التشريع الجيد والتنظيم الدقيق سلاح القاضي

القاضي مطلوب فيه الفهم الجيد والكفاءة العالية والذكاء المبدع بداية يمكن القول إن الهدف الأساسي من ميثاق إصلاح منظومة العدالة، إن لم أقل التعديل الدستوري برمته هو ترسيخ استقلالية السلطة القضائية، لذلك على التو أكون مضطرا لطرح السؤال التالي: هل القوانين التنظيمية للقضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لامست هذه الحقائق وقدمت كل التدقيقات والتوضيحات وانزل الدستور إنزالا ديموقراطيا في انسجام مع مبادئ وقواعد الأمم المتحدة والمعاهدات والمواثيق الدولية وسمو المهمة القضائية أم لا ؟. إن الجواب المقنع والموضوعي لهذه الأسئلة سيكون حتما باستعمال كل آليات التفسير والتأويل والتحليل للمؤسسات التالية:مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومؤسسة الأمانة العامة للمجلس مؤسسة التكوين والتأطير والمؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية مؤسسة التفتيش، التي تمارس وظيفة المجلس الأعلى الرقابية والبحث والتحري بخصوص وقائع محددة.مؤسسة الرئيس والوكيل المسؤولين عن وظيفة التقييم التسلسلي بتقارير موضوعية ورفع النجاعة القضائية وضمان جودة الأحكام وتسريع وتيرة معالجة الملفات وتتبع إجراءات التبليغ والتنفيذ والتأطير والتأهيل داخل المحاكم كوحدات قضائية. مؤسسة القاضي المرتبطة ارتباطا وثيقا باستقلالية القضاء. ونظرا لأهمية هذه المؤسسة، فإننا نكتفي الآن بتحليلها كتتمة لموضوع إصلاح منظومة العدالة المنشور في نهاية شهر نونبر من هذه السنة لدورها الأساسي والمحوري، في مجال السلطة القضائية والعملية الإصلاحية عموما، لذلك يمكن القول إن القاضي كآلية للحكامة لا يمكن إضفاء أي صفة عليه أو إعطائه تنبيهات تهدد استقراره واستقلاله مع تحريره من كل ما من شأنه أن يؤثر على ثباته في منصبه وعمله بكيفية غير مشروعة أو الانتقام منه باسم القانون أو المصلحة القضائية.فهو كمؤسسة داخل المحكمة أو خارجها يتمتع باستقلالية أخلاقية ودستورية، بعيدا عن أي خلفية سياسية أو إي نوع من الوصاية أو التبعية. ونظرا لهذه المكانة المتميزة، ومركزه وعفته ومسؤوليته الجسيمة لا يمكن بأي وجه من الوجوه إضعافه أو الحد من حرياته وحقوقه أو التأثير على عمله ومردوديته، ومن ثم فإن الاهتمام بشؤونه المالية وبتكوينه وتأهيله فكرا وقضاء وتحصينه من مختلف أنواع الانحرافات والتأثيرات والتنقيلات التعسفية وتهييئ الظروف الملائمة لعمله والنهوض بأوضاعه المادية والمعنوية أمر محسوم فيه في كل الأنظمة السماوية والوضعية.لكن يبقى المطلوب من القاضي اليوم الذي يتمتع بالسلطة القضائية ضرورة تفرضها حماية المتقاضين، هو الفهم الجيد والكفاءة العالية والذكاء المبدع لتطبيق وحسن تفعيل مقتضيات القانون والاجتهاد في حالة النقص أو الغموض بحياد تام ونزاهة وتجرد لضمان حسن سير الإجراءات وحماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي بعدالة وإنصاف وضمان نجاعة الدولة وبناء الإنسان وصناعته من جديد على أسس ديموقراطية صحيحة وتحسين بيئة الاستثمار وسرعة النمو.كما أن النيابة العامة دورها الأساسي تنفيذ السياسة الجنائية وتطبيق التعليمات القانونية الكتابية الواردة من رؤسائها، أي في النهاية السهر على احترام القانون وحماية النظام العام تحت إشراف الوكيل العام للملك مع تقديمها لملتمسات ومستنتجات، وقيامها بتدخلات لبث الطمأنينة والاستقرار والأمن بين أفراد المجتمع كلما استدعت المصلحة العامة ذلك.ومن ثم، فإذا التزمنا بترك كل ما يهدد مبدأ الاستقلالية فمصير القاضي المهني، يجب أن ينظم بضوابط موضوعية، وأن يرتبط مباشرة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية دون غيره، لا من حيث شروط الالتحاق والتدريب أو التعيين أو الترقية أو التأديب أو التقاعد، فالعدالة وترسيخ المشروعية بدونهما، لا يمكن الوصول إلى تنمية اقتصادية حقيقية في مضمونها وبعدها الاجتماعي.فمثلا ثقافة الأمية أو الجهل المركب السائد حاليا، آفة أصابت الأمة العربية في الصميم وتعد اليوم السبب الرئيسي في إبعاد المواطن العربي عن خدمة الصالح العام وعدم تفعيل الأجر أو الربح أو المعاش، أو ما يدخل في حكمهم في إطار الأخلاق والكرامة.وبطبيعة الحال، إن هذا الوضع هو الذي يحجب رؤية الحق حقا ومعرفة معنى الواجب واجبا، وفي الوقت نفسه الحسم النهائي فيما نريد، ومن ثم فإن دور القاضي أصبح اليوم يتجاوز الفصل في القضايا الخلافية طبقا للقانون، إلى المساهمة في إضعاف الأنا مصدر كل الشرور في النفس البشرية، وذلك بهدف الاستغلال الجيد لكل فرص التطور والتقدم.إنها باختصار مسؤولية جسيمة وثمنها نفيس جدا. فالوضع اليوم يحتاج بكل تأكيد إلى إيجاد حلول لكل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمالية العالقة وإلى إجراءات مشددة وصارمة وإلى إنجاز وتفعيل القوانين وترتيب المسؤولية في حق كل ما يعطل العمل ويمزق الحياة الاقتصادية ويشوه المشهد السياسي والمالي والثقافي والتعليمي والصحي، ويمس بأمن المجتمع ويعرقل استمراره بتهور وسوء النية، وفي الوقت نفسه إنصاف من معه الحق وبجانبه القانون ويريد الإصلاح ويدبر الشأن الخاص أو العام بحكمة وتبصر.لذلك، فتكاليف الإصلاح الشمولي والعميق لمنظومة العدالة ستكون باهظة، أما بالنسبة إلى الأمن المالي للقاضي، فضرورته تجد مبررها في عدم إضعافه أمام إغراءات المال والجاه والسلطة والنفوذ، فنظام الأجر والتعويض عن المهام أو التفرغ لمباشرة العمل داخل المجلس والترقية يجب أن يكون محفزا ويشكل إغناء القاضي و تحقيق كرامته.كما أن التكوين والتأهيل المستمرين يجعلان القاضي على دراية تامة بمهارات الصنعة القضائية وتقنيات العمل القضائي العادي أو المتخصص فكرا وعملا وسيقوي قيم العقلانية والديموقراطية والحكامة والجودة في الأداء وحسن التدبير والقدرة على التواصل والحرص على المواكبة والتتبع والانفتاح على المحيط الوطني والدولي والوعي بالخطوط الحمراء التي سطرها القانون وفي هذا الباب أؤكد : أولا - على أن شروط الالتحاق بالقضاء لم تتوفق في تكريس مبدأ المساوة أمام القانون.ثانيا- أن اشتراط شهادة الماستر يقتضي بالضرورة حذف الدرجة الثالثة لانعدام المبرر في بقائها.ثالثا - إن تمديد فترة التدريب في ثلاث سنوات هو مضيعة للجهد والمال والوقت فسنة واحدة في المعهد كافية لإعداد قضاء مؤهل و لبث روح التجديد والإبداع في القضاء والتشبع بثقافة الجهد والمبادرة، طبعا إذا كانت الهيأة المشرفة على التكوين و التأطير تعمل بعقل سليم ومنهجية علمية بدل المنهجية التقليدية العقيمة السائدة حاليا، فبكل صدق أن الدراسة التي تلقيتها خلال ثلاثة أشهر من إحدى المنظمات الأمريكية تحت إشراف وزارة العدل، هي أفضل بكثير من سنين عديدة قضيتها في الكلية و المعهد العالي للقضاء، مع التذكير بأن من أعد الدراسة هم أساتذة مغاربة يعيشون بيننا وليسوا أجانب وإنما أدمغة مغربية. رابعا- إن اعتماد القضاء الجماعي في محاكم الدرجة الأولى في الوقت الحاضر غير عملي. ولا يساهم بتاتا في ترشيد الموارد البشرية و رفع درجة الإنتاج و الجودة والفعالية والسرعة.* باحث في الشؤون القانونية

التشريع الجيد والتنظيم الدقيق سلاح القاضي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فلاح يطلق النار على عصابة الكنوز بضواحي تمارة

شهران حبسا لممرضة متقاعدة بسطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات