كلما جادت السماء بقطرات من الماء على البيضاء، كلما تذكر سكان الدور الآلية للسقوط بالمدينة القديمة، "ملامح" مسؤولي شركة عمومية، وعدوهم بمشروع "ضخم" للترحيل وإعادة الإسكان، لفسح المجال لبناء محج كبير يربط بين مسجد الحسن الثاني وساحة الأمم المتحدة يحمل اسم الملك الراحل. وبدا أن الشركة الوطنية للتهيئة الجماعية، المعروفة اختصارا بـ"صوناداك" لم تفشل في إنجاز شارع فحسب، بل تخلت أيضا عن مشاريع أخرى وسط البيضاء تكلفت بها منذ 2002، في إطار اتفاق بينها وبين المجموعة الحضرية (سابقا) لمساعدتها على تركيب مالي آمن في السنوات اللاحقة. وتسلمت "صوناداك"، على امتداد سنوات، سلسلة من الأوعية العقارية بعمالة الفداء مرس السلطان، من أجل إنجاز عدد من المشاريع ذات المردود التجاري والمالي التي ستمكنها من الالتزام بحصتها في تمويل مشروع ترحيل آلاف من قاطني الدور العتيقة بالمدينة القديمة، وتهييء الممر الخاص بالمحج الملكي. وحسب معطيات توصلت بها "الصباح"، فإن الشركة الوطنية للتهيئة الجماعية أقنعت مسؤولي المدينة بمشروع إعادة تهيئة عدد من الأسواق الكبرى، عبر تملك العقارات المقامة عليها بثمن شبه رمزي (حوالي خمسة هكتارات)، ثم إعادة بناء المحلات التجارية بمواصفات خاصة، وتسليمها إلى التجار وفق سومة كرائية جديدة، تدر عليها عائدات مالية مهمة لتغطية نفقاتها. ووضعت المجموعة الحضرية، وجماعة الفداء (سابقا)، جميع التسهيلات أمام الشركة التي كانت تقدم نفسها أنها مسنودة بقوة من جهات من خارج المدينة، وأوامرها لا ترد، قبل أن يأتي قضاة المجلس الأعلى للحسابات ويكشفوا عددا من الفضائح المالية التي كتبت سوادا على بياض في تقرير رسمي رفع إلى الملك. وبعد أن وضعت مشروع المحج الملكي في الرف، تفرغت الشركة إلى مشروعها الجديد بعمالة الفداء مرس السلطان، الذي يهم إعادة هيكلة المركب التجاري القريعة على أربع مراحل، لبناء 2325 شقة سكنية على أربعة طوابق وطابق سفلي للمحلات الراقية، كما يضم المشروع بناء 2373 متجرا برمج أن يستفيد منها تجار سوق القريعة وبئر انزران وسوق العيون. ويقترب المشروع من 20 سنة، دون أن تنجز الشركة أية خطوة، بل ساهمت في تفجير المنطقة بمشاكل جديدة ذات صبغة اجتماعية ومالية، تتعلق بمصير التجار الذين منعوا من أداء واجبات الكراء، في هذه السنوات، دون أن تسقط عليهم بالتقادم. ووجد المجلس الجماعي السابق في عهد عبد العزيز عماري، مخرجا لـ"صوناداك"، عبر الإقرار بفشلها في هذه المشاريع، مع إيجاد تسوية لإعادة الأوعية العقارية التي استفادت منها سابقا بالثمن نفسه الذي اقتنتها به في 2002، وهي تسوية مازالت تراوح مكانها إلى الآن. وعلمت "الصباح" أن الشركة طلبت من المجلس الجديد، الذي تترأسه نبيلة ارميلي، إعادة النظر مجددا في جميع هذه الاتفاقيات، وتقديم مزيد من "التسهيلات" لها، حتى تفي بوعد بناء مجرد شارع. يوسف الساكت