مصطفى سلمة: سأعود إلى تندوف

المناضل الصحراوي قال لـ "الصباح" إن حالة النضج داخل المخيمات تؤرق قيادة بوليساريو خص مصطفى سلمة ولد سيدي مولود جريدة «الصباح» بهذا الحوار من مقر إقامته من نواكشوط. وكشف المناضل الصحراوي حقيقة ما جرى منذ اعتقاله في طريقه إلى مخيمات تندوف إلى حين إطلاق سراحه بوساطة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وقال مصطفى سلمة إنه مستمر في نضاله من أجل تمكين سكان المخيمات من حرية التنقل، مشيرا إلى أنه يعرف أن هذا الأمر قد يكلفه حياته، ولكن ذلك لا يهم في سبيل الدفاع عن قضية يؤمن بها.وتساءل مصطفى سلمة عن شرعية الجهات التي تفاوض المغرب، برعاية أممية، باسم الصحراويين، مضيفا أن كثيرا من أعضاء الوفد، وعلى رأسهم رئيس الوفد، لا يتحدرون من منطقة النزاع، بل هم إما من أصول موريتانية أو جزائرية، مشيرا إلى أن هذا المعطى من شأنه أن يعيد تصحيح الكثير من الحقائق لدى الرأي العام الدولي.واعتبر المناضل الصحراوي أن وضعيته تكاد تكون فريدة من نوعها في العالم، مشيرا إلى أنه وجد نفسه في وضع استثنائي، مطالبا المنظمات الدولية بالتدخل قصد حمل جبهة بوليساريو على السماح له برؤية عائلته في مخيمات تندوف. أين توجد الآن وما هي وضعيتك القانونية؟منذ إطلاق سراحي، فعليا، بعد تدخل المنظمات الدولية والحقوقية والنداءات التي وجهتها الدول، وبواسطة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أستقر الآن في موريتانيا، ولا أعرف ماذا ينتظرني، فقد وجدت نفسي في وضعية استثنائية، منذ وصولي إلى نواكشوط. كما تعرفون فقد ذهبت إلى مدينة السمارة لزيارة عائلتي، وحين قررت العودة إلى مخيمات تندوف للالتحاق بأسرتي الصغيرة، هناك، أصدروا قرارا بمنعي من العودة وعرضوا حياتي وحياة أسرتي للخطر، وهددوا باعتقالي واتهموني بتهم ثقيلة، فقط لأنني قلت رأيي في ما يجري في الصحراء. وفعلا في طريقي إلى المخيمات قطعوا عني الطريق وتم توقيفي في الليل من طرف العسكر، وبدأت فصول الاعتقال والاستنطاق والتحقيق ودامت أكثر من شهرين قبل أن تتدخل المفوضية السامية لغوث اللاجئين من أجل إطلاق سراحي.قبل اعتقالي من طرف العسكر، كنت صحراويا والآن قالت لي المفوضية السامية إنني لاجئ. بوليساريو ترفض دخولي إلى مخيمات تندوف، لأنني لا أتوفر، كما الكثير من الصحراويين، على وثيقة هوية ولا وثائق سفر ولا مكان أعيش فيه، إذ أن وضعيتي استثنائية غير موجودة في العالم، فأنا لا أنتمي إلى أي وضع، وهمي الأول الآن هو عائلتي في مخيمات تندوف.ما تعرضت له يرجع إلى موقفك الداعم لمقترح الحكم الذاتي الذي يعرضه المغرب في الأقاليم الجنوبية..(مقاطعا)، سأبقى أناضل من أجل مبادئي، وأنا اليوم أكثر إصرارا. في الحقيقة كنت أتوقع من موقعي مسؤولا أمنيا في المخيم، أن أتجول داخل تراب المخيمات، كما هي العادة قبل زيارتي للمغرب، وكما هي عادة كل المسؤولين الأمنيين في الجبهة، لكن الحق في التجول ليس ممنوحا لكل واحد من سكان المخيمات، فقد اكتشفت أنني كنت على خطأ لأن حرية التنقل التي يتمتع بها مسؤول الأمن لا تتوفر لغيره، كما لا يمكن لأحد التعبير عن رأي مخالف لمصلحة الجزائر في المنطقة، هذه حقيقة.ما هي الخلاصة التي خرجت بها بعد محنة الاعتقال في سجون بوليساريو بسبب موقفك من قضية الصحراء؟ملف الصحراء مطروح في علاقة بأطراف كثيرة تتدخل في الملف، وهي كلها معنية بحل قضية الصحراء، لكل واحد دوره يشارك به باسم الصحراويين.بالمقابل، انكشفت لي دعاية الجزائر، فإذا كان المغرب يترك الشباب القادمين من العيون أو السمارة أو الداخلة، يعبرون عن آرائهم ويزورون مخيمات تندوف أو الجزائر، ثم يعودون إلى منازلهم دون جريمة، فإن الجزائر وبوليساريو لا تسمحان بهذا الأمر حينما يتعلق الأمر بصحراوي من مخيمات تندوف يزور الصحراء ويعبر عن رأيه في الأحداث، فحين يمارس أحدنا من المخيمات هذا الحق يصبح مجرما، أظن أن من بيته من زجاج لا يجب أن يرمي الناس بالحجارة.فنضالي هو رغبة في الحصول على القدرة على الاختيار، وعائلتي في المخيمات لا تمتلك وثائق سفر ولا هوية، ولكي تحصل على وثيقة سفر، مثلا، عليك استجداء قيادة بوليساريو والجزائر. هناك أكثر من ثلث الصحراويين في المخيمات يتوفرون على وثائق جزائرية، يتنقلون بواسطتها، يمارسون حياتهم الاعتيادية في التجارة والسفر وغيره. بالمقابل، نحن ليس لدينا الحق لأننا جئنا من المغرب، فهناك تمييز بين اللاجئين أنفسهم نرفضه. نطرح هذه الصورة، لنقول كيف يمكن لصحراويين يعيشون في هذه الظروف أن يكونوا قادرين على تقرير المصير، فتقرير المصير يتم بتوفير الظروف وليس بالشحن الجزائري بأساليبه المعروفة لدى عامة الصحراويين في المخيمات.المغرب يفاوض بوليساريو والجزائر من أجل التوصل إلى حل بإشراف أممي...(مقاطعا)، قيادة جبهة بوليساريو التي يفاوضها المغرب لا تعرف قضية الصحراء، بل إن بعضهم يجهل تفاصيلها. رئيس وفد بوليساريو، خطري أدوه، مثلا، هو رئيس المجلس الوطني الصحراوي، ورئيس وفد الجبهة إلى مفاوضات التسوية النهائية لنزاع الصحراء، يتحدر من قبيلة تدعى (تنواجيب)، قبيلة كل أهلها موريتانيون، فلماذا يفاوض المغرب وهو لا ناقة له ولا جمل في الصحراء، لكن اختياره لا يخرج عن أجندة جزائرية. عضو ثان ضمن الوفد المفاوض، هو امحمد خداد مثلا، يشغل مهمة ممثل بوليساريو منسقا مع البعثة الأممية في الصحراء (مينورسو)، يتحدر من أصول موريتانية ووالده كان ممثلا لحزب موريتاني، ثم هناك الخليل ولد سيدي احمد، وزير الجاليات في بوليساريو، كان عضوا في حزب الكادحين الموريتاني، ثم هناك محمد لامين ولد البوهالي، الذي يشغل وزيرا للدفاع داخل الجبهة، سبق له أن عمل جنديا في الجيش الجزائري وهو مسؤول عن تهريب البشر. من الأسماء أيضا، زوجة محمد عبد العزيز، خديجة حمدي، وزيرة الثقافة، وليدة تندوف ومن أصول جزائرية، أذكر أيضا ممثل الجبهة في الخارج، يتحدر من قبيلة تدعى (الكرعة)، بقي منها هو وشقيقه داخل المخيمات.هل يتعلق الأمر بورقة تلعب بها الجزائر لرد الصدمات الداخلية وتصديرها إلى الخارج؟الصورة واضحة، الذين يحكمون مخيمات بوليساريو من الأقليات الصحراوية بل منهم من لا ينتمي إلى منطقة النزاع، ومهمته فقط الحفاظ على المصالح الجزائرية داخل المخيمات، فقضية الصحراء موضوع دفاعي بالنسبة إلى الجزائر، وهي تستخدمها «بارشوك» لمواجهة الصدمات الداخلية، والجزائر لا يهمها تقرير المصير من عدمه، حقيقة هذا الوضع والتوظيف الجزائري للقضية، حمل الكثير من الصحراويين الحقيقيين على المغادرة، منهم عمر الحضرمي ولحبيب أيوب وأحمدو ولد سويلم، هؤلاء أبناء الصحراء، أدركوا أن الجزائر لا تبحث إلا عن مصالحها، ولا يمكن أن توجد إلا حيث ومع من يحفظ مصلحتها وليس مصلحة الشعب الصحراوي. ماذا تنتظر الآن منذ تسليمك إلى موريتانيا بوساطة من المفوضية السامية للاجئين؟أنا ما زلت مهددا بالقتل إذا لم أتوقف عن ترديد مواقفي ومسيرتي النضالية. وقد بلغت بهذا الأمر خلال مدة اعتقالي بالسجن، وبشكل مباشر ولا تلبيس فيه. ووجهت إلي تهم بالتخابر والتجسس للعدو وتسريب معلومات بالقول إن أفراد قبيلة البيهات يمثلون 20 ألفا من سكان المخيمات، هم يخافون هذه الحقيقة لأنهم يدركونها جيدا ويعرفون أن الآخرين لا يمثلون هذا العدد. نحن سنواصل النضال، ولن يزيدنا ما وقع إلا إصرارا، لأن الشعب والشباب الصحراوي أصبح ناضجا، رسالتي، أننا في بداية الطريق ونحن في حاجة إلى مساعدتنا على النضال ومساعدة أهلنا في المخيمات ومنحهم حرية الاختيار في ظروف طبيعية، بعيدا عن التضليل الجزائري، نضالنا بدأ وساحته هي المخيمات وليس مكانا آخر. فأنا أظن أن العالم لا يغلبه أن يحتضن شخصا، لكن الأهم أن تساعدني المنظمات الدولية والحقوقيون للخروج من هذه الوضعية ورؤية عائلتي في تندوف.أجرى الحوار: إحسان الحافظي

مصطفى سلمة: سأعود إلى تندوف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صراعات "البام" والاستقلال بالعيون تعود إلى الواجهة

انطلاق السباق لإعادة هيكلة الأغلبية المسيرة لمجلس المدينة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات