القضاء والسجون وتسريبات “ويكيليكس”

التسريبات لم تخرج عن مطالب الجمعيات الحقوقية ووزارة العدل تمتلك دلائل أقوى تحملها شكايات المواطنين لم تحمل تسريبات "ويكيليكس"، بخصوص وضع القضاء والسجون بالمغرب، جديدا للمغاربة، سيما أن الدولة بنفسها اعترفت بذلك في غير ما مناسبة ودقت ناقوس الخطر كما فتحت أوراش الإصلاح، وما احتجاجات كتاب الضبط لتحسين وضعيتهم، ليست إلا صورة مصغرة من هذا الورش المفتوح والذي تعلق عليه آمال التنمية البشرية. أو ربما لأن هذه التسريبات جاءت متأخرة، بعد أن أصبح الكل يعرف أن القضاء بالمغرب مازال بعيدا عن تطلعات المواطنين ومازال يبحث عن موطئ قدم لترسيخ قيم العدالة والنزاهة والمساواة.بل حتى وثائق ويكيليكس المسربة، لم تتجاوز خط التماس بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، إن كانت للأخيرة سلطة.فتوقيف القضاة بيد السلطة التنفيذية وترقيتهم أو عزلهم أو تنقيلهم أو رفع أجورهم، كلها مفاتيح لا تملكها إلا السلطة التنفيذية، شأننا في ذلك شأن العديد من الدول العربية والآسيوية، أو ما يطلق عليه عموما الدول السائرة في طريق النمو.جاء في التسريبات التي نشرتها صحيفة الباييس الإسبانية، حسب ما كشفته برقية دبلوماسية أمريكية، أن القضاء في المغرب يعتبر سلاحا حقيقيا في يد السلطات لمهاجمة وإسكات الكثير من الأصوات التي تنتقد السلطة، وأن النظام القضائي المغربي يعاني انعدام الاستقلالية وغياب الثقة فيه من طرف الرأي العام، ومازال يشكل عائقا كبيرا أمام تطوير البلاد ومجهودات الإصلاح. وتطرقت إلى غير ذلك من الجوانب التي اعتبرتها صورا للفساد وتدخلا في القضاء، وعلى الخصوص تدخلات وزارة الداخلية. كما ذكرت البرقية الدبلوماسية المسربة، بجهود الملك محمد السادس ومطالبته بإصلاح كامل للقضاء من أجل فعالية واستقلالية أكبر.الملاحظ أن تسريبات ويكيليكس لم تخرج عن تقارير الجمعيات الحقوقية التي ما فتئت تصدر بيانات للرأي العام للتنبيه إلى وضع القضاء وضرورة التقويم، بدءا برسالة المحامين الشهيرة ب "رسالة إلى التاريخ" وانتهاء بباقي الجمعيات المهتمة بحقوق الإنسان وسير العدالة.ولعل الشكايات الكثيرة التي ترد على وزارة العدل أقوى مضمونا من تسريبات ويكيليكس الفضفاضة، كما أنها تمثل التشخيص الحقيقي لما يعانيه جهاز القضاء من عيوب، إذ أنها صور واقعية لنوازل مضبوطة وجد ضحاياها أنفسهم أمام أبواب موصدة ولم يتبق لهم إلا توجيه شكايات إلى وزارة العدل وديوان المظالم. فهذا يشكو قاضيا تحول إلى محام للخصم، وآخر يشرح تفاصيل النصب عليه من قبل مستشار قضائي شاركه في مشروع، وآخر يروي كيف أنجز قاض معاينة لعقار في غيابه وتخلفه عن مواعيد حددها القاضي نفسه، وآخرون يروون كيف ضاعت منهم حقوقهم بعد أن لجؤوا إلى العدالة.صور كثيرة، تحملها الشكايات الواردة على وزارة العدل ومفتشيتها العامة، بعضها يظل معلقا وأخرى يعاد إرسالها إلى المحكمة نفسها التي يتظلم منها المواطن. أما ديوان المظالم، فقد أصبح آلية لإعادة إرسال الشكايات إلى وزارة العدل وتذكير مرسلها ببواعث ردها باعتبار عدم الاختصاص.أما وضعية السجون، فالاكتظاظ أصباح واقع يصرح به المسؤولون أنفسهم، ولا يخفونه، فأوضاع السجناء تزداد سوءا مع التشدد، وما الهجوم الذي كانت تسع جمعيات حقوقية، تشكل لجنة التنسيق حول السجون، شنته على حفيظ بنهاشم، المندوب العام للسجون، إلا نموذج لهذا الواقع، إذ اتهمته بتحويل السجون إلى مقرات للقوات الأمنية المختلفة ومخافر للشرطة وثكنات سرية لا يدخلها القانون.وتشكلت لجنة التنسيق من جمعية هيآت المحامين بالمغرب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والمرصد المغربي للسجون ومركز حقوق الناس، وجمعية عدالة والمركز المغربي لحقوق الإنسان ومنتدى الكرامة، وبعثت مذكرة تحمل عنوان «ضعوا حدا لمآسي السجون والسجناء قبل أن تنفجر الكوارث»، إلى الوزير الأول عباس الفاسي، حملت فيها المسؤولية عن الأوضاع التي تعيشها السجون المغربية إلى مندوب السجون. المصطفى صفر

القضاء والسجون وتسريبات “ويكيليكس”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جيفرسون يغادر الوداد إلى الكوكب

البرلمان يؤخر التصويت على الميزانية تفاديا لإسقاطها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات