تلاميذ في انتظار الانطلاق الفعلي للدراسة

حلقات تطرح عفويا مشاكل تغيب الأساتذة وتغيير الجدول الزمني المتكرر وتخوفات من احتجاجات رجال التعليم صدى النشيد الوطني في المدارس الخاصة، وصفير سيارات الأمن التي تنظم حركة السير على طول الشوارع القريبة والمؤدية إلى مدرسة «غاندي» بالبيضاء، تلاميذ تأنقوا وتقدموا بخطوات سريعة نحو المدرسة، فيما آخرون أتوا بسراويل رياضية قصيرة، وأحذية منزلية، في إشارة منهم إلى أنهم ما أتوا إلا ليستفسروا عن تاريخ الدخول الفعلي، من أفواه الأساتذة، وليس من بلاغات وزارة التربية الوطنية. كانت هذه هي المشاهد الأولى لصباح أول يوم للدخول المدرسي الأربعاء الماضي، فيما ظهر من الأعداد الكبيرة للملتحقين بالمدارس والإعداديات والثانويات، زوال اليوم نفسه من صباح اليوم الموالي (الخميس) أن الوفا، أنجح آخر مهمة له، قبل أن يتحمل وزير جديد حقيبة الوزارة التي انتقد مضامينها الملك.أمام مؤسسة ابن الهيثم بالدار البيضاء، تجمهر في أول يوم التلاميذ وبعض أولياء الأمور، بعضهم حول باعة متجولين يروجون ملفات التسجيل للسنتين أولى والثانية باكلوريا، وبعضهم حول زملاء افتقدوهم في العطلة الصيفية، وبعضهم حول كتب قديمة يعرضها زملاء على آخرين مقابل أثمان رمزية، والبعض الآخر تجمع حول علبة سجائر ينتشون بتدخينها. في الصباح الباكر لليوم الأول كانت صرامة البلاغ الوزاري الذي قرر 11 شتنبر أجلا لدخول فعلي، بكل ما تعنيه الكلمة من التحاق بالمؤسسات التربوية، والتعرف على الأساتذة وتهييء اللوازم المدرسية، وتسلم الجداول الزمنية، (كانت صرامة البلاغ)، مهددة، إذ لم يلتحق بالمؤسسات حتى التاسعة إلا عدد قليل، قبل أن يلتحق بها زوالا عدد أكبر، أعاد إلى محيطها وساحاتها الضجيج والصخب. «كنت ناعس» يقول حمزة، تلميذ في الثامنة إعدادي، ردا على سؤال تأخر التحاقه بالإعدادية حتى التاسعة والثلث، «في المقبل من الأيام سيكون علي الاستيقاظ مبكرا، لكن هذا اليوم لن يحاسبني أحد». على عكس حمزة، استيقظ عادل مبكرا، «الساعة السابعة والنصف، كنت هنا أمام الباب، رافقتني أمي، لكنها عادت وتركتني أمام الباب، كانت هناك أمهات وأبناؤهن، وعدن معهم إلى البيت». انتظر عادل وآخرون أن تفتح الأبواب دون جدوى، إلى أن «عادت أمي، واستسفرت عن سبب التأخر، فقالت لها الحارسة، لا نسمح بالدخول إلا للذين لم يتسجلوا بعد، أما الآخرين فلن يدخلوا إلا في الغد».وفيما عادت أم عادل إلى بيتها، استغل التلميذ الفرصة للقاء أصدقائه، «غافلنا الحارسة ودخلنا مع والد أحد أصدقائنا، وكان مسؤولو الحراسة في اجتماع، حين خرجوا طلبنا منهم الجدول الزمني، فأكدوا أنه لم يجهز بعد».«جاو ومشاو غادي يرجعو غدا»، يقول حارس إعدادية بالحي الحسني، عند استسفاره عن الأساتذة، فيما كان بعض التلاميذ يلتحقون بالمؤسسة، ويطرحون الأسئلة نفسها، «إمتى غادي نبداو»، البعض مازال يدون الوثائق المطلوبة للتسجيل، كما هو الحال بالنسبة إلى الآباء الذين لم يستعجلهم بلاغ الوزير الوفا، لإيقاظ أبنائهم مبكرا، وإلحاقهم بمدارسهم صباحا، إذ حتى حدود الحادية عشرة كان الآباء مازالوا يتوافدون على مداس ابتدائية وإعداديات بملابس النوم.حتى السادسة زوالا كان تلاميذ مؤسسة ابن الهيثم مازالوا يلتحقون بمحيطها، لترتفع أعدادهم معرقلة السير في الشارع الموازي. «جيت خصيصا باش نعرف واش عندي الإنجليزية أو الإسبانية»، «أنا جيت باش نتسجل، تسجلت وبقيت مع اصحابي»، «أعرف أن الدخول في الثانويات حتى الغد، لكن أصدقائي هاتفوني وطلبوا مني الالتحاق بهم هنا»، هي شهادات بعض التلاميذ الذين لم يضرهم أن يشعلوا سجائرهم، ويجتمعوا في حلقات متعددة أمام باب المؤسسة، متحدثين بشغب عن أمورهم المدرسية، خاصة ما يتعلق بفرض المؤسسة على بعض التلاميذ دراسة اللغة الإسبانية عوض الإنجليزية، التي تستأثر باهتمامهم أكثر لغة أجنبية ثانية، وما يتعلق أيضا بأسماء الأساتذة، «أتمنى ألا أكون في لائحة تلاميذ أستاذة فرنسية تتغيب كثيرا، أنا الآن مقبل على الأولى باكلوريا، والامتحانات لا ترحم الذين ضاعت منهم ساعات بسبب غياب الأستاذة، إذا كنت في لائحتها سأطلب الانتقال إلى فوج آخر»، على عكس هذه الشهادة المستاءة من تغيب بعض الأساتذة، يشيد تلميذ آخر باسم الأستاذة نفسها «أخالفك الرأي، درستني السنة الماضية وكانت الأفضل، على الأقل لا تتدخل في هندامك».يدخل التلاميذ في نقاشات من هذا النوع، يبدون آراءهم في هذا الأستاذ وذاك، وحين تبادرهم بسؤال مدى ثقتهم بالشروع في الدراسة هذه الموسم مبكرا، يخرجون عفريت السخرية من قمقمه، «نتخاطرو إلى بغيتي، ما غادي نبداو حتى منتصف أكتوبر»، يقول تلميذ متحديا، فيما يضيف آخر «صحيح، لأنهم دائما يحددون لائحة أساتذة ثم يغيرونهم، ثم يبدلون التوقيت مرة ومرتين، بل حتى ثلاث مرات، ولا يستقر بنا الحال إلا في منتصف أكتوبر، وهنا تبدأ احتجاجات الأساتذة وإضراباتهم، وهكذا». نجح الوفا في إعادة التلاميذ إلى الفصول الدراسية مبكرا، فهل سينجح من سيتولى عنه «المهمة المستحيلة» في إعادة الأساتذة إلى اهتمامهم بتعليم أجيال المستقبل، والانضباط لمضامين رسالة التعليم والتربية، في مقابل انكباب الوزارة على ملفاتهم المطلبية وتحديد آجال معقولة لحل مشاكلهم دون تعريض ساعات الدرس الثمينة لزلازل الاحتجاجات المتكررة، وارتداداتها التي تتواصل على مدى الموسم الدراسي؟ أسئلة يطرحها بعض المهتمين بشؤون التربية والتكوين، في انتظار جواب يحمله الموسم الدراسي الجديد الذي حدد يوم 11 شتنبر أجلا فعليا لانطلاقته دون أن يحدد بعد أجل انتهائه الرسمي، بعدما أثبتت المواسم السابقة أن التلاميذ يغادرون الفصول في منتصف ماي إن لم يكن قبله. ضحى زين الدين

تلاميذ في انتظار الانطلاق الفعلي للدراسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أقطاب الحكومة "يتقاتلون" من أجل مقعدين برلمانيين

طالب جامعي يضرب عن الطعام بسجن بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات