معالي وزير العدل … شكر الله سعيكم

بورمان: المفوضون القضائيون بوابة الإصلاح في خارطة النظام القضائي إن اهتمامات الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة من خلال توصياتها، تظل ناقصة في بعض الفروع من برنامج الإصلاح المتعلقة بالمهن القضائية والقانونية خصوصا مهنة المفوضين القضائيين، حيت لم ترق إلى مستوى اهتمامها بالسلطة القضائية بسبب تركيبتها وخلفيتها العلمية والإيديولوجية ، فأكثر ما نخافه اليوم بعد هذه التوصيات هو القلق والسخط الذي يعيشه المفوضون القضائيون على مستقبل مهنتهم بسبب آليات الترميم التي نهجتها الهيأة العليا ومعها وزارة العدل، خصوصا أن المفوضين القضائيين هم بوابة الإصلاح في خارطة النظام القضائي وتنعكس آثارهم عل مردودية القضاء ، فلا مجال للتفريط فيهم في أول امتحان حقيقي للسلطة القضائية .ويمكن للمتتبع لأطوار الحوار الوطني أن يرصد من خلال الخلاصات التي جاءت بها الهيأة العليا 22 مقترحا يتعلق بمهنة المفوضين القضائيين مصنفا في سبعة عناوين رئيسية جاءت في مجملها بصورة عامة وغير مفصلة مما خلق نوعا من اللبس وعدم التوازن في مراكز القوة بين مكونات العدالة . فمراجعة المنظومة القانونية يجب أن تحقق السرعة في التبليغ والتنفيذ وتحقيق الجودة في الخدمات في إطار من الاحترافية التي تحققها مؤسسة المفوض القضائي كجهة رسمية لها حجية محاضرها ، أما استقلاليته فهي من استقلالية القاضي، وهي لا تكون إلا بعيدا عن التعليمات الشفوية والتأثير والضغوط أو تضارب الولاءات والمصالح أو التأثير السياسي على قدرة الممارسة عن تنفيذ واجباته المهنية بكل تجرد، بل وضرورة تجريم التدخل اللاقانوني في عمل المفوض القضائي أثناء التنفيذ وحمايته من الإهانة والاعتداء، مع إعادة النظر في شروط ولوج المهنة لأنه ليس من المعقول أن تفتح أبوابها على مصراعيها للمتقاعدين والعاطلين دون مراعاة إحصاء الحاجيات وارتفاع المخاطر المهنية، وتأهيل المنتمين إليها بما يضمن الارتقاء بمستوى آدائهم ، ونحن نرى أنه لابد أن تكون آفاق عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية تتضمن شراكة حقيقية مع الهيأة الوطنية للمفوضين القضائيين ومجالسهم الجهوية ، وأخذ رأي الممارسين المؤهلين، واستحضار الملفات المطلبية وتوصيات الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية، وجعل أنشطتها تلتقي حول كل الأفكار الإصلاحية لتجنب كل تجميد، ولعل من السلبيات الكبرى التي تبنتها الهيأة العليا أنها تسعى في مقترحاتها إلى تزويد المحاكم بالموظفين المكلفين بالتبليغ في أفق سنة 2016 وتوفير الإمكانيات اللازمة للمصالح المكلفة بالتبليغ وهذه الازدواجية في التبليغ والتنفيذ هي من بين المآخذ التي سجلها صندوق النقد الدولي على الإدارة المغربية، وخلقت وضعا شاذا ساهم في منافسة غير متكافئة وفي عدم تحديد المسؤوليات وولد أساليب غير لائقة، وعلى الجميع أن يقتنع بضرورة تعزيز جهاز متخصص في التبليغ والتنفيذ من قبل المفوضين القضائيين لوحدهم، لأنه يتماشى مع خوصصة الدولة لهذا القطاع منذ إنشاء المهنة بهدف تحقيق التكامل والانسجام لصالح المقاولة والأعمال والمساهمة في المناخ الملائم للاستثمار. كما نعتبر قاضي التنفيذ أحد مظاهر تحديث آليات التبليغ والتنفيذ، غير أننا نشدد على أن دوره يجب أن ينحصر في البت في الصعوبات الوقتية والموضوعية التي تعترض تنفيذ السندات بسرعة لتحقيق العدل المنشود والفصل في المنازعات، لا أن يصبح جهة متداخلة في إجراءات التنفيذ مع ضبط العلاقة بينه وبين المفوضين القضائيين، واستبعاد الغلو في تدخل قاضي التنفيذ إلى الدرجة التي تجعل أي إجراء من إجراءات التنفيذ لا يتم إلا بأمر صادر عنه، والتأكيد على ضرورة إخراج مدونة التبليغ و التنفيذ إلى حيز الوجود لرسم مسار الإجراءات والشكليات اللازمة قصد تذليل العقبات وتبسيط المعاملات بدل تشتتها وتعدد القوانين المرتبطة بها، وتوحيد خطة العمل بين جميع المحاكم ، بالإضافة إلى خلق شرطة خاصة بالتنفيذ تابعة للمحاكم .أما توسيع الاختصاص الترابي فإن من شأنه تقريب خدمات التبليغ والتنفيذ مما يزيد من المصداقية في أعين المستثمرين ، ذلك أن محاكم الاستئناف والمحاكم المختصة تشكل وحدة عمرانية متكاملة وفي ذلك تخفيف من التشعب على المتقاضي وعلى المفوض القضائي، إذ كثيرا ما تكون عدة مؤسسات لها أقسام وفروع وإدارات ومستودعات بجميع المناطق التابعة لاختصاص هذه المحاكم .وفي هذه الحالة على وزارة العدل أن تراعي وتراجع المواد القانونية التي تمثلها المساعدة القضائية والتي حددتها في 12 حالة، كما يجب توسيع الاختصاص النوعي برفع الحضر على التنفيذ على شركات التأمين وإسناد التنفيذ الزجري للمفوضين القضائيين من أجل التحصيل الرضائي والجبري للغرامات المحكوم بها، وتحصيل الديون العمومية وفتح الأظرفة وبيع الأصول التجارية والسفن والطائرات وكذا التنفيذ الودي ومهام السنديك والتحكيم والوساطة الأسرية ليرفع المفوضون القضائيون المردودية مع السماح لهم بولوج مهنة القضاء في شقها المتعلق بقضاة التنفيذ والمحاكم الإدارية وقضاء القرب والمحاماة دون شرط المباراة . المراقبة يجب إسنادها للهيأة الوطنية يجب الاعتراف أن المفوض القضائي مسؤول عن تحديث وتحسين مهاراته اللازمة للقيام بواجباته المهنية، فشهادة الإجازة لوحدها المطلوبة في الترشيح لم تعد كافية، بل لا بد أن تصاحبها معرفة بوسائل التكنولوجيا الحديثة ، دون أن ننسى أهمية التنسيق والعمل المشترك مع قطاع التعليم العالي من أجل تكوين وتأطير أجيال متخصصة، وعلى وزارة العدل في إطار الحقوق الأساسية للمفوضين القضائيين أن تضمن تكوينا مناسبا يعادل تكوين القضاة وباقي المهنيين القضائيين .ونحن كمفوضين قضائيين لا نختلف حول القواعد الأخلاقية المهنية التي توجه العمل اليومي للممارسين على اعتبار أنهم مصدر الثقة والأمانة والمصداقية ... فلا كرامة للمهنة إذا ما وقع النيل من شرفها أو غاب عنها وازع الضمير والإيمان بالأخلاق الحميدة، لذلك وجب الانخراط الفعلي في محاربة الفساد والمفسدين والقطع مع مظاهر التسيب والإفلات من العقاب. ولابد من وضع خطة عمل حول الحاجيات في التحويل الإلكتروني للودائع مباشرة إلى الخزينة العامة.وأخيرا فإن المراقبة والتأديب يجب إسنادهما للهيأة الوطنية ومجالسها المنتخبة وأن يتم ذلك طبقا للقانون حتى لا يترامى على الاختصاصات أي أحد بدون موجب قانون، وبالتالي تبعية المفوضين القضائيين لأي جهة أخرى عدى المنصوص عليها في القانون ستخلق من المهنة وضعا غير مستقر بالشكل المطلوب خصوصا أن إحداث هيأة مختلطة من شأنه أن يغلب كفة على أخرى بسبب عدم توازن عدد أعضائها ، ويبقى من حق النيابة العامة الطعن في قرارات المجلس أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف.مع التأكيد أن المراقبة يجب أن تكون ذات طابع وقائي تتضمن تدابير احترازية مع نظام تأديبي يضمن المحاكمة العادلة .ونتحفظ حول تخويل المشتكي حق الطعن في قرارات المجالس التأديبية للمهن القضائية، لأن تعزيز مكانة المتقاضين واحترامهم لن تكون بتدخلهم في الشؤون المهنية وإنما يكون ذلك بتحسين ظروف استقبالهم بصفة واضحة وسهلة وتعريفهم بالخدمات.

معالي وزير العدل … شكر الله سعيكم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرميد: التصريحات الأحادية لا تلزم إلا أصحابها

فارس: هاجس اللجنة تجسيد استقلال حقيقي للسلطة القضائية

مقالات ذات صلة