رموز الغناء العربي قبل ألف عام : طُويس…رمز الشؤم المحبوب

قال عنه أبو الفرج الأصفهاني في كتاب «الأغاني»: اسمه عيسى بن عبد الله وكنيته أبو عبد المنعم.كان يضرب به المثل في الشؤم، لأنه ولد يوم توفي النبي محمد عليه السلام، وفُطِم يوم وفاة أبي بكر الصديق، وخُتن يوم مقتل عمر بن الخطاب، وتزوج يوم مقتل عثمان، ووُلِدَ له يوم مقتل علي بن أبي طالب. وكان من شؤمه يقول «يا أهل المدينة، مادمت بين أظهركم فتوقعوا خروج الدابة والدجال، وإن متّ فأنتم آمنون».وصنف المؤرخون طويس في طليعة من غنوا الغناء المتقن، وهو أول من صنع اللحنين المعروفين بالهزج والرمل زمن الإسلام. وضرب به المثل فقيل «أهزج من طويس» لإبداعه في الهزج. وكان ابن محرز أحسن الناس غناء في الثقيل، وابن سريج أحسنهم في الرمل. وكان من أظرف المحدثين ولعا بالشعر. وكان يُتقى للسانه اللاذع. وطويس هو أول من غنى الغناء العربي في المدينة. ولم يضرب العود، بل نقر بالدف. كما عُرف بلقب «الذائب» لأن أول صوت غناه كان في هذه الأبيات:كيف يأتي من بعيد/ وهو يخفيه القريبنازح بالشام عنا/ وهو مكسال هيوبقد براني الحب حتى/ كدت من وجدي أذوبورغم «شؤمه» و»خنثه» فإنه كان محبوبا، وكان مروان بن الحكم أصدر يوما الأمر بحمل المخنثين إليه، مقابل عشرة دنانير لكل مخنث. وكان طويس في المدينة في بني الحارث بن الخزرج، يغني بشعر حسان بن ثابت:لقد هاج نفسك أشجانها/ وعاودها اليوم أديانهاتذكرت هندا وما ذكرها/ وقد قطّعت منك أقرانهاوقفت عليها فساءلتها/ وقد ظعن الحي، ما شأنهافصدت وجاوب من دمنها/ بما أوجع القلب أقرانهاوأُبلغ أمر مروان في المخنثين فقال «أما فضّلني الأمير عليهم بفضل حتى جعل فيّ وفيهم أمرا واحد؟» وارتحل من فوره إلى السويداء، حيث عاش بقية أيامه، وكانت وفاته في ولاية الوليد بن عبد الملك.ويحكى أن ابن سريج هبط المدينة، فغنى أهلها، فاستحسنوا غناءه، وقدّموه على كل من غنى قبله قائلين «أنت والله أحسن الناس غناء». ومر بهم طويس فسمع قولهم هذا، فاستل من حضنه دفا وراح ينقر به، ويغني بشعر عمارة بن الوليد المخزومي في خولة بنت ثابت:تناهى فيكم وجدي/ وصدّع حبكم كبديفقلبي مسعر حزنا/ بذات الخال في الخدفما لاقى أخو العشق/ عشير العشر من جهديفما كان من ابن سريج إلا أن هتف «هذا والله، أحسن الناس غناء، لا أنا».وكان أبان بن عثمان أميرا على الحجاز زمن عبد الملك بن مروان. ويوم وصوله إلى المدينة استقبله أهلها، ومعهم طويس، الذي بادره بقوله «لقد أقسمت يا أمير، أن أخضّب يديّ إلى المرفقين وأضرب بالدف بين يديك يوم أراك أميرا» وتناول دفه وراح يتغنى بأبيات ذي جدن الحميري ومطلعها:ما بال أهلك يا رباب/ خزرا كأنهم غضابإن زرت أهلك أوعدوا/ وتهرّ دونهم كلابفاستخف أبان الطرب، وأدنى منه طويس قائلا «لقد زعموا أنك كافر». فقال طويس «جُعلت فداءك، والله إني لأشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله، وأصلي الخمس، وأصوم شهر رمضان، وأحج البيت». فسأله أبان «أفأنت أكبر أم عمرو بن عثمان (وهو أخو أبان لأبيه وأمه) فأجاب طويس «أنا والله جُعلت فداءك، مع جلائل نساء قومي، أمسك بذيولهن يوم زفت أمك المباركة إلى أبيك الطيب» فاستحا أبان، وغض طرفه.ويحكى كذلك أن جماعة خرجت في سفر حتى إذا وصلوا إلى واد وجلسوا للغداء مدّ أحدهم إلى الطعام لكنه لم يستطع الأكل، وكان من قبل يشاركهم الأكل في كل مكان نزلوا فيه. وبحثوا عن حال صديقهم فرأوا رجلا طويل القامة في عينيه حول، يرتدي زي الأعراب، وهو مضطرب الهيأة. فلما أخبروه بخبر صديقهم قال لهم إن حاله ستستقيم حال تجاوزهم الوادي الذي هم فيه، وسيأكل كما كان من قبل يأكل. واعتراهم الخوف، وقالوا بينهم وبين أنفسهم إن هذا الأعرابي إنما هو من الجن. وأيقن الأعرابي ذلك، فهدأ من روعهم، وعرفهم بنفسه، فإذا هو طويس المغني، وقد تزيا بزي الأعراب لأن بعض أصدقائه منهم دعوه فأحب الخروج إليهم بزيهم كيلا يبدو غريبا لدى مروره في أحيائهم.وطلبوا منه أن يغني، فلم يتردد، واستل دفه المربع، وراح يغني غناء أحس معه الجميع أن الوادي ينطق معه لجودة غنائه، وحسن صوته. وكان الشعر الذي غنى به طويس لعروة بن الورد في زوجته سلمى الغفارية، وقد رهنها على الشراب: سقوني الخمر ثم تكنفوني/ عُداةُ الله من كذب وزوروقالوا لست بعد فداء سلمى/ بمغن ما لديك ولا فقيرفلا والله لو ملّكتُ أمري/ ومن لي بالتدبر في الأمورإذا لعصيتم في حب سلمى/ على ما كان من حسك الصدورفيا للناس كيف غُلبت أمري/ على شيء ويكرهه ضميري إعداد: عزيز المجدوب

رموز الغناء العربي قبل ألف عام : طُويس…رمز الشؤم المحبوب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القاعات السينمائية البيضاوية : سينما الزهراء... من الأفلام إلى مستودع

تزايد الطلب على محطات الوقود بوجدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات