تنزيل الدستور لا يقتصر على الحكومة والبرلمان

زين الدين أستاذ القانون الدستوري طالب باعتماد مقاربة تشاركية في إعداد القوانين التنظيمية وتأهيل النخب البرلمانية اعتبر محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، بكلية الحقوق بالمحمدية، أن تنزيل المخطط التشريعي، الخاص بترجمة نصوص الدستور الجديد، يثير جملة من التساؤلات، تهم بالأساس كيفية تنزيل كل هذا الكم التشريعي من طرف الحكومة والبرلمان، والنقاش الذي يواكب إخراج هذه القوانين، سيما أن الأمر يتعلق بقوانين سترهن مستقبل المغاربة ردحا طويلا من الزمن. وأضاف زين الدين، أن الأمر يتعلق بمخطط تشريعي يخص 300 نص قانوني، يأتي في مقدمتها سن15 قانونا تنظيميا.وشدد زين الدين على أهمية اعتماد مقاربة تشاركية في تنزيل الدستور، لا تقتصر على مكونات الحكومة والبرلمان، بقدر ما تشرك الشعب في بلوة هذه النصوص التنظيمية، منبها إلى أن "الولاية التشريعية الحالية ستظل ولاية راسخة في سجل تاريخ البرلمان المغربي، فإما أن تحولها الحكومة والبرلمان إلى خطوة تأسيسية في تاريخ الدستور المغربي، أو ستقبر إخراج هذه القوانين لتضيع على المغرب لبنة سياسية هامة في إطار تطوير مسلسله الديمقراطي". في ما يلي نص الحوار: مع بدء تحضيرات الدخول البرلماني، يثار النقاش حول البطء الذي يعرفه تنزيل مقتضيات الدستور، كيف تحللون هذا المعطى؟يشكل افتتاح الدورة الخريفية الحالية حدثا سياسيا استثنائيا في تاريخ البرلمان المغربي، لاعتبارات متعددة، من أبرزها أن هذه الدورة ستطرح على بساط المناقشة إشكالية البطء الملحوظ في عدم تنزيل مقتضيات الدستور، إذ تسجل حالة من الانحسار في إخراج القوانين التنظيمية والقوانين ذات الصلة المتعلقة بالتدابير التشريعية إلى جانب العديد من النصوص القانونية المرتبطة بتنفيذ السياسات القطاعية.تجب الإشارة هنا إلى أن الحكومة تحدثت عن عرضها لمخطط تشريعي خلال الدورة الخريفية، الأمر الذي من شأنه أن يخرج المغرب من حالة الانتظارية في إصدار القوانين، إذ من المنتظر أن يضم هذا المخطط 300 نص قانوني، يأتي في مقدمتها سن15 قانونا تنظيميا، كالقانون التنظيمي المتعلق بالجهوية الموسعة، والقانون التنظيمي المنظم لسير أشغال الحكومة، والقانون التنظيمي المتعلق بتنفيذ الطابع الرسمي، والقانون التنظيمي المتعلق بكيفية تقديم المواطنين العرائض إلى السلطات العمومية، والقانون التنظيمي المتعلق بكيفية وشروط ممارسة الإضراب، وغيرها من القوانين التنظيمية المؤسسة.بالمقابل، يثير تنزل هذا المخطط التشريعي جملة من التساؤلات، تهم بالأساس كيفية تنزيل كل هذا الكم التشريعي من طرف الحكومة والبرلمان، والنقاش الذي يواكب إخراج هذه القوانين، سيما أن الأمر يتعلق بقوانين سترهن مستقبل المغاربة ردحا طويلا من الزمن. في ظل هذه المخاوف التي تثيرونها، ما هي التحديات التي ستواجهها الحكومة في هذه المرحلة؟السؤال يطرح أيضا، حول أي مقاربة ستعتمد عليها الحكومة في مناقشة وبلورة هذه القوانين؟ هل ستعتمد مقاربة تشاركية في صياغتها ومناقشتها والمصادقة عليها؟ أم ستلجأ إلى منطق أغلبية حكومية في مواجهة المعارضة؟ وهل تتوفر الحكومة على أجندة زمنية لإنزال هذه القوانين، إذ تحدد الأولويات في مسألة تنزيل القوانين التنظيمية.أول التحديات التي ستواجهها هذه الحكومة يتمثل في المنهجية التي على ضوئها سيتم إنزال هذه القوانين، إذ يتطلب الأمر تدبيرا ديمقراطيا تشاركيا بين مختلف مكونات البرلمان بشكل خاص، ومكونات الشعب المغربي بشكل عام، وليس فقط بين الأغلبية والمعارضة على اعتبار أن إنزال هذه القوانين المؤسسة معناه بداية الشروع في تنزيل مقتضيات الدستور، لأننا أمام قوانين سترهن المغرب برمته، وبالتالي يتطلب الأمر فتح نقاش وطني واسع حولها، خصوصا القوانين التنظيمية المهيكلة كمشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهوية الموسعة. ثم، بعيدا عن إشكالية التدبير التشاركي يبرز تساؤل آخر: هل البرلمان المغربي بنخبه الحالية قادر على أن يكون في مستوى هذه اللحظة التأسيسية الدالة لمواكبة المناقشة والمصادقة على هذه القوانين بالفعالية اللازمة؟ إلى أي حد يمكن أن تؤثر إشكالية ضعف النخب سلبا على صياغة المخطط التشريعي؟ثمة مفارقة نوعية تتمثل في كون دستور فاتح يوليوز 2011 منح على مستوى التشريع والرقابة هامشا كبيرا من التحرك للسادة للبرلمانيين؛ فعلى مستوى التشريع انتقل البرلمان المغربي من خانة البرلمان المعقلن إلى برلمان يمارس اختصاصاته التشريعية كاملة، إذ تم توسيع مجال التشريع من 30 اختصاصا إلى 60 اختصاصا، غير أنه على مستوى الواقع، نسجل ضعفا ملحوظا في الإنتاج التشريعي، فالدورة الربيعية الأخيرة لمجلس النواب عرفت فقط المصادقة على 24 مشروع قانون مقابل مقترح قانون واحد، فيما المطلوب من أجل أجرأة هذا المخطط التشريعي مضاعفة هذا الرقم لكي نصل ـ على الأقل ـ إلى المصادقة على 50 قانونا، وهو الأمر الذي سيبدو صعب التحقق، رغم أن مسألة إخراج القوانين التنظيمية إلى حيز الوجود غدت مسألة لا محيد عنها لاعتبارين أساسيين: أولهما دستوري وثانيهما سياسي، فعلى المستوى الدستوري الحكومة ملزمة بتنفيذ المخطط التشريعي السابق الذكر في أجل أقصاه الولاية التشريعية الأولى طبقا لمقتضيات الفصل86 من الدستور، وأي تجاوز لهذه الولاية معناه خرق لمقتضيات الدستور.أما على المستوى السياسي، فإنه لابد من إنزال هذه القوانين لأن تعطيل إخراجها معناه تعطيل للأجندة الإصلاحية التي أقدم عليها المغرب، كما أن هذا التعطيل يفضي إلى عدم تجديد العديد من المؤسسات الدستورية كحال الغرفة الثانية التي تجد نفسها اليوم في حالة شرود سياسي لأنه لم يتم تجديد أعضائها طبقا لمنطوق الدستور ؛ بفعل عدم إخراج القوانين المنظمة للعملية الانتخابية. أين تقع اهتمامات المواطن في كل هذا النقاش التشريعي؟ ما يهم المواطن اليوم هو أجرأة هذه المقتضيات الدستورية، لأنه له صوت على هذا الدستور لم يصوت عليه ليركنه في رفوف البرلمان، بل ليشعر به واقعيا في حياته اليومية ، وحتى لا تبقى بنوده معطلة. أضف إلى ذلك، أن العديد من مقتضيات الدستور ترتبط بشكل جدلي بجوانب مهمة من المشروع المجتمعي الديمقراطي الذي اختطه المغرب منذ سنة 1999 خصوصا القانون التنظيمي للجهوية الموسعة. فهذا المشروع الجهوي ضخم ومعقد، لكن من شأن صياغته بكيفية استشرافية أن تغير من بنية الدولة والمجتمع على حد سواء... ناهيك عن ضرورة تعديل العديد من القوانين العادية حتى تواكب المستجدات الدستورية، ما يتطلب جهدا استثنائيا من قبل الحكومة والبرلمان على حد سواء. أجرى الحوار: إ . ح

تنزيل الدستور لا يقتصر على الحكومة والبرلمان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران... رجل فكاهة في الجلسة الشهرية

المعارضة ترفع صوتها فوق صوت الأغلبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات