fbpx
حوادث

مولاي رشيد … مرتع الجريمة

احتراف السرقات وسلبية العائلات أجهضا كل المحاولات الأمنية للسيطرة على الوضع

رغم التضحيات الأمنية وتعيين المديرية العامة للأمن الوطني لمسؤولين وضباط وعناصر كفؤة، استعصت الجريمة بمنطقة مولاي رشيد بالبيضاء على الترويض. في مناسبات تخف حدتها، بعد تفكيك عصابات واعتقال جانحين، إلى درجة أن الجميع يتوهم أنها ولت دون رجعة، إلا أنها تعود بحدة أكبر ، إذ يظهر متورطون جدد يتسلمون مشعل الجريمة من سابقيهم، لتجد العناصر الأمنية نفسها أمام حرب استنزاف جديدة، تكلفها مجهودات وتضحيات كبيرة لاستعادة السيطرة على الوضع.

إنجاز : مصطفى لطفي

منذ سنوات، كان لـ”الصباح” لقاء مع مسؤول أمني أحيل على التقاعد، لحظة تعيينه على رأس دائرة أمنية، في أيامه الأولى، كان متفائلا بنجاح خطته للقضاء على الجريمة، متسلحا بخبرته الطويلة التي قضاها ضابطا صارما بالعديد من المناطق البيضاوية، لكن بعد فترة، أعلن استسلامه في القضاء على الجريمة بمولاي رشيد، وما زالت عبارته مدوية إلى اليوم،” خدمت في جميع المناطق وعمرني شفت فحال هاد شي، راهم فحال الجراد… كتشد الشفارة كاملين وكتقول تهنيت، شويا كي خرجو ليك وحدين جداد كي شعلو العافية بالمنطقة”.

مدخول يومي مريح
رغم أن منطقة مولاي رشيد تزخر بحي صناعي يضاهي المناطق الصناعية بالمغرب، إذ به كبريات الشركات من مختلف التخصصات والأنشطة الصناعية، إلا أن نسبة البطالة في صفوف شبابه تبقى مرتفعة. البعض ربط الأمر بنوع من الحيف في حقهم، متهما جهات بأنها تتعمد حرمانهم من فرص الشغل، إلا أن الواقع، يكشف حقيقة مرة، فبعض أبناء المنطقة غادروا أقسام الدراسة في وقت مبكر ولا يتوفرون على دبلومات عالية، وبسبب الحاجة إلى المال، احترفوا الجريمة، سيما أن مدخولها اليومي يتجاوز بكثير الأجرة الشهرية لإطار في أكبر الشركات بالمنطقة.

سعيد، شاب في الثلاثينات من العمر، كان من أشهر اللصوص بمنطقة حي السلامة. أعلن توبته بعد مأساة عاشها، إذ توفيت والدته وهو يقضي عقوبة حبسية، أقر أنه كان يحقق مداخيل يومية تتراوح ما بين 500 درهم و 2000، حسب عدد عمليات السرقات، ونوعية الهواتف المستهدفة، والمبالغ التي يغنمها من حقائب النساء، إلى درجة أنه توصل بعرض للعمل بأجر محترم، فرفضه بشكل قاطع.
هذه الأرباح التي يحققها الجانحون، يؤكد سعيد، غالبا ما تنفق في استهلاك المخدرات والخمور، وارتداء أزياء غالية الثمن، من قبيل ألبسة وأحذية رياضية من ماركات عالمية، إضافة إلى ساعات فاخرة، والمثير يؤكد سعيد، أنهم يتباهون بذلك أمام الجميع، والنتيجة أنهم تحولوا إلى قدوة لقاصرين، ضحوا بمستقبلهم لاحتراف الجريمة.

ورطة العاملات
زيارة المنطقة الصناعية بحي مولاي رشيد تشعر زائرها في المرة الأولى بالأمان، إذ يعم المنطقة هدوء غير عاد، لكنه في الحقيقة الهدوء الذي يسبق العاصفة، فلحظات قبل مغادرة العمال، تصادف غرباء يتجولون بطريقة مريبة بالمنطقة، تدرك حينها أن حدثا جللا سيقع، سيما عندما يقع ازدحام كبير أثناء مغادرة العمل، إذ بعد فترة قليلة تشرع عاملة في الصراخ بعد أن اكتشفت بشكل متأخر أن هاتفها المحمول أو مبلغا ماليا ادخرته لليوم الأسود اختفى في رمشة عين.
استهداف العاملات صار علامة مسجلة بمنطقة مولاي رشيد، سواء في الصباح الباكر، أو في المساء، إلى درجة أن جانحين دخلوا في صراعات للتنافس على احتكار هذه الغنيمة.

تتذكر سعاد، عاملة بشركة للنسيج، كيف وقعت ضحية عصابة من ثلاثة أشخاص اعترضوا سبيلها في الصباح الباكر، وهم في حالة غير طبيعية، هددوها بالسلاح الأبيض، ولما حاولت طلب النجدة و مقاومتهم، عزف أحدهم على الوتر الحساس عندما حرض شريكيه على اغتصابها، فلم تتردد في منحهم كل ما تملك، من مال وهاتف محمول اقتنته حديثا، فغادروا دون أن يلحقها الأذى بعد أن استوعبت الدرس جيدا.
لا يقتصر استهداف العاملات في الشارع فقط، بل امتد إلى وكالات لتحويل الأموال، فبمجرد دخول العاملة لاستخلاص أموال توصلت بها، يترقب اللصوص خروجها، إذ يظل لها خياران إما المقاومة وطعنة في الوجه، أو الاستسلام لقدرها.
وساهم تفشي الجريمة بهذه المنطقة، في انتشار ترويج المخدرات من مختلف الأنواع، والمثير للاستغراب أن أغلب المروجين صغار في السن، أدمنوا عليها،وبسبب حاجتهم للمال، وجدوا أنفسهم يعملون مساعدين لفائدة جهات تحرك خيوط اللعبة عن بعد.

تضحيات الأمن
رغم هيمنة الجريمة، إلا أن تضحيات المصالح الأمنية يشهد بها الكبير والصغير، حملات يومية لفرق الدراجين والشرطة والأمن العمومي للسيطرة على الوضع، إلا أن هذه التضحيات عاجزة عن السيطرة على الوضع، لسببين رئيسيين، كشف عنهما شكيب، فاعل جمعوي، الأول قلة العناصر الأمنية، فعددها بالمنطقة، حسب قوله، غير كاف حتى للسيطرة على ثلاثة أحياء، فبالأحرى عمالة مترامية الأطراف. وتساءل شكيب مستغربا، كيف يعقل أن تسند المهمة إلى عدد لا يتجاوز ثمانية عناصر أمنية للسيطرة على حي واحد أغلب شبابه احترف الجريمة، بل يؤازر بعضهم البعض للتصدي لأي تدخل أمني لاعتقالهم.
والسبب الثاني، حسب شكيب، تحريض عائلات أبناءها على احتراف الجريمة لأسباب اجتماعية ومادية، إذ تصبح عائدات السرقات مدخولها الرئيسي، والدليل أنه في حال اعتقال الأبناء، تتعامل مع الحدث بشكل عاد، بل تغدق عليهم الهدايا وأفخم الأطعمة أثناء زيارتهم في السجن.

هذه الظاهرة،، يؤكدها، طارق، تقني بشركة خاصة، إذ له قصة طريفة في هذا الموضوع، إذ في مناسبة تعرضت شقيقته للسرقة أثناء توجهها للعمل، فعلم بهوية الفاعل الذي لم يكن سوى ابن الجيران، ولما احتج على والدته، سلمته حقيبة شقيقته، واعتذرت له لأن ابنها اعتقد أنها غريبة عن الحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.