البرلمان يفتقر إلى نخب قادرة على لعب دور دبلوماسي

الشرقاوي الروداني دعا إلى عقد مناظرة وطنية للدبلوماسية الموازية بتنسيق بين الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني قال الشرقاوي الروداني، الأستاذ الجامعي والبرلماني وعضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، إن العلاقات بين الدول لم تعد بسيطة كما كان الأمر في السابق، وإنه مع ظهور فاعلين جدد في الساحة الدولية، أصبحت المسألة غاية في التعقيد، إلى حد لم يعد بالإمكان أن تتحمل الدبلوماسية الرسمية المهمة لوحدها. وأكد القيادي في حزب "البام" أنه لا بد من دخول فعاليات، لذلك فهو يرى ضرورة المبادرة إلى عقد مناظرة وطنية للدبلوماسية الموازية بتنسيق بين الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني. في ما يلي نص الحوار: مع الإعلان عن الحكومة الجديدة والتغيير الجذري الواقع في قطاع الخارجية، تبين أن هناك خللا ما في الدبلوماسية المغربية، خاصة بعد دعوة جلالة الملك، في خطابه أمام البرلمان، مكونات الدبلوماسية الموازية إلى التحرك؟ إن المستجدات التي تشهدها المنطقة والظروف التي تعيشها الدول المجاورة للمغرب، تستدعي اعتماد مقاربة جديدة في التعامل مع الملفات الإقليمية الكبرى، خاصة بعد النجاح الذي حققته الزيارة الملكية الأخيرة إلى عدد من دول الجوار الإفريقي، كالسنغال وكوت ديفوار، بالإضافة إلى الزيارة المهمة التي قام بها جلالة الملك إلى مالي، وحرصه على الحضور شخصيا في حفل تنصيب الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، وما حمله ذلك من دلالة على حجم الأخوة والتضامن، تجاه بلدان الساحل والقارة الإفريقية عموما.وقد أطلقت المبادرة الملكية إشارة قوية، كما رسمت خارطة طريق لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات المغربية الإفريقية في إطار تعاون محور جنوب-جنوب، لكن النخب الحزبية ومعها نخب المجتمع المدني تأخرت في التقاط تلك الإشارات، وبقيت دون مستوى التحديات التي تطرحها الملفات الكبرى للمغرب وعلى رأسها ملف القضية الوطنية الأولى.كما لا ينبغي للبعد الإفريقي للعلاقات المغربية أن يحجب ملفات أخرى لا تقل أهمية، كما هو الحال بالنسبة إلى العلاقات المغربية الأوربية، خاصة في جانبها المتعلق بالوضع المتقدم للمغرب من الاتحاد الأوربي، وكذا المفاوضات الجارية معه بشأن تجديد اتفاقية الصيد، على اعتبار أن الاتفاق يمكن أن يدفع في اتجاه ترجيح كفة المغرب في دفاعه عن مصالحه، والدليل على ذلك ما أدلى به وزير الزراعة والأغذية والبيئة الإسباني ميغيل أرياس أنخيل كانيتي، من أن اتفاق الصيد البحري الموقع في 25 يوليوز الماضي بالرباط بين المغرب والاتحاد الأوربي أساسي لبلاده، وأن قطاع الصيد مهم جدا بالنسبة إلى إسبانيا، ما جعله يطلب من كل الأحزاب الإسبانية الممثلة بالبرلمان الأوربي الدفاع عن التصديق عليه.ورغم أن الاتفاق الجديد ينص على ست فئات للصيد البحري، مع تقليص إمكانيات الصيد مقارنة مع البروتوكول السابق، من خلال الترخيص فقط ل 126 باخرة أوربية مقابل 137 باخرة في إطار البروتوكول السابق، فإن المقابل المالي الإجمالي السنوي للبروتوكول يقدر بـ 40 مليون أورو، منها 14 مليونا مخصصة لمواصلة تفعيل مخطط "أليوتيس" بغية تعزيز قطاع الصيد البحري الوطني اقتصاديا، مع ضمان تدبير مستدام ومسؤول للموارد البحرية. هل الحاجة إلى دور أكبر للدبلوماسية الموازية تعني أن هناك خللا في الدبلوماسية الرسمية؟ لا ليس بالضرورة، وذلك لأن العلاقات بين الدول لم تعد بسيطة، كما كان الأمر في السابق، كما أن ظهور فاعلين جدد في الساحة الدولية، أصبحت المسألة غاية في التعقيد إلى حد لم يعد بالإمكان أن تتحمل الدبلوماسية الرسمية المهمة لوحدها ولا بد من دخول فعاليات أخرى تعمل في إطار ما أصبح يسمى الدبلوماسية الموازية.في حالة المغرب، الذي يوجد في حالة حرب باردة من أجل الدفاع عن وحدته الترابية، وحسم النزاع المفتعل بخصوص مغربية أقاليمه الجنوبية، فإن الحاجة ماسة إلى دخول الأحزاب والبرلمان على الخط، وعدم ترك الدبلوماسية الرسمية تعمل وحيدة دون دعم الدبلوماسية الموازية التي تفترض في النخب السياسية غير الحكومية أن تكون لها القدرة التعامل مع المستجدات الإقليمية الدولية، وأن تمتلك مقاربة استشرافية تمكنها من توقع الأحداث والعمل على تجاوزها بما فيها مصلحة البلاد. ألا ترون أن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتاح السنة التشريعية حمل بين طياته إحالة على كبوة الدبلوماسية المغربية عندما كادت واشنطن أن تتقدم رسميا إلى مجلس الأمن بتوصية تحد من سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؟ وماذا يمكن للدبلوماسية الموازية أن تضيفه للمساعدة على تفادي مثل ذلك ؟ لكي تتمكن الدبلوماسية الموازية من لعب دورها المنوط بها، فإن ذلك يستلزم أولا وجود نخب سياسية وبرلمانية قادرة على التفاعل مع الأحداث، وتملك الجرأة على التحرك وفق مقاربة استباقية للمستجدات التي من شأنها أن تعيق تقدم قنوات الدبلوماسية الرسمية.وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي أن جمعيات المجتمع المدني التي أصبحت لها كلمتها على المستوى الدولي، خاصة في مجال حقوق الانسان ترتبط ارتباطا عضويا بالأحزاب السياسية، على اعتبار أنها تنهل من قاموس مبادئها وأفكارها، لكن الفرق بين الجمعيات والأحزاب بهذا الخصوص هو مجال التحرك، فقبل أن نطلب من فعاليات المجتمع المدني المغربي الانخراط في ورش العمل الدبلوماسي، يجب على الأحزاب أن تعبد الطريق لذلك، لكن يمكن القول إن البرلمان المغربي لا يتوفر على نخب قادرة على تحمل المسؤولية، ولها من الإمكانيات الفكرية واللوجستية التي تخولها الدخول على خط الملفات الحيوية والحساسة للدبلوماسية الموازية.شخصيا أعتقد أن الوضعية الحالية تتطلب صحوة حقيقية للنخب السياسية والبرلمانية والمدنية من خلال الانفتاح على كل الملفات كيفما كانت وأن تقطع مع منطق الحملات والاحتماء بخندق المدافع عن نفسه، والاجتهاد في إيجاد المعطيات الجديدة وعدم انتظار الإشارات على حد تعبير جلالة الملك في خطابه الافتتاحي للسنة التشريعية الحالية.وهنا يحضرني تقرير النائب البريطاني، شارلز تانوك إلى البرلماني الأوربي، الذي تضمن أحكاما سلبية عن أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، لا يمكن للبرلمانيين المغاربة التصدي لمثل هذه التقارير، إلا إذا كانت وفود المؤسسة التشريعية إلى الهيآت المعنية على قدر كبير من التواصل مع نظرائهم الأوربيين بشكل يجعلهم يستبقون خلاصات ما يمكن أن يصدر عنها، وعلى دراية بطبيعة وطريقة تحرك الشبكات التي ينشط فيها خصوم الوحدة الترابية للمغرب. ما هي الحلول المستعجلة التي يمكن من خلالها البرلمان أن يطلع بهذه المسؤولية ؟بالنظر إلى الملفات الحساسة التي سيفتحها البرلمانيون المغاربة في دخولهم لورش الدبلوماسية الموازية، وما لها من أهمية سواء بالنسبة إلى المغرب أو إلى دول الجوار، خاصة تلك المتعلقة منها بالوضعية الأمنية في المنطقة، بعدما أصبح المغرب عامل استقرار يساهم في توفير الأمن لمحيطه، أرى أنه أصبح من الضروري أن يتم إحداث خلية مختصة بالبرلمان تنأى عن الخلافات السياسية والحزبية، وأن يغلب فيها منطق التوافق بين الأغلبية والمعارضة في تناول الملفات الإستراتيجية ذات الارتباط بالمحيط الإقليمي والدولي، وفي مقدمتها ملف الصحراء، كما أن إعادة النظر في منظومة الدبلوماسية الموازية المغربية، جعلها أكثر انفتاحا على ما يقع داخل مجتمعات الدول المؤثرة في القرار الدولي، يطلب تغييرا جذريا في طبيعة النخب المعنية وطريقة تعاطيها مع المهام الموكلة إليها، لذلك أرى ضرورة المبادرة إلى عقد مناظرة وطنية للدبلوماسية الموازية بتنسيق بين الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني. الحكومة لا تولي اهتماما إلى العلاقات الإفريقية تأسفنا كثيرا لعدم تدارك خطأ النسخة الأولى من الحكومة الحالية بتخصيص وزارة منتدبة لدى وزارة الخارجية مكلفة بالعلاقات مع البلدان الإفريقية، واستثمار الطفرة التي عرفتها هذه العلاقات بعد الزيارات الملكية الأخيرة لعدد من عواصمها، وكذا للمستقبل الواعد لاقتصاديات تلك الدول، وما يمكن أن يجنيه المغرب بتثمين العلاقات الاقتصادية معها، وهو ما يعني أن الحكومة الحالية لا تولي اهتماما للجانب الدبلوماسي. وإذا كانت هناك تقارير غير موضوعية وبعيدة عن الحيادية تظهر بين الفينة والأخرى للنيل من صورة المغرب الحقوقية، وما يقتضيه ذلك من دفاع دائم وقوي على عدالة قضايانا في المحفل الدولي من قبل الدبلوماسية الموازية، خاصة منها البرلمانية، فإن النخبة الحزبية والبرلمانية لا بد لها من التسلح بكل الوسائل المشروعة للدفاع عن المصالح العليا للمغرب. اليوم، مثلا، أصبح ظاهرا للعيان من خلال تقارير استخباراتية أجنبية حديثة كالتقرير الصادر، أخيرا، عن وكالة استخبارات الأمن العام اليابانية، وهي وكالة الاستخبارات الوطنية، التي أكدت وجود علاقات قائمة بين بوليساريو والقاعدة في جزيرة العرب وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أكثر من ذلك، فقد ذهب تقريرها للسنة الحالية إلى حد الجزم بضلوع جبهة بوليساريو في الأحداث الإرهابية التي عرفها شمال دولة مالي. هذا التقرير الياباني لم يتوان من خلال دراسة علمية للتهديدات الواقعية والتهديدات المحتملة أن يصنف جبهة بوليساريو منظمة إرهابية، وهي معلومات ليست غريبة عنا، ذلك أن عددا مهما من الدراسات المتعلقة بالإرهاب في منطقة الساحل وجنوب الصحراء نبهت إلى تقاطع مصالح الجماعات الإرهابية ببوليساريو، وهذه نقطة مهمة على الدبلوماسية المغربية أن تشتغل عليها أكثر، وأن تكشف كيف أن الدول تحاول بكل الوسائل المتاحة للحد من سرعة التطور الديمقراطي في بلادنا. أجرى الحوار: ياسين قطيب

البرلمان يفتقر إلى نخب قادرة على لعب دور دبلوماسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجرائم العلنية تختبر فعالية الأمن

دراسة في القانون: وقف تنفيذ القرارات الإدارية (الحلقة الرابعة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات