الجابري: الإرشاد السياحي … مهنة في مهب رياح الأزمات المتتالية

بينما تتعالى أصوات من حققوا أرباحا طائلة على حساب جيوب المغاربة دون أن تبح للاستفادة من تعويضات الصندوق المحدث لمواجهة أضرار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تأبى شريحة مجتمعية، تعد الأكثر تضررًا من تداعيات الأزمة الخانقة التي عقبت انتشار هذا الوباء، إلا أن تعاني كعادتها في صمت في حين يحق لها أن تكون أول المطالبين بأي دعم مادي أو تعويض عن الخسارة الناتجة عن انهيار القطاع السياحي الذي يعتبر مصدر قوتها الوحيد، ناهيك عن كونه المورد الذي تعتمد عليه لسد رمق أسرها و تسديد القروض البنكية و مصاريف التمدرس والتطبيب والماء والكهرباء والضرائب وهلم جرا… كل هذا وذاك في غياب تام لأية استفادة سواء كانت تغطية صحية أو معاشا أو تعويضًا عن الفقدان الموسمي للعمل أو اعترافا بالجميل لما تسديه من خدمات جليلة للدولة خصوصًا حينما يتعلق الأمر بدور الديبلوماسية الموازية الذي ما فتئت تقوم به هذه الشريحة من المواطنين بكل اعتزاز وفخر وإخلاص وتفاني. هذا بالإضافة إلى الأدوار الطلائعية التي تلعبها دونما كد أو عناء للتعريف بما يزخر به المغرب من مؤهلات تاريخية وطبيعية وحضارية وثقافية واقتصادية واستقرار سياسي واجتماعي؛ أدوار كان المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه أول من فطن لأهميتها واعترف بها ليلقب تلك الفئة التي لطالما برهنت عن وطنيتها ب "سفراء البلد" : إنها فئة المرشدين السياحيين بكل أطيافها وأنواعها. فهل أتت التسمية المولوية السامية عبثًا أومجاملة خصوصا والعالم يعترف لجلالة الملك الحسن الثاني بالنباهة والذكاء والحنكة السياسية التي يقتدى بها ؟ لكن مع الأسف، لم توف هذه الفئة العاملة قط النصيب الذي تستحقه من الاهتمام والحقوق المشروعة خصوصًا حينما يتعلق الأمر بالأزمات الموسمية التي تعصف بمهنتها بين الفينة والأخرى مما يجعل الإرشاد السياحي مهنة في مهب الريح إذ تعتبر الأضعف في سلسلة القيم السياحية والأكثر عرضة للضرر. فتوالي الأزمات العالمية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو صحية أو حتى المناخية منها (حرب الخليج و الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 و إنفلونزا الطيور والخنازير و بركان إيسلندا على سبيل المثال) لا تمر مرور الكرام بل تؤثر ماديا ومعنويا على الحياة اليومية للمرشدين السياحيين الذين يضطرون بعد استنزاف مدخراتهم إلى بيع ممتلكاتهم - هذا إذا توفرت لديهم - لسد رمق أهلهم وذويهم في غياب سياسة تأخذ بعين الاعتبار معاناة هؤلاء "السفراء" في صمت و بكل كبرياء لينطبق عليهم قول الله عز وجل "تحسبهم أغنياء من التعفف". فلولا جشع شريحة مجتمعية ثرية - انعدمت لديها الضمائر و روح المواطنة - تريد أن تستبيح ما ليس من حقها دونما خجل أو استحياء، ولولا التهميش الذي عانى منه المرشدون السياحيون لفترات طويلة ولا يزالون بالنظر لتغييبهم عن العديد من المشاريع التنموية ومن ضمنها المخطط الاستعجالي الحالي الذي أحدثه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لمساعدة الفئات المجتمعية الهشة المتضررة من تداعيات أزمة فيروس كورونا، ما كنت هرعت كمرشد سياحي مسه الضر كما مس باقي زملائه وزميلاته إلى تحرير هذا المقال للمطالبة بإدماج المرشدين السياحيين افي المخطط المشار إليه سابقًا وتمكينهم من الاستفادة من تعويضات مادية عن الفقدان المؤقت للعمل وذلك على غرار باقي القطاعات التي أقامت الدنيا وأقعدتها بمجرد ما طالتها يد الشلل. هم إذًا أربعة آلاف مرشد و مرشدة سياحيين يعولون أربع آلاف أسرة أو أكثر، أفليسوا أولى بالمساعدة والتعويض عن فقدان العمل سواء كان موسميًا أو مؤقتًا كغيرهم من المواطنين المغاربة ؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح علما أن وزارة السياحة التي تعتبر وصية على قطاع الإرشاد السياحي لم تحرك لحد الان ساكنًا ولم تكلف نفسها قط عناء الترافع من أجل إنصاف ممتهنيه ومؤازرتهم والدفاع عن مصالحهم في هذه الظروف الاستثنائية و العصيبة. بقلم : أحمد الجابري، مرشد و خبير سياحي

الجابري: الإرشاد السياحي … مهنة في مهب رياح الأزمات المتتالية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المكلاوي: لماذا يجب تعلم الحب لا الكراهية؟

ارتفاع عدد الاصابات بكورونا في المملكة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات