“القاسم الانتخابي”… وجهة نظر دستورية

مذكرة فريق العدالة والتنمية ليست «طعنا» ولا «إحالة» بل مذكرة للملاحظات الكتابية خص صلاح الدين الشنكيطي، الباحث في علم السياسة والقانون الدستوري، "الصباح" بمقال يواكب النقاشات الدستورية الجارية بين المهتمين والمختصين، بل وعموم المواطنين حول موضوع "القاسم الانتخابي". بقلم: صلاح الدين الشنكيطي(*) نشر خبر يوم 24 مارس الجاري، ابتداء على الموقع الالكتروني لحزب العدالة والتنمية، بعنوان "رسميا...فريق "المصباح" بمجلس النواب يطعن في دستورية القاسم الانتخابي"، وبعد ذلك، سيعمم على مواقع إخبارية عدة. تضمنت هذه المادة الخبرية، ما يلي "أعلن رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب مصطفى إبراهيمي، عن تقديمه بشكل رسمي مذكرة باسم الفريق، تتضمن دفعا يقضي بأن المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي رقم 21-04 لانتخاب أعضاء مجلس النواب، المتعلقة بتعديل القاسم الانتخابي، كما تم تعديلها تتضمن مقتضيات غير دستورية. ويأتي طعن فريق "المصباح" في عدم دستورية القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، وفق ما أوضح ابراهيمي، في تصريح لـموقـــــع الحــــــزب، بعدما راسلت المحكمة الدستورية مجلسي البرلمان بشأن إبداء رأي المؤسسة التشريعية حول القوانين التنظيمية المؤطرة للانتخابات، التي أحيلت عليها تلقائيا، بعد مصادقة البرلمان النهائية عليها، وفق ما ينص على ذلك الدستور". تثير هذه المادة الخبرية، بالطريقة التي قدمت بها، وبالعنوان المختار لها، إشكالا قانونيا، حول التوصيف الدستوري السليم لما أقدم عليه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، وهو ما تبتغي هذه الحلقة توضيحه، كالآتي: < القوانين التنظيمية ميز الدستور إجراءاتها التشريعية، بأن أوقف مسطرة إصدار الأمر بتنفيذها، على صدور قرار للمحكمة الدستورية بخصوصها، لهذا فهي تحال، بعد المصادقة عليها، وجوبا، إلى المحكمة الدستورية، طبقا للفصل 132، الذي ينص "تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها...قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور"؛ < وأنه انسجاما مع ما سبق، فإن رئيس الحكومة، ملزم بفورية إحالة القوانين التنظيمية إلى المحكمة الدستورية، وهو ما تنص عليه المادة 21 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية "يحيل رئيس الحكومة على الفور القوانين التنظيمية التي أقرها البرلمان، بصفة نهائية، إلى المحكمة الدستورية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، قصد البت في مطابقتها للدستور. ويشار في رسالة الإحالة، عند الاقتضاء، إلى أن الأمر يدعو إلى التعجيل بالبت في الموضوع". إذن، فالأمر لا يتعلق "بطعن"، رغم أن هذه العبارة لم يستعملها الدستور والقوانين التنظيمية ذات الصلة، بالنسبة إلى اختصاص مراقبة دستورية القوانين سواء كانت المراقبة وجوبية أو اختيارية، وخص بها، فقط، اختصاص المحكمة الدستورية بالبت فـي موضوع "المنازعات الانتخابية"، وهكذا: < نص الدستور، في الفقرة الأخيرة من الفصل 132 منه "تبت المحكمة الدستورية فـي الطعـون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان، داخل أجل سنة، ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها، غير أن للمحكمة تجاوز هـذا الأجل بموجب قـرار معلل، إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها، أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها". < نص القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، في مواده 32 و33 و34، بدوره على عبارة "الطعن" فقط في المنازعات الانتخابية، بقوله "يحدد في ثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ الإعلان عن نتيجة الاقتراع، الأجل الذي يتم داخله الطعن، طبقا للقانون، في انتخاب أعضاء البرلمان أمام المحكمة الدستورية"، "غير أن للمحكمة تجاوز هذا الأجل بموجب قرار معلل، إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها، أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها"، "يحال النزاع إلى المحكمة الدستورية بعريضة مكتوبة تودع لدى أمانتها العامة أو لدى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم الذي جرت فيه العمليات الانتخابية أو لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يجري الانتخاب بدائرتها، وذلك مقابل وصل يحمل تاريخ إيداع الطعن، ويتضمن قائمة الوثائق والمستندات المقدمة من طرف الطاعن تعزيزا لطعنه". < نص القانون التنظيمي المذكور، على وصف "الطعن"، بمقتضى اختصاص موكول للمحكمة الدستورية غير مستمد من الدستور، نظمته المادة الثانية من القانون التنظيمي "يمكن الطعن في عملية ونتائج انتخابات أعضاء المحكمة الدستورية المنتخبين داخل أجل ثمانية أيام، من تاريخ إعلان النتائج. تبت المحكمة الدستورية في الطعن داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام". إذن بماذا يتعلق الأمر؟ ولماذا رغب معد ومقدم الخبر، على وصف الإجراء الذي تم القيام به "بالطعن"؟ لنترك التفسير السياسي والحزبي جانبا، لأنه ليس جزءا من زاوية معالجتنا للموضوع، ولنحاول الإجابة عن السؤال الأول، فنقول: < إن مذكرة فريـق العدالة والتنمية بمجلس النواب، ليست "طعنا"، ولا "إحالة"، بل هي مذكرة "للملاحظات الكتابية"، المؤطرة، بمقتضى الفصل 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمـة الدستوريـة "تقوم المحكمة الدستورية، فور إحالة القوانين التنظيمية والقوانين والأنظمة الداخلية للمجالس، والالتزامات الدولية إليها، بإبلاغ ذلك إلى الملك ورئيس الحكومة ورئيس كل مجلس من مجلسي البرلمان الذي يتولى إعلام أعضاء مجلسه بالأمر. ولرئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين وأعضاء المجلسين، أن يدلوا إلى المحكمة الدستورية بما يبدو لهم من ملاحظات كتابية في شأن القضية المعروضة عليها". < إن هذه المذكرة، تتضمن ملاحظات الجهة التي صدرت عنها، ولا تطرح أي دفوعات تلزم المحكمة بالرد عليها، كما أن مضامينها تخضع لتقدير المحكمة في الأخذ بها من عدمه. وفي المحصلة، فإن الأمر، وعلى عكس الصيغة التي قدم بها، وتم الترويج له، ليس "طعنا"، وما كان له أن يكون كذلك، وليس إحالة، لأن موضوع النظر ليس هو القانون بل قانون تنظيمي، بل هو مجرد "ملاحظات كتابية"، يعود للمحكمة الدستورية تقدير مضمونها، أثناء بتها في الموضوع، وإن الإصرار على تقديمها بالوصف الموظف في العنوان، إن كان نتاج غلط في الدستور، فقد وضحناه، وإن كان تغليطا، فإن للقراء واسع النظر. (*) باحث في صف الدكتوراه –علم السياسة والقانون الدستوري- كلية الحسن الثاني- عين الشق بالدار البيضاء

“القاسم الانتخابي”… وجهة نظر دستورية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء

بوليساريو تبحث عن ثقة مفقودة بنواكشوط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات