تركيا…صراع الحزب والجماعة

الحليفان الإسلاميان اللذان اتفقا في السر على سرقة الدولة يتصارعان في العلن على اقتسام "الغنيمة" يرصد الباحث والإعلامي التركي، إسماعيل ياشا، العلاقة المتوترة بين حزب العدالة والتنمية ورمزه رجب طيب أردوغان وحليفته جماعة خدمة الإسلامية التي يقودها رجل الدين المعروف فتح الله غولن الذي كان قبل 11 سنة السند القوي لوصول الإسلاميين إلى الحكم، قبل انهيار التحالف «الاستراتيجي» بينهم ويتحول إلى عداء متواصل، أهم حلقاته اليوم اتهام أردوغان لـ»أستاذه» السابق بتحريض السلطات الأمنية بإخراج ملفات فساد إلى ساحة الجدل السياسي من أجل إضعاف الدولة والحكومة.ويقول ياشا إن سهام التحالف القوي بين حزب العدالة والتنمية وجماعة فتح الله غولن توجه، قبيل الانتخابات العامة التي أوصلت أردوغان إلى الحكم في نونبر 2002، كانت متجهة إلى القوى العلمانية المتشددة، وشبكة أرغينيكون المعروفة بـ»الدولة العميقة»، في مقابل تعزيز الديمقراطية والحريات، لكنه انهار بعد تراجع نفوذ العسكر ومحاكمة الانقلابيين، وزوال «العدو المشترك» الذي كان يجمع هذه الأطراف الثلاثة.أول تصدع لافت في تحالف أردوغان وغولن، انشقاق بعض الليبراليين وانضمامهم إلى صفوف المعارضين ، بعد اتهامها بـ»التلكؤ» في إنجاز الإصلاحات المطلوبة، ومساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، حسب الباحث الإعلامي، بيد أن الحكومة دافعت عن نفسها قائلة، إن هؤلاء الليبراليين يريدون الوصاية على الحكومة وتوجيهها وفقا لآرائهم.لكن، مع إعلان الحكومة، قبل أسابيع، خطتها لإغلاق مراكز الدروس الخاصة، ارتفع مستوى التوتر بين الحكومة والجماعة وتفاقمت الأزمة، واندلعت حرب إعلامية غير مسبوقة، تطورت، حسب أنصار أردوغان، بالتحريض على ملفات فساد بتواطؤ مع رجال أمن، متوعدا بالتصدي إلى هذه المؤامرة.وتعتبر جماعة فتح الله غولن إحدى الجماعات النورسية التي تتبع مدرسة العالم الشهير سعيد النورسي الملقب بـ»بديع الزمان»، ويطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى زعيمها المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، وتتمتع بنفوذ واسع داخل تركيا وخارجها، وتشتهر بأنشطتها التعليمية والثقافية والإعلامية ومدارسها المنتشرة في جميع أنحاء العالم. مؤاخذات غولن على أردوغان أولا: حكومة أردوغان انحرفت في السنوات الأخيرة عن مسار الإصلاح وتعزيز الديمقراطية ولم تنجح في صياغة دستور جديد للبلاد، واتجهت نحو الشرق الأوسط وتراجعت مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.ثانيا: خلق المشاكل مع إسرائيل يبعد تركيا عن المعسكر الغربي.ثالثا: تبنى أسلوب المغامرة في سوريا ومصر، ما أدى إلى التخبط وخسارة تركيا حلفاءها.رابعا: تقديم تنازلات لحزب العمال الكردستاني، الذي يستغل أجواء المصالحة لتكثيف دعايته، وإعادة انتشار عناصره دون أن ينسحب من الأراضي التركية أو يلقي السلاح.خامسا: ليس المطلوب من الحكومة معاداة إيران، ولكنه يجب الحذر من سياسة طهران الطائفية وأهدافها التوسعية، وكذلك من محاولات الاختراق.سادسا: حكومة أردوغان تستهدف الجماعة وتحاول التضييق عليها، من خلال إبعاد المنتمين إليها عن المناصب الهامة، وإغلاق مراكز الدروس الخاصة التي تعد من أبرز أنشطة الجماعة التعليمية والاقتصادية.سابعا: جماعة غولن تقف سدا منيعا أمام انتشار التوجهات الانفصالية والاختراق الإيراني، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الكردية، ولصالح من يتم استهدافها؟ دفاعات أردوغان ضد غولن أولا: جماعة غولن تريد المشاركة في الحكم دون أن تتحمل مسؤوليتها السياسية، ولا يمكن للحكومة تسليم الحكم الذي منحه لها الشعب التركي عبر صناديق الاقتراع أو جزء منه، إلى جماعة لم تخض الانتخابات، لأنه يعتبر وصاية على الإرادة الشعبية.ثانيا: الجماعة عاشت أفضل أيامها خلال السنوات العشر الأخيرة في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية، وكانت القوى العلمانية تسعى إلى تصنيف جماعة غولن منظمة إرهابية، ولكن حكومة أردوغان حالت دون ذلك بتغيير قانون مكافحة الإرهاب.ثالثا: قرار إغلاق مراكز التعليم الخاصة لا يستهدف الجماعة، بل هو جزء من برنامج متكامل يرمي إلى إصلاح نظام التعليم الحالي، الذي يحمل الطلاب أعباء إضافية ويثقل كاهل الأسر.رابعا: منهج الجماعة عدم الخروج على «ولي الأمر» و»السلطة»، وعندما عارض فتح الله غولن انطلاق أسطول الحرية لكسر حصار غزة، قال: «كان عليهم أن ينسِّقوا أولا مع السلطة»، في إشارة إلى الحكومة الإسرائيلية.واعتبر غولن قرارات مجلس الأمن القومي في 28 فبراير 1997، اجتهادا للمجلس «إن أصاب فيه فله أجران وإن أخطأ فله أجر»، فلماذا الآن اختار منهج الخروج على الحكومة؟خامسا: مبادرة الحل النهائي للمشكلة الكردية بالغة الأهمية لحاضر تركيا ومستقبلها، وربما الجماعة تشعر بأنها أصبحت خارج المعادلة أو تفضل الحلول العسكرية والأمنية على الحلول السياسية والتفاوضية، ولكن ليس من الوطنية استهداف المبادرة وخطواتها، رغم تصريحات غولن المؤيدة للمصالحة.سادسا: الأحزاب السياسية أكثر شفافية وديمقراطية من الجماعات الدينية التي تقدس زعماءها وتطيعهم طاعة عمياء، وليس من العدل والإنصاف اتهام رئيس حكومة منتخبة بـ»الدكتاتورية» و»السلطوية».سابعا: اتهام الحكومة بمحاباة إيران لا أساس له، والتباين في موقفي البلدين من الثورة السورية خير دليل على ذلك، لكن في المقابل هناك علامات استفهام كثيرة حول علاقة الجماعة مع الولايات المتحدة، فلماذا يقيم زعيم الجماعة فتح الله غولن في ولاية بنسلفانيا الأمريكية ولا يعود إلى أرض الوطن؟ ي . س

تركيا…صراع الحزب والجماعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بلمختار يستدعي النقابات لإنهاء الاحتجاجات أمام الوزارة

بورتري : غولان... أب الإسلام الاجتماعي التركي

مقالات ذات صلة