ملحقة الخارجية بالرباط… فضاء السماسرة

يعرضون خدمات لتصحيح الإمضاء دون عناء الانتظار وتمتد وساطتهم إلى أشياء أخرى يجد كل راغب في تصحيح الإمضاء بملحقة وزارة الخارجية بالرباط نفسه أمام خيارين، إما الاستسلام للسماسرة وقضاء غرضه في رمشة عين بمقابل مادي متفاوض بشأنه أو الانتظار ساعة كاملة من الزمن على الأقل، والعودة بخفي حنين إلى مسقط الرأس من أجل القيام بإجراء ما قبل العودة مرة ثانية... حركة غير عادية أمام باب ملحقة وزارة الخارجية بالرباط، أشخاص يقفون بشارع الجزائر حاملين مظلات تحميهم من المطر الذي كان يتساقط. بمجرد أن تقف سيارة أجرة يقترب أحدهم نحو النازل منها ثم يسأله دون مقدمات" "أش من دولة أخويا؟ الهدف الظاهر من السؤال معرفة ما إذا كنت ستصحح وثائقك بالملحقة أم بملحقة ثانية، أما الهدف الخفي، فهو تجاذب أطراف الحديث معك لمعرفة ما إذا كنت في عجلة من أمرك، وترغب في إنجاز الوثائق دون الانتظار في طوابير طويلة، يقف بها أشخاص حلوا بالمكان في ساعات متقدمة من الصباح. أغلب المواطنين يعتذرون بطريقة لبقة أو يرفضون حتى الإجابة عن السؤال ويواصلون سيرهم نحو باب الملحقة الذي تجمع أمامه بعض الأشخاص، بالإضافة إلى عامل بالملحقة مكلف بتنظيم الوافدين عليها، قبل أن يدلفوا إلى الداخل ليأخذوا مكانهم في الطابور حيث تجمع العشرات. لا يلح السمسار كثيرا، فمجرد عدم إبداء الرغبة في الوساطة من أجل تصحيح الإمضاء ينهي الحديث ليبحث عن شخص آخر، إلى أن يقع صيد ثمين، غالبا ما يكون شخصا في عجلة من أمره، ويرغب في تصحيح وثائقه دون تحمل الانتظار. لاش من بلاد غادي تدفع الوراق؟" سؤال يطرحه السمسار بطرحه حتى لا يترك للزبون الكثير من الوقت للتفكير أو التراجع عن طلب خدمته، وهدفه من وراء ذلك هو تحديد ما إذا كان سيصحح وثائقه بالملحقة نفسها أو الملحقة الثانية الموجودة بمكان يبعد ب500 متر، والتي خصصت للوثائق المراد تقديمها أمام قنصليات إسبانيا والإمارات والسعودية. "مزيان غادي تكاليزي اهنا"اشحال عندك من ورقة؟ " يعجل السمسار بطرح السؤال قبل أن يجيب زبونه" ليحدد عدد الوثائق ونوعها، قبل أن يطلب منه تسليمه مقابل الطوابع البريدية، وثمن وساطته من أجل تسهيل مهمته. غالبا ما يترك السمسار للزبون تحديد المبلغ، غير أنه قد يبدي رغبته في المزيد، في حال ما إذا بدا له أن الأخير شحيح، وقد يذكره بأن المبلغ لن يضعه في جيبه كاملا وأن هناك أشخاصا آخرين سينالون حصتهم. إذا لم تختر هذا الطريق فما عليك سوى قضاء ساعة على الأقل من أجل تصحيح وثائقك بالملحقة سالفة الذكر، والانتظار يكون على مراحل، تبدأ الأولى في ساحة الملحقة الداخلية حيث تتسلل إلى المكان قطرات المطر في الشتاء، ولهيب الحرارة في الصيف. في هذا الفضاء الضيق الذي قد لا يتسع للجميع، تسمع بين الفينة والأخرى العامل المكلف بإدخال الوافدين يصرخ بصوت عال "شكون عندو السبانيول ولا الإمارات ولا السعودية؟ قبل أن يضيف "راه التصحيح ديال الوثائق ديال هاذ الدول ماشي اهنا". بين الفينة والأخرى يخرج من بين المصطفين شخص يؤكد أن بحوزته وثائق سيقدمها أمام قنصلية تابعة لإحدى الدول الثلاث، قبل أن يصطحبه العامل ويطلب منه التوجه إلى الملحقة الثانية، ثم يطلب منه التنقل إليها عبر سيارة أجرة، أو على قدميه، خاصة أن المكان غير بعيد.ينشغل المصطفون بترتيب وثائقهم أو قراءة بعض الورقات التي علقت بالساحة، والتي تشير إحداها إلى أن العمل بالملحقة يكون من الساعة الثامنة والنصف إلى الساعة الثانية ظهرا من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، وقد يفتح أحدهم نقاشا ليستفسر عن سبب اعتماد هذا التوقيت في إدارة تعتبر عمومية، ما قد يحرم العديد من المواطنين، خاصة القادمين من مدن بعيدة من قضاء أغراضهم. ويشير الإعلان نفسه إلى أن تصحيح الإمضاء داخل المصلحة يكون بدون موعد مسبق وبـ 20 درهما للوثيقة الواحدة، وهو إعلان يتضمن إشارة إلى محاربة للسماسرة الذين غالبا ما يحاولون إيهام الضحايا بعكس ذلك، خاصة ثمن تصحيح الوثيقة. بعد انتظار قد يترواح بين ربع ونصف ساعة، حسب سرعة أداء العاملين بالمصلحة وعدد الراغبين في الخدمة، يطلب العامل بالملحقة من مجموعة أخرى من المصطفين الدخول إلى الملحقة بعد أن يسلمهم أرقاما، يجد كل واحد منهم نفسه محبوسا في غرفة صغيرة، بعد أن كان يعتقد أن فترة الانتظار قد انتهت. يخيم صمت على الغرفة يكسره بين الفينة والأخرى العامل بالملحقة الذي يصيح بصوت مرتفع مرة أخرى "شكون عندو السبنيول ولا الإمارات ولا السعودية؟" قبل أن ينهض رجل في الخمسينات من عمره، ويجيب "أنا السبنيول" ليقول له العامل "نوض اتكعد احنا من الصباح كنغوتو فين كنت"، ينهض الرجل من مكانه دون أن يعرف ما الذي يجري قبل أن يخبره العامل أن عليه التوجه إلى ملحقة ثانية ويرشده إلى الشارع المؤدي إليها. بعد طول انتظــار يطلب العامـل من الجميــع الصعود إلى الطابــق الأول حيث اصطــف بعــض الموظفين المكلفين بتصحيح الوثائق خلف مكاتبهم. بين الفينة والأخرى، كان المكلف بمراقبة الأوراق، التي غالبا ما تكون عقد ازدياد أو زواج، يطلب من شخص ما جاء لتصحيح الإمضاء أن يعود إلى مكان إصدار الوثيقة، من أجل تصحيحه بالمحكمة أو العمالة حسب طبيعتها. الصديق بوكزول

ملحقة الخارجية بالرباط… فضاء السماسرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

75 في المائة نسبة نجاح عمليات تجميل الثدي

قضاة النادي يتحدون المنع بالعاصمة

مقالات ذات صلة