التعذيب بالمغرب تحت مجهر الأمم المتحدة

المقرر الأممي يعلن اليوم خلاصاته الأولية في ندوة صحافية بعد انتهاء جولة دامت ثمانية أيام ينهي خوان مانديز، مقرر الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة، اليوم (السبت)، زيارته إلى المغرب بعقد ندوة صحافية يطلع فيها الرأي العام الوطني والدولي على الخلاصات الأولية لجولته، والهيآت الحقوقية التي التقى بها فريقه والمؤسسات التي نظم زيارات إليها والمسؤولين الرسميين الذين تحدث إليهم، فيما سيعرض المسؤول الأممي تقريره النهائي عن حالة المغرب بداية السنة المقبلة بمجلس الأمن. وبدأ المقرر الأممي، رفقة الفريق الطبي والخبراء القانونيين المرافقين له، جولته السبت الماضي من الرباط، بمعاينة آثار "تعذيب" على ضحايا من السلفيين وطلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ومناضلي حركة 20 فبراير، كما استمع المبعوث الأممي إلى مجموعة من السلفيين والطلبة ومناضلي حركة 20 فبراير، وممثلين عن عائلات متهمي ملف "بليرج" و"أركانة"، وآخرين أكدوا أنهم ضحايا تعذيب. وطالب مانديز فريقه الطبي بمعاينة هذه الحالات وتسجيل ملاحظاتهم، كما طرح مجموعة من الأسئلة التدقيقية على "الضحايا" حول طرق التعذيب والأماكن التي تعرضوا فيها لذلك.واستمع المقرر في اللقاء نفسه إلى ممثلي جمعيات حقوقية وسياسية، عبرت عن انشغالاتها بموضوع التعذيب، وركزت على أن تصريحات المسؤولين وخطاباتهم في هذا الملف تتناقض مع مبدأ التفعيل، ومنهم اللجنة المغربية لمناهضة التعذيب.وعبر أعضاء اللجنة عن انشغالاتهم الكبيرة بموضوع التعذيب، مؤكدين "أن أكبر مشكل على السلطات العمومية الانتباه إليه، هو الفرق بين الواقع الفعلي والتصريحات الرسمية، إذ رغم أن المغرب صادق على البروتوكول المتعلق بمناهضة التعذيب، وعدة اتفاقيات أخرى، كما أنه ركز على ذلك في باب الحريات والحقوق في الدستور الجديد، إلا أن النقص يكمن في التطبيق وتفعيل هذه الاتفاقيات، وكذا توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة".من جانبها، مدت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين المقرر بعشر شهادات مكتوبة عن التعذيب، وطالبت المبعوث الأممي بزيارة معتقل تمارة السري. وحسب اللجنة، ركز مانديز أسئلته على مواقع المعتقلات السرية ومخافر الشرطة التي يمكن أن يكون مورس فيها التعذيب، كما سأل عن أنواع التعذيب التي تعرض لها المشتكون.وانتقل المقرر الأممي، الأحد الماضي، إلى العيون، حيث زار، رفقة مساعديه، السجن المحلي للمدينة والمعروف محليا بالسجن لكحل، وعقد لقاءات مع المعتقلين الصحراويين على خلفية أحداث الداخلة الأخيرة. وقد انصبت جل شهادات المعتقلين على واقع السجن وظروف الاعتقال ووضعيتهم الحالية، مطالبين الوفد الأممي بضرورة تحمل مسؤوليته الأخلاقية في وضع حد لما وصفوه بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.وقبل زيارته إلى مقر العدل والإحسان بسلا، والتقائه بعدد من المعتقلين السابقين المنتمين إلى الجماعة نفسها، زار خوان مانديز، يوم الأربعاء الماضي، مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي أنصت بإمعان إلى عدد من الأسئلة طرحها عليه المقرر الأممي تتعلق بتطبيقات القانون الجنائي والعلاقة بين النيابة العامة والوزارة والأخيرة والضابطة القضائية والحراسة النظرية في مخافر الشرطة وطرق إجراء الخبرة.وفيما أقر وزير العدل والحريات، بوجود "حالات تعذيب معزولة"، نفى تسجيل وجود أي"اختفاء قسري" في ظل الدستور الجديد. وقال الرميد، خلال اللقاء الذي دام حوالي 45 دقيقة، "هناك حالات معزولة لممارسة التعذيب في بعض مخافر الشرطة يتم التصدي لها كلما تم اكتشافها"، كما قدم الرميد أرقاما عن متابعات بتهمة ممارسة التعذيب، ومعطيات حول المتابعين في ملفات خاصة بالشطط في استعمال السلطة.ولم يتأكد إلى حدود كتابة هذه السطور، ما إذا كان المقرر الأممي سيزور مقر تمارة التابع لمديرية حماية التراب الوطني، الذي أثير حوله جدل كبير منذ سنوات، قبل فتح أبوابه إلى فريق يمثل أعضاء مجلسي النواب، فيما من المقرر أن يكون خوان مانديز زار بعض مستشفيات ومراكز الأمراض العقلية، مثل مستشفى الرازي ببرشيد.وتأتي زيارة مانديز إلى المغرب، بعد البحرين وتونس، في سياق اختبار مدى التزام الحكومة المغربية بالمعاهدات الدولية الخاصة بمناهضة التعذيب وجميع الممارسات الأخرى المندرجة في إطار المعاملة اللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة.وصادق المغرب، في ماي 2011، على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية، أو المهينة، ويهدف هذا المشروع إلى «إنشاء نظام وقائي قوامه زيارات منتظمة تضطلع بها هيآت دولية ووطنية مستقلة للأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم، وذلك بغية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة». ورغم مصادقته على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، لم يفكر المغرب في إدراج جريمة التعذيب بشكل صريح في قانونه الجنائي، إلا بعد اشتداد الضغط على الحكومة المغربية من طرف المنظمات الحقوقية الدولية، وعلى رأسها لجنة مناهضة التعذيب لدى الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، التي ألحت في أكثر من مناسبة، مطالبة برفع تحفظاتها بشأن هذه الاتفاقية وملاءمة التشريع الجنائي المغربي مع بنودها.ويقول خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان وخبير في القانون الدولي الإنساني، إن المغرب سارع، سنة 2006، بعد ازدياد حملة الضغط، إلى إصدار قانون يجرم ممارسة التعذيب، بكل أنواعه كما تنص عليها الأدبيات الحقوقية والقانونية الكونية.وأكد الخبير الدولي أن إصدار هذا القانون يندرج في سياق قرار المغرب رفع التحفظ على المادتين 20 و21 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة، أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، أو المهينة، بعد أن أعطت قواعد المسطرة الجنائية للقضاء صلاحيات مطلقة وواسعة لحماية حرية الفرد وصون كرامته تبعا للمبادئ التي نص عليها، ومن ذلك مبدأ "قرينة البراءة هي الأصل" وعدم الاعتداد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بعنف، أو إكراه، مع إلزام النيابات العامة بمراقبة أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية ومددها وإخضاع المشتبه فيهم لفحص طبي، كلما طلبوا ذلك من النيابة العامة، أو قضاء التحقيق، أو إثر معاينة آثار العنف على المتابعين. يوسف الساكت

التعذيب بالمغرب تحت مجهر الأمم المتحدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مطالب بإنشاء آلية مستقلة لمراقبة التعذيب

روايات عن "تعذيب السلفيين" في حقيبة مانديز

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات