ودعنا سنة 2010، بسلبياتها وإيجابياتها، ونستقبل 2011 ومعها يتطلع كل المغاربة إلى تدعيم المكتسبات، التي تحققت خلال السنة التي ودعناها، وتجاوز الكبوات التي سجلت خلال السنة الماضية. وينتظر المغاربة الكثير خلال السنة التي نستقبلها باعتبارها آخر سنة قبل إجراء الاستحقاقات الانتخابية في أفق 2012. وتتعدد الانتظارات باختلاف المجالات والاهتمامات، إذ هناك انتظارات على المستوى السياسي بالنسبة إلى الفاعلين السياسيين وعلى الجانب الاجتماعي بالنسبة إلى التمثيليات النقابية ومختلف الفئات الاجتماعية. كما أن هناك انتظارات من طرف الفاعلين الاقتصاديين والماليين، الذين ينتظرون أن تعرف السنة المقبلة تحولات نوعية وإصلاحات من الجيل الرابع المتمثل في تدعيم التنافسية وتشجيع الاستثمارات الخارجية للمغرب ومساعدة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا على الانخراط في القطاع الاقتصادي المهيكل، ومن بين الأوراش الإصلاحية الهامة التي ينتظرها كل المتتبعين إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية التي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة دون أن تحقق الأهداف المتوخاة منها ودون أن يصل هذا الدعم إلى الفئات التي تستحقه، علما أن هذا الورش وعدت به الحكومة في تصريحها الذي ألقاه الوزير الأول تحت قبة البرلمان عند تعيينها. وتعد البطالة من ضمن الأوراش التي يتعين إيلاؤها الأولوية خلال السنة المقبلة، خاصة بطالة حاملي الشهادات العليا.التنافسيةسجل المغرب تراجعا متواصلا للسنة الثانية على التوالي على مستوى التنافسية، إذ صنف من طرف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، في طبعته 2010/2011، في الرتبة 75 من ضمن 139 بلدا، وذلك بعد احتلاله للرتبة 73 سنة من قبل، علما أنه كان يحتل الرتبة 64 في تصنيف 2007/2008. واحتلت تونس الرتبة 32، في حين جاءت الجزائر في الرتبة 86 وليبيا في الرتبة المائة واحتلت موريتانيا الرتبة 135.ورغم كل البرامج التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة والحالية من أجل تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، فإن الملاحظ هو تراجع ترتيب المغرب على مستوى الترتيب الدولي للمنافسة. ويرجع عدد من المتتبعين ذلك إلى السلبيات التي تميز مناخ المقاولة والأعمال بشكل عام. وفي هذا الصدد يطالب محمد برادة، أستاذ جامعي ووزير مالية سابق، بضرورة اعتماد إصلاحات جديدة تروم تحسين مناخ الأعمال من أجل رفع جودة الحكامة ومباشرة إصلاحات إدارية، إذ أن العوامل المرتبطة بمناخ المقاولة تعتبر أكثر أهمية، والأهم من ذلك مسألة التكوين والتربية، لأن بلدا ما يزال 45 في المائة من سكانه يعانون الأمية، لا يمكن إلا أن تكون تنافسيته ضعيفة. وفي هذا الإطار، فإن للجامعات دورا أساسيا في هذا الباب، وفي ضمان نسبة نمو مرتفعة ومتواصلة. وأضاف برادة أنه يجب أن تنصب كل الجهود الإصلاحية على هذا الجانب المتمثل في التربية والتكوين، الذي يعتبر حجر الزاوية لتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني. وينتظر الفاعلون الاقتصاديون أن تتخذ خلال السنة المقبلة إصلاحات جوهرية على القوانين المنظمة لمجلس المنافسة من أجل منحه سلطات تقريرية في هذا المجال.القطاع غير المهيكلتضمن قانون المالية 2011 عددا من الإجراءات الجبائية الهادفة إلى تشجيع المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، التي تمثل أكثر من 95 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، للاندماج في القطاع المهيكل، من قبيل تخفيض الضريبة على الشركات المفروضة عليها إلى 15 في المائة عوض السعر العادي المطبق على باقي المقاولات المتمثل في 30 في المائة. لكن للاستفادة من هذا الإجراء يتعين على المقاولات الالتزام بخلق منصب شغل واحد في السنة على الأقل، وذلك على مدى ثلاث سنوات الموالية لدخول هذا المقتضى حيز التنفيذ. لكن هذا الإجراء لا يكفي لوحده من أجل تحفيز أصحاب هذه الوحدات إلى الاندماج في الاقتصاد المنظم، إذ يتعين مصاحبة ذلك بإجراءات تهم الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية والتقاعد بالنسبة إلى هذه الفئات، وذلك لتوفير شروط جاذبية أكبر نحو القطاع المهيكل.إصلاح منظومة دعم المواد الأساسيةيجري الحديث منذ حكومة إدريس جطو حول ضرورة إصلاح صندوق الموازنة ومنظومة الدعم التي يتولى الصندوق تدبيرها، وأعادت الحكومة الحالية التركيز على هذا الملف في تصريحها، بالنظر إلى العبء الذي أصبحت الموارد المخصصة لهذا الغرض تمثله على ميزانية الدولة، لكن إلى حد الآن لم تقدم الحكومة أي تصور بهذا الصدد. وينتظر أن يقدم نزار البركة، وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، مشروع إصلاح منظومة الدعم خلال السنة التشريعية المقبلة. فصندوق الموازنة أصبح يمثل ثقلا كبيرا على ميزانية الدولة، بفعل غياب تصور دقيق وفعال لمراقبة هذا الصنف من النفقات، التي يستفيد منها الأغنياء أكثر من الفقراء، بل الأكثر من هذا أن بعض الأنشطة تستفيد من المواد المدعمة. فإذا أخذنا على سبيل المثال قنينات الغاز نجد أن عددا من أصحاب الضيعات الفلاحية يستعملون قنينات الغاز، من أجل جلب المياه من الآبار للسقي، وذلك في غياب أي مراقبة وكأن الأمر يتعلق بمنتوج غير مدعم. وفي هذا الإطار يتعين أن ينصب الإصلاح على عقلنة هذه النفقات لكي لا تستفيد منها سوى الفئات المستهدفة منها.الإصلاح الجبائيمنذ 1984 لم يعرف المغرب إصلاحا هيكليا للمنظومة الجبائية، وتكتفي الحكومات المتعاقبة باتخاذ إجراءات منفردة من خلال قوانين مالية في غياب تصور شمولي للإصلاح، وأصبحت الإجراءات التحفيزية التي تتخذ لفائدة بعض القطاعات تمثل عبئا ثقيلا على الميزانية دون تحقيق الأهداف المتوخاة منها، إذ وصلت القيمة الإجمالية للنفقات الجبائية ما يناهز 30 مليار درهم، وأدى التوزيع غير المتكافئ للواجبات الضريبية إلى ارتفاع ملحوظ للعبء الضريبي، إذ يعد الأعلى في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ويرى محمد العبودي، مدير المركز المغربي للظرفية، أن من بين أهم الأوراش الإصلاحية التي يتعين تدشينها، يحتل الإصلاح الجبائي الأولوية خلال العشرية المقبلة، وذلك من أجل أن يتحمل الكل العبء الجبائي وليس البعض فقط. ويتعين قبل ذلك الإسراع في تقديم مشروع إصلاح القانون التنظيمي للمالية خلال السنة التشريعية المقبلة، بما يضمن تعزيز مراقبة المؤسسات التشريعية للمالية العمومية وضمان الشفافية خلال مراحل إعداد قوانين المالية.البطالةمما لا شك فيه أن معدل البطالة، بشكل عام، سجل انخفاضا خلال السنوات الأخيرة، لكنه ظل مرتفعا بالنسبة إلى فئات حاملي الشهادات العليا، الذين يواصلون حركاتهم الاحتجاجية أمام مقر البرلمان، الأمر الذي يفرض على الحكومة إيجاد حلول عملية لإدماج هذه الفئات في سوق الشغل، وإعداد برامج فعالة وعملية من أجل التشغيل الذاتي، إذ أن البرامج التي اعتمدت في هذا الصدد باءت كلها بالفشل، وينتظر المعطلون أن تبادر الحكومة خلال السنة المقبلة إلى ابتكار صيغ جديدة للإدماج. عبد الواحد كنفاوي