مهاجرون يودعون حياة السرية

4000 مهاجر سارعوا إلى مقر ولاية الرباط في يوم واحد بحثا عن بطاقة تحفظ الكرامة "أنا هنا اليوم، لأنني أخيرا سأحظى بوثيقة تحفظ كرامتي وتجعل مني مواطنا له الحقوق ذاتها وعليه الواجبات نفسها التي يتمتع بها المغاربة... أخيرا سأصبح واحدا منكم"، يقول جان ذو الأصول النيجيرية، دون أن تفارق محياه ابتسامة عريضة. منذ الساعات الأولى من صباح ثاني أيام السنة الجديدة، حج مئات المهاجرين، إلى قلب العاصمة الرباط، أملا في الحصول على صك العبور إلى النور، وإنهاء عتمة الفوضى التي عاشها بعضهم لأزيد من عشر سنوات ، أثقلت كاهلهم في البحث عن منفذ للعبور إلى بلد من بلدان "الإلدورادو"، قبل أن ينتهي الحلم ويجدوا أنفسهم مضطرين إلى الإقامة، في بلد كان يفترض فيه أن يكون محطة عبور ليتحول إلى بلد الوصول والإقامة ورافعة حلم جديد ليس بقتامة ما عاشوه في بلدانهم الأصل ولا بروعة ما تمنوه.أول أمس، وعلى غرار ما جرى في عدد من العمالات والولايات في مختلف أقاليم المغرب، اصطف ما يناهز 4000 مهاجر، من دول إفريقيا جنوب الصحراء ومن آسيا، خصوصا الفلبينيات اللواتي تجمعن غير بعيد في صف طويل، أثثه رجال ونساء، منهن من اضطررن إلى حمل رضعهن، يتبادلون الابتسامات والتعليقات مرة بفرنسية متعثرة وأحيانا بلغاتهم ولهجاتهم المحلية إن علموا أنهم ينتمون إلى البلد ذاته. يحيي بعضهم الحراس ورجال الأمن، الذين كانوا هم بدورهم في الموعد مع انطلاق تسوية الوضعية القانونية للمقيمين في المغرب بصفة غير قانونية، والحصول على بطاقة الإقامة، في إطار تفعيل السياسة الجديدة للمغرب في مجال الهجرة.ولأن الراغبين في إيداع طلبات الحصول على بطاقة الإقامة، كانوا كثرا في اليوم الأول لانطلاق العملية، اتفق الحاضرون مع المسؤولين عن العملية بالولاية على تحديد مواعد، على أن يستقبل المكتب المخصص لهذا الغرض، 30 مهاجرا يوميا، «ولأن اليوم الأول استثنائي، تم استقبال 43 مهاجرا»، يقول عدي بوعرفة عن المنظمة الديمقراطية للشغل، التي كانت السباقة إلى طرح إشكالية هذه الفئة من المهاجرين، مشيرا إلى أن في الرباط وحدها، يوجد 1500 مهاجر سري جلهم ينتمي إلى أحد بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، فضلا عن حوالي 40 فلبينية وجدن أنفسهن في وضعية غير قانونية لسبب أو لآخر، يقيم غالبيتهم في أحياء النهضة واليوسفية والتقدم، صار اليوم بإمكانهم التنقل على امتداد التراب الوطني، والحصول على فرصة عمل.لم ينتظر المهاجرون طويلا، حتى انطلقت عملية إيداع الطلبات. كل منهم يحمل الوثائق المطلوبة، نسخة من جواز السفر، أو ما يثبت هويتهم والبلد المتحدرين منه، وهي غالبا وثيقة يحصلون عليها من سفارتهم، وصورتين فوتوغرافيتين، فضلا عن وصولات أداء الماء والكهرباء، أو عقد عمل، وملف طبي لمن يعاني منهم أمراضا مزمنة. بمجرد التأكد من وثائقهم، يملأ المهاجرون، غير الشرعيين، الراغبون في الحصول على بطاقة الإقامة استمارة مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، تتضمن مجموعة من المعلومات، من