تـاه تـاه: أمـوت جـوعـا

لفظته مراكش ويعيش العزلة والتهميش وغدر الزمن بعدما لفظته مدينة مراكش منذ أزيد من ثماني سنوات، حط الفنان مصطفى تاه تاه مكرها الرحال بالجماعة القروية تمصلوحت، باقليم الحوز ضواحي مدينة مراكش، حيث استقر بشبه منزل يفتقر لأبسط شروط العيش الكريم صحبة أسرته الصغيرة. الزائر لمصطفى تاه تاه سيقف عند حجم معاناة فنان قهره الزمن، ويعاني ضيق الحال، وقصر ذات اليد. لم يستطع تاه تاه أن يقاوم دموعه، مرددا عبارة «أموت جوعا» كاشفا النقاب عن حجم معاناته اليومية مع غدر الزمن، وتنكر المسؤولين، وأشياء أخرى، لنكتشف ذلك من خلال الحوار التالي : لماذا الاستقرار بتمصلوحت؟لم أختر الاستقرار بتمصلوحت، ولكن أخاك مكره لا بطل، فبعد حصولي على نصيبي من الإرث لم أتمكن من اقتناء مسكن بمدينة مراكش، فكنت مضطرا للبحث عن مسكن بضواحي المدينة، وبإيعاز من زوجتي، وأحد أصدقائي انتقلت إلى الجماعة القروية تامصلوحت التي تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 18 كيلومترا، منذ ثماني سنوات تقريبا. فمدينة مراكش لم تعد رحيمة بأهلها، وأنا منهم، فلفظتني خارجها. فالبعض يقول إنني اخترت ضواحي مدينة مراكش بحثا عن الهواء النقي، والراحة والهدوء، لكن الحقيقة أنها الحاجة، وقصر ذات اليد، والفقر هو الذي دفعني للاستقرار بضواحي المدينة، والوضع هو شاهد على ما أقول، فأنا أقيم بمنزل بدون «واد حار» وتحيط به مزبلة .كيف تقضي أيامك بهذه المنطقة ؟الجميل في استقراري بتمصلوحت أن الناس يحبونني، ويعطفون علي، لكن أموت يوميا بنظرات البعض الذي يعتقد أنني مرتاح ماديا على اعتبار أنهم يشاهدونني على شاشة التلفزة، والحقيقة أنني أعاني لتوفير حتى متطلبات العيش اليومي، والتزاماتي الأسرية. لكن ما استغرب له ويحز في نفسي هو تهميشي من طرف رئيس المجلس الجماعي لتمصلوحت، وبعض أعضاء المجلس الذين لم يفكروا في الاستفادة من موهبتي الفنية عبر تمكيني من خلق نشاط ورواج ثقافي، وفني بالجماعة، مع العلم أن هذه الدعوات أتلقاها في بعض المدن المغربية كسلا والرباط. بكل صراحة أعيش عزلة تامة، وتهميشا كبيرا، فباستثناء العطف الكبير الذي تخصني به عائلة الجندي، وعلى رأسها أخي أنور الجندي، والحاجة فاطمة بنمزيان فأنا أعيش ظروفا اجتماعية صعبة جدا، فغالبا لا أجد حتى مصروف اليوم، مما يضاعف معاناتي. بكل صراحة أموت جوعا، وأعاني الفراغ القاتل، لكنني مدمن على سماع الإذاعة الوطنية، وإذاعة مراكش وقراءة الصحف الوطنية، ولا أتردد على مدينة مراكش إلا يومين في الأسبوع، ومدمن على ما أنا مدمن عليه، والله يعفو.ماهي آخر أعمالك الفنية ؟من بين آخر أعمالي الفنية هناك فيلم «الجامع» لمخرجه داوود أولاد السيد، والذي هو عبارة عن الجزء الثاني من فيلم «في انتظار بازوليني» الذي ألعب فيه دور «لفقيه». الفيلم لم يتم عرضه بالمغرب، وقد شارك في مجموعة من المهرجانات الدولية ولقي تجاوبا كبيرا من طرف الجمهور، إلى جانب مشاركتي بدور رئيسي في المسلسل المغربي عن كتاب «الشفا» للقاضي عياض أحد سبعة رجال بمراكش، من تأليف وإخراج هجر الجندي، والإدارة الفنية، والإنتاج لأخي أنور الجندي، ويتم تصويره للقناة السادسة، ويعرف مشاركة مجموعة من ألمع الفنانين المغاربة والمصريين من بينهم عبد الله العمراني، وحسن الجندي، وأشرف عبد الغفور، وليلى طاهر، وفاطمة بنمزيان وهشام بهلول، والمسلسل من ثلاثين حلقة، ويتم تصويره بمدينتي الرباط وسلا وسيتم تصوير مشاهد أخرى بمدينة مراكش. ماسبب غيابك الفني ؟السبب الرئيسي وراء غيابي الفني يتمثل أساسا في التهميش الذي أعيشه. أتلقى بعض العروض الفنية لكنها لا تروقني، إضافة إلى أن المخرجين الجدد ذاكرتهم محدودة جدا، فأنا أمارس في الميدان منذ أزيد من أربعين سنة، فلا يعقل أن تتلقى عرضا للمشاركة في سيتكوم رمضاني بدون أن تتوصل بالنص، ومطلوب منك أن ترتجل فقط، وهذا الأمر أكرهه، وأذا أردت أن تشتغل يجب أن تكون بليدا، وتنفذ كل ما يطلب منك. بكل صراحة بعض المخرجين المغاربة يحتقرون الممثل، عكس الأجانب الذين اشتغلنا معهم إذ يقدرون الممثل، ويوفرون له ظروف العمل، وبالمناسبة أريد توجيه شكري الكبير لأخي الفنان أنور الجندي الذي لا ينساني في أي مناسبة. ماسبب الوضع الذي تعيشه؟بكل صراحة مللت الحياة. وتعبت كثيرا، أموت يوميا بسبب الحاجة والتهميش، فبعدما كنت أعلنت اعتزالي الفن عدت بطلب من أخي أنور الجندي، فخلال مسيرتي الفنية الطويلة لم أستفد من أي امتياز يذكر، لا بقع أرضية ولا رخصة نقل، على غرار بعض الفنانين. ربما سوء تدبيري لحياتي ساهم في ذلك، لكنني وصلت سن الستين، وحتى صحتي تدهورت ولم أعد أقوى على بذل الجهد نفسه الذي كنت أبذله في وقت سابق، الأمر الذي يجعل تأمين حياتي أمرا ضروريا. ويكفي أن تعلم أنني تقاسمت الأحلام والطموحات مع أطر وأصدقاء من بينهم أحمد اخشيشن وزير التربية الوطنية الذين تابعت معهم الدراسة بثانوية محمد الخامس بمدينة مراكش، ومجموعة من الأصدقاء الآخرين الذين تقاسمت معهم الحلم والأمل. أجرى الحوار: نبيل الخافقي (مراكش)

تـاه تـاه: أمـوت جـوعـا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فاطمة الزهراء العروسي تحيي حفل نهاية السنة بفاس

ساجد: "ليدك" تتحمل نصيبا من المسؤولية في الفيضانات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات