العمال والموظفون أكبر فئة تتحمل العبء الضريبي

اعتبر علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل أن تطوير العملية الديمقراطية وفق دستور المملكة لسنة 2011 والحفاظ على التماسك والاستقرار الاجتماعي يمر بالضرورة عبر بلورة وتنفيذ سياسة جبائية وضريبية عادلة ومنصفة باعتبارها تشكل مصدرا أساسيا للموارد العمومية للدولة، وتحقيق مبدأ المساواة الضريبي بإعمال المقتضيات الدستورية من خلال المواد 39 و75 ، إلى جانب أن المنظومة الضريبية تشكل العمود الفقري للتنمية السوسيو- اقتصادية وبناء العدالة الاجتماعية وضامنة الأمن الإنساني في المجتمع. وأوضح لطفي في حديثه مع "الصباح" أنه انطلاقا من ذلك يمكن القول إن المنظومة الضريبية والتشريع الجبائي بالمغرب تشريع متقادم ومتجاوز أخضع عدة مرات إلى عمليات جراحية ترقيعية، من ميزانية إلى أخرى منذ سنة 1984، مشيرا إلى أن النظام الضريبي مازالت تحكمه قوانين ومساطر وآليات ونسب غير عادلة وأحيانا ظالمة. وأضاف أن "هذه المنظومة تخضع في أغلب الأحيان إلى السلطة التقديرية لأطر إدارة الضرائب المكلفين، مع غياب الشفافية والوضوح في التعامل الضريبي وضعف آليات المراقبة والتتبع والتقييم والرصد والمراجعة وحتى آليات حديثة لتسوية المنازعات قبل استفحاله ومساعدة الملزمين على تجاوز المشاكل المطروحة أمامهم"، الأمر الذي يدفع، على حد قول لطفي، عددا كبيرا من الملزمين بالتملص الضريبي والغش في التصريح الضريبي والتلاعب، مما يفقد النظام الضريبي مشروعيته وعدالته واجباريته على كل الملزمين والمواطنين. وفي سياق متصل، قال الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، إن النظام الجبائي والضريبي لا يواكب التحولات الاقتصادية العالمية، وما تفرضه اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة ورفع الحواجز الجمركية، "الأمر الذي يعود سلبا على المقاولة الوطنية وقدرتها على المنافسة"، بالإضافة إلى اتفاقيات التبادل الحر وما تخلفه من أثار سلبية على المنتوج الوطني.وأوضح المتحدث ذاته أن المنظومة الضريبية الوطنية بالمغرب لها خصوصيات في إطار ما يسمى بـ "الخصوصية المغربية" حتى في المجال الضريبي، إذ تتجلى الأولى في أن 2 في المائة فقط من المقاولات والشركات، هي التي تؤدي ما يقارب 80 في المائة من الضريبة على الشركات، في حين أن ثلثي الشركات تصرح دائما بالعجز، فيما الضريبة على الدخل يؤديها الأجراء العاملون في القطاعات المنظمة بنسبة 73 في المائة بحكم اقتطاعها من المنبع، بالإضافة إلى الاقتطاعات المتعلقة بالتحملات الاجتماعية، "هذا يعني أن الجهة التي تتحمل العبء الضريبي الأكبر هم العمال والموظفون الدين يحصلون على أجور لم تعد تكفي حتى للحاجيات الضرورية للحياة، في حين لا يؤدي الأغنياء والسماسرة والمضاربون سنتيما واحدا، ويستفيدون من امتيازات لا حصر لها".وفي ما يتعلق بالخصوصية الثانية، فتتعلق بالإعفاءات والامتيازات الضريبية في قطاعات مربحة خلقت أثرياء كبارا، فيما الخصوصية الثالثة تتجلى في ارتفاع غير مقبول للضريبة على القيمة المضافة، وهي أعلى ضريبة في الوطن العربي، وحتى مقارنة مع بعض دول الحوض المتوسط وأوربا، ولا تستفيد منها بالشكل المطلوب الجماعات المحلية، لأنها تخضع لاعتبارات سياسية أكثر منها توزيع عادل ومنتج للمداخيل الضريبية مما عمق الفوارق المجالية والجهوية في مجال التنمية، "وتتعلق الخصوصية الرابعة في استفحال ظاهرة التملص والتهرب الضريبي وتزايد ظاهرة القطاع غير المهيكل الخارج عن المنظومة الضريبية وما لكل ذلك من تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني".من جانبه، قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن نقطا عديدة تقف في وجه نجاح المنظومة الضريبية، إذ تتعلق بمشكل تعدد الوعاء الضريبي والتملص الضريبي.وأكد زين الدين أن 20 في المائة من الشركات تؤدي الضرائب بشكل منظم، كما أن، تقارير كثيرة أبرزت، على حد تعبيره، أن شركات تتهرب من أداء الضريبة وتتملص من ذلك، نتيجة غياب الثقافة الضريبية، لدى العديد من المغاربة.وذكر المتحدث ذاته بالمظاهرات والاحتجاجات التي خاضتها بعض البلدان الأجنبية بعد أن أعلنت الدولة إلغاء بعض الضرائب، إذ اعتبروا للأمر سلبيات كثيرة على تطور البلد، وعلى الفئة الفقيرة والمتوسطة "وهنا تتجلى الثقافة الضريبية، والإيمان بالدور الكبير للأداء الضريبي وعدم التملص من ذلك".وشدد زين الدين، على أن تداخل الاختصاصات من بين المشاكل التي تعيق نجاح المنظومة الضريبية بالشكل الذي يتطلع إليه المغاربة، مؤكدا أن تداخل عدة جهات من أجل تحصيل الضرائب، مشكل حقيقي لا يمكن الاستهانة به، إذ يعيق العمل الضريبي، مشددا على ضرورة إصلاح المنظومة الضريبية، وذلك على مستوى هيكلته وتخفيف الوعاء الضريبي، إلى جانب مراجعة القيمة المادية للضريبة.وفي سياق متصل، طالب بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، بإصلاح المنظومة الضريبية وجعلها مواطنة، مؤكدا انه يسجل فشلها في تحقيق الأهداف المتوخاة منها، في عهد الملك محمد السادس.وأوضح في حديثه مع "الصباح" أن طريقة المراجعة الضريبية والتصريح الضريبي من أهم مشاكل هذه المنظومة، مؤكدا أن دولا أجنبية وعت واستدركت الأمر، ووضعت تسهيلات حديثة للذين يجبرون على أداء الضريبة "لكن للأسف المغرب ينهج أسلوبا بوليسيا في ما يتعلق بالمنظومة الضريبية، ويخوف المواطنين من التصريح بأعمالهم".واقترح المتحدث ذاته تغيير بعض القوانين، سيما المتعلقة بالمرشحين للاستوزار أو إلى دخول البرلمان، إذ شدد على ضرورة الإدلاء بوثيقة تؤكد أنه يؤدي ما بذمته من للضرائب دون مشاكل. إيمان رضيف بوكس: الواقع يفرض إصلاح المنظومة الضريبية أقرت المنظمة الديمقراطية للشغل أن المنظومة الضريبية تحتاج إلى إصلاح جذري، وذلك بضرورة إقرار ضريبة على كبار الفلاحين والفلاحة التصديرية والإبقاء على إعفاء القمح والشعير لتشجيعه وكذا صغار الفلاحين، وخلق ضريبة على الثروة والزيادة في الضرائب على الاستثمارات غير الإنتاجية.وشددت النقابة على ضرورة إنشاء رسم للتضامن بكيفية تتيح للأسر الأكثر ثراء سداد الإعانات التي يتلقونها في إطار صندوق المقاصة، وفرض ضريبة خاصة على الشركات التي تستعمل المواد المدعمة، إلى جانب محاربة الغش الضريبي والقطاع غير المهيكل، وإعادة النظر في الضريبة على الشركات والمقاولات الوطنية وتكييفها مع القدرات المالية الحقيقية للمقاولات الوطنية مع فرض نظام للمتابعة والتقييم والمراقبة المستمرة وزجر الغش الضريبي. واعتبر أن إصلاح المنظومة يحتاج إلى توسيع الوعاء الضريبي عبر تعزيز آليات وأدوات وقنوات محاربة ومراقبة الغش والتملص الضريبي ومكافحة التهريب، ومراجعة وتخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة إلى الأجراء، ورفع سقف الإعفاء بالنسبة إلى الأجور الدنيا والمتوسطة وتقليص أشطرها نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة وتكاليف التحملات الاجتماعية والإعفاء الكلي لمعاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل.وطالب المنظمة بإعادة النظر في الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة إلى الخدمات الاجتماعية والصحية، وفي طريقة تدبير الضرائب المحلية وتوسيع وعائها لصالح الجماعة المحلية والجهات وتخصيصها لتمويل مشاريع التنمية المحلية والجهوية وتقويتها . إ.ر

العمال والموظفون أكبر فئة تتحمل العبء الضريبي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الشناقة" يتحكمون في أسعار الأغنام بسطات

الإعفاءات تحرم الميزانية من 3631 مليارا سنويا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات