سوء تأويل الدستور يكرس الارتداد السياسي

الغالي قال إن الحديث عن نهج تحكمي للعدالة والتنمية سببه سلوكات وزراء الحزب وتكسيرهم للطابوهات البروتوكولية قال محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الدخول السياسي، يكون مبنيا، من الناحية العلمية، على التراكم وعلى وضوح الرؤية من خلال مخططات مستدامة وهادفة ومبنية على تصور استراتيجي، والتعبئة للانخراط في مختلف البرامج المبنية على مقاربة تشاركية ومندمجة لصالحهم. واعتبر الغالي في حوار لـ"الصباح"، أنه في الحالة المغربية، يمكن التمييز بين دخول سياسي رسمي، يبدأ مع افتتاح السنة التشريعية وتحديد مخططها التشريعي السنوي والاختيارات والتوجهات العامة للدولة في مجال السياسات العمومية، وآخر غير رسمي، تعكسه استعدادات الأحزاب السياسية، من خلال اجتماعات هيآتها التنفيذية، وعقد مؤتمراته لتحديد التوجهات العامة لهذه الأحزاب مع بداية الدخول السياسي. ونفى الغالي، خبير الشؤون البرلمانية ومجالس الجماعات الترابية، وجود نهج تحكمي لحزب العدالة والتنمية في التجربة الحكومية، مشيرا إلى أن هذا الافتراض "أملته بعض الظروف والجرأة التي تميز بها بعض وزراء الحزب في طرحهم لكيفية معالجتهم لقضايا الشأن العام، وتعبيرهم من خلال بعض سلوكاتهم عن تكسير بعض ما كان يعرف بالطابوهات البروتوكولية". في ما يلي نص الحوار: بعد 9 أشهر على تعيين حكومة بنكيران، هل يمكن أن نتحدث عن تقييم أولي لعملها، ليس على مستوى المردودية، وإنما تحديدا على مستوى الأداء الحكومي؟يصعب من الناحية العملية الحديث عن تقييم موضوعي لعمل الحكومة التي يقودها عبد الإله بنكيران، على اعتبار أن الوثيقة الرسمية التي يمكن ان تساعد على تقييم أولي تتمثل في قانون المالية، والذي لم يدخل حيز التنفيذ إلا مع بداية شهر يونيو 2012، مما يعني فقط مرور حوالي أربعة أشهر على أبعد تقدير على ترجمة قانون المالية على مستوى أرض الواقع، لكن من حيث مؤشرات منهجية الأداء وكيفية التعامل مع قضايا الشأن العام لوحظ معاناة الحكومة بسبب مجموعة من الظواهر التي تمثلت في تشتت الرؤية في كيفية التعامل مع ملفات محاربة الفساد، تحت عنوان محاربة اقتصاد الريع، على اعتبار الخرجات الاعلامية المتضاربة التي سجلت من داخل الأغلبية، والتي اتهم فيها كل طرف الطرف الآخر بمحاولة الاستفراد بالقرار، وعدم التشاور في طرح مثل هذه القضايا التي تتجاوز معالجتها إمكانيات حزب محدد، بل تتعلق بعمل شامل لمختلف القوى الحية والوطنية، وهذا مؤشر أساسي على أن الخفي أعظم في موضوع معضلة التنسيق بين مختلف مكونات الجهاز التنفيذي. إلى أي حد تتفقون مع الرأي القائل إن هناك توجها تحكميا لحزب العدالة والتنمية داخل الحكومة؟ الاعتقاد بهذا التوجه التحكمي الذي يبقى في نظري افتراضيا، أملته بعض الظروف التي تمثلت في الجرأة التي تميز بها بعض وزراء العدالة والتنمية في طرحهم لكيفية معالجتهم لقضايا الشأن العام، وتعبيرهم من خلال بعض سلوكاتهم عن تكسير بعض ما كان يعرف بالطابوهات البروتوكولية، سواء من خلال قرارات التخلي عن بعض الامتيازات أو بعض الشكليات التي تخلق الاعتقاد بأنهم أقرب الى هموم وواقع المواطنين. في تصوري الإحساس بهذا النوع من التحكم ساهمت فيه بعض من وسائل الإعلام، وكذلك حتى بعض الجهات المحسوبة على الأغلبية وكذا الحكومة، في حين أن الحديث عن هذا التحكم ليس له مبرر موضوعي، على اعتبار أن حزب العدالة والتنمية يقود الحكومة، وهو من يحتاج عدديا الى مساندة الآخرين. هل يمكن أن نتحدث عن دخول سياسي جديد؟دخول سياسي بأي مقاييس؟ هل نتحدث عن دخول سياسي رسمي، وهو الذي يبدأ مع افتتاح السنة التشريعية وتحديد مخططها التشريعي السنوي، الذي يحدد بوصلة الاختيارات والتوجهات العامة للدولة في مجال السياسات العمومية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها؟ أم دخول سياسي غير رسمي يتمثل في استعدادات الأحزاب السياسية، من خلال اجتماعات هيآتها التنفيذية والتداولية، وعقدها لمؤتمراتها التي تحدد توجهاتها مع التحولات السياسية المعاصرة، وقدرتها على تعبئة إمكاناتها ومواردها السياسية والمادية لوضع أجنداتها التي تترجم بشكل عملي مخططاتها السياسية وفقا لبرامجها سواء في الأغلبية أو المعارضة؟ وفي اعتقادي هذه هي العوامل التي يمكن من خلالها قياس بداية الدخول السياسي من عدمه، والتي يسجل فيها قصور حزبي كبير يبقى في الغالب مرهونا بالصراعات الحزبية الداخلية.< ما هي مواصفات الدخول السياسي من الناحية العلمية الأكاديمية؟< هو الدخول المبني على التراكم وعلى وضوح الرؤية من خلال مخططات مستدامة وهادفة ومبنية على تصور استراتيجي، وليس مرحليا أو تكتيكيا، ومبني على تعبئة المواطنين والمواطنات في الانخراط في مختلف البرامج المبنية على مقاربة تشاركية ومندمجة لصالحهم. يبدأ الدخول السياسي بإخبار المواطنين بحالة التقدم في تحقيق التنمية، وبالخطوات الجديدة التي سيتم إعمالها بكل شفافية، ووضع للمؤشرات القياسية التي تجعل المواطنين والمواطنات فاعلين وفاعلات في مختلف البرامج وليس فقط مفعولا بهم. هل يشكل تنزيل الدستور، والتأويلات التي أعطيت لتنازل رئيس الحكومة عن ممارسة صلاحياته، مؤشرا على ارتداد سياسي؟ رئيس الحكومة الحالي يتحمل مسؤوليات سياسية وأخلاقية على مستوى الممارسة من أجل دعم مركز مؤسسة رئاسة الحكومة. فأي ضعف في عدم القدرة على ممارسة الصلاحيات، التي أقرها لأول مرة دستور مغربي لفائدة رئيس الحكومة، سيكرس ممارسات ارتدادية ستجعل مؤسسة رئيس الحكومة فقط كيانا بروتوكوليا وليس سلطة فعلية لها صلاحياتها واختصاصاتها التنفيذية المستقلة. و بالتالي فإن رئيس الحكومة أمام مرحلة تاريخية دقيقة تفرض عليه أن يرتقي بوضعه الاعتباري ليس كرئيس حكومة منتم إلى حزب العدالة والتنمية، ولكن كرئيس حكومة شاءت الأقدار أن يأتي في هذه المرحلة، التي تتجه فيها كل الأنظار والاهتمامات إلى تتبع العلاقة بينه وبين الملك، والقدرة في قيادة ممارسة تجعل من رئيس الحكومة شخصية متفردة ومتميزة في مركزها ووضعها الاعتباري عن الوضع الاعتباري للملك.. وعليه فرئيس الحكومة مطالب ليس فقط بحسن قراءة مقتضيات الدستور التي تنظم سلطاته وممارستها بكل جرأة و واقعية، وإنما كذلك في حسن استثمار واستغلال الفرص المتاحة والممكنة من خلال دستور 2011 في باب صلاحياته واختصاصاته، لأن ذلك سيساعد على عدم تركز المسؤوليات الدستورية بيد جهة معينة مما سيساعد على تحقيق التوازن الذي يبقى صمام الأمان الرئيسي لسريان الدولة واستمراريتها. أجرى الحوار: إحسان الحافظي

سوء تأويل الدستور يكرس الارتداد السياسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة تواجه دخولا اجتماعيا ساخنا

بروفايل: بنكيران... إطفائي يعشق الحرائق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات