أقوى الهزات التي كادت تعصف بالدولة

المغرب جرب سياسة "العصا والجزرة" لتطويع مطالب الشارع واستعاض عن الوصفة الأمنية بالإصلاح السياسي كثيرة هي الهزات السياسية والاجتماعية التي عرفها المغرب، منذ بداية الستينات. وقد جربت الدولة وصفات مختلفة في التعامل معها، غير أنها لم تجرب يوما الوصفة الاجتماعية، واكتفت بالمقاربة الأمنية تارة والسياسية تارة أخرى. لا شك أن كل خيار من هذين الخيارين، أملته ظروف سياسية محددة، غير أن الاستعمال المفرط للعنف، من أجهزة الدولة في بعض الأحداث، جعلها تدفع، إلى يومنا هذا، ثمن إصلاح ما أفسدته سلفا سياسة «العصا والجزرة». من الهزات الاجتماعية، التي كلفت الدولة غاليا بسبب المقاربة الأمنية التي اعتمدتها، الأحداث التي شهدتها البيضاء في 20 يونيو 1981. أرواح الضحايا ما زالت تطارد المتهمين، إذ ظل ملف ضحايا 20 يونيو 1981، من الملفات الأكثر حساسية الموروثة عن سنوات الرصاص، خاصة أن ضحايا كثر دفنوا في سرية تامة داخل ثكنة عسكرية تابعة لرجال المطافئ بالقرب من الحي المحمدي ، وهي المقبرة الجماعية التي كشفت عنها التحريات التي أشرفت عليها هيأة الإنصاف والمصالحة، بالاعتماد على محاضر الشرطة وتقارير المنظمات الحقوقية وسجلات وزارة الصحة.لقد شكلت انتفاضة 20 يونيو، واحدة من الأحداث التي جربت فيها الدولة استخدام القوة، ضد المتظاهرين، فسقط المئات من الضحايا. سيناريو الأحداث كما يرويه من عايشوها، انطلق عندما استيقظ سكان مدينة الدارالبيضاء صباح يوم 28 ماي 1981، على وقع زيادات همت كل المواد الأساسية ، منها الدقيق والسكر والزيت والحليب، وتوالت هذه الزيادات تباعا بعد زيادات أخرى في أسعار المواد الأساسية في سنتي 1979 و 1980. تزامن قرار الزيادة مع بداية تطبيق التقويم الهيكلي، فجر الغضب الاجتماعي الذي أججه الصراع السياسي بين الدولة، وأحزاب ونقابات المعارضة حينها، التي دعت إلى الإضراب العام وخروج المغاربة للاحتجاج. رد السلطة كان عنيفا، وفاق عدد القتلى 637 قتيلا حسب حقوقيين، أما وزير الداخلية الراحل إدريس البصري فحدد الرقم في 66 قتيلا فقط، حينها، واصفا الضحايا بـ»شهداء كوميرا»، تأكيدا على أن قرار اعتماد المقاربة الأمنية، كان خيار الدولة بإرادة واعية. في دورة جديدة، وبعد عشر سنوات سوف تتجدد الأحداث الاجتماعية، في فاس. كانت الهزة عنيفة مرة أخرى، وكان التدخل الأمني أعنف. الأحداث التي عرفتها المدينة في 14 دجنبر 1990، حركتها المطالب الاجتماعية، غير أن الدعوة إلى الإضراب التي وجهتها نقابتان مقاربتان من الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، جوبهت بتدخل أمني أخمد الحراك الاحتجاجي باستخدام الرصاص الحي وسط الشوارع، ما أدى إلى مقتل العشرات و اعتقال المئات صدرت في حقهم أحكام قاسية، فتشكلت على إثرها لجنة تحقيق برلمانية، حددت عدد الضحايا في 42 قتيلا، بينما قدمت هيأة الإنصاف والمصالحة، في وقت لاحق، أرقاما مختلفة عن ضحايا أحداث فاس، وحصرت عدد القتلى في 106، بعد اكتشاف مقبرة جماعية سنة 2008 ، بحديقة جنان السبيل بالمدينة القديمة بفاس، لقتلى انتفاضة 14 دجنبر 1990.إحسان الحافظي

أقوى الهزات التي كادت تعصف بالدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تدبير الأزمات بالحل السياسي

إصلاحات الحكومة... كلفة الترقيع

مقالات ذات صلة