قبيل تاريخ القدوم إلى المغرب، وأوراق الهوية، ثم يحصلون على وصل، على أن يحصلوا على بطاقة الإقامة بعد أسبوع. أميناتا.. الأطفال أخيرااقترب موعد أميناتا السنغالية، البالغة من العمر 34 سنة. أخيرا ستلج المكتب وتقدم وثائق تأكدت مرارا أنها كاملة ولا ينقصها شيء. لا يهمها أنها ظلت أكثر من خمس ساعات تنتظر موعدها الذي حل بعد زوال الأمس لينهي عامين من الإقامة غير الشرعية. "في الواقع لم أجدد بطاقة الإقامة في السنتين الماضيتين، غير أني دخلت المغرب بشكل رسمي، وكنت لسنوات مضت في إطار القانون"، تضحك أميناتا، الأم لطفلتين، كبراهما بلغت خمس سنوات، فيما الصغرى لم تنه بعد السنتين، مؤكدة أنها قبل حوالي سبع سنوات انتقلت للعيش بالمغرب، "كان قراري بمثابة مغامرة جديدة أردت خوضها. المغرب كان بلدا جديدا وأيضا حياة جديدة، وهذا ما أردته. عملت أميناتا منذ أن حلت بالمغرب مساعدة بروض للأطفال، بالضبط في فاس، انتقلت بعدها إلى العاصمة وعملت بالمجال ذاته، "لكن وحتى أكسب المزيد من المال وأحسن أوضاعي المالية والاجتماعية عملت بمراكز النداء".تزوجت أميناتا من كامروني قرر عدم الاستقرار في المغرب، "كان يزورنا بانتظام، حتى إنه موجود حاليا معنا لقضاء نهاية السنة"، تحكي أميناتا، التي قالت إنها توقفت قبل سنتين عن العمل لإصابتها بمرض، وكان هذا سبب عدم تجديدها بطاقة الإقامة.لا شيء يزعج أميناتا اليوم سوى أنها مضطرة لانتظار إطلاق تسوية وضعية الأطفال أيضا "قالوا لنا أنهم سيشرعون أولا في تسوية وضعية الأزواج، على أن ينتقلوا إلى تسوية وضعية الأطفال في المرحلة الأخيرة"، مبدية قلقها "ابنتي البكر في مدرسة خاصة اليوم، ويتعين أن أدرج ابنتي الصغرى، وأنا بحاجة فعلا لأن تكون الأمور واضحة ولا أريد مشاكل جديدة". جون ماري.. المغرب بلدي كان جون ماري، أول من تسلم وصل الإيداع، صباح أول أمس "كنا أنا وزوجتي أمام الولاية في السادسة صباحا، ولأننا أول من حضر، كنا أول من يدخل أيضا".أبدى جون ماري المتحدر من جمهورية الكونغو الديمقراطية ارتياحه للسلاسة التي جرت بها الأمور صباحا، "أنا وزوجتي تمكنا من الحصول على وصل الإيداع، وقيل لنا إن بطاقة الإقامة ستكون جاهزة في غضون أسبوعين على الأكثر".دخل جون ماري المغرب عن طريق الحدود الشرقية، سنة 2002، ظل مدة هو وزوجته بوجدة، "كنت أعيش من دروس خصوصية أعطيها للأسر المغربية لتعليم أبنائها الفرنسية، قبل أن ننتقل إلى الرباط". يقر جون ماري الأب لطفلين انه في البداية كان يريد الانتقال إلى أوروبا "كان المغرب بالنسبة إلي محطة عبور فقط، قبل أن تتغير الأوضاع وأجد نفسي أقيم فيه لما يزيد عن عشر سنوات"، يصمت قبل أن يواصل "تركت مكان إقامتي للقدر، أنا اليوم في المغرب وغدا لا يعرف أحد أين سأكون". 40 ألف مهاجر سري بالمغرب أطلقت الحكومة في الفترة الممتدة بين فاتح يناير و31 دجنبر، عملية استثنائية لتسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية بالمغرب، سواء تعلق الأمر بأجانب متزوجين بمغاربة على الأقل لمدة سنتين، أو أجانب يربطهم عقد زواج بأجانب لا يقل عن أربع سنوات، علاوة على من يتوفر منهم على عقود عمل فعلية لسنتين، أو من أدلى بوثائق تؤكد إقامته بالمغرب لمدة لا تقل عن خمس سنوات.وسيستفيد من هذه الإجراءات، فضلا عن الأطفال المتحدرين من إحدى الزيجات سالفة الذكر، حوالي 850 شخصا من طالبي اللجوء المعترف بهم من قبل ممثلية المفوضية العليا للاجئين بالمغرب ومكتب اللاجئين وعديمي الجنسية التابع إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون.وزير الداخلية، محمد حصاد، تحدث قبل شهور من انطلاق العملية عن وجود ما بين 25 ألف مهاجر و40 ألفا يقيمون بصفة غير شرعية على التراب المغربي، "أغلبهم يتحدرون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء"، واعتبر عملية التسوية الاستثنائية "قرارا سياسيا للمغرب، يندرج في إطار الإرادة القوية التي عبر عنها لمعالجة إشكالات الهجرة".وذهب الوزير إلى التأكيد على أن الإجراءات المعتمدة لإثبات إقامة المهاجرين في وضعية غير قانونية بالمغرب تبقى أكثر مرونة من تلك التي تعتمدها بلدان أوربية في هذا المجال، مبرزا أن المهاجرين الذين ستتم تسوية وضعيتهم سيتمتعون بالحقوق والواجبات نفسها التي يتمتع بها المغاربة. مكاتب للأجانب لتسهيل عملية التسوية أوضحت الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، أنه سيتم إحداث "مكاتب للأجانب" تتوفر على الوسائل البشرية والمادية الملائمة على صعيد كل عمالة وإقليم بالمملكة من أجل تسلم والتأشير على طلبات تسوية الوضعية القانونية، إلى جانب "إحداث لجنة وطنية للطعن بمشاركة المجلس الوطني لحقوق الإنسان". وأضافت أن هذه العملية الاستثنائية الخاصة بتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين في وضعية غير قانونية ستهم الأجانب المتزوجين من مواطنين مغاربة والذين يتوفرون على ما يثبت ما لا يقل عن سنتين من الحياة المشتركة، والأجانب المتزوجين من أجانب آخرين مقيمين بصفة قانونية بالمغرب والذين يتوفرون على ما يثبت مدة لا تقل عن أربع سنوات من الحياة المشتركة.وستهم هذه العملية الاستثنائية الأطفال المزدادين في إطار حالتي الزواج سالفتي الذكر، والأجانب الذين يتوفرون على عقود عمل فعلية لا تقل مدتها عن سنتين، والأجانب الذين يتوفرون على ما يثبت إقامتهم بالمغرب لمدة لا تقل عن خمس سنوات متواصلة، فضلا عن الأجانب المصابين بأمراض خطيرة أو مزمنة والموجودين فوق التراب الوطني قبل تاريخ 31 دجنبر 2013، كما سيتم تسوية وضعية 850 شخصا من طالبي اللجوء المعترف بهم من قبل ممثلية المفوضية العليا للاجئين بالمغرب ومكتب اللاجئين وعديمي الجنسية التابع لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، على أن تتم عملية التسوية بتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان.هـ. م هجر المغلي

مهاجرون يودعون حياة السرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"ذو فويس" اليوم على "إم بي سي 1"

أولـيـاء الـسـبـاحـيـن يـقـاضـون الـجـامـعـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات