الحملات الليلية… ليونة ممزوجة بالصرامة

سدود قضائية وفرقة متنقلة ساهمت في تفعيل حالة الطوارئ في رمضان لم تكن ليلة رمضانية عادية بالمنطقتين الأمنيتين البرنوصي ومولاي رشيد بالبيضاء، إذ جندتا كل فرقهما لتفعيل حالة الطوارئ التي أعلنت عنها الحكومة خلال رمضان. بعد الثامنة مساء، تشن حملات بالعديد من الأحياء والشوارع الشهيرة للوقوف على مدى احترام المواطنين لهذه التدابير. صحيح أن هناك توجيهات لرجال السلطة والأمن من أجل التعامل بليونة مع المواطنين ومحاولة إقناعهم باحترام القانون، إلا أنه في مناسبات يكون الزجر سيد الموقف، إذ تنتهي العملية باعتقالات في صفوف المخالفين. إنجاز: مصطفى لطفي- تصوير (أحمد جرفي) بمقر المنطقة الأمنية مولاي رشيد، أشرف نبيل الحيمر رئيس فرق المرور، على كل صغيرة وكبيرة في ما يتعلق بوضعية السدود الإدارية والقضائية والعناصر المشرفة عليها. وزعت هذه السدود بإحكام بين المناطق الحساسة والإستراتيجية بالعمالة، لردع أي محاولة لخرق الطوارئ الصحية. كان الحيمر على موعد مع رئيس الدائرة الأمنية سيدي عثمان، التي كانت في الديمومة وقتها، والهدف الإشراف معا على الحملات الأمنية ومعاينة "الباراجات". كان الجو يميل إلى البرودة إلا أنه سيلتهب حرارة بمجرد الشروع في الحملة وضبط المخالفين. كانت أول خطوة قام بها المسؤولان الأمنيان، تفقد سد إداري قريب من مقري العمالة والمنطقة الأمنية، أسندت مهمة الإشراف عليه لضابط أمن وعناصره، معززة بفرقة "البلير"، مهمتها التدخل في حالة الطوارئ. صدرت تعليمات بتوقيف جميع العربات مهما كانت بالسد، والتأكد من توفر أصحابها على رخص التنقل وتنقيطهم خوفا من أن يكونوا موضوع مذكرة بحث. قسم السد إلى شقين، الأول مهمة المشرفين عليه التأكد من توفر المواطنين على الرخص الاستثنائية، وفي حالة العكس، يطلب من السائق المرور صوب المشرفين على الشق الثاني من السد، مهمتهم التأكد من هوية المعنيين وتنقيطهم وتحصيل الغرامات أو إحالتهم على مصلحة الديمومة لإنجاز محاضر لهم. تسبب السد الإداري في صدمة كبيرة للعديد من المواطنين على متن سياراتهم، تشعر من ارتباكهم وملامح وجوههم لحظة مطالبتهم بالتوقف أنهم على يقين أن القانون سيطبق في حقهم، سيما أن العديد منهم لا يتوفر على الرخص الاستثنائية. ذريعة العلاج والدواء كانت ردود أفعال المواطنين متباينة حول خرقهم الطوارئ الصحية، هناك من تقبل الأمر بصدر رحب ووافق على تسديد ثمن الغرامة (300 درهم) في الحال، وآخرون وإن اختلفوا في درجات تمردهم ، اتفقوا أن ما تعرضوا له يعد تعسفا في حقهم، إذ بالنسبة إليهم يحق لهم التنقل، رغم الأزمة الصحية التي تمر منها الدولة. كما أشرنا، أبدى مواطنون احتجاجهم على قرار إيقافهم، منهم من تحجج أنه في الطريق إلى المستشفى، وآخرون ادعوا أنهم في البحث عن صيدليات الحراسة لاقتناء الدواء. لم يسلم حتى سائقو سيارات الأجرة بحجميها من التوبيخ، لعدم حيازتهم الرخصة الاستثنائية. حاول سائق "طاكسي" تبرير موقفه أنه في مهمة مستعجلة وسعى للتمويه على رجال الشرطة لمغادرة السد دون خسائر، فكان الرد أن على الجميع التزام بيوتهم بعد الثامنة ليلا، اللهم في حالات إنسانية خاصة. وشمل التفتيش أيضا ركاب سيارة الأجرة، بعدما وجدوا أنفسهم في موقف حرج عندما طالبهم الأمنيون برخصة التنقل، إذ اكتفى بعضهم بالنظر في وجوه الأمنيين دون الهمس بكلمة. خلال عملية التفتيش في السد، توقفت سيارة رباعية الدفع، تقدم شرطي نحو سائقها وطالبه برخصة التنقل، لم يتقبل السائق الأمر، وبنرفزة ادعى أنه في مهمة خاصة مستعجلة، فأصر الشرطي على الاطلاع على رخصة التنقل أو تسديد غرامة 300 درهم. فجأة استشاط السائق غضبا وانطلق بسيارته مندفعا بسرعة كبيرة، بطريقة هددت رجال الشرطة. استنفرت الواقعة العناصر الأمنية، وحاول أمني مطاردة سائق السيارة، قبل التراجع عن هذه الخطوة تفاديا لوقوع حادثة، فتم الاكتفاء بإشعار مصلحة المواصلات عبر جهاز اللاسلكي من أجل نشر البرقية على جميع الأمنيين قصد مطاردته وإيقافه. بعد هذه الحادثة، تقرر نقل موقوفين، كان عددهم ستة إلى مقر الديمومة، حيث ستنجز لهم محاضر قبل إحالتهم على النيابة العامة. صرامة وزجر الوضع نفسه عاشته المنطقة الأمنية بالبرنوصي، إذ شهد مقرها استعدادات خاصة لشن حملات ليلية ضد خارقي القانون، سيما بعد أن صدرت تعليمات صارمة بعدم التهاون مع أي كان. كانت الانطلاقة صوب سد قضائي على الطريق الوطنية رقم 1 المعروفة بطريق "الرباط" بمنطقة أهل الغلام. أشرف على السد أمنيون ينتمون إلى فرقة المرور والأمن العمومي والشرطة القضائية والدراجين و"البلير"، بعضهم كان يحمل أسلحة رشاشة تحسبا لأي مفاجأة. كانت روح المسؤولية والصرامة حاضرة لدى العناصر الأمنية بالسد القضائي، إذ لا يجب التهاون مع خارقي الطوارئ، وإلا سينتهي الأمر بفوضى قد تخرج عن السيطرة. كان سائق سيارة أول من وقع في كمين السد القضائي، إذ لا يتوفر على رخصة التنقل الاستثنائية. حاول تبرير خرقه الطوارئ لأسباب عائلية، إلا أن أعذاره لم تلق القبول واعتبرت تمويها منه، ليجد نفسه في النهاية مجبرا على تسديد 300 درهم، قيمة الغرامة، قبل مواصلة مساره. بعدها بدقائق، وجد سائق دراجة نارية نفسه في ورطة لحظة عبوره السد القضائي، بدا عليه ارتباك كبير، صاحبه تلعثم في الحديث، وهو يحاول التمويه على العناصر الأمنية أنه يبحث عن الرخصة الاستثنائية في سترته، قبل أن يتراجع عن ألاعبيه ويقر أنه أفطر لدى قريب وقرر القيام بجولة، فجاء الرد أنها ستكلفه 300 درهم. عجز الموقوف عن توفير ثمن الغرامة، فانزوى في مكان مظلم إلى جانب دراجته استعدادا لنقله إلى مقر مصلحة الديمومة لإنجاز محضر له. ورطة سائق "طاكسي" أكبر حدث ستعيشه عناصر السد القضائي، وهو لحظة قدوم سيارة أجرة من الحجم الكبير، على متنها خمسة ركاب من الجنسين. دخل السائق لحظة مطالبته بالتوقف وتسليم المسؤول عن السد وثائق السيارة، في حركات غريبة وتصرفات تفيد أنه وقع في ورطة كبيرة. بعد تماطل سلم المسؤول وثائق سيارة الأجرة. إلا أن الأمور ستزداد تعقدا، عندما تنبه شرطي إلى أن سيارة الأجرة تابعة لجماعة "أولاد صالح" بإقليم النواصر، وأنه لا يحق لسائقها مطلقا نقل الركاب من البرنوصي أو باقي العمالات البيضاوية صوب وجهات أخرى. أدرك السائق خطورة ما قام به، وادعى أنه فضل الطريق الوطنية لمرورها من مطار محمد الخامس الدولي، ما سيمكنه من سلك طريق أخرى ستقوده مباشرة إلى جماعة أولاد صالح. فشل السائق في إقناع مسؤولي السد القضائي بوجهة نظره، إذ واجهوه أن رخصته حددت مكان الانطلاق والنهاية بعمالة إقليم النواصر، وبالتالي لا يحق له الوجود بالبرنوصي، قبل أن يسردوا عليه لائحة المخالفات التي تورط فيها، وهي خرق الطوارئ الصحية وعدم احترام عدد الركاب المسموح به من قبل السلطات والمحدد في نصف الطاقة الاستيعابية لسيارة الأجرة. كما الأمر لجندي في ساحة الوغى وجد نفسه محاصرا وقرر دون تردد الاستسلام، ترجل السائق وباقي الركاب من سيارة الأجرة، وقرروا إتمام رحلتهم الليلية داخل سيارة الشرطة. صدمة الاعتقالات إلى جانب السدود القضائية، أسندت لفرق متنقلة مهمة زجر المخالفين وضبط النظام، إذ يوميا تطيح بعدد مهم من المتورطين، ورغم هذه الاعتقالات مازال البعض يصر على خرق الطوارئ، إذ تشعر كأنهم يتعاملون مع هذا الأمر بنوع من الرعونة وتحد للسلطات. انطلقت الحملة الأمنية بعد انضمام عنصرين من فرقة الدراجين، وشملت أحياء وشوارع ومحيط مسجد طارق الشهير بالبرنوصي. مع بداية الحملة ظهر شخصان يتجولان كأن الأمور عادية، قبل أن يفاجآ بالشرطة تحاصرهما. حاولا استعطاف عناصرها لإطلاق سراحهما، إلا أن الإصرار على تطبيق القانون كان سيد الموقف. وواصلت الفرقة مهمتها بحثا عن متورطين آخرين، لم يتأخر الأمر، إذ تم اعتقال شاب بدت عليه علامات الصدمة، إذ لم يتوقع أن يكون موضوع اعتقال. واصلت الفرقة مسارها من البرنوصي إلى سيدي مومن، لتفاجئ شابا وشابة كانا يتجولان بطريقة رومانسية، ولما عاينا الشرطة حاولا الفرار، وفي ثوان، تراجعا عن قرارهما، إذ أدركا بسرعة أن هذه الخطوة ستكون متهورة وقد تكلفهما الكثير. استعطفت الفتاة شرطيا لإطلاق سراحها خوفا من الفضيحة، وساندها في الطلب نفسه مرافقها، الذي حاول استعمال كافة الوسائل للتأثير على الأمنيين، دون جدوى، فباءت خطوته بالفشل، ووجد نفسه وصديقته داخل سيارة المصلحة، نقلتهما إلى مقر بمصلحة الديمومة.

الحملات الليلية… ليونة ممزوجة بالصرامة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جيد يعود إلى الجزائر

تمرد من أجل قهوة و"شيشة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات