3 أسئلة: شكري: المغرب يعيش ظاهرة الاستهلاك التفاخري

كيف تفسرون من منظور علم الاجتماع لجوء بعض فئات طبقة الأثرياء إلى تنظيم حفلات خاصة باذخة تكلف ملايين السنتيمات؟ إن تنظيم حفلات خاصة باذخة وذي تكلفة عالية جدا من قبل طبقة الأغنياء يدل على تنامي ظاهرة الاستهلاك التفاخري، فهذا النوع من الحفلات ليس الهدف منه هو الترفيه عن الذات والتسلية ، بل يكون الهدف منه هو التباهي أمام الآخرين أنه يملك المال الكثير والسلطة والجاه. وهذا يدل على الهوس بامتلاك المال من أجل حياة البذخ والترف على حساب معاناة الآخرين ، فسيرورة الزمن السيكولوجي والاجتماعي لهذا النوع من الأثرياء هي التي توجد لديهم هذا العشق الجنوني لحياة البذخ والترف، أن “جنون العظمة” “وبارانويا الاضطهاد” و”فوبيا المجهول والمستقبل “ والسعي إلى إقصاء الماضي في سيرورة الحاضر، هي التي تدفع هؤلاء الأثرياء إلى الرغبة الشبقية لحياة البذخ والترف ممثلة في إقامة حفلات باهظة الثمن. فشخصية الأثرياء صنعها أولا الفضاء السيكولوجي والاجتماعي للمجتمع المغربي، الذي يعطي شرعية التبذير ولحياة البذخ والترف وثانيا عدوى التبدير وحب السلطة والمال تنتقل من ثري إلى آخر، إن نفسية الثري هي المسؤولــة على هذا الميل الجنوني لحياة البذخ والترف، بحيث نجد “أنا” الثري تعيش نرجسية القدسية المطلقة للذات، ويعيش الثري استيهامات ملكية العالم وفي هذه الحالة في ظل هذه الاستيهامات تكون لـ “ أنا “ الثري شرعية تأثيث هذه القدسية بطقوس الاحتفال الباهظ الثمن التي تدل على حياة البذخ والترف. هل يدل هذا الإنفاق المفرط على عقدة ما أم هو إشباع لحرمان معين؟إن هذا الإنفاق المفرط هو رغبة شبقية إلى درجة أنه لا يتصور الشخص أنه ثري إلا بحياة الحفلات الباهظة، وفي هذا الإطار نجد مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية وراء هذه الرغبة الشبقية في السلطة والمال.فالبنسبة إلى أسباب النفسية التي تدفع الثري إلى إقامة حفلات مكلفة ماديا نجد ما يلي:أولا نجد أن كل الأثرياء مهووسون بحب السلطة والمال إلى درجة العشق الجنوني، وهذا العشق الجنوني يجعل “ أنا “الثري” يتوحد كليا بهما إلى درجة الاستغراق الأنطولوجي، فلا توجد السلطة والمال خارج ذاته بل هما يوجدان في جوهر ذاته. ولا تنتهي ملكية السلطة والمال إلا بموت الثري فليس في سيرورة وجوده التقاعد المهني عن امتلاك المال . ثانيا إن كل الأثرياء يعيشون في استغراق كلي واحتوائي في سيكولوجية جنون العظمة فكيف يمكن للثري أن يكون مثله مثل باقي الناس في الثروة وهو لا يقيم هذا النوع من الحفالات الباهظة. ثالثا، فالثري بالرغم من أنه يملك هذا الثراء وحياة البذخ هذه، فهو لم ينس في يوم من الأيام أنه كان ضعيفا وفي هذه الحالة فهو يعيش “ فوبيا المصير” وبار ونايا الاضطهاد الشيء الذي يجعله يعيش وعيا شقيا في كل لحظات وجوده فهو ينتظر في أي لحظة أن يتعرض للإفلاس الاقتصادي .أما الأسباب الاجتماعية المؤدية إلا إقامة حفلات باهظة الثمن نجد ما يلي:أولا نجد أن أغلب الأثرياء يتحدرون من عامة الشعب ومن أسر عادية فعندما امتلكوا المال أخذوا يعوضون تلك الحياة السابقة قبل الامتلاك بحياة البذخ لكي يشعروا أنهم فوق الجميع فيقيمون الحفلات الباهظة ليعوضوا ذلك حرمانهم الطفولي. ثانيا، أن الوضع الاجتماعي والسياسي يدفع بالأثرياء إلى مراكمة الثروات من أجل حياة البذخ . ومن أجل ذلك تقام هذه الحفلات من أجل التعارف على أشخاص أثرياء آخرين يجذبهم و يغريهم من أجل الدخول معهم في مشاريع اقتصادية، تدر عليه أموالا أخرى.ثالثا إن الأثرياء مهووسون بالتفاخر الاجتماعي بين بعضهم البعض ولهذا نجدهم يتنافسون مع بعضهم البعض ومن أجل إظهار ذلك يقيمون هذا النوع من الحفلات الباهظة الثمن. كيف هي أثار وانعكاسات هذه الظاهرة على المجتمع ككل؟هناك مجموعة من الآثار لهذه الحفلات منها ما يلي:أولا، إن لذة المعيش اليومي في حياة البذخ والترف تنسي الثري هموم الآخرين ومعاناتهم من الفقر والحاجة والحرمان.ثانيا فلذة حياة البذخ والترف من خلال هذه الحفلات تؤدي إلى موت ضمير وتعمل على تأسيس نظام قيم فاسد ليست فيه قيمة للمسؤولية والواجب الأخلاقي وروح الوطنية الحقة.ثالثا نتيجة لهذا التبذير الجنوني يعمل الثري ويشجع على انتشار الفساد بكل أشكاله ليعطي شرعية لفساده هو. عبد الجبار شكري, أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفسأجرى الحوار:محمد أرحمني

3 أسئلة: شكري: المغرب يعيش ظاهرة الاستهلاك التفاخري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وسطاء يتنافسون على استقطاب الشخصيات إلى سهراتهم

الخمر والجنس و"الكوك" شعار الحفلات الخاصة لـ"قشدة" المجتمع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات