النيات الحسنة وراء هدنة سكان أهل إكلي بميسور

أوقفوا أشكالهم الاحتجاجية ويعلقون آمالا على السلطات الإقليمية لإيجاد حلول عملية لطي الملف يبدو أن الجماعة السلالية لأهل إكلي بميسور، اقتنعت أن ما نظمته من مسيرات ووقفات، احتجاجا على الاستيلاء على أراضيها ، كافية للفت انتباه المسؤولين إلى قضيتها العادلة. لذلك قررت تعليق كل أشكالها الاحتجاجية، مع الإبقاء على اعتصامها مفتوحا للتواصل والتتبع والتقييم، في قرار رهنته بتحقيق "نتائج ملموسة"، في قضية أدى 13 شخصا، ثمنها من حريتهم. "الأشكال الاحتجاجية، ليست هدفا في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق المطالب".. قناعة ترسخت لدى المحتجين، بعد 294 يوما من الاعتصام المفتوح الذي انطلق في 26 فبراير الماضي، كان فترة كافية لاتخاذ وزارة الداخلية، قرارها بناء على التحقيق الإداري الذي فتحته بشأن الأراضي السلالية المنهوبة. والبحث جار لتحديد المسؤوليات» بلغة البيان رقم 22 الصادر عن الجماعة. فرملة الاحتجاجبعض العارفين بخبايا الموضوع، أكدوا أن فرملة الاحتجاج، «جاءت للتعبير عن حسن النية تجاه السلطة الراغبة في التهدئة والتعاون». وهو حل مؤقت، إلى حين تقييم الجماعة السلالية، أداء السلطة وجديتها في التعاطي مع مطالبها، مع احتفاظها باللجوء إلى تلك الأشكال الاحتجاجية وغيرها، متى «حصل لديها اقتناع بأن السلطة، إنما تسوف وتتماطل وتناور في تنفيذ وعودها والتزاماتها». وأكدت الجماعة السلالية بقرارها الذي أعقب «حزمة» من الوعود المقدمة، أنها «ليست عدمية»، بل «تؤمن بالحوار الجاد والبناء، سبيلا لتحقيق المطالب». لكن خطوتها مشوبة بالحذر والترقب لنتائح التحقيق المذكور، الذي طالبت وزارة الداخلية بكشفها وتقديم كل الجناة في ملف الأراضي ، إلى العدالة، إنصافا للمتضررين من كل أشكال الفساد الإداري . ومع ذلك، فهي تعتبر أن الحوار مع السلطة الإقليمية، «لم يتجاوز عتبة النيات»، رغم الوعود الرامية لإيجاد حل للملف المطلبي للجماعة خاصة خلال اجتماع الطرفين في 11 نونبر الماضي، عندما أعلنت السلطة أن «موقعها الطبيعي سيكون إلى جانب الجماعة، وليس ضدها أو التزام الحياد السلبي، باعتبارها وصية على أراضي الجموع المستهدفة . الحوار الأخير، مناسبة لتذويب الهوة بين العمالة والجماعة السلالية، لتكثيف الجهود وتحويل الوعود إلى حقيقة واقعة، بعد الاعتراف ب"عرقلة الباشا السابق لجهود وقف نزيف مصادر الأراضي الجماعية، من خلال البناء العشوائي وتسليم رخص البناء"، وفي ظل وجود نية لدى السلطة الإقليمية الجديدة التي أقرت بمشروعية مطالب السكان، للقطع مع تلك الممارسات. "حزمة" وعود«تنازل الأملاك المخزنية عن 31 هكتارا من الأراضي التي كانت تتصرف فيها، لفائدة الجماعة السلالية»، و"استمرار البحث لتحديد المسؤوليات بخصوص الأراضي المنهوبة، بعد الاستماع إلى الطرفين ، إثر التحقيق الذي فتحته الوزارة الوصية».. بعض من «حزمة» وعود قدمت للمحتجين غير الراضين عن تعليق ترسيم حدود الجماعة السلالية مع القبائل المجاورة. عامل إقليم بولمان، التزم خلال لقائه مع ممثلي السكان، بمحاربة البناء العشوائي، و"التصدي للمجلس البلدي المتمادي في إعطاء الرخص، ووقف البناء بموجب الرخص المسلمة في العقار المتنازع حوله، في انتظار البت في النزاع"، كنقطة اعتبرتها الجماعة «محكا حقيقيا ملموسا لاختبار جدية والتزام السلطات المحلية والإقليمية بتنفيذ التزماتها والوفاء بوعودها».وأكد خلال اللقاء، اضطلاع الوزارة الوصية بمسؤوليتها القانونية تجاه الجماعة السلالية لأهل إكلي باعتبارها وصية على أراضيها الجماعية، متحدثا عن «إعطاء الإذن بالترافع لنواب أراضيها الجماعية، وتعيين الدفاع وتمكين الجماعة السلالية من الوثائق الضرورية في القضايا المرفوعة أمام القضاء، وتقديم التعرضات على مطالب التحفيظ في العقار المتنازع حوله».وفي انتظار تنفيذ الوعود، وقرار الجماعة بخصوص الآتي من خطواتها المعلقة، ما تزال أشكال التضامن، مفتوحة ومتواصلة، وتنتظر مشاركة منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إلى جانب هيآت حقوقية من داخل وخارج الوطن، في القافلة التضامنية المرتقب تنظيمها من قبل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مع السلاليات ضحايا التدخل الأمني العنيف ليوم 10 يونيو الماضي. بوادر وحذرإن كانت الجماعة السلالية لأهل إكلي بميسور، لمست «بوادر إيجابية» في تعامل السلطات مع مطالبها العادلة والمشروعة، فإن الحذر قائم أمام استمرار بعض الممارسات الاستفزازية من قبل المتراميين، خاصة قيامها ببيع حظيرة بهائم ممتدة على 7 آلاف متر مربع في ملكية الفلاح محمد الرحماني، الواقعة في الأصل فوق أراض جماعية تابعة للجماعة، موضوع النزاع بين الطرفين. الحظيرة بيعت لمقاول، بثمن بخس يقدر ب40 مليون سنتيم، كرقم مالي هزيل حرر في عقد البيع، ولا يوازي مساحتها وأسعار البقع الأرضية المجاورة، إذ بيعت بقعة مساحتها 100 متر مربع، قرب «الكوري»، ب20 مليون سنتيم، فيما يحمل السكان، الجهات المعنية، مسؤولية حماية الأملاك الجماعية لأهل إكلي، من خلال التحرك لمنع مصادرتها. البيع أعقب تنفيذ حكم قضائي، يقول المتضررون، إنه بني على وسائل ملتوية والتزوير في وثائق رسمية، واستصدار قرار مزور لمجلس الوصاية نسخ قرارا آخر للمجلس نفسه، صادر لفائدة الجماعة السلالية لأهل إكلي منذ سنة 1987، فوتت بموجبه الجماعة السلالية، 41.5 هكتارا لفائدة المجلس القروي لميسور حينها، ووريثه المجلس البلدي حاليا، لإقامة مشاريع تنموية. عقد البيع المذكور، سجل في صفرو، بعيدا عن ميسور، ما اعتبره البيان رقم 20 للجنة المنتدبة من قبل الجماعة، «دليلا آخر على التزوير ووجود شبكات تسهل للمافيا عملية السطو على أملاك الغير أو على الأقل الأملاك، موضوع تعرضات للجماعة السلالية قدمت للجهات المعنية، للتصدي للمبيعات داخل الأراضي المتنازع حولها». بناء عشوائيأعضاء الجماعة السلالية، ما زالوا منشغلين بموضوعي البناء العشوائي وتسليم رخص البناء من قبل المجلس البلدي، في العقار موضوع النزاع، الذي يأتي على مساحة واسعة من أراضيهم، متسائلين عن الإجراءات المتخذة فعليا، في هذا الإطار، خاصة أنهم يعتبرون الموضوع «المحك الحقيقي والإجراء الملموس الذي تقاس به جدية السلطات الإقليمية في تعاطيها مع الملف». مطلب ملح أبدت السلطات الإقليمية نية حسنة بخصوصه بوقف كل بناء في العقار ولو كان أصحابه يتوفرون على رخص بذلك، ناصحة كل متضرر من القرار، باللجوء إلى القضاء، شأنه شأن تعاملها مع البناء العشوائي في دوار المراير ومنطقة نومر. وتعهدت بتمكين ذوي الحقوق من الاستفادة من وعائهم العقاري، وتجهيزه أو على الأقل «التأسيس لعمل يمكن الجماعة من مطالبها». وأبدت الجماعة السلالية، تفهمها لمطالب السلطة واستعدادها للتعاطي الإيجابي معها شريطة أن تفي بالتزاماتها وتتصدى للبناء العشوائي وعملية تسليم الرخص وللبناء في العقار المتنازع حوله، في بداية تعامل جديد بين الطرفين قوامه التعاون والفهم والنوايا الحسنة، بهدف طي الصفحة الماضية بسلبياتها، التي كانت سببا في سلسلة احتجاجات تواصلت لنحو 9 أشهر خلت.هذه الهدنة جاءت إثر تلك الوعود التي بينها تعهد عامل الإقليم، بتقديم كل التسهيلات للجماعة السلالية في القضايا المرفوعة أمام القضاء بابتدائية ميسور واستئنافية فاس، من تمكين نواب أراضي الجموع من الوثائق والإذن بالترافع وتعيين المحامين للدفاع عن القبيلة التي طالما قوبلت احتجاجاتها بهاجس أمني غطى عن جهود حل المشكل. في مهب الريحيقول سكان الجماعة السلالية، إنهم بفضل نضالاتهم، أوقفوا نزيف مصادرة المزيد من أراضيهم التي يؤكدون أنها وصلت "وضعية مزرية"، بالنصب بطرق جديدة، على ضحاياها الأغرار أو الذين "لا علم لهم بالوضعية القانونية لعقاراتها "، إذ تقتادهم إلى دوائر بعيدة عن ميسور، بصفرو وفاس وأوطاط الحاج والراشيدية، لتوقيع عقود البيع.وتتحدث اللجنة المنتدبة من قبل سكان أهل إكلي بميسور، عن تملص وتهرب ضريبي يمكن ملاحظته في كل المبيعات، وأكثر من 1500 شخص، قامت "المافيا" بالنصب عليهم وتحرير عقود بيع بأثمان زهيدة لا تتجاوز في أحسن الأحوال، 5 آلاف درهم للقطعة الأرضية، مؤكدين أنهم الآن "في مهب الريح لا هم حازوا القطع الأرضية، ولا المترامين أعادوا إليهم أموالهم". وفي بيان آخر تقول الجهة نفسها، إن المسعى القائم من بيع العقارات المستولى عليها في وقت سابق، وهي في عجلة من أمرها، "يظهر بوضوح الأزمة الخانقة التي أصبحت تعيشها، وانقطاع تدفق الأموال من مبيعات القطع الأرضية غير المجهزة والمنهوبة داخل مساحة 48.5 هكتارا وخارجها، أي من خلال الملاحق الإصلاحية التي كانت تسقطها على مناطق أخرى".ويبدو أن دائرة ضحايا هذا الملف الشائك، ستتوسع في ظل الحديث عن ارتفاع دائرة المطالبين بحقوقهم وأموالهم التي أخذت منهم باستعمال النصب والاحتيال، في عمليات بيع قطع أرضية متنازع عليها مع الجماعة السلالية، في انتظار تدخل الدوائر المسؤولة لتفعيل الوعود المقدمة للسكان الغاضبين، خلال لقائهم الأخير مع السلطات الإقليمية ببولمان، المعول عليها لطي الملف. حميد الأبيض (فاس)

النيات الحسنة وراء هدنة سكان أهل إكلي بميسور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقابات التعليمية بسوس تعلق برنامجها الاحتجاجي

10 سنوات سجنا لقاتل ابن عمه بسطات

مقالات ذات صلة