطيل كل الاتفاقيات السابقة الناتجة عن الحوار الاجتماعي مع الحكومة السابقة. وما أعتقد أن الخطاب النقابي يحاول اليوم تغليط الرأي العام لأنه يطرح مطالب واضحة وشفافة. فهل تعميم الحماية الاجتماعية على جميع الأجراء تغليط للرأي العام؟ أو مطلب الترقي المهني بالشهادة الجامعية للأساتذة ولغيرهم من الموظفين؟ وهل مطلب المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 المتعلقة بحرية الممارسة النقابية مغالطة للرأي العام؟ وهل مطالبة الحكومة بتنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بإدماج الأطر المعطلة مغالطة أو تحسين وضعية المتقاعدين بالمغرب وذوي حقوقهم تدخل في نطاق المزايدات أو تغليط الرأي العام؟ في رأيي المتواضع إن العكس هو الصحيح فالحكومة هي من تروج لمعطيات تضليلية بخصوص عدد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها احترامها للحريات الأساسية، فبالأمس القريب صدر تقرير عن حرية الصحافة ببلادنا يتعارض كلية مع ما تجتره الحكومة من إنجازات. لابد من تحقيق الحد الأدنى من حاجيات الناس، وهناك شعور وإحساس بعدم الإنجاز، بل حتى إن كانت هناك إنجازات فهي جاءت لصالح الفئات الغنية والبنوك والشركات الكبرى. إن أسوأ سيناريو اليوم هو أن تخرج كل الفئات المهنية والمجتمعية من طبقة عاملة ومعطلين وتجار ومهنيين للشارع للاحتجاج ضد الحكومة، وقد أعلن بعض هذه المكونات عن تاريخ للاحتجاج والبعض الآخر يهدد.أجرت الحوار: ضحى زين الدين

الطبقات الفقيرة والمتوسطة دفعت فواتير الأزمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حبشي: الحكومة تبحث عن الحلول السهلة

ثلاث زيادات في أسعار المحروقات في أقل من سنتين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات