قراءة في كتاب الإصلاح الشمولي للقضاء (2/2)

الإصلاح القضائي مرتبط باصلاح جهاز الضابطة القضائية احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية مساء يوم 3 نونبر 2010 لقاء لتدارس إشكالية التفعيل الميداني للاختيارات المرجعية للإصلاح الشمولي للقضاء، من خلال قراءة ومناقشة كتاب (الإصلاح الشمولي للقضاء في مخطط مضبوط) للباحث المقتدر، والأستاذ القاضي ورئيس غرفة بالمجلس الأعلى هاشم العلوي. لما تأسس مجلس النواب وحل محله البرلمان بغرفتيه، كان كل وزير أول يقدم تصريحه الحكومي ويخصص حيزا منه للمطالبة بالاصلاح القضائي.وحقيقة، ألغي نظام الامتياز القضائي، وحدث تعريب ومغربة القضاء، ودخل إصلاح طفيف على قانون المسطرة الجنائية سنة 1974، ولكن بقي ما يتعلق بحقوق الإنسان، والمحاكمات العادلة والمنصفة، وتقوية ضمانات الدفاع، واحترام حرية التعبير والصحافة، وتخليق الإدارة وتطهيرها من المتلاعبين، وتنفيذ الأحكام وما له صلة مباشرة بحقوق المواطن، والمرأة والطفل.لم أكن متفقا مع الأستاذ تاج الدين الحسيني في تدخله لما ذكر أن الإصلاح يجب أن يشمل القضاء، والمهن المرتبطة به فقط، وذكر المحامين والخبراء والموثقين والعدول والأعوان القضائيين.الفساد تسرب إلى القضاء من عدة جهات، وبالأخص من جهة المتقاضين، فطائفة منهم تسمح لنفسها بأكل أموال الناس بالباطل، وطائفة تعبر عن رغبتها في تقديم الرشوة لهضم حقوق الغير، كما أن سلوك بعض الإداريين المشين والمخالف للقانون زاد في إرهاق القضاء بسبب القرارات الإدارية التعسفية التي لا ترعى حرمة ولا وقارا للموظفين النزهاء الشرفاء، وتوضع الخطط لإبعادهم ليخلو الجو للمتلاعبين بحرمة الوظيفة كما نشاهد في ميدان الصفقات العمومية الوهمية والعشرات منها معروضة على أنظار القضاء الإداري؟.لقد كتب ونشر الشيء الكثير في موضوع استقلال القضاء في المغرب، ونذكر على سبيل المثال أشغال الندوة الدولية حول استقلال القضاء في المغرب على ضوء المعايير الدولية والتجارب في المنطقة المتوسطية، وهو كتاب نشرته جمعية عدالة تحت إشراف الزميل الأستاذ عبد العزيز النويضي، الطبعة الأولى سنة 2006، والمؤلف الأستاذ هاشم العلوي أشار في كتابه إلى تأصيل طبيعة العلاقة لوزير العدل على استقلال القضاء وفق المعايير الدولية، وأشار إلى العناصر الأساسية التي تقوم عليها النظم القضائية في الإستراتيجية الدولية مما يدل على وحدة المنظور ووحدة الرؤية.ونعود إلى الكتاب القيم والمداخلات لنقول، وهذا رأي شخصي، قابل لكل نقاش أو تعليق وبرحابة صدر، إن الكتاب اختزل الإصلاح الشمولي للقضاء في إصلاح المجلس الأعلى للقضاء، وإصلاح قانون التنظيم القضائي، وإصلاح القانون المتعلق بالتنظيم القضائي للقضاة.نقول: إن إصلاح المجلس الأعلى للقضاء أمر يهم السادة القضاة وعددهم، كما نشر أخيرا، 3150 قاضيا، بينما نحن نسعى لإصلاح قضاء يهم 32 مليون نسمة من سكان المغرب، ويرضى عنه المقيمون والمستثمرون في المغرب، ويزكيه المجتمع الدولي.للسادة القضاة أن ينظموا صفوفهم كما تدعو مصلحتهم لذلك، شأنهم شأن بقية المهن والوظائف الأخرى، وللسادة القضاة أن ينتخبوا من تتوفر فيه شروط تمثيلهم في ذلك المجلس، لكن أنا المواطن المغربي المظلوم أريد أن أصل إلى حقي في أقرب وقت، وأن أحاكم محاكمة عادلة ومنصفة تتوفر على جميع الضمانات، وأن تحترم حقوقي الدستورية، ولا يهمني من سيكون نائبا في ذلك المجلس، ولا يهمني تضييق أو توسع اختصاصاته فكفاحي من أجل توفير معيشة كريمة تجعلني بعيدا كل البعد عن هذه الصراعات.إصلاح القضاء لا يتوقف عند البنيات وبهرجتها، فالقضاء كان يعقد جلساته في المساجد، والحكم كان بالعدل والقسطاس المبين.إصلاح العدل والقضاء يجب أن ينطلق من التربية في البيت، وفي المدرسة وفي الجامعة وفي الشارع وأن يتعود الناس على احترام الحقوق والوفاء بالشروط والعهود.إصلاح القضاء يجب أن ينطلق من تحيين القوانين التي ورثناها عن الاستعمار، وتبسيط المساطر، وتطبيق الطرق البديلة كالصلح والوساطة والتحكيم، والاهتمام بالأحوال المادية للعاملين في المحاكم على اختلاف سلالمهم الإدارية، وتوفير ظروف العمل، والاستعانة بالتقنيات، وإجبارية التكوين المستمر على دورات، وإحكام الرقابة والتفتيش، وتكريم النزهاء والفضلاء من رجال القضاء وكتاب الضبط ليكونوا القدوة الصالحة لغيرهم، وأن تلعب النيابة العامة الدور المنوط بها ولا تقتصر في عملها على مجرد فتح المتابعات لأتفه الأسباب، وأن تدافع عن البريء وتطالب بإدانة المسيء .كما أن الإصلاح القضائي مرتبط باصلاح جهاز الضابطة القضائية ومحاربة ما يصل إلى الأسماع من ممارسات مخلة بشرف المهنة، وإحكام الرقابة على مقراتها ومراقبة سجلاتها، وأن تتحمل المسؤولية عن كل حادث يقع بداخلها ومن شأنه أن يضر أو يسىء إلى من وضعوا تحت عهدتها، وأن تتحرى الصدق في تحرير محاضرها، لأن جملة واحدة قد تكون سببا في الإدانة أو البراءة.مسيرة الإصلاح دائما تكون طويلة وشاقة، وفي بعض الأحيان تقتضي تغيير الخطة أو المسار، ومسيرة الإصلاح مسيرة جماعية يتحمل مسؤولياتها ومسؤولية نجاحها أو فشلها كل مكونات المجتمع ومن ضمنهم الجمعيات على مختلف نشاطاتها والأحزاب على مختلف مشاربها.نكن للمؤلف صاحب الكتاب كل تقدير واحترام، ونكرر التنويه بمجهوداته الجبارة، فلو أن كل قاض أو رجل قانون أو مواطن مهتم كتب صفحة واحدة في موضوع إصلاح القضاء واقترح اقتراحا واحدا، لاستطعنا تشييد بنيان قضائي مثالي نفخر به بين الأمم والشعوب. قلم: عبد الواحد بن مسعود: من هيأة المحامين بالرباط

قراءة في كتاب الإصلاح الشمولي للقضاء (2/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لمتهمين بتخريب شبكة "ريضال" بالرباط

الترافع في ملف الاتجار الدولي للمخدرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات