الصحة بتاونات… إهمال وتهميش

نقابات تطالب برأس مندوب الصحة وإيفاد لجنة تحقيق في مثبطات الإقلاع بالقطاع تعمقت هوة الخلاف بين المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بتاونات ونقابتين بالقطاع، أمام استمرار سوء تدبيره واستفحال مشاكل المستشفى الإقليمي، إلى حد ارتفاع الأصوات المطالبة برأس المندوب الإقليمي، والدعوة إلى إيفاد لجن للتحقيق في هذا الوضع الذي يبدو أنه لم يعد يرضي ليس فقط المرضى وذويهم، بل حتى العاملين في القطاع المحتاج إلى جرعات أنسولين. زاد وصف ابن نقابي بـ"ولد الشيفور"، الزيت على نار متأججة منذ عدة شهور خلت، فيما أغضبت قلة الموارد البشرية بالمستشفى الإقليمي، مسؤولا فيه بدا غير راض على قلة الأطباء بقسم المستعجلات الذي لا يتعدى طبيبين يتكلفان بالمداومة بالتناوب ما يثقل كاهليهما بأعباء هما في غنى عنها، في انتظار التفاتة من الوزارة ، إلى مستشفى بحاجة إلى دعم لوجستيكي وبشري. "ولد الشيفور".. وصف أغضب المهنيين والسائقين دخلت نقابات سيارات الأجرة الكبيرة بالإقليم، على خط احتجاجات وغضب العاملين في قطاع الصحة، بعدما تعرض ابن نقابي في القطاع، إلى إهانة غير مسبوقة بوصفه بـ"ولد الشيفور"، ما اعتبرته احتقارا لمهنة شريفة تؤمن مدخول وحياة وعيش الآلاف من المواطنين، من عمل شريف كباقي المهن، مطالبة برد الاعتبار لهذا النقابي وأسرته جراء ما تعرض له من إهانة.أعضاء المكتبين الإقليميين لسائقي سيارات الأجرة التابعين للكونفدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل، والمنخرطون، لم يستسيغوا هذا الوصف القدحي، وشاركوا نقابتي الصحة في وقفة احتجاجية نظمت أمام المندوبية الإقليمية للصحة، ضدا على ذلك، وشارك فيها أعضاء المكتبين الإقليميين لـ"ك. د. ش" و"إ. و. ش" بتاونات، إلى جانب الأطر الصحية والطبية.هذه الوقفة المنظمة الثلاثاء الماضي، دعا إليها المكتبان الإقليميان للجامعة الوطنية لقطاع الصحة التابع للاتحاد الوطني للشغل، والنقابة الوطنية للصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في تاونات، اللذان أعلنا غضبهما من وصف نقابي بـ"ولد الشيفور"، ما اعتبرتاه احتقارا لمهنة السياقة التي يقتات منها آلاف المغاربة ممن يكسبون قوت يومهم بعرق جبينهم. وزاد هذا الوصف من تأجيج غضب نقابيي الصحة بتاونات، الذين رفعوا شعار التحدي في أشكال احتجاجية استهلوها منذ أشهر، وتتواصل بشكل دوري، إلى حين تنقية القطاع من الشوائب العالقة، أمام استفحال مشاكل القطاع والمستشفى الإقليمي بالمدينة الذي يحتاج تدخلات حقيقية من وزير الصحة، لتوفير الموارد البشرية والتجهيزات الضرورية لتأمين علاج سليم للمرضى. وصمم المكتبان النقابيان المؤمنان بعدالة مطالبهما المشروعة، على شن احتجاجات تصعيدية إن "جوبهت تلك المطالب العادلة بالتجاهل"، داعين الشغيلة الصحية بالإقليم، إلى التحرك لأجل انتزاع الحقوق وصون الكرامة، وتكثيف الجهود في اتجاه الضغط للقطع مع مشاكل القطاع وما يترتب عنها من معاناة يومية للعاملين فيه الذين يشاركون المرضى آلامهم بيد مغلولة. المطالبة برأس المندوب الإقليمي للصحة لم يقف الأمر عند حد مطالبة النقابتين بإيجاد حل لمشاكلها العالقة، بل طالبتا برأس المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، ملحة على ضرورة إعفائه من مهامه وتعيين مندوب جديد على رأس المندوبية من خريجي المعهد الوطني للإدارة الصحية أو الحاصلين على دبلوم في التسيير الإداري إسوة بباقي الأقاليم، مطالبتين بإرسال لجنة للافتحاص الشامل بالمندوبية الصحة والمستشفى الجامعي. ولم تستسيغا الدفع بالمندوب الإقليمي من قبل بعض الأشخاص بالمندوبية الإقليمية للصحة، والزج به في استفزازات وتصفية حسابات رخيصة والعودة إلى الوراء وضرب المكتسبات المتراكمة إثر احتجاجات سابقة للأطر الطبية وشبه الطبية، في "عمل غير أخلاقي" طالبت بالبحث والتقصي فيه من قبل لجنة مركزية تتولى كذلك التقصي في سوء تدبير القطاع ومشاكله.ولعل من دوافع تأجج غضب نقابيي القطاع، استمرار رئيس مصلحة الشؤون الإدارية والاقتصادية بالمندوبية في احتلال السكن الوظيفي داخل المستشفى الإقليمي، رغم عدم أدائه لأي مهمة أو وظيفة بالمستشفى تخول له ذلك، فيما لا يتوفر بعض الأطر بالمستشفى على سكن وظيفي، رغم طبيعة مهامهم التي تقتضي وجودهم الدائم في المستشفى كطبيب النساء والتوليد على سبيل المثال. ولم تستسغ ما أقدم عليه رئيس مصلحة الموارد البشرية بالمندوبية، من تسجيل وثيقة إدارية في مكتب الضبط بتاريخ يتنافى وتاريخها الحقيقي واعترافه بفعلته وتصريحه بذلك أمام المندوب الإقليمي للصحة بأنه يتحمل مسؤولية هذا التزوير الذي طال تاريخ التسجيل، مستغربتين عدم فتح أي تحقيق في الموضوع من قبل الجهات المختصة رغم فداحة هذا الفعل اللامسؤول. وتساءلت النقابتان، في بيان مشترك لهما أعقب اجتماعا تنسيقيا بينهما، عن دوافع عدم توقيع محضر تسليم المهام بين المندوب السابق والمندوب الحالي، ما يهدر الكثير من ممتلكات وتجهيزات المندوبية ويشكل صعوبة في عملية تتبعها، كما يفتح الباب أمام عدة تأويلات وشكوك خصوصا في ظل الفوضى والمشاكل التي يعرفها القطاع، منذ عهد المسؤول السابق. استعمال سيارات المصلحة لقضاء مآرب شخصية استنكرت النقابتان ما أقدم عليه بعض المسؤولين والمحظوظين من استعمال سيارات المصلحة لقضاء مآربهم الشخصية وأغراض أبنائهم وزوجاتهم، مطالبتين بفتح تحقيق نزيه وشفاف على خلفية ما يشاع بتقدم أحد المقاولين بشكاية تتضمن بعض الخروقات التي شابت تفويت إحدى الصفقات العمومية بالمستشفى المحلي بغفساي، ملحتين على لزوم محاسبة المسؤولين عن ذلك.ولم تستسغ نقابتا القطاع التابعتين إلى "ك. د. ش" و"إ. و. ش"، تعيين ممرض رئيسا قسم العلاجات التمريضية بالمركز الاستشفائي الإقليمي بتاونات من قبل المدير الجهوي لوزارة الصحة بالحسيمة، في خرق سافر وغير مستساغ للقانون الداخلي للمستشفيات، والدورية الوزارية التي تقر فتح باب الترشح للتعيين في المنصب، مطالبتين بفتح تحقيق في الموضوع. وطالبتا وزارة الصحة بالاستعانة بالأطباء العامين الموجودين بالمركز الاستشفائي الإقليمي بتاونات والمحلي بغفساي لسد النقص الحاصل، خاصة في مصلحة المستعجلات بالمستشفيين المذكورين أولا، وعدم استقدام أطباء المراكز الصحية القروية للقيام بالحراسة بالمستعجلات، بالنظر إلى ما يخلفه ذلك من أضرار حقيقية واضحة بمصالح وصحة المواطنين بالقرى.لكن مسؤولا في المستشفى الإقليمي، بدا متحمسا لحل الاستنجاد بأطباء المحيط الخارجي بسد الخصاص بقسم المستعجلات الذي يعمل بطبيبين فقط يتناوبان على المداومة ما يزيد من إرهاقهما، في الوقت الذي يتطلب الأمر مضاعفة العدد، لتأمين الحراسة والعلاج الضروري للمرضى الوافدين على هذا القسم الذي يستقبل يوميا مئات المواطنين من أنحاء مختلفة بالإقليم.وأوضح في تصريح مقتضب لـ"الصباح"، أن الاستعانة بأطباء المستوصفات والمراكز الصحية بعدة مواقع لسد الخصاص بقسم المستعجلات، يتم وفق أجندة معينة تراعي مصالح المواطنين بتلك القرى النائية، دون أن ينكر الخصاص الموجود في الأطر الطبية وشبه الطبية، خاصة أمام رفض العديد من الأطباء العمل، بالمستشفى الإقليمي لظروف ذاتية وموضوعية. نقص في الموارد البشرية يقض مضجع النقابيين هذا الوضع المقلق الناتج عن النقص في الموارد البشرية بالمستشفى الإقليمي بتاونات وعدة مراكز صحية بالإقليم، يقض مضجع النقابيين أنفسهم، الذي طالما نبهوا وزارة الصحة إلى ذلك وما يرتبط به من مشاكل وتبعات عادة ما تنتهي باصطدامات يومية مع المرضى وذويهم ممن لا يقدرون الأمر أمام ما يعترضهم من مثبطات تحول دون استفادتهم من التطبيب بالشكل المتوقع منهم.هذا الوضع المزري يمكن إسقاطه على مختلف المراكز الصحية والمستوصفات بالإقليم، التي تعاني بدورها نقصا جليا في الأطباء والممرضين، وانتشار بعض الأمراض المستفحلة، في غياب المداومة، واشتغال بعض الممرضين بمنطق "الفشوش" كما حدث أخيرا في المركز الصحي ببني وليد، لما رفضت ممرضة بقسم الولادة، استقبال امرأة على وشك الوضع، ليلا. أما بعض المستوصفات المحدثة في الدواوير النائية، فتحولت إلى بنايات تؤوي الأشباح، في غياب الأطر شبه الطبية الضرورية لتأمين العلاج والإسعافات للمرضى الوافدين عليها، كما الحال بدوار أولاد غزال ببني وليد على سبيل المثال، فيما ارتفعت حدة مطالبة المواطنين بالنظر لتلك المستوصفات بـ"عين الرحمة" وترجمة شعار "تقريب الصحة من المواطن" واقعا. وفي انتظار ذلك رسمت نقابتا الصحة المذكورتين، صورة قاتمة عن واقع الصحة بتاونات، معلنتين تشبثهما بالملف المطلبي في شموليته وإلغاء التعيين المشبوه في مصلحة الموارد البشرية بالمندوبية ومحاربة مظاهر الفساد واستغلال النفوذ، لأجل قطاع صحي يحظى بالتدبير الشفاف خدمة للمواطنين والمصلحة العامة للوطن، داعيتين الوزارة للالتفاتة إلى القطاع بالجدية اللازمة.ورغم ذلك، أشادت النقابتان بالعمل الدؤوب والمجهودات التي يقوم بها المتصرفون المعينون، منذ نحو 4 أشهر بشفافية طبقا لمرسوم وزاري، وأنهما عاقدتان العزم على الاحتجاج إن لم يتم الإسراع بحل مشاكل القطاع وإيفاد لجنة مركزية من وزارة الصحة للتحقيق في الخروقات التي يعرفها القطاع، ودفعها إلى المطالبة برأس مندوب الصحة، كما فعلت ذلك، في أوقات سابقة، مع مندوبين سابقين. إنجاز: حميد الأبيض (فاس)

الصحة بتاونات… إهمال وتهميش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عادات أيام العيد بدكالة تتراجع

دراسة في القانون: وقف تنفيذ القرارات الإدارية (الحلقة الثانية)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